من هذا المنبر، تهانيّ للكاتبة إنعام بيوض ولـ “هوارية” على هذا التتويج. وهنيئا للقارئ خاصة، بهذا الحدث الذي منحته الجائزة منذ دوراتها الأولى للكِتاب، حيث أعادت بعث قائمة من الأعمال الروائية الجزائرية، لم يكن كل القراء على دراية بها، وأثارت فضول القراءة والبحث عنها مع ما يشهده مجال النشر من ضيق في فضاءات الإعلام رغم رحابتها وتنوعها، والتي يطفو على سطحها الغثّ وتحكمها أهواء لا تنصف الأعمال الجادة غالبا.
بقلم مديرة منشورات ميم آسيا على موسى
تعيدنا الجوائز الأدبية كل مرة إلى جدل كبير، وهذا الجدل الذي تثيره في حد ذاته يصنع الحركية التي يحتاجها المشهد الأدبي الراكد غالبا والذي لا تحركه إلا المناسبات.
من الصحي أن تتحرك الكتب، بل من الضرورة أن تعود الحياة إلى الكتب التي أرهقتها رفوف المخازن أو تجاهل النقد لها؛ لذلك فنحن بحاجة إلى أي شيء يسهم في شد انتباه القارئ؛ لأننا – في الأخير – ونحن نكتب وننشر، نوجه النص إلى المتلقي، وهو وحده الفيصل الذي يحكم على جودة أو رداءة ما نفعل.
جميعنا يعلم أن المقروئية تخوض أهم وآخر حروبها في الوقت الراهن، وأن الكتاب الأدبي تتقلص مساحات تواجده، خاصة هنا في الجزائر، إذ خارج “السيلا”، تقريبا، لا حدث يذكر رغم الجهود الفردية المبذولة.
كرّست “ميم” وتكرس منذ بداياتها، جهودا وصبرا لتقديم نصوص جيدة، وقد وُفّقت إلى حدّ ما في دخول قوائم جوائز عربية ومحلية العديد من المرات.. هذه مسؤولية تضع الدار في تحدّ دائم، لتقديم الأفضل للمكتبة، وإن كانت الجائزة تكريما للنص قبل الكاتب وقبل دار النشر؛ لهذا تحرص ميم على النّص بعيدا عن أي اعتبارات أخرى.
أملنا أن تتنوع المسابقات الأدبية وتتنوع روافدها ويتنوع رعاتها، لتشمل أجناسا أدبية أخرى غير الرواية، ولتكثر التقاليد الأدبية التي تُنعش الحياة الثقافية مجددا خاصة لتعطي دفعا للكتاب وللكتابة.
في الأخير، فإن تتويج “هوارية”، هو تتويج للسرد الروائي المتقن واللغة السلسة والبناء المحكم، عمل وجهد تُشكر الكاتبة إنعام بيوض عليه، هذا لا ينقص من قيمة الأعمال الروائية التي وصلت القائمة القصيرة ولا بقية الأعمال المشاركة، لأن هناك جانب ما دوما نغفل عنه وننتظر من القارئ أن يضيئه حين تثير مثل هذه المسابقات تفاعله وتوقظ ملكة النقد فيه.
أشير هنا إلى النقلة النوعية التي يشهدها الحقل الأدبي عندنا، خاصة أننا ورغم غزو الآلة، مازلنا نكتشف كل سنة وكل حدث ثقافي، نصوصا وكتابةً وأسماء من جيل الشباب، تُبهج القلبَ وتمنح المعنى والعزاء وتجعلنا نثق أن الجمال لا يذبل مادام هناك من يحرص على إتقان ما يعمل.