رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، الأحد، خلال ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء، الحكومة بإعداد استراتيجية متكاملة، تضمن كل مراحل تصدير المنتوجات الجزائرية، لاسيما مع تزايد عدد الشركات النشطة في هذا المجال.
ملف: الشعب وكمال زقاي وعلي مجالدي وحياة كبياش
جاء في بيان لاجتماع مجلس الوزراء، بخصوص مخطط تصدير المنتوج الجزائري، أن رئيس الجمهورية كلف كلا من وزراء المالية والصناعة والتجارة، بإعداد “دراسة علمية اقتصادية جديدة، لجدوى ونجاعة تصدير بعض المنتوجات الجزائرية”.
كما أكد رئيس الجمهورية، أن تشجيع الدولة لعمليات تصدير المنتوج الجزائري هدفه الأول دعم الاقتصاد الوطني وتوفير مورد إضافي للعملة الصعبة، وإضفاء توازن على الميزان التجاري.
وكلف الرئيس تبون الحكومة بإعداد تصور شامل لاستراتيجية تسيير جديدة للموانئ، تعرض في مجلس الوزراء في أقرب وقت ممكن.
وبخصوص التدابير المتخذة لتقليص آجال مرور السلع المستوردة عبر الموانئ، أمر رئيس الجمهورية وزير النقل بأخذ “مزيد من الحذر واليقظة من كل أشكال التلاعبات، خاصة سياسة التباطؤ في مراقبة الحاويات”، مشددا على ضرورة احترام مواعيد إفراغ الشحن، بتعزيز القدرات وأنظمة المراقبة، مما سيسمح بتحرير المساحات المينائية الجافة.
وأمر رئيس الجمهورية بوضع آلية تنسيق، تختص بتسيير الضغط الناجم عن آجال الانتظار في عرض البحر قبالة الموانئ، على أن “يتم تقليصها إلى مدة أقصاها 24 ساعة”.
وأسدى تعليمات بضرورة خفض نسبة الضغط على ميناء العاصمة، بالاتفاق مع الوكالات البحرية التجارية، بتوجيه نسبة من حركة الملاحة للسفن التجارية نحو كل موانئ الوطن.
وأمر رئيس الجمهورية الحكومة بفتح المجال أكثر أمام المؤسسات الناشئة للاستفادة من المشاريع العمومية ومحاربة “الأساليب البالية” الهادفة إلى إحباط عزيمة الشباب الناجح.
وجاء في بيان لمجلس الوزراء، أنه بخصوص تمويل المؤسسات الناشئة، وجه رئيس الجمهورية وزير القطاع بوضع كل التسهيلات أمام حملة المشاريع من الشباب الذين وصفهم بـ “مفخرة الجزائر إقليميا وقاريا ودوليا”، وضرورة التجاوب معهم والاستماع إلى انشغالاتهم، خاصة في باب تقليص آجال استحداث مؤسساتهم.
وثمن رئيس الجمهورية السياسة المتبعة في مجال المؤسسات الناشئة، مؤكدا أن الدولة “ستواصل مرافقة هؤلاء الشباب، الذين يمثلون الجيل الجديد من المقاولين، المعتمد على التكنولوجيات والأساليب العلمية”.
وأمر الرئيس وزير القطاع بـ«الإسراع في فتح الوكالات الجهوية المكلفة بتمويل مشاريع المؤسسات الناشئة ومتابعتها”، مؤكدا أن “إرادة الدولة في خلق مردودية ونجاعة اقتصادية للمؤسسات الناشئة، تتطلب التكيف مع ذهنية الجيل الجديد، وليس تكيف الشباب مع الأساليب القديمة، التي ينبغي مقاطعتها نهائيا، كون العدو الأول لهؤلاء الشباب هو البيروقراطية”.
خبراء: قرارات هامّة لعصرنة منظومة الموانئ التجارية
أجمعت آراء عديد الخبراء في المجال الاقتصادي والتجارة الخارجية أن دعوة رئيس الجمهورية بضرورة إعداد تصوّر شامل لإستراتيجية تسيير موانئ الشحن الجزائرية وعصرنة التعاملات اليومية يدخل في إطار النظرة الاقتصادية المستقبلية لبلادنا التي دخلت عهدا جديدا من مسيرة التطوّر والتنمية وتوسيع مجالات الاستثمار وخلق الثروة بترقية الإنتاج الوطني وتشجيع عمليات التصدير خارج قطاع المحروقات، وأيضا مواكبة التحوّلات التي يعرفها قطاع الملاحة البحرية المهيمن على التبادلات التجارية العالمية.
