تحيي الجزائر الذكرى 62 للذكرى المزدوجة للاستقلال والشباب، وهي تقطف ثمار سياسة تنموية رشيدة لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أحدثت نهضة شاملة في جميع القطاعات، وبشكل لافت في قطاع السكن الذي يتأهب لتسليم أقطاب حضرية جديدة ومستدامة تستجيب للمقاييس العمرانية، تعد أسسا لمدن جديدة تضمن توازنا وانسجاما حضريا دائما، منها القطب الحضري سيدي عبد الله 13300، وحوش الريح، وغيرها من الأقطاب الحضرية التي تم إنجازها بمواد وسواعد جزائرية خالصة.
“عدل 3” طريق ممهّد ومشاريع أولى تنطلق 19 ألف مقاولة وطنية كسبت رهان احترام الآجال والنّوعية
وفي ظرف قياسي، رفعت فيه المقاولات رهان احترام الآجال والنوعية، وعبّدت الطريق لإنجاز برنامج جديد من سكنات البيع بالإيجار “عدل 3”، وصيغ أخرى منوعة تكرس تمسك السلطات العليا للبلاد بالطابع الاجتماعي للدولة، وضمان حق المواطن في امتلاك سكن لائق، صيانة لكرامته وضمان رفاهيته.
السكن.. استراتيجية استشرافية ورؤية حكيمة
خاضت الجزائر الجديدة معركة بناء السكنات بنهج فريد ومتميز، وإرادة وثبات وحرص شديد من القاضي الأول للبلاد على ضمان العيش الكريم للمواطنين، حيث عملت منذ بناء مؤسسات دستورية جديدة منذ 2020، على القيام بإصلاحات جذرية شاملة في جميع القطاعات، ومنها قطاع السكن، وفق ما تضمنته التزامات رئيس الجمهورية بضمان إنجاز مليون وحدة سكنية، وتوزيع أكثر من ربع مليون وحدة سكنية بمختلف الصيغ، بينها أكثر من 67 ألف وحدة سكنية من صيغة البيع بالإيجار “عدل 2” في 5 جويلية الجاري، وإطلاق برنامج جديد واعد لم تقيد حصته، بل تركت مفتوحة لتلبية جميع طلبات المهتمين بهذه الصيغة.
إنجازات الجزائر الجديدة في قطاع السكن الذي تتأهب لتسليم حصة هامة منه في عيدي الاستقلال والشباب، جاءت نتيجة اعتماد مسار إنجاز رفعت فيه المقاولات الجزائرية الرهان، وفق رؤية تنبثق – كما قال وزير السكن – من حكم راشد يحرص على الوفاء بالعهد والحفاظ على المكتسبات الاجتماعية والتوجيه الجيد، إذ عكف رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون على العناية بمصالح المواطن، من خلال توفير السكن اللائق بالتكلفة المتاحة.
ونجحت أكثر من 19 ألف مقاولة وطنية في إنجاز مشاريع سكنات بوسائل جزائرية خالصة، جمعت بين التكلفة المعقولة، الجودة العالية، والالتزام بالآجال، فتم تسليم 60 ألف وحدة سكنية بين سنة 2020 و2023، وها هي الجزائر اليوم تستعد لطي ملف عدل 2، وتسليم أزيد من 67 ألف وحدة سكنية مبرمجة للتوزيع في 5 جويلية سنة 2024، وإضافة إلى مئات السكنات الاجتماعية والريفية التي حظيت بدعم مضاعف من رئيس الجمهورية.
ولعل اللافت في السكنات التي ستوزع في عيدي الاستقلال والشباب، أنها لم تنجز في شكل أحياء تشبه “المراقد”، بل هي أقطاب حضرية كبرى، أو أحياء مدمجة على شاكلة حي 13300 مسكن سيدي عبد الله، القطب المدمج المجهز بجميع المستلزمات، وبتخطيط حضري وتهيئة خارجية للفضاءات، ومثله موقع حوش الريح بالبليدة، الموجه لسكان العاصمة، وأقطاب سابقة كموقع ذراع الريش بقسنطينة، وأحمد زبانة بوهران، وهي تمثل لبنات مدن مستقبلية، تعمل وزارة السكن على تعميم فكرتها عبر كامل التراب الوطني.
ووفق رؤية جديدة في التشييد والإنجاز، والاعتماد عن نظام العمل بالتناوب 3/8 والعمل بوتيرة أسرع مع الانطلاق في جميع الأشغال في وقت واحد، لاسيما تلك المتعلقة بالمرافق العمومية، عبدت وزارة السكن الطريق للشروع في إنجاز “برنامج عدل 3” الذي ينطلق الاكتتاب فيه يوم غد الخامس جويلية، بداية من الساعة التاسعة ليلا، حيث عملت على توطين المشاريع بعدة ولايات بعد تخصيص الأوعية العقارية الخاصة بها في سابقة أولى، لنجاح هذا المشروع، وتحيين المرسوم الخاص بكيفية الاستفادة من هذا النوع من السكنات الممولة بأموال عمومية، كما قررت مواصلة مسار الإنجاز نفسه مع الصيغ الأخرى، وتحسين نوعيتها، مع الحرص على تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية عن طريق إضفاء الشفافية في توزيع السكنات، وعلى هذا الأساس، تم تطهير وعصرنة البطاقية الوطنية للسكن التي تحصي 9.8 مليون مسجل، حيث تبقى الأداة الفعالة التي تضمن عدالة عملية التوزيع.
