يُرجع رئيس المركز الوطني للتنسيق العملي بالمديرية العامة للحماية المدنية الملازم الأول ياسين بن قسوم، تفوّق الحماية المدنية الجزائرية وطنيا ودوليا، إلى العمل المتواصل، والسرعة في اتخاذ القرار والاستجابة، بالإضافة إلى اعتمادها على مخططات التحضير والتعبئة، وعنصر بشري مؤهل ومختص، لديه الفاعلية في تسيير عدة أخطار وكوارث مهما كانت طبيعتها.
قال الملازم الأول بن قسوم خلال استضافته جريدة “الشعب” بالمركز الوطني للتنسيق العملي بالمديرية العامة للحماية المدنية، “إن الجزائريين يعرفون أن فرق الحماية المدنية تتولى مهمة إطفاء الحرائق أو إنقاذ الغرقى، أو إجلاء الجرحى، ولكن يجهلون أن وراء فرق الإنقاذ، مختصين في عدة مجالات منها الخرائط، الإعلام الآلي، إعلام الأزمات، تسيير الكوارث”، موضحا أنّ تسيير الأخطار يتطلب وجود عنصر بشري مؤهل ومختص، لديه الفاعلية في الميدان، وعلى هذا الأساس اعتمدت المديرية العامة للحماية المدنية تكوينا قاعديا وآخر متخصصا في تسيير مختلف المخاطر، وهذا ما يعطي مركز التنسيق الوطني القدرة على تسيير أي كارثة مهما كانت طبيعتها.
وأضاف المتحدث أنه بالإضافة إلى التكوينات القاعدية، يتلقى أفراد الحماية المدنية تكوينات إضافية ومتخصصة في الجزائر وفي الخارج، بحيث يتم تبادل الخبرات مع دول أجنبية لتعزيز الفاعلية في تسيير الكوارث.
وأبرز الملازم الأول بن قسوم، أنّ ما جعل الحماية المدنية الجزائرية تتميز في تدخلاتها أثناء وقوع الكوارث والأخطار خاصة دوليا، راجع للعمل المتواصل والسرعة في اتخاذ القرار والاستجابة، موضحا أن نشاطها يرتكز على مخططات تحضير وأخرى للتعبئة على مدار العام، بحيث تخضع فرق الحماية إلى تمارين محاكاة دائمة لتحديد مدى جاهزيتها، ويوما عن يوم تعودوا على ذلك وأصبح بإمكانهم تحضير فرق مزودة بأطنان من المعدات وأكثر من 100 عون مدرب، في ظرف 6 ساعات أو أقل، وهو عمل ليس بالسهل – يضيف بن قسوم – ولكن السر في العمل المتواصل، الذي لا يظهر للعيان، ولكن يبرز عندما نحتاج إلى الاستجابة السريعة.
وفي قلب جهود الحماية المدنية الجزائرية، يقف المركز الوطني للتنسيق العملي كحجر الزاوية في تعزيز الأمن والسلامة العامة، بحيث يعمل كما أبرزه الملازم الأول بن قسوم، كمحور رئيسي لتنسيق الجهود والعمليات في مواجهة الكوارث والأزمات، ويشكّل نموذجا للتعاون والتنسيق على المستوى الوطني.
ويتولى المركز – يضيف المتحدث – مهمة تسيير العمليات والتنسيق بين الولايات ومختلف الوحدات والمصالح التابعة للحماية المدنية، مما يضمن استجابة سريعة وفعالة عند الحاجة.
وأبرز بن قسوم أنّ المركز الوطني للتنسيق العملي ليس مركز نداءات، ولا يتلقى نداءات إغاثة المواطنين، وهي مهمة تتولاها مراكز التنسيق العملية الموجودة على مستوى كل ولاية، وتأخذها بعين الاعتبار في حال كانت التدخلات عادية، أما إذا كانت التدخلات مهمة وتتطلب جهودا ومعدات كبيرة، يرسل الطلب إلى المركز الوطني للتنسيق، لتوفير معدات مادية أو بشرية من ولايات أخرى، بمعنى في التنظيم العملياتي للحماية المدنية إذا لم تستطع ولاية تسخير المعدات على المستوى المحلي تطلب من مركز التنسيق الوطني التدخل سواء بتجنيد أفراد لعمليات البحث، أو معدات للتدخل.
وللقيام بهذه المهام على أكمل وجه، كشف بن قسوم عن إبرام المديرية العامة للحماية المدنية اتفاقيات مع عدة هيئات أخرى، مثلا منصة الأرصاد الجوية، حيث يستقبل المركز يوميا نشرات جوية، وأحيانا نشرات خاصة، يقوم المركز باستصدارها وإرسال رسائل تحذيرية للولاية المعنية بالاضطراب الجوي، وأحيانا حتى للولايات المجاورة من أجل أن تكون على أهبة الاستعداد لتقديم الدعم في حال لم تكف الوسائل التدخل، ووصف بن قسوم هذه المرحلة بـ “الاستباقية” يقوم بها مركز التنسيق العملي لتجنيد فرق التدخل اللازمة.
كما تمّ إبرام اتفاقية مع مركز علم الفلك والجيوفيزياء، تسمح بمتابعة النشاط الزلزالي في أي ولاية، حيث بعد تحديد مركز الزلزال وشدته بدقة، يتم بعث فرق الإجلاء والامكانيات اللازمة في حال وجود بنايات مهدمة أو نداءات استغاثة من المواطنين.
