يرى خبراء ومختصون أن ترشّح رئيس الجمهورية لولاية رئاسية ثانية، جاء استكمالا لمسيرة الإنجازات المحققّة في شتى الميادين الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والدبلوماسية.
أكد متحدّثون لـ”الشعب” أن الإصلاحات الكبيرة التي عرفتها البلاد في السنوات الأخيرة جعلتها تصنّف من أهم الاقتصادات الناشئة في العالم بشهادة هيئات دولية مختصة وعلى رأسها البنك الدولي في تقاريره الأخيرة وبحسب تصريحات لمسؤوليه الساميين.
ترشّح الرئيس تبون لعهدة ثانية، جاء بعد الزيارة التاريخية التي قام بها إلى ولاية تيزي وزو التي تعتبر إيفاء بالوعد وحظي خلالها بإقبال وتجاوب شعبي كبير، ليعلن بعدها نيته في الترشّح نزولا عند رغبة الطبقة السياسية والأحزاب الجزائرية التي تمتلك الأغلبية في البرلمان.
أوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر 3 رابح لعروسي، في تصريح لـ«الشعب”، أنه يحق لرئيس الجمهورية الترشّح لعهدة رئاسية ثانية في الانتخابات المبكرة، المقررة إجراؤها في السابع من سبتمبر القادم، وهذا بموجب الدستور 20-20 وفي إطار المواد التي تضمنها هذا الحق، خاصة وأن الدستور ينص أنه يحق لرئيس الجمهورية الترشح لعهدتين رئاسيتين.
وأضاف المتحدّث، رئيس الجمهورية أعلن بشكل يقين استعداده لمواصلة مسار الانجازات الذي شرع فيه منذ سنة 2019 بداية عهدته الأولى بقوله “الانتصارات المحققة كلها هي انتصارات الشعب الجزائري وليست انتصاراتي الخاص والعام يشهد بأن مداخيل الدولة تقوّت، وبأن النزيف الذي عرفته الخزينة العمومية انتهى، والجزائر استرجعت ما كان ممكن استرجاعه من الأموال المنهوبة المقدرة بمليارات الدولارات”، ليبين أيضا رغبته في استكمال البرامج والمشاريع التي تحتاج إلى الاستمرارية في العمل.
ترشّح الرئيس لولاية ثانية دليل آخر -يضيف الأستاذ- على النية الصريحة في الدفع القوّي للبرامج لقطف ثمار تلك المشاريع التي تداول على دراستها مسؤولون على مدار سنوات واجهوا خلالها صعوبات كثيرة، إلا أن حرص المسؤول الأوّل على البلاد دفع وتيرة إنجازها جعل الكثير منها تعرف تقدّما في الإنجاز فمنها من سلمت ومنها ما ينتظر تسليمها لاحقا.
أفاد المحلّل السياسي، كل المؤشرات كانت تؤكد بترشح رئيس الجمهورية الى عهدة ثانيةـ خاصة وانه في كل مرّة كان يتحدث عن مشاريع تنموية تحتاج إلى الاستمرارية وتحتاج المحافظة على بعض المكاسب، وبالتالي التصريح بدخوله غمار السباق الانتخابي القادم، يعكس أن رئيس الجمهورية في إطار التزاماته الـ 54 يرغب في تعزيز هذه المكاسب التي نقلت الجزائر من وضع إلى وضع آخر.
أشار أستاذ العلوم السياسية، إلى أن رئيس الجمهورية في لقاءاته الدورية كان يستعرض أهم الإنجازات المحققة منذ توليه سدّة الحكم والتي قال إنها “تبعث على كثير من الارتياح”، ولكنها تحتاج في المقابل إلى الاستمرارية ومتابعته الشخصية من أجل قذف ثمارها وتحقيق الأهداف التي يطمح إليها الشعب الجزائري، والإعلان عن الترشّح هو تأكيد عن الرغبة في استكمال مسار الانتصارات.
وأوضح لعروسي، تصريح رئيس الجمهورية هو بمثابة رسم خط البحث عن الاستمرارية، والامر يتعلق بتقدمه إلى الشعب من أجل نيل ثقته والظفر بعهدة ثانية وهذا بقوله: “إذا قرّر الشعب التزكية أهلا وسهلا.. وإذا رفض الشعب فهو حرّ والذي يأتي بعدي يكمل المشوار”، موضحا في سياق آخر، أن الانتخابات القادمة تأتي في ظل تحدّيات جيوسياسية، إقليمية رهانات سياسية اقتصادية واجتماعية، كل هذا يتطلب المحافظة على المكاسب خاصّة ما تعلق بضمان الاستقرار السياسي “.
وقال الأستاذ ختاما، الجزائر تعيش استقرارا سياسيا، أدّى إلى الإقلاع الاقتصادي بالابتعاد عن التسيير الإداري والاعتماد على التسيير الاقتصادي، بالإضافة إلى راحة اجتماعية ومالية، وبالتالي من حق رئيس الجمهورية ان يستعرض حصيلة إنجازاته على الشعب الجزائري أمام الرأي العام الوطني وحتى الدولي.
مؤشّرات ايجابية
أكد الخبير الاقتصادي بوشيخي بوحوص، أن التصريحات التي جاء بها رئيس الجمهورية في لقائه الدوري مع وسائل الإعلام جدّ ايجابية تعكس النجاحات الاقتصادية التي حققتها الجزائر ولا يمكن لأحد أن يطال عليها.
أوضح الخبير في تصريح لـ “الشعب”، أن الجزائر بفضل الإصلاحات التي شهدتها عديد القطاعات حققّت الكثير من المنجزات الاقتصادية الهامة، والتي جعلت تقرير الافاق الاقتصادية العالمية الذي يصدره البنك الدولي نهاية جوان من كل سنة، يقرّ بأرقام مهمة لصالح مناخ الأعمال في الجزائر، حيث أشاد بالتطوّر الملحوظ في دخل الفرد الذي ارتفع من 3900دولار سنة 2022 لكل فرد الى 4890دولار سنة 2023.
كما جاء في ذات التقرير -يضيف الأستاذ الارتفاع الواضح في القيمة المطلقة للإنتاج المحلي الإجمالي الذي سجل 220مليار دولار سنة 2022 الى 270 مليار دولار سنة 2023، وكذا التحكم في معدل التضخم حيث انخفض من 8.7 بالمائة الى 4.9 بالمائة، ويمكن إن ينخفض أكثر في ظل الصمود والتعافي الاقتصادي.
وسمحت المجهودات التي بذلتها الجزائر بتنويع اقتصادها وانطلاق الأعمال وزيادة الإنتاج، خاصة في القطاع الفلاحي الذي تعوّل عليه الحكومة لإجراء تحولا وتنوّع لاقتصادها، سيما أمام الإستراتيجية التي وضعها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون والتي تهدف إلى تحويل الاقتصاد الجزائري بالاعتماد بشكل أساسي ورئيسي على قطاع الفلاحة.
وأشار في ذات السياق، إلى وضع قانون الاستثمار 2022 حيز التطبيق وتسهيل الحصول على العقار الصناعي، مما أدى إلى انسياب ودخول الاستثمار الأجنبي من خلال استثمارات قطرية، تركية وصينية حققت قفزة نوعية، بالإضافة إلى قطاع الطاقة حيث أصبحت الجزائر المموّن الرابع لأوروبا في الغاز الطبيعي المنقول عبر أنابيب إيطاليا وإسبانيا حيث بلغ 52مليار متر مكعب سنويا وكذلك 10مليون طن غاز مسال، وهكذا بترول الصحراء ذو الجودة العالية الخام يباع عبر أصقاع العالم.
أضاف أيضا “الجزائر دولة غنية بامتياز وتملك أكبر مساحة في إفريقيا حوالي 238 مليون هكتار وعدد سكانها لا يتجاوز 44 مليون نسمة، وتوزيع على موارد طبيعية ضخمة، وهذه الشهادة من البنك الدولي، تعكس الصورة الحقيقية عن قوة الاقتصاد الجزائري”، هذا إلى جانب كونها ماضية في نهاية 2025 الى تحقيق انتاج محلي اجمالي يتجاوز 400مليار دولار، شريطة بعث نظام الشركات الوطنية والمزارع النموذجية، وتأهيل القطاع الخاص واستيعاب خريجي الجامعات والمعاهد.
بخصوص التصدير خارج المحروقات، قال الخبير الاقتصادي أن رئيس الجمهورية من بين أحد أبرز تعهداته الانتخابية التي التزم بها أمام الشعب الجزائري، هي العمل على تنويع الصادرات، وهذا الأمر تحقق في بلادنا من خلال بلوغ 8 مليار دولار خارج المحروقات، تقديرات ستة أشهر الأولى من سنة 2024 ويمكن جدا أن تصل إلى الرقم المعلن عنه حوالي 13.5 مليار دولار نهاية 2024.
ومن بين الشعب التي عرفت ارتفاع في حجم الصادرات الحديد، والاسمنت، والمنتجات الكهرومنزلية والمواد الغذائية، البلاستيك والمطاط والزجاج، الورق، الأدوية، النسيج، والأجهزة الكهربائية، بالإضافة إلى سياسة الدولة القائمة على تشجيع وترقية الصادرات وإقامة معارض دائمة وأيضا وصول المنتجات الفلاحية إلى أوروبا فرنسا، اسبانيا وايطاليا.
وأكد المتحدث إمكانية الوصول إلى 30مليار دولار خارج المحروقات آفاق سنة 2029 و إطلاق مشاريع هامة في مجال الطاقة والبترول، المعادن والأتربة النادرة، مما يخلق المناخ الملائم لتوفير منصب شغل مباشرة وغير مباشرة لعشرات الآلاف من خريجي الجامعات والمعاهد.
وعليه، فإن ما استعرضه رئيس الجمهورية حول المنجزات النوعية التي حققتها الجزائر، يعكس التحوّل الكبير الذي شهدته بلادنا في عديد القطاعات الاقتصادية، والتي جعلت اقتصادنا يخطو خطوات هامة نحو الصعود.