يأتي قرار رئيس الجمهورية القاضي بأهمية إعداد تصوّر شامل بخصوص إستراتيجية تسيير الموانئ التجارية الجزائرية وتطويرها وجعلها أكثر احترافية لتضاف الى جملة القرارات والمشاريع الرامية الى عصرنة هذه المرافق الحيوية التي تشكل ركيزة الاقتصاد الوطني وعصب النقل البحري ونشاط التجارة الخارجية كان من أهمها قرار استحداث “سلطة مينائية”، للإشراف على تسيير الموانئ في خطوة اعتبرها الخبير الاقتصادي والي عرقوب في لقاء سابق “بالبداية المشجعة نحو عودة الاهتمام بقطاع النقل البحري الذي يعتبر شريان الحياة بالنسبة للقطاع الاقتصادي بعد سنوات من الركود وعدم الاهتمام بهذا المجال الحيوي الذي يعتبر قاعدة الارتكاز لأي انطلاقة اقتصادية حقيقية”.
كما اعتبر عديد المتابعين لهذا الملف الهام “ أن الجزائر أدركت مؤخرا بفعل الديناميكية الاقتصادية التي تعرفها حجم التقصير والأهمية القصوى لنشاط النقل البحري وحتمية إعداد تصورات جديدة لعصرنة القطاع وجعله أكثر مردودية واحترافية من حيث التسيير والتعاملات وتسريع وتيرة إجراءات الشحن ومعالجة الحاويات وتقليص فترة انتظار البواخر، الى جانب مشاريع توسيع حظيرة الموانئ وعصرنة المرافق الحالية استجابة للتحديات الاقتصادية الراهنة، بهدف تخفيف الضغط على بعض الموانئ الرئيسية التي تنشط حاليا فوق طاقتها كميناء العاصمة ووهران، الأمر الذي صعّب من مهمة ترقية القطاع نتيجة ضعف التسيير ونقص الفعالية المطلوبة رغم حساسية النشاط وأهميته الإستراتيجية.
وتمثل هذه السياسة الجديدة التي اعتمدتها الجزائر لتعطي دفعا قويا لقطاع الاستثمار المرتبط ارتباطا وثيقا بمثل هذه الهياكل القاعدية وخصوصا نشاط النقل البحري الذي يهمين على النسبة الأكبر من حجم التبادلات التجارية الدولية، وبالتالي جاء الاهتمام مجددا بمشروع ميناء الوسط لشرشال بعد تسليم مشروع ميناء جن جن الذي يشكل اليوم عصبا للتبادلات التجارية بحسب الخبراء ليعكس هذه الإرادة القوّية في دفع عجلة التنمية الاقتصادية الوطنية ومواكبة التحوّلات الجديدة خصوصا مع دخول الجزائر منطقة التجارة الحرّة الإفريقية وربطه بالطريق العابر للصحراء.
هذا وقد شهدت الجزائر في السنوات الأخيرة طفرة نوعية في المجال من خلال عودة الحركية الى مختلف المشاريع القاعدية الكبرى المتعلقة بتوسيع وعصرنة الموانئ التجارية الرئيسية وحتى المختلطة المتواجدة عبر الولايات الساحلية حتى تستجيب لحجم التحدّيات الاقتصادية الراهنة والرفع من حجم التبادلات التجارية مع باقي الدول وأيضا مرافقة المتعاملين الاقتصاديين الجزائريين والمنتجين المحليين الذين شرعوا في اقتحام أسواق تجارية عالمية من أجل تسويق المنتجات الوطنية، وبالتالي تشكل كل هذه القرارات والتوجيهات دفعا قويا بهدف عصرنة نشاط الملاحة البحرية ومنظومة الموانئ وجعلها أكثر قابلية للتكيف مع الحركية الاقتصادية والتجارية التي تشهدها الجزائر بموقعها الاستراتيجي الهام.
الجزائر تُعزّز مسارها نحو الرقمنة الشاملة
تُواصل الجزائر خطواتها الثابتة نحو تحقيق الرقمنة الشاملة، وذلك بفضل توجيهات صارمة من السيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، خلال مجلس الوزراء الأخير. وتضمنت هذه التوجيهات تعليمات صريحة بمتابعة إنجاز مشروع بنك المعطيات الوطني (Data Center) بوتيرة متقدمة، مع تكليف المحافظة السامية للرقمنة باستحداث مجمع مكاتب دراسات متخصص لمتابعة سير العمل في هذا المشروع الاستراتيجي للبلاد.
