وُقعت اتفاقية- إطار بين وزارة الفلاحة والتنمية الريفية والشركة الإيطالية «بونيفيشي فيراريزي» (Bonifiche Ferraresi-BF)، السبت، بالجزائر العاصمة، لإنجاز مشروع متكامل لإنتاج الحبوب والبقوليات والعجائن الغذائية في ولاية تيميمون. وسيتم بموجب هذه الاتفاقية، إنجاز مشروع متكامل، بالشراكة بين المجموعة الإيطالية (بي.أف-BF) والصندوق الوطني للاستثمار.
ملف: علي مجالدي وآسيا قبلي وخالدة بن تركي
يتربع هذا المشروع، على مساحة 36 ألف هكتار بولاية تيميمون (محيط الكبير 01)، ستخصص لإنتاج القمح، العدس، الفاصولياء المجففة والحمص، بالإضافة إلى تشييد وحدات تحويلية للعجائن الغذائية، صوامع للتخزين وهياكل حيوية أخرى، بحسب الشروحات المقدمة خلال مراسم التوقيع. وعلاوة على زراعة الحبوب والبقوليات، سيتم إدراج محاصيل زراعية أخرى استراتيجية ضمن الدورة الزراعية، خاصة النباتات الزيتية مثل الصويا. وسيساهم هذا المشروع في تعزيز الإنتاج الوطني من الحبوب والبقول الجافة وزيادة الصادرات خارج المحروقات من خلال تصدير العجائن الغذائية، وكذا خلق أكثر من 6700 منصب شغل (1600 منصب دائم وحوالي 5100 منصب غير دائم).
تعزيز الأمن الغذائي وتحفيز النمو الاقتصادي
في إطار السعي الحثيث نحو تعزيز الأمن الغذائي وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب والبقوليات، أبرمت الجزائر وإيطاليا اتفاقية ضخمة لإنتاج الحبوب والبقوليات في منطقة تيميمون بالجنوب الجزائري. حيث تمتاز هذه المنطقة بمساحات زراعية شاسعة وموارد مائية جوفية تعد الأكبر في العالم بأكثر من 50 ألف مليار متر مكعب، ما يجعلها بيئة مثالية لجذب الاستثمارات الأجنبية في القطاع الزراعي. ويهدف هذا المشروع الطموح إلى استقطاب الخبرات والتكنولوجيا الحديثة، وخلق فرص عمل جديدة.
وقعت الجزائر وإيطاليا اتفاقية- إطار لتنفيذ مشروع إنتاج الحبوب والبقوليات بقيمة 420 مليون يورو، وسيتم تنفيذ المشروع على مساحة 36 ألف هكتار في ولاية تيميمون على مدار ثلاث سنوات، مع بدء عمليات الحرث والبذر في خريف 2024.
يهدف المشروع الضخم إلى إنتاج 170 ألف طن من القمح الصلب سنويا، و11 ألف طن من الحمص، و6 آلاف طن من العدس. بالإضافة إلى ذلك، يتضمن المشروع إنشاء قطب صناعي لتحويل المنتجات الزراعية، ومنشآت للتخزين، ومرافق لإنتاج العجائن الغذائية. ويُتوقع أن يسهم هذا المشروع في تعزيز البنية التحتية الزراعية والصناعية في المنطقة بشكل كبير.
وبحسب العديد من الخبراء، يعد هذا المشروع المتكامل بداية حقيقية للاستثمار الأجنبي في الصحراء الجزائرية، بعد مشروع إنتاج بودرة الحليب بشراكة جزائرية قطرية بقيمة تتجاوز 3 ملايير دولار.
ومن المتوقع أن يساهم المشروع الجزائري- الإيطالي في خلق 6700 فرصة عمل جديدة، مما يساهم في تقليل معدلات البطالة بالمنطقة وتعزيز التنمية المحلية. كما يسعى المشروع إلى زيادة الصادرات الجزائرية من المنتجات الزراعية، مما سيسهم في تحسين ميزان المدفوعات وزيادة الإيرادات الوطنية ضمن المشروع الاقتصادي الوطني الهادف إلى تنويع مصادر الدخل بعيدا عن قطاع المحروقات.