أكثر من 3 آلاف تدخّل في اليوم
وتبعا لسياسة الرقمنة، يقول بن قسوم “وضع مهندسو الحماية المدنية القاعدة الوطنية لتسيير العمليات، تسجّل فيها كل التدخلات عبر منصة رقمية”، هذه المنصّة عوّضت آلاف الاتصالات الهاتفية التي كانت تصل المركز”، مبرزا أن المركز الوطني للتنسيق العملي يتولى متابعة العمليات الهامة عبر كل ولاية، لأنّه يستحيل متابعة 3 آلاف عملية تدخل في اليوم، بمعدل تدخل كل 30 ثانية.
ووفّرت المنصة الرقمية على رجال الحماية المدنية العدد الكبير من المكالمات التي تتلقاها من مراكز التنسيق العملياتية الولائية، والبرقيات الأولية التي يجب المحافظة عليها، كما سهلت عملية إحصاء التعداد البشري الموجود، وهذا ما يسمح بالسرعة في الاستجابة، كذلك الأمر بالنسبة للعتاد، كما نقصت الجهد والأخطاء البشرية، وضبطت إحصائيات التدخلات بدقة.
وعن معايير تحديد أهمية التدخلات، أوضح الملازم الأول بن قسوم أنه يعتمد على كفاءة العنصر البشري الموجود في مراكز التنسيق العملياتية الموجودة على مستوى الولايات، وفيه تعليمات من المديرية العامة سواء من مركز التنسيق الوطني، أو مديرية الفرعية للإعلام، فيما يخص هذه العمليات، وأحيانا العمليات تبدأ بسيطة ثم الحصيلة تتطلب وسائل كبيرة، مثل غرق شخص في سد.
وإلى جانب قاعة العمليات العادية التي يتم متابعة فيها التدخلات الهامة من حوادث مرور، إسعاف، إجلاء، حالات غرق، توجد قاعة تسيير الحوادث الاستثنائية، يتم فيها متابعة حرائق الغابات، تسيير الشواطئ، حرائق المحاصيل، عبر منصة رقمية اجتهد في وضعها مهندسو الحماية المدنية، بالتنسيق مع مركز التنسيق الوطني.
وأكد الملازم الأول بن قسوم، أنّ في هذه القاعة يتم متابعة الحوادث المؤشر عليها بـ “المهم”، ويتم مراقبة وسائل التدخل من دعم بشري ومادي، ودعم جوي إذا تطلب الأمر، خاصة وأنه في الكثير من المرات يسجل حريق واحد في بلدية واحدة، ولكن في عدة مواقد متعددة، ويظهر للعيان أننا لم نستطع التحكم في الحريق لمدة 3 أيام، في وقت يتطلب إطفاؤه أحيانا مدة 15 يوما بسبب تعدد مواقده.
وأحصى بن قسوم في هذا الصدد، تسجيل 120 حريق في اليوم، إضافة إلى وصول آلاف نداءات الاستغاثة، كما توجد حوادث الاصطياف حيث تبرز المنصة عدد الشواطئ، الوسائل المجندة، وأحيانا تضطر مصالح الحماية المدنية إلى تجنيد فرق الحراسة والتدخل في الشواطئ غير المسموحة للسباحة لأن الناس يتوافدون عليها، ويسجل غرقى كثيرا فيها، ونفس الأمر في السدود والبرك المائية، وقد تم توسيع التغطية الأمنية فيها لأنها تسجل عدة ضحايا سنويا خاصة وسط الأطفال الصغار.
أما المركز الوطني لتنسيق قيادة الأركان، فيتفعل في حال وقوع كوارث كبرى، تتطلب معدات وإمكانيات كبيرة وتعداد بشريا كبيرا، وتكون متابعة الكارثة من المدير العام والمدراء، وتتخذ القرارات المناسبة لتنفيذها بسرعة في الميدان.
مكتب الدّعم الإقليمي بالجزائر
من جهة أخرى، تواصل الجزائر تعزيز قدراتها في مجال الحد من مخاطر الكوارث، والتعاون الوثيق مع المنظمات الدولية مثل مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث لضمان مستقبل أكثر أمانا لجميع المواطنين.
وتحتضن الجزائر مكتب الدعم الإقليمي بالجزائر، من مجموع 17 مكتبا منتشرا بالعالم، وهذا المكتب يغطي 17 دولة إفريقية ودول الساحل، ويعد نموذجا للتعاون الدولي والاستخدام الاستراتيجي لتكنولوجيا الفضاء في خدمة الإنسانية وحماية البيئة.
يقوم المكتب بدور رئيسي في جمع البيانات وتحليلها لتقديم معلومات دقيقة ومحدثة تساعد في اتخاذ القرارات الحاسمة خلال الأزمات، وقد وقّعت الجزائر اتفاقيات مع عدة دول، وأصبحت تتحصل على صورة فضائية كل يوم، وفي أية لحظة من أي قمر اصطناعي يكون فوق الجزائر.
وأوضح بن قسوم أنّ المكتب الأممي للدعم الإقليمي، استفادت منه الجزائر كثيرا خاصة في حرائق الطارف وزلزال ميلة، حيث تمكنت من خلال هذا المكتب تحديد رقعة الكارثة، عن طريق صور القمر الاصطناعي التي تمت معالجتها عن طريق نظام الإعلام الجغرافي، واستخراج المعلومات التي تحتاجها فرق الإنقاذ والتدخل.