يرى المختص في السياسات العمومية الدكتور طمين عبد الله أن “ تكريس الحق الانتخابي هو من أهم ركائز الديمقراطية في ظل الضمانات الدستورية والقانونية التي ينبغي تكريسها واحترامها لإنجاح العملية الانتخابية من خلال اقحام النخبة والمجتمع المدني كأطراف فاعلة في المنظومة الانتخابية للقيام بأدوار مختلفة كحلقة وصل بين المواطنين ومؤسسات الدولة المعنية منذ بداية العملية إلى نهايتها، مرورا بالدور المنوط بالمجتمع المدني والنخبة في مراقبة العملية الانتخابية من خلال تواجده في السلطة الوطنية للانتخابات”.
أشار طمين في تصريح لـ “الشعب” أن الجزائر رسخت مبادئ الديمقراطية ونزاهة وعدالة العملية الانتخابية، لضمان تعزيز الديمقراطية النابعة من اختيار الشعب، مضيفا ان للمشاركة في صنع القرار السياسي سمة مميزّة للديمقراطية، وهي تستلزم، بحسب “عملية تشاور تُجريها الدولة في الوقت المناسب وتضفي بها شرعية على ممارستها للسلطة.
وذكر المختص أن المادة 25 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تنص على أن الحق في المشاركة يشمل حق الأفراد في أن يَنتخبوا ويُنتخبوا، وفي المشاركة في إدارة الشؤون العامة، وفي تقلّد الوظائف العامة، فيما تُعَدّ الانتخابات الحرّة والنزيهة وسيلة لا غنى عنها للإصغاء إلى إرادة الشعب”.
كما تعترف المادة 25 (ب) من العهد بحق كل مواطن في أن يَنتخب ويُنتخب في انتخابات نزيهة تجرى دورياً بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين، مؤكدة بذلك أهمية عدم الإقصاء والمساواة”.
وثمّن طمين في هذا السياق “التدابير الإيجابية التي اتخذتها الجزائر لتضمن للمواطنين التمتع بالحقوق الانتخابية تمتعاً كاملاً وفعالاً وعلى قدم المساواة، ودون تمييز، فضلاً عن ضمان حرية التعبير والوصول إلى المعلومات والتجمع وتكوين الجمعيات. وتشكّل تلك الحقوق شروطاً أساسية لممارسة حق الانتخاب بصورة فعالة، لذا وجب الحماية الكاملة والممارسة الفعلية لهذه الحقوق”.
وأشار طمين الى “ أن المشاركة في الانتخابات تضمن تحقيق أهداف التنمية المستدامة، من خلال الحاجة إلى تدبير استثمارات وتمويلات إضافية للأسواق للمشاريع ذات المنفعة العامة، زد الى ذلك المشاركة المجتمعية للشباب الجامعي المتطوّع التي تساهم بشكل فعّال في تعزيز الأمن المجتمعي سواء على مستوى تلبية الحاجات الأساسية، أو على مستوى تدعيم أواصر التماسك الاجتماعي، أو على مستوى الحفاظ على استقرار المجتمع”.
وقال المتحدث إنه “من أجل ضمان أفضل علاقة إيجابية بنَّاءة ومؤثرة في العملية الانتخابية، وتوجيها نحو برامج تصّب في خدمة جمهور الشعب المصوِّت، لابد من أنْ يشارك أوسع جمهور في عملية التصويت، وأنْ تتم عملية الاختيار والانتخاب وفق معايير دقيقة وقراءة متمعّنة في طبيعة وواقع إدارة العملية في حدّ ذاتها”، وسيكون بحسبه “على الناخب أنْ يعلن بوعي تام بأنه سيمنح صوته للبرنامج الأكثر قربا منه والذي يثق بتنفيذِ ما يـَعـِدُ به”.
النخبة والمجتمع همزة وصل وضابط العملية الانتخابية
وعن دور النخبة والمجتمع المدني في إنجاح المواعيد الهامة، من خلال العمل على إقناع الناخب بالمشاركة في القرار السياسي، أكد طمين “ضرورة تشجيع الناخبين على التصويت بكل الطرق والوسائل المتاحة من خلال بداية العملية مبكرا.”
وفي هذا السياق قال المتحدث إن الناخب بحاجة إلى معرفة أنه جزء من شيء أكبر وأن دعمه بالمشاركة والتصويت يعد أمرا هاما، “ولابد بحسب طمين من “جميع الفاعلين في العملية الانتخابية أن يواصلوا جهودهم لحشد الناخبين والأصوات حتى إغلاق مراكز الاقتراع.”، مؤكدا أن “الجزائر اليوم تسير نحو النهضة بخطوات ثابتة هي في أمس الحاجة إلى مثقفيها ونخبتها لتقودها إلى سكة النهضة وتحقيق الازدهار”.
وعليه “وجب على النخبة أن تعمل ليل نهار لتحقيق نهضة زادها المجتمع، بدءا بإنجاح العملية الانتخابية، لأن المشاركة السياسية وسيلة لتفعيل المشاركة الشعبية في تطوير الديمقراطية التشاركية، كمحرك إصلاح داخل المجتمع الجزائري لوضع السياسات العامة، والقدرة على التعبئة وفي تحديد العلاقة بين القاعدة والقمة، ومدى مساهمة المواطن في صناعة القرار”.
أهمية الخطاب المتزّن وضرورة تفعيل الإعلام الانتخابي
ويعتبر طمين أن الخطاب المفضّل في التوعية الجماهيرية يجب أن يسعى الى طرق جانب من جوانب الاعلام المتخصّص ودور وسائل الاعلام في تكوين الوعي الحقوقي، الانتخابي، الايجابي، لـدى الجماهير وبالتالي فهو يفتح الطريق أمام إنتاج الكثير من الاجتهادات في حقل الإعلام المتخصّص بصفة عامة وفي حقل الإعلام الانتخابي بـشكل خاص”.
ويضيف المتحدث “فهذا الخطاب يدفع بالاتجاه نحو المزيد من فهم المحيط والمحتوى المتخصص لوسائل الإعلام وكيفية تشكيله لاتجاهـات ومواقف وسلوكيات الجماهير والرأي العام بشأن القضايا المجتمعية المختلفة وعلى رأسها تكريس الحق الانتخابي”، مبرزا أن توفر الخطاب المتوازن والمتزن الفعال وتوظيف الاعلام “الانتخابي” سيساهم -برأيه- في تعزيز المشاركة السياسية التي تصّب بدورها في “عملية ترشيد الحكم وفق مبدأ تعزيز الديمقراطية كهدف وقيمة، وتعزيز المؤسسات والممارسات الديمقراطية لتحقيق الإصلاح السياسي ومتطلباته”.