وتهدف الجزائر من خلال هذا المشروع، إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح الصلب، لاسيما وأنه بلغ نسبة 80٪ هذا العام، مع توفير أكثر من مليار دولار من العملة الصعبة، وتسعى لبلوغ نسبة 100٪ من خلال زيادة مساحات الإنتاج إلى 500 ألف هكتار في الجنوب.
كما تسعى إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية في المجال الفلاحي للاستفادة من الخبرات والتكنولوجيا الحديثة، ما يعزز من قدرتها على تحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة، لاسيما وأن الجزائر تعتبر الأفضل قاريا في هذا المجال.
ويمثل توقيع الاتفاقية بين الجزائر وإيطاليا خطوة استراتيجية نحو تعزيز الأمن الغذائي في قطاع الحبوب والبقوليات وتقليل اعتماد البلاد على الواردات، ممّا يُقلّل من مخاطر نقص الغذاء والتقلب الحاصل في الأسواق الدولية، كما يعكس المشروع مستوى التعاون الإقليمي المثمر في حوض المتوسط، واستغلال الموارد الطبيعية الوفيرة في الجنوب الجزائري.
ومن المتوقع أن يسهم المشروع في تحقيق فوائد اقتصادية واجتماعية كبيرة للجزائر، مما يعزز من مكانتها كوجهة جاذبة للاستثمارات الأجنبية في المجال الفلاحي.
عقد الشراكة مع إيطاليا لإنتاج الحبوب.. استثمار ناجح وفـق قاعدة رابح- رابح
يعد عقد الشراكة الجزائري- الإيطالي في مجال الزراعة، الذي وقع قبل أيام، مشروعا واعدا، حيث أنه يؤسس لزراعة مستدامة، كما أنه سيسمح بنقل تكنولوجيا الصناعات التحويلية الغذائية للجزائر من كبرى الشركات الإيطالية الرائدة في المجال، إلى جانب أنه أكبر مشروع استثماري إيطالي في الجزائر، أساسه الربح المتبادل وفق قاعدة «رابح- رابح».
يتوقع أن يقلص عقد الشراكة بين الجزائر وإيطاليا، فاتورة الاستيراد ويوفر للجزائر مداخيل كانت موجهة لاستيراد الحبوب المقرر إنتاجها في إطار هذا المشروع، كما سيجعل الجزائر موردا زراعيا لإيطاليا مستقبلا، بفعل تأثر سلاسل التوريد من شرق أوروبا، وهي التي كان يعول الإيطاليون واردات القمح، خاصة وأن إيطاليا تشتهر بإنتاح العجائن.
يأتي هذا التوقع من التجربة السابقة في مجال الغاز، إلى جانب ذلك يمكن لهذا المشروع أن يجلب منقبين عن الغاز الذي مازال باطن الجزائر يكشف عن المزيد منه، وبالتالي دخول شركات عالمية ورؤوس أموال؛ بمعنى البحث عن آبار غاز ويقابله رؤوس أموال للاستثمار في الزراعة.
عوامل جذب
تجدر الإشارة إلى أن الجزائر تتوفر على عوامل جذب واستقطاب قوية، وتحظى بفواعل اقتصادية تشكل فائدة كبيرة للصناعات التي تتطلب مدخلات محلية، وبالتالي تقليل التكاليف المرتبطة بالمشتريات والخدمات اللوجستية. إلى جانب تحفيزات هامة، على غرار الإعفاءات الضريبية وتخفيضات التعريفات الجمركية، كما تتوفر على دوافع استثمار أخرى تتعلق بموقعها الجغرافي الملائم، فهي بوابة إفريقيا، وهمزة وصل بين ضفتي المتوسط، مما يحفز التجارة عبر الحدود وتقليل تكاليف النقل.
فرص واعدة
وكانت الجزائر وإيطاليا أعلنتا عن توقيع شراكة بقيمة 420 مليون أورو في 6 جويلية 2024 لمشروع استثماري إيطالي جنوب الجزائر، وتحديدا بولاية تيميون، بهدف إنتاج القمح.
