أظهرت المعطيات أنّ الموسم الدراسي 2023 – 2024 كان ناجحا من جميع الجوانب، بالنظر الى التحضيرات البيداغوجية والمالية والهيكلية التي سبقت عملية الدخول المدرسي، إضافة الى مساهمة الأساتذة وأولياء التلاميذ في ضمان سنة دراسية هادئة مستقرة وناجحة، خاصة من حيث النتائج ونسب النجاح التي وصلت في شهادة “البيام” 62.85 بالمائة.
وزارة التربية الوطنية كانت على ثقة كبيرة أنّ السنة الدراسية ستكون ناجحة، وهذا على ضوء مؤشرات عديدة على رأسها التحضيرات المكثفة التي قامت بها، إلى جانب الأطراف التي رافقتها في العملية التربوية وكان لها دور فعال في الوصول إلى النتائج المحققة في الامتحانات الرسمية على راسها شهادة “البيام” التي كانت ايجابية من حيث ارتفاع عدد التلاميذ المتفوقين بتقدير ممتاز إلى قريب من الجيد والناجحين على العموم.
نتائج إيجابية
جرت امتحانات شهادة التعليم المتوسط في ظروف ممتازة وناجحة، وكانت طبيعة الأسئلة في متناول كل المترشحين سهلة ومباشرة غير مفخخة، راعت المبادئ العامة لإعداد الاختبارات واحترمت طبيعتها وفق ما هو محدد في النصوص المنظمة للامتحانات، مما سمح بتحقيق نتائج جد مشرفة مقارنة مع الدورات السابقة.
يتوزع الناجحون المتمدرسون في الامتحان بتقدير ممتاز 7874، أما تقدير جيد جدا فقدر 45554 وتقدير جيد 79334، وتقدير قريب من الجيد 130326، في حين التلاميذ المقبولون في السنة الأولى ثانوي بلغ عددهم 585882، أي ما نسبته 73.27 بالمائة، حيث أكد المختصون أن نتائج التقديرات كانت مرتفعة في هذه الدورة.
وبالمقارنة مع الدورات السابقة، فإن حالات الغش تراجعت كثيرا وذلك لعدة أسباب، أهمها تطبيق القانون بصرامة ضد من حاول المساس بمصداقية الامتحان، بالإضافة الى الحملات التحسيسية التي قامت بها المؤسسات التربوية، وأكسبت المترشحين درجة من الوعي بخطورة الغش في الامتحانات، نفس الأمر بالنسبة لشهادة البكالوريا التي تعرف اليوم استقبال الأساتذة المصححين للشروع في التصحيح، على أن تكون النتائج بين 17 إلى 19 جويلية.
اجتماعات مراطونية
حرصت وزارة التربية الوطنية على التحضير للموسم الدراسي منذ سنة تقريبا، حيث عقدت لقاءات وندوات عديدة مع اطاراتها ومديريها لوضع النقاط الأساسية للسنة الدراسية التي عرفت تغييرات عديدة أتت بثمارها في النتائج الدراسية، إلى جانب الامتحانات الرسمية لشهادتي “البيام” و«البكالوريا” التي سيرت بتنظيم محكم انعكس إيجابا على الجانب النفسي للتلميذ.
ومن بين المستجدات الإيجابية في تاريخ المدرسة الجزائرية، إدراج شعبة الفنون في السنة الثانية من التعليم الثانوي، وتنظيم امتحان البكالوريا بسبعة شعب، حيث امتحن قرابة 146 تلميذ في هذا الامتحان على غرار باقي التلاميذ، ووفق برنامج مدروس من قبل الوزارتين، سمح للمترشحين اجتياز هذا الامتحان المصيري في ظروف حسنة.
تأتي الخطوة في إطار تجسيد التزام آخر من التزامات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، في الشق المتعلق بالتربية الوطنية، والذي ينص على خلق بيئة مواتية لظهور ونمو المواهب الفنية لاسيما من خلال تشجيع مسارات تكوين دراسية وجامعية فنية، وخلق شهادة بكالوريا فنية تمكن من صقل مواهب التلاميذ خدمة للفن في الجزائر وللاقتصاد، وكذلك لإحياء معالم الحياة الفنية في المجتمع الجزائري.
متابعة دقيقة
بما أنّها التجربة الأولى لامتحان بكالوريا شعبة الفنون، شدّد وزير التربية الوطنية على ضرورة المتابعة المستمرة لسير الامتحان الذي وزع على أربعة خيارات وهي: سينما السمعي البصري، الموسيقى، الفن التشكيلي، والمسرح في المواد المشتركة والمواد المميزة مثلهم مثل مترشحي الشعب الأخرى، وهذا بعدما اجتازوا الاختبارات التطبيقية في مواد التخصص في 28 أفريل 2024.
