ليس مبالغة، ولا (قربانا) من أيّ كان، إذا قلنا إن النشاط الثقافي يعرف ازدهارا غير مسبوق ببلادنا، فقد تحركت كل الفعاليات الثقافية عبر ولايات الوطن، ولو قمنا بحساب بسيط للملتقيات والندوات ومعارض الفنون والعروض المسرحية والسينمائية والمهرجانات الفنية، لوجدناها بالمئات كل شهر، بعد أن كانت تعدّ على الأصابع، ولا ينال بِرّها سوى ذوي الحظ العظيم من (الملتزمين) بأصول (الشّلة)، والمنغمسين في تقاليد (حكّ تربح)..
وليس مبالغة أيضا، إذا قلنا إن الدينامية العالية التي يعيشها الواقع الثقافي اليوم، حرّكت الجهود الفردية، وأنتجت عددا معتبرا من الندوات الافتراضية، يعتني بإعدادها أساتذة مرموقون في مختلف التّخصصات على منصات التواصل الاجتماعي، لا يريدون جزاءً ولا شكورا، وندواتهم تلقى إقبالا كبيرا، وتفتح الآفاق الواسعة أمام الطلبة والباحثين والمتلهفين إلى المعرفة..
كنا نسمع – من قبل – عن نشاطات دورية مفترضة، غير أن (دوريتها) لا تدوم – في أفضل حال – أكثر من أسبوعين اثنين؛ فالأمر لم يكن يتعدى (المناسبات) وتزيين (الواجهات) و(التعبير عن الولاءات)، وعلى هذا نلاحظ أن التغيير العميق الذي شهدته ساحة الثقافة، هو ديمومة النشاط، وانضباطه الصارم مع المواعيد، وهذا وحده كفيل بأن يبعث الفخر في أنفسنا، ويجعلنا نوقن بأن الفعل الثقافي سيحقق غاياته التي يصبو إليها..
إن العمل الثقافي المنتج، يتأسس على دراسة معمّقة ورؤية منهجية واضحة، وهذا بالضبط ما توفر لاستراتيجية العمل التي اعتمدتها وزارة الثقافة والفنون، فحققت في ظرف زمني قياسي، ما كان يبدو من أضغاث الأحلام.. وإن كان يكفينا منها أنها برهنت على أن الفعل الثقافي له أهميته الحيوية في البناء، وليس مجرد مضيعة وقت..
المجد للمخلصين..