مدير عام فرع التسيير العقاري للوكالة جلال الدين دحماني: أحياء “عدل”.. “ثورة” في آليات التسيير والخدمات الراقية
اعتمد فرع التسيير العقاري لوكالة عدل “جاست إيمو” آليات تسيير حديثة تسمح بتقديم خدمات راقية، على مستوى أحياء عدل المسلمة على مستوى التراب الوطني، فهذه الوكالة لا يقتصر عملها على خدمات النظافة داخل الأجزاء المشتركة، بل تؤدي مهام إدارية وتجارية وتقنية ومن أجل تحسين تلك الخدمات..في الثلاث سنوات الأخيرة قام الفرع الخدماتي لـ “عدل” بعملية استثمار مادي وبشري كبيرة.
في ذكرى عيدي الاستقلال والشباب، عرض المدير العام لفرع التسيير العقاري التابع لمجمّع “عدل” جلال الدين دحماني، تجربة “جاست ايمو”، وقال في حديث لـ “الشعب” “إن فرع عدل للتسيير العقاري هي تجربة فتية جديدة، متواجدة على مستوى أحياء عدل منذ 2009، تقوم بعدة أعمال منها صيانة الأجزاء المشتركة”، مؤكدا أن مهام “جاست ايمو” لا تقتصر اليوم – كما يعتقد المواطن – على ضمان النظافة بالأجزاء المشتركة وداخل العمارات، مثلما ذكر “بل تقوم بمجموعة من المهام والخدمات التجارية والإدارية وكذا التقنية، تلبية لانشغالات المواطن، منها عمليات التنظيف الداخلي، التنظيف الخارجي، تنقية الأقبية، وصيانة المصاعد”، وهي عمليات أوضح أنها تتم دوريا، بالإضافة إلى العمليات الكبرى كالمساكة أو ما يعرف بـ “l’étanchéité”، وإعادة تزيين واجهات العمارات.
وأحدثت “جاست ايمو” في الثلاث سنوات الأخيرة، ثورة في آليات التسيير الحديث، حيث أطلقت – يقول دحماني – عملية استثمار مادي وبشري داخل المؤسسة، وأصبحت تعتمد على ما يعرف بالمحاسبة التحليلية.
من ناحية الإمكانات المادية، تدعمت المؤسسة بأكثر من 60 مركبة، منها شاحنات تشفيط، شاحنات نقل القمامة، وكذا السيارات التقنية، واعترف دحماني أن “جاست ايمو” كانت تعاني في السنوات الماضية من نقص الإمكانات، ولكن تم تدارك هذا الأمر.
أما في مجال الرقمنة، فقد خاضت “جاست إيمو” – يقول دحماني – “بكل فخر واعتزاز وواقعية” شوطا كبيرا في هذا الميدان، بداية من تنصيب أجهزة الدفع داخل الأحياء، وهي اليوم معممة على جميع الأحياء بنسبة 99 بالمائة، لا استثناء إلا لبعض المواقع التي لا تتوفر على شبكة التغطية بالهاتف، في حين، تعرف عملية الدفع عبر أنترنيت تطورا ملحوظا، إذ يمكن اليوم دفع فاتورة الإيجار والأعباء المشتركة عبر تطبيق إلكتروني، وبداية من 31 ديسمبر القادم على أقصى تقدير، يصبح في إمكان كل مستفيد من سكنات عدل، دفع تكلفة الإيجار دون تسليم فاتورة التسديد إلى المؤسسة، أي أن العملية ستصبح بصفر ورق، كما تم إطلاق تطبيق حديث، يمكن المواطن من تقديم انشغالاته واحتياجاته للدراسة على مستوى مكاتب المؤسسة، ليكون التدخل بعدها مباشرة، وتصبح تلبية الانشغالات المواطن سلسلة لا تحتاج التنقل إلى مكاتب “جاست ايمو”.
وذكر دحماني أن “جاست ايمو” قطعت شوطا كبيرا في مجال تحسين الخدمة العمومية، فقد تمت تسوية كثير من المشاكل العالقة، مثل قضية الدفع المزدوج للقسط، ولكن عندما يكتشف الأمر يتم إرجاع المبلغ الزائد للمستفيد.
وكشف دحماني عن طرح استمارة بالموقع الإلكتروني للمؤسسة، لإعادة النظر في طريقة تسيير أحياء عدل، وأكد: “نقول للمستفيد تعال وساعدنا في التسيير للحفاظ على الطابع العمراني لسكنات عدل، فالمواطن ليس مالكا للسكن، هو مكتتب، وما دام لم يتملك السكن، فهو لا يخضع لقوانين الملكية المشتركة”.
وأضاف: “نريد من المواطن أن يكون شريكا لـ “جاست ايمو” في التسيير لتفادي الفوضى”، ونوّه بدور المستفيدين على مستوى أحياء بالعاصمة، في التبليغ عن غياب أعوان الأمن، والتعدي على الملكية المشتركة، وهو ما سهل عمل المؤسسة في المتابعة والتفتيش، وتدارك العديد من النقائص.
وعن المشاريع الجديدة التي أطلقها الفرع، قال دحماني: “شرع مؤخرا في برنامج إعادة طلاء واجهة المباني السكنية، منها 7 أحياء في العاصمة، 6 أحياء بين سكيكدة وعنابة، أحياء في تيارت، تبسة، وهران، تيبازة، تيزي وزو، وقد تمّ رصد مبالغ معتبرة من أجل إنجاز هذه العمليات، إذ يكلف حي من 400 مسكن أكثر من 10 ملايير سنتيم، ما بين إعادة الواجهة والسماكة، أما الأحياء الجديدة، فسيتم استغلال أموال الحساب الخاص بالأشغال الكبرى لتسييرها”.
وأحصى دحماني أكثر من 900 مؤسسة خاصة بتسيير المصالح المشتركة وفضاءات التسلية، التنظيف، الحراسة، وهي قابلة للارتفاع، في إطار تشجيع إدماج المؤسسات الناشئة في الدورة الاقتصادية.