يمثل بنك المعطيات الوطني (Data Center) حجر الأساس لمشروع الرقمنة الشاملة في الجزائر، حيث سيوفر بنية تحتية رقمية متطورة تربط مختلف القطاعات الحكومية والاقتصادية في البلاد. سيتيح هذا المركز تخزين ومعالجة كميات هائلة من البيانات بشكل آمن وفعال وسريع، مما يُسهم في تحسين كفاءة الخدمات الحكومية وتقديم تجربة أفضل للمواطنين.
وتمتلك شركة هواوي الصينية، الشريك في إنجاز هذا المشروع، خبرة عالمية واسعة في مجال الشبكات والرقمنة، ممّا يُعزّز من ثقة الحكومة الجزائرية في نجاح هذا المشروع الاستراتيجي. بالإضافة إلى ذلك، يلعب بنك المعطيات دورًا مهمًّا في الناحية الأمنية، حيث يعمل كجدار حماية للأمن السيبراني للجزائريين. وهذا يأتي في وقت أصبحت فيه الدول مستهدفة بشكل متزايد في هذا المجال، الذي يشهد حروبًا سيبرانية يومية تهدف إلى الإضرار بالبنى التحتية.
في هذا السياق، يرى الدكتور محمد ملال، الخبير في تكنولوجيا المعلومات، في تصريح لـ “الشعب”، أن فوائد بنك المعطيات لمشروع الرقمنة عديدة، من أهمها تحسين جودة الخدمات العامة، حيث يمكن للإدارات تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين من خلال توفير بيانات دقيقة وشاملة.
كما يساهم بنك المعطيات في تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد عبر إتاحة البيانات بشكل مفتوح ومتاح للجميع. إضافة إلى ذلك، يدعم البنك، الاقتصاد الرقمي والشركات الناشئة، من خلال توفير البنية التحتية اللازمة لدعم المشاريع الرقمية الناشئة، وتعزيز الاقتصاد الرقمي، خاصة لفئة الشباب الذين يبنون مشاريعهم على أسس حديثة باستخدام تكنولوجيا الاتصال والإعلام الحديثة.
أما فيما يخص استحداث مجمع مكاتب دراسات متخصصة لمتابعة سير العمل، يضيف الدكتور ملال، فإنها خطوة جد مهمة من الناحية الفنية والتقنية، لأن هذه المكاتب تضم خبراء مختصين في مجالات متنوعة، مثل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والأمن السيبراني والبنية التحتية وإدارة المشاريع، حيث سيقوم المجمع بمتابعة سير العمل في المشروع بشكل دقيق، من خلال تحليل البيانات وتقديم التقارير الدورية.
دقة البيانات
وفي سياق المشروع، انطلقت بالفعل في الجزائر في 19 ماي 2024 عملية الإحصاء الرقمي القطاعي في المجال الفلاحي وهو الأكبر منذ الاستقلال، وستستمرّ العملية إلى غاية 17 جويلية.
تهدف هذه العملية، إلى وضع أرقام دقيقة لواقع القطاع الفلاحي في الجزائر، بما في ذلك الإنتاج الوطني والذي قدر في 2023 بـ35 مليار دولار، وعدد الفلاحين والمستثمرين، واحتياجات القطاع
وتُعدّ هذه الخطوة مهمة لتعزيز التخطيط السليم للقطاع الفلاحي ودعم صغار الفلاحين، الذين يُشكلون عصب هذا القطاع الحيوي الذي يُساهم بـ14٪ في الناتج المحلي الإجمالي للجزائر.
قفزة نوعية
بالإضافة إلى ذلك، شهد قطاع التعليم العالي والبحث العلمي في الجزائر تحولات كبيرة بفضل جهود الرقمنة، حيث قامت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي باستحداث 51 منصة رقمية تقدم 54 خدمة متنوعة تشمل الجوانب البيداغوجية والخدماتية والبحثية.
تهدف هذه المبادرة إلى الاستغناء الكامل عن الطابع الورقي من خلال الوصول إلى 54 منصة رقمية، مما يعزز من كفاءة العملية التعليمية ويسهل على الطلاب والأساتذة الوصول إلى الخدمات التعليمية والأكاديمية بشكل متكامل وسريع.
