ترك رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، خلال فترة توليه سدة الحكم من 2019 إلى 2024، بصماته الخالدة الفريدة والمتميزة، على المشهد الاقتصادي والاجتماعي في الجزائر، من خلال إصلاحات جريئة وشاملة، حرص على تنفيذها من أجل تحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة وتحسين حياة الجزائريين.
تحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي لضمان سيادة وكرامة البلاد والعباد رد اعتبار المنتوج الوطني ومراجعة المنظومة القانونية للاستثمار
إرساء ثقافة المقاولاتية والابتكار وفسح المجال للمؤسسات الشبابية إدماج نصف مليون شاب في مناصب قارة واستحداث منحة البطالة
السكن و”عدل-3″.. عهد تجسد والرئيس وعد فأوفى
واجه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، في مسار بناء الجزائر الجديدة، رهانات وتحديات متعددة صعبة ومعقدة، خاضها بإرادة قوية رفقة من أسماهم مرارا وتكرارا بالوطنيين المخلصين، لاستدراك تراكمات الأوضاع الصعبة وموروث العهد البائد، وبناء اقتصاد ناجح وتنافسي للارتقاء بالحياة الاجتماعية استجابة لتطلعات الجزائريين وأحلامهم في بناء دولة قوية وعادلة ومسموعة بالخارج.
وبناءً على ذلك، أطلق الرئيس تبون ورشات كبرى للإصلاحات الاقتصادية، من أجل تنويع الاقتصاد الوطني وتحرير روح المبادرات وتحسين مناخ الأعمال والاستثمار. وقد توجت تلك الإصلاحات بالمراجعة الشاملة للمنظومة القانونية للاستثمار ضمن مقاربة ركيزتها الشفافية ومحاربة البيروقراطية والمساواة بين المتعاملين الاقتصاديين، ورد اعتبار المنتوج الوطني، تحقيقا للأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي، لضمان سيادة وكرامة البلاد والعباد، مثلما قال، فضلا عن اعتماد نمط جديد في منح وتسيير العقار الاقتصادي الموجه للاستثمار.
شفافية.. نجاعة و”زلزال” في الذهنيات
وقد كللت جهود السيد الرئيس بتكريس إصلاح المنظومة النقدية والمصرفية والشمول المالي، من خلال إصدار القانون النقدي والمصرفي الجديد وتكريس الشفافية في الولوج إلى الطلب العمومي والنجاعة في إنجاز الصفقات العمومية، وكذا الفاعلية في تسيير المالية العمومية، وذلك ضمن خطة شاملة لإصلاح القطاع المالي والبنكي، خاصة عبر تنويع مصادر التمويل، وتكثيف الشبكة المصرفية وتحسين الشمول المالي، وترقية حوكمة المؤسسات المالية في الخارج وتحديدا في السوق الإفريقية، بهدف مرافقة الحركية التي تشهدها المبادلات التجارية على الصعيد القاري.
كما حرص رئيس الجمهورية على إرساء ثقافة المقاولاتية والابتكار، عن طريق استحداث عدد من الآليات المؤسساتية بهدف السماح لحاملي المشاريع بإنشاء مؤسسات منتجة، خاصة في مجال المؤسسات الناشئة، ناهيك عن دعم المؤسسات المصغرة، وقد تم تسجيل أكثر من 414 ألف مشروع مؤسسة مصغرة، وهذا ما سمح بتوفير عشرات آلاف مناصب الشغل، بعد دخول المشاريع الاستثمارية العالقة حيز الخدمة، فضلا عن استحداث منحة للوافدين الجدد على سوق العمل من أجل ضمان مرافقتهم خلال البحث عن منصب شغل، في ظروف تحفظ كرامتهم وذلك بالموازاة مع رفع وتيرة إدماج المستفيدين من جهاز المساعدة على الإدماج المهني للشباب.
الاقتصاد الجديد ينتصر بشهادة «الأفامي» والبنك الدولي
وسمحت كل هذه الإجراءات والقرارات بتحسين أداء المؤشرات الرئيسية للاقتصاد الوطني، ونقلها من الخانة الحمراء إلى الخانة الخضراء بشهادة هيئات دولية ومنظمات أممية، أهمها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وتقليص بذلك التبعية للمحروقات، بفتح فرص كبيرة أمام المتعاملين الاقتصاديين وحاملي المشاريع لتطوير أنشطتهم والمساهمة في خلق الثروة وتعزيز معدلات التنمية.
«ثورة» في الأجور لتحسين القدرة الشرائية للمواطنين
في ظل هذه الرهانات الاقتصادية، لم تكن هذه السياسة الطموحة بمعزل عن جهود كبيرة وفورية ومتتالية لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، