أجمع أساتذة في العلوم السياسية، على أهمية الاستحقاقات الرئاسية المقررة يوم 7 سبتمبر القادم، لما لها من انعكاسات على المستويين الداخلي والخارجي، في تعزيز مؤسسات الجمهورية، ومواقف الجزائر خارجيا، إلى جانب تدعيم مكاسب الاستقرار الداخلي.
وأجمع المتحدثون، في اتصال مع «الشعب»، على أن الشعب الجزائري يعي أهمية هذا الحدث، حيث دأب على الحضور بقوة في هذه المناسبات مقارنة بالمواعيد الانتخابية التشريعية أو المحلية.
قال أستاذ العلوم السياسية بالمدرسة الوطنية العليا للعلوم السياسية، حكيم غريب، في اتصال مع «الشعب»، إن أهمية المشاركة الانتخابية تكمن في أهمية شعور الناخب بمدى تأثير صوته الانتخابي في العملية الانتخابية، وكلما كان لصوت الناخب في العملية الانتخابية تأثير قوي، كلما أكد هذا التأثير أن المسيرة الديمقراطية تسير على نهج سليم في الجزائر، كما أن الظروف الدولية والإقليمية تحتم علي الشعب الجزائري إنجاح هذه العملية الدستورية لضمان الأمن والاستقرار والسماح لصناع القرار بمواجهة هذه التحديات الجد خطيرة التي تحيط بالجوار الإقليمي للبلاد والتي تجعل من الصعوبات والمتاعب قوة انطلاق نحو الأنجع والأقوم ولا تستسلم لليأس والفشل، فهي امتحان للشعب لإظهار تلاحمه مع دولته.
من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، حسام حمزة، إنه يمكن تحديد أهمية الانتخابات الرئاسية في الجزائر على مستويين؛ فعلى المستوى الداخلي نتحدث عن استحقاق انتخابي هو الأهم على الإطلاق مقارنة بالاستحقاقات الأخرى، وهذا حتى في وعي المواطن الجزائري الذي يدرك تماما أن انتخاب رئيس الجمهورية يعني انتخاب أعلى سلطة في الدولة، والتي بيدها سلطة القرار والتأثير في مختلف الملفات، وعلى رأسها الملفات الاجتماعية والاقتصادية التي تهم المواطن في حياته اليومية. وعند الحديث عن مؤسسة رئاسة الجمهورية، فإننا نتحدث عن السياسات العامة للدولة وفقا للنظام الدستوري الجزائري، رئيس الجمهورية يحظى بصلاحيات كبيرة بالتالي هو الذي يقرر السياسة العامة للدولة، داخليا وخارجيا، وبالتالي في الاستحقاق الرئاسي نحن لا ننتخب فقط شخص الرئيس ولكن ننتخب سياسة الدولة في السنوات الخمس المقبلة وبالتالي نحدد واقعنا وحتى مستقبلنا انطلاقا من هذا الخيار.
إثراء التجربة الديمقراطية
وأضاف المتحدث، أن كل فرصة سياسية في شكل انتخابات، ستقدم إضافة لعملية البناء الديمقراطي للجزائر، وفرصة للحوار والنقاش، الفكري والسياسي، كما تثري التجربة الديمقراطية الجزائرية وتضيف إلى رصيدها في المستقبل بما يجعلها منها أفضل.
أما بالنسبة للمستوى الخارجي، الأكيد أن اليوم الانتخابات الرئاسية في الجزائر هي محط اهتمام كل من يعنيهم شأن الجزائر، ومن يتأثرون بواقعها، وسياساتها وبالتالي هي مهمة لإعطاء صورة للخارج على مدى وعي الشعب الجزائري وتمسكه بالخيارات الاستراتيجية للدولة فيما يتعلق بالمسائل الكبرى، لاسيما القضية الفلسطينية.وعليه، يضيف المتحدث، فمشاركة الشعب الجزائري في هذا الاستحقاق، ستعطي صورة جيدة نحتاجها في هذه الظرفية، عن ثقة المواطن في مؤسسات الدولة والمسار السياسي الذي تخوضه منذ 2019، وثقته في خياراتها الاستراتيجية وسياستها الخارجية ومواقفها الدولية، وهذا مهم للخارج حتى يعرف أن المواقف الخارجية للجزائر ليست مواقف أشخاص وإنما تعبر عن الشعب وهويته وتاريخه، ومهمة لمن سينتخب مستقبلا أنها ستعطيه قدرة أكبر على المناورة، والثبات على المواقف، إذ كلما كان الموقف الخارجي مسنودا من القاعدة الشعبية، كلما كان صانع القرار أقدر على مواجهة الضغوط والتحديات والرهانات التي تواجهه في تنفيذ سياسته الخارجية.
استمرارية وبقاء الدولة
في السياق نفسه، أكد أستاذ العلوم السياسية والبرلماني، علي ربيج، أن أهمية الانتخابات الرئاسية تنبع من المكانة التي أولاها المشرّع من خلال الدستور الجزائري، على اعتبار أنها انتخاب لرئيس الجمهورية، الذي يتمتع بصلاحيات كثيرة، إلى جانب أهميتها في استقرار وديمومه الدولة الجزائرية بكل مؤسساتها.
وأضاف، في اتصال مع الشعب، أن هذه الانتخابات مهمة كذلك في هذه الظروف بالنسبة للاستقرار السياسي للجزائر الذي تتمتع به اليوم، وهذا مؤشر إيجابي يدفع كل الأطراف لأن تنخرط في العملية السياسية وعمليه البناء، خاصة وأننا الآن نشهد تحولا داخل الجزائر على المستوى الاقتصادي، وكذا على المستوى السياسي، إذ اليوم الطبقة السياسية بكل أطيافها، والمجتمع المدني وحتى مؤسسة الجيش تهتم بإنجاح الموعد الانتخابي، بغض النظر عمن سيفوز، لأن أي إخفاق في الاستحقاقات الانتخابية لأية دولة في العالم يعد مؤشرا سلبيا وتهديدا لاستقرار الدولة.
وتطرق الدكتور علي ربيج، إلى أهمية الاستحقاق على المستويين الإقليمي والدولي من حيث أهمية الجزائر الدبلوماسية وحضورها في الساحة الدولية والإقليمية ودورها المميز على المستوى الأمني في منطقه الساحل في مجال مكافحه الإرهاب والتهريب، والدور الدبلوماسي لها في كثير من القضايا الاقتصادية والسياسية، على رأسها قضية فلسطين والقضية الصحراوية والتي يعول فيها على موقف الجزائر ومكانتها والدور الإيجابي الذي تؤديه على هذا الصعيد، وتعول عليها تلك الدول فيه.