علاوة على ذلك، قامت وزارة العدل بتطبيق الرقمنة في عدة عمليات أساسية لتحسين الخدمات القضائية وتسهيل الوصول إليها. من بين هذه العمليات، تم رقمنة عملية استخراج الوثائق الهامة، مما يسهل على المواطنين والمحامين الحصول على الوثائق بسرعة وكفاءة دون الحاجة إلى الإجراءات التقليدية المعقدة.
كما تم إطلاق الشباك الوطني الإلكتروني، الذي يتيح للمتقاضين ومحاميهم الاطلاع على مآل قضاياهم عن بعد، مما يوفر الكثير من الوقت والجهد ويعزز من شفافية العملية القضائية. بالإضافة إلى ذلك، تم تبني المحاكمات المرئية عن بعد، مما يسهم في تسهيل عملية التقاضي وتخفيف العبء على المحاكم، من خلال تقليل الحاجة للحضور الشخصي وتوفير بيئة قضائية أكثر كفاءة وفعالية.
ويمثل مشروع الرقمنة الشاملة في الجزائر خطوة مهمة نحو مستقبل رقمي متكامل، يعزز الشفافية ويحسن جودة الخدمات العامة ويدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية ويحقق رؤية رئيس الجمهورية الاقتصادية لسنة 2027، من خلال استثمار في البنية التحتية الرقمية وتطبيق الحوكمة الإلكترونية، وتسعى الجزائر إلى تحقيق نقلة نوعية في جميع القطاعات، مما يضعها في مصاف الدول المتقدمة في مجال الرقمنة.
الخبير احمد طرطار: حلول إبداعية مُبتكرة للمؤسسات الناشئة
تساهم المؤسسات الناشئة في التنمية المحلية وترقية الاقتصاد الوطني، وذلك من خلال الابتكارات والحلول التقنية التي تقدّمها للشركات الكبيرة والمتوسّطة لتحسين جودة المنتوجات بما يجعلها قابلة للتنافسية وللتصدير والتسويق في الخارج، بحسب ما صرّح به لـ«الشعب” الخبير في الاقتصاد احمد طرطار.
أبرز الخبير طرطار مميزات المؤسسة الناشئة، التي تتكون أساسا من شباب يمتلكون روح المبادرة والتكيّف مع التحوّلات السريعة في سوق وبيئة الأعمال، ويمكن اختزال أدوارها ومزاياها أنها تعزّز الابتكار والإبداع بحكم تعاطيها مع أفكار جديدة وتحويلها الى منتوجات وخدمات استنادا الى قوّة التفكير والتعاطي مع التكنولوجيا الحديثة لتلبية احتياجات السوق.
وأهم ما يميّزها كذلك ـ يضيف ـ أنها تساهم في خلق فرص العمل وتقلّل من معدلات البطالة وتعطي دافعية للنشاط الاقتصادي وبالتالي تحقيق النمو، وتساهم كذلك في تنشئة مجتمع الأعمال وصقل المواهب لدى الشباب ليصبحوا روّاد أعمال، وكذا دفع وتحفيز الاقتصاد المحلي، وذلك بتعزيز وتوفير منتوجات وخدمات جديدة تساهم في تعزيز السوق المحلي وكذا الأنشطة الاقتصادية في شتى المجالات في تلك المنطقة.
كما أنها إضافة لما سبق ذكره، قال طرطار إن هذه المؤسسات تعمل على جلب استثمارات وتحقيق التنمية المستدامة، بحيث يمكن للشركات الكبيرة المتوسطة الاستفادة من تكنولوجيا وابتكارات هذه المؤسسات الناشئة لتصبح مناولة لها، كما أنها تساهم في تعزيز التنافسية وتحسين الجودة من خلال سعيها الدؤوب لتحقيق التميّز بما يؤدي الى انه يحتم عليها تحسين مستمر في جودة منتوجاتها وخدماتها والسعي لتخفيض تكاليفها، لذلك شدّد رئيس الجمهورية في الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء الى فتح المجال أمام المؤسسات الناشئة للاستفادة من المشاريع العمومية، وتقديم كل التسهيلات لحملة المشاريع من الشباب منها تقليص آجال استحداث مؤسساتهم.
ذكر المتحدث في السياق انه تم إنشاء أكثر من 5000 شركة ناشئة في الجزائر حتى السداسي الثاني من سنة 2023، وهي تهدف الى تقديم حلول إبداعية مبتكرة لحل المشاكل وتلبية الاحتياجات المحلية والعالمية، ولها دور هام في توفير فرص العمل للشباب المتخرّج من الجامعات والمعاهد التكوينية المتخصّصة.