وتمّ اختيار وانتقاء التلاميذ الموجهين إلى الثانوية الوطنية للفنون، وفق معايير دقيقة، من قبل لجان كلفت بمقابلة كل التلاميذ الذين أبدوا الرغبة في التوجيه إلى هذه الثانوية الوطنية وهم من أصحاب المواهب الفنية، وهذا ما عكسته النتائج الإيجابية التي حققوها في السنتين الثانية والثالثة ثانوي، وهذا بفضل الجهود التي بذلتها وزارة الثقافة والفنون في مرافقة وزارة التربية الوطنية في تجسيدها لهذا الالتزام.
وحرص الوزير على ضمان السير الحسن للامتحانات الرسمية التي جرت في ظروف جد حسنة، كما تابع تقارير الخلية المركزية المكلفة بمتابعة سير الامتحانات المدرسية الوطنية، وكذلك خلية التنسيق والمتابعة بالديوان الوطني للامتحانات والمسابقات، آملا تحقيق نتائج أحسن للممتحنين.
هدوء واستقرار
من جهته، أثنى الخبير التربوي كمال نواري بجهود وزارة التربية الوطنية في ضمان موسم دراسي ناجح، مؤكّدا أن المدرسة شهدت ولأول مرة نشاطا مكثفا ذا نوعية ومستجدات على الساحة التربوية، خاصة من حيث الهدوء والاستقرار أو إدراج نشاطات مهمة او الحصول على نتائج دولية مميزة أو تسيير الامتحانات المدرسية الوطنية.
وأشار كمال نواري إلى استقرار السنة الدراسية خاصة من حيث الاحتجاجات، مما سمح بإكمال المقرر الدراسي بنسبة 100 بالمائة، هذا إلى جانب فتح المؤسسات التربوية أثناء العطل المدرسية للمراجعة وتقديم دروس الدعم، ممّا ساعد الكثير من التلاميذ خلال الامتحانات الرسمية “البيام والبكالوريا”.
كما سمح الاستقرار الدراسي بتنفيذ كل الاجراءات العملياتية التي حددها المنشور الاطار للسنة الدراسية 2024/2023، ملف بملف وولاية بولاية عن طريق الزيارات الميدانية والندوات الحضورية والمرئية، وهي إشارة ايجابية بمتابعة دقيقة من طرف وزير التربية الوطنية لضبط الملفات المرتبطة بالسنة الدراسية، ومتابعة التقدم في كل عملية لكل مديرية مركزية أو مصلحة بمديرية التربية مرتبط بنجاحها السنة الدراسية.
من إيجابيات الموسم الدراسي النتائج المدرسية المشجعة والمسجلة في الاطوار الثلاث، حيث تحسّنت مقارنة مع السنة الدراسية السابقة، ممّا يؤكد على نجاعة الاجراءات المتخذة، وتنفيذا لمخطط عمل الحكومة المنبثق من برنامج عمل رئيس الجمهورية سيما ما تعلق بإعادة النظر في منظومة الامتحانات المدرسية وتكييفها، وهي مؤشرات إيجابية لجودة التعليم في الجزائر بفعل جدية المقاربة التي اعتمدت في السنوات الأخيرة ومنذ تولي رئيس الجمهورية قيادة البلاد، حيث شهدت تحسينات استراتيجية وعميقة على عدة مستويات بيداغوجية هيكلية اجتماعية.
مكاسب بالجملة
بفضل الإستراتيجية الناجحة في التسيير، استطاع القطاع تحقيق مكاسب عديدة منها الهدوء والاستقرار، زيادة في الراتب، رقمنة القطاع حركة الأساتذة، السكنات الوظيفية، الامتحانات المدرسية، استحداث شعبة الفنون ولأول مرة بكالوريا الفنون خلال دورة 2024، إلغاء امتحان نهاية مرحلة التعليم الابتدائي أو ما يسمى سابقا بالسنكيام، وتعويضه بامتحان تقييم مكتسبات مرحلة التعليم الابتدائي، والذي أعطى نتائج مدرسية جيدة خلال هذه السنة وفي السنة الأولى متوسط، حيث تحسّنت نتائجهم مقارنة مع نتائج السنة الماضية عن طريق حصص المعالجة البيداغوجية التي ترافق التلاميذ الذين يجدون صعوبة في التمدرس، كما أنّ التسجيل في الامتحانات المدرسية بصفر ورق والدفع الكترونيا.
وعملت الوزارة في إطار إستراتيجيتها لرقمنة القطاع، على رقمنة كل قرارات تمدرس التلاميذ، وضع نظام رقمي لتقييم مكتسبات مرحلة التعليم الابتدائي رقمنة عملية إعادة إدماج التلاميذ، استحداث نظام رقمي لتنظيم عملية توظيف الأساتذة – رفع عدد الرغبات المعبر عنها من قبل الأساتذة الراغبين في الحركة التنقلية من 5 إلى 10، بنسبة تلبية الرغبات قدرها 93 بالمائة، وهي نسبة غير مسبوقة حيث لم يسبق أن تجاوزت نسبة تلبية الرغبات من قبل 32 بالمائة، رقمنة الدخول والخروج من الولاية لفائدة الأساتذة، – تصميم نظام رقمي لتفعيل التفتيش، إلى جانب وضع منصة رقمية لفائدة الأساتذة “فضاء الأساتذة”، وتعزيز الفضاء الرقمي الخاص بأولياء التلاميذ بتطبيق “أندرويد” يُشغّل على الهواتف، مع تسديد كل المخلفات المالية لموظفي قطاع التربية، ولا يوجد أي موظف مدين للوزارة.