ويتولى تنفيذ المشروع مجموعة Bonifiche Ferraresi الإيطالية والصندوق الوطني للاستثمار لإنتاج الحبوب والبقوليات، على مساحة تقدر بـ36 ألف هكتار بولاية تيميمون. وسيخصص المشروع لإنتاج القمح والعدس والفاصوليا المجففة والحمص، بالإضافة إلى إنشاء وحدات معالجة لصناعة المعكرونة وصوامع التخزين. وسيتم إطلاقه خلال سنة 2024 وسيعمل على زيادة الصادرات وخلق أزيد من 6700 منصب شغل، بحسب المصدر نفسه.
أهداف الشراكة
وتهدف الجزائر من خلال تنفيذ هذه الخطة، إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح الصلب، وذلك بزيادة مساحات الإنتاج إلى 500 ألف هكتار بالجنوب. وأوضح وزير الفلاحة يوسف شرفة، أن الجزائر حددت مهلة ثلاث سنوات لتحويل هذه 500 ألف هكتار التي ستخصص للمحاصيل الاستراتيجية من أجل ضمان الأمن الغذائي للبلاد، وتقليل اعتمادها الكبير على الواردات. وأضاف، أنه بالموازاة مع هذه الاتفاقية مع إيطاليا، سيتم تطوير الأراضي في الصحراء الجزائرية، بشراكة مع شركات عالمية، من بينها شركات قطرية. وتندرج الاتفاقية الجزائرية الإيطالية الموقعة، السبت، في إطار «خطة ماتي» التي تحمل اسم أنريكو ماتي مؤسس شركة إيني (عملاق الطاقة العمومية الإيطالية) الذي دعا في الخمسينيات من القرن الماضي إلى إقامة علاقات تعاون مع الدول الإفريقية.
الخبير عبد القادر سليماني: “تيميمون”.. شراكة نموذجية ورهان على الزراعة الذكية
أوضح المستشار العام والناطق الرسمي للاتحاد الجزائري للاقتصاد والاستثمار عبد القادر سليماني، أن العلاقات الاقتصادية بين الجزائر وإيطاليا استراتيجية مبنية وفق مبدإ رابح- رابح، معتبرا الاتفاقية الموقعة، السبت، بين البلدين لإنشاء مشروع ضخم لإنتاج القمح والبقوليات الجافة والبذور في تيميمون، ترجمة للعلاقات المتميزة في المجال الاقتصادي، كما يعدّ مكسبا للجزائر، على مسار تحقيق الأمن الغذائي.قال الخبير عبد القادر سليماني، في تصريح لـ»الشعب»، إن مشروع تيميمون يعكس العلاقات القوية بين البلدين، خاصة في المجال الفلاحي وإن الجزائر تسعى إلى تحقيق الأمن الغذائي في مجال الحبوب الذي يكلف الخزينة العمومية مليارات الدولارات سنويا، على اعتبار أن بلادنا تستهلك سنويا 9 ملايين طن، مقابل طاقة إنتاجية تقدر بـ80٪ من الإنتاج الوطني
وأكد المتحدث، أن التعاون والشراكة بين البلدين والاستثمار في القطاع الفلاحي، يأتي في إطار الرفع من القدرات الإنتاجية لمادة القمح الصلب بـ170 ألف طن سنويا، وخصوصا البقوليات، في حين سيتم إنتاج 11 ألف طن و6 آلاف طن في العدس والفاصوليا لتحقيق الاكتفاء الذاتي في هذه المواد.
ويعتبر التعاون الثنائي مشروعا استراتيجيا وعاملا مهمّا للطرف الجزائري لزيادة الإنتاج من الحبوب، وتغطية احتياجات السوق الوطنية كمرحلة أولى، والوصول إلى التصدير في المرحلة الثانية، كما أنه يوفر أكثر من 6700 منصب شغل مباشر، والآلاف من المناصب غير المباشرة. كما أن العملية تندرج فيما يسمى «الإنتاج المدمج» من البذور إلى غاية الصناعات التحويلية والتحكم في التخزين وأساليب السقي الذكي.
وأشار الخبير إلى المؤهلات الكبيرة للجانب الإيطالي في مجال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الفلاحية، والصناعات الغذائية والتحويلية، وهو ما يشكلّ أمرا مهما للجزائر لتحقيق الاكتفاء الذاتي، موضحا بخصوص المشروع الذي يستمر على مدار ثلاث سنوات، أنه يسمح بالوصول إلى الإنتاج بأقصى طاقاته، سيما وأن الشراكة ستكون بـ51٪ للجانب الإيطالي و49٪ للجزائر في الصندوق الوطني للاستثمار.
وقال سليماني، إن هذا التعاون نموذج ناجح للشراكات الثنائية بين الجزائر وإيطاليا، وفي إطار نظرة تشاركية قائمة على التعاون والتكامل في مختلف المجالات: نقل التكنولوجيا، رؤوس الأموال والخبرات، المعرفة، وكذا نقل الأسواق؛ لأن إيطاليا تسعى للدخول إلى إفريقيا عبر بوابة الجزائر، خاصة وأننا نشهد استحداث نسيج اقتصادي صناعي في ولاية تيميمون وما جاورها، يضيف المتحدث.
يشمل هذا النسيج، بحسب سليماني، الصناعات الغذائية والتحويلية، وسيتم تصدير هذه المنتجات إلى إفريقيا والدول العربية لتنويع الصادرات خارج المحروقات وبلوغ 25 مليار دولار، وستكون الصناعة الغذائية من أهم الشعب التي سيتم تصديرها إلى جانب الموارد الطاقوية ومختلف الصناعات الميكانيكية والتحويلية.
وأكد الخبير، أن المشروع ثمرة عمل رئيس الجمهورية، خصوصا في قمة السبعة الكبار التي التأمت في إيطاليا، وكان حضور الجزائر مميزا، كما يدخل التعاون في إطار «خطة ماتي» لتنمية إفريقيا التي سيتم الاستثمار فيها بما يفوق 6 ملايير دولار في دول إفريقيا، فالجزائر تعتبر ركيزة أساسية لخطة ماتي في إفريقيا، وإيطاليا تعول على الشريك الجزائري لدخول إفريقيا، كونها تتوفر على مناطق حرة، اللوجيستيك، النقل وبيئة اقتصادية ومناخ أعمال يتيح للشركات الإيطالية الاستثمار في الجزائر، على غرار صناعة السيارات، الصناعة التحويلية، الفلاحة أو الخدمات.
وأفاد المحلل الاقتصادي، أن التعاون الثنائي المشترك بين البلدين يسمح بالوصول إلى السيادة الاقتصادية والأمن الغذائي، وهذا من خلال تكوين نسيج من الشركات الناشئة والمصغرة ناشطة في مجال الزراعات الاستراتيجية والصحراوية للرقي بالاقتصاد الوطني إلى مصاف الاقتصاديات المتطورة في العالم.
وأضاف سليماني قائلا: «إلى جانب الاتفاقيات المبرمة في هذا المجال، يجب تكثيف الجهود لترقية الزراعات الاستراتيجية بالمناطق الصحراوية لضمان الأمن الغذائي». وأكد أن تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي مسؤولية الجميع، وهذا من خلال الاستغلال الأمثل للقدرات لإنتاجية، خاصة الأراضي الخصبة، في رفع المردودية.
الماكنة الإيطالية، التكنولوجيا والمؤسسات الناشئة، ستكون – يضيف سليماني – بموافقة الشركات الجزائرية، شراكة مربحة تحت قاعدة رابح-رابح، والبراغماتية والمصالح المشتركة.. هذا ما تريده الجزائر.. الثنائيات الاقتصادية الرابحة، ونرى اليوم النموذج الإيطالي وقبله القطري في أدرار، يمثلان نماذج رائدة، وهذه هي المشاريع التي تريدها الجزائر، بالإضافة إلى مشاريع أخرى مع الشركاء الصينيين والأتراك.
وعليه، يقول سليماني، المشاريع ستحرك العجلة الاقتصادية، وتوفر مناصب الشغل، كما أنها تساهم في خلق نسيج اقتصادي، خاصة في مجال النقل، اللوجيستيك والصناعات التحويلية والمناولاتية والشركات الناشئة والمصغرة، وبالتالي تحقيق دورة اقتصادية متكاملة تنتج عن هذه الشراكات الحقيقية بين وزارة الفلاحة والمتعامل الإيطالي.