يرى طرطار أن كل القطاعات هي مؤهلة لأن تجتاحها هذه الشركات الناشئة وهذه الابتكارات، حيث تعدّ هذه الأخيرة جزءا من عملية التنويع الاقتصادي، لأنها ترتبط أساسا ببعث أنشطة جديدة أو تطوير أنشطة قائمة بذاتها بتميز خاص، ويمكن لهذه المؤسسات بعث عملية نمو مختلفة على مستوى كل الأنشطة، وتساهم في عملية إمداد المؤسسات الأخرى ببعض المستلزمات، وتشكل أيضا عنصر مناولة لبعض المؤسسات الكبيرة والمتوسطة، وعندئذ عملها كعمل أي مؤسسة أخرى، وبالتالي تجسد جزءا من السوق وتؤثر فيه وتتأثر به، كما يمكن أن تساهم المؤسسات الناشئة في ابتكارات لتطوير منتوجات تجعلها قابلة للتصدير بالجودة والمعايير المطلوبة، فتساهم بذلك في رفع حجم الصادرات خارج النفط وزيادة المداخيل بالعملة الصعبة.
وفيما تعلق بالصادرات عموما قال طرطار إن كل المنتوجات قابلة للتصدير متى حققت تغطية لاحتياجات الوطن، وحققت شرط القابلية للمنافسة في الخارج، مشيرا الى أن هناك منتوجات على غرار مواد الاسمنت وغيرها.. التي اكتفت منها السوق وأصبحت قابلة للتصدير، إلا أن مجال التصدير صعبا للغاية ـ على حد تعبيره ـ
وذلك بحكم وجود منافسة شديدة في الخارج، وبالتالي لا بد من البحث عن أسواق تتجاوب مع الجزائر في سياق العلاقات الثنائية، وفي إطار البروتوكولات الممضية، وان يكون المنتوج المصدّر يتميز من حيث الجودة أو السعر والتوصيل، ومعطيات أخرى مرتبطة كأن يكون أكثر قابلية لدى المستهلك في البلدان التي سيصل إليها.
أضاف في هذا الصدد أن بحث إمكانية التصدير الى أوروبا، أمر قد يبدو صعب نوعا ما ـ بحسب اعتقاده ـ
لأنه هناك ضوابط صعبة فيما يتعلق بمعايير الجودة، وفيما يخص السعر وكذا فضاءات التسويق.. لذلك تم التركيز على العمق الإفريقي، لأن هذا الأخير يتميز بكثافة سكانية كبيرة، وكذا نقص في تلبية مناحي التنمية المختلفة، كما أن هناك قبول في سياق العلاقات بين الجزائر ومجموعة الدول الإفريقية.
كما أكد طرطار على أهمية المعارض، مشيرا الى أنها كانت مكثفة السنة المنصرمة، حيث يوجد معرض دائم في داكار وآخر في نواكشوط، بما يؤدي الى تعريف المستهلك في هذه الدول الإفريقية بالمنتوج الجزائري بكل خصائصه، إضافة الى بعث شبابيك للبنوك الجزائرية في هذه الدول، حتى تكون المقاسة المالية والتسديد بين المصدرين الجزائريين والمستوردين أو المستثمرين الأفارقة، وانسيابية في التعامل المالي.
ولفت المتحدث الى انه نظرا للعراقيل التي تقف في وجه الصادرات، أمر الرئيس الوزراء المعنيين بالإنتاج والتصدير وبالتسويق بإعداد إستراتيجية متكاملة تضمن كل مراحل التصدير، وذلك لأنه على بينة من المشاكل التي تعترض المصدر الجزائري.
كما يجب ـ بحسب المتحدث – أن تتحرك الدبلوماسية الجزائرية من أجل إعطاء الأفضلية للمنتوج الجزائري في البلدان الإفريقية، لحيازة هذا الأخير بأسعار أقل مما هي عليه في المستوى الدولي، وهذا ما جعل الرئيس يشدّد على الاجتماعات والدراسات حول الصادرات.
وفيما يخصّ المنتوجات القابلة للتصدير تأتي مشتقات المحروقات يقول طرطار، وهي مطلوبة في السوق الإفريقية والأسيوية، كما أن هناك مواد البناء كالإسمنت التي حققت الجزائر فائضا فيها، بعدما كانت تستورده من عدة دول، نفس الشيء بالنسبة للسيراميك ومشتقاته، يبقى فقط تفعيل عمل الدبلوماسية الاقتصادية للترويج للمنتوج الجزائري لدخول الأسواق الخارجية واستقطاب المستهلكين.