موسم مميّز
أكّدت وزارة التربية الوطنية في لقائها الأخير مع إطارات القطاع بمقر الوزارة بالمرادية، أنّه سيتم الضبط النهائي للعمليات المرتبطة بالدخول المدرسي المقبل، الذي سيكون مميزا على أكثر من صعيد، وستطبعه العديد من المستجدات والتحسينات التي من شأنها ضمان جودة التعليم.
أسدى بلعابد خلال ندوة وطنية من مقر الوزارة، عبر تقنية التحاضر المرئي، تعليمات وتوجيهات حول الملفات الواجب تحضيرها تحسبا للندوة الوطنية الحضورية المقرر عقدها أيام 29، 30 جوان وأول جويلية 2024، والتي ستتناول العمليات المرتبطة باستكمال غلق السنة الدراسية 2023-2024، وضبط جاهزية مديريات التربية للدخول المدرسي 2024-2025.
وشدّد مسؤول القطاع على ضرورة اتخاذ كافة التدابير الكفيلة بضمان نجاح العمليات المتبقية لغلق السنة الدراسية 2023-2024، والسهر الشخصي لمديري التربية على ذلك، ومنها الاختبارات الاستدراكية، وتسليم دفاتر تقييم مكتسبات مرحلة التعليم الابتدائي للتلاميذ والشهادات للناجحين منهم، تسجيل التلاميذ في السنة الأولى ابتدائي، نتائج الامتحانات المدرسية الوطنية، مجالس القبول والتوجيه إلى الطور ما بعد الإلزامي ومجالس القبول والتوجيه في التعليم الثانوي العام والتكنولوجي.
مخرجات عملية
بمخرجات إجرائية عملية، يتحصّل كل المديرين على نسخة منها، تكون سندا لهم في كيفيات التعامل مع الوضعيات المختلفة التي قد تواجههم في الميدان، وخارطة طريق لتفعيل الأداء وتجويده تطبق بالصرامة اللازمة.
وقام وزير التربية بالتشكيل المسبق للورشات لإعطائها الوقت الكافي للتحضير الجيد والفعال لأشغال الندوة التي سيتم فيها الضبط النهائي للعمليات المرتبطة بالدخول المدرسي 2024-2025، والذي سيكون مميزا على أكثر من صعيد، وستطبعه العديد من المستجدّات والتحسينات، ما يوجب التجنّد التام من أجل إتمام كل العمليات في آجالها.
متابعة عن كثب
من جهتها، أكّدت رئيسة الفيدرالية الوطنية لجمعيات أولياء التلاميذ خيار جميلة في تصريح لـ “الشعب”، أنّها رافقت المسؤولين على قطاع التربية منذ بداية السنة لضمان مواسم دراسي هادئ خال من أي اضطرابات، حيث كانت الوسيط في نقل الانشغالات وتتبع المسار الدراسي للتلاميذ في مختلف الاطوار وعبر مكاتبها 58.
وأكّدت خيار في حديثها، أن السنة الدراسية كانت مميزة سواء من حيث متابعة أجواء الدراسة بالمؤسسات التربوية أو سير البرنامج الدراسي الذي شكّلت لجان متابعة للوقوف على مدى استكماله، نفس الأمر بالنسبة لصياغة أسئلة الشهادتين التي كانت من المقرر الدراسي، وممّا تلقاه التلاميذ حضوريا في الأقسام.
وقالت بخصوص الامتحانات الرسمية، إنّها توقعت ارتفاع نسبة النجاح في الشهادتين بالنظر الى المعطيات المتوفرة، والتي تقول إن المسار الدراسي لهذه السنة كان حسنا في ظل عدم تسجيل إضراب أو توقف طويل عن الدراسة، وهو ما يزيد من حظوظ ارتفاع نسبة النجاح في شهادة البكالوريا، إلى جانب جهود الوزارة في دعم التلاميذ من خلال حصص المراجعة التي أقيمت بالمؤسسات التربوية.
كما تحرص وزارة التربية الوطنية ضمن استراتيجيتها على إصلاح المنظومة التقييمية، بدءا بمرحلة التعليم الابتدائي من خلال امتحان تقييم المكتسبات لتنتقل الى إصلاح شهادة التعليم المتوسط مستقبلا، من خلال عمل لجان متخصصة مؤهلة وذات خبرة، لتشمل مرحلة الثانوي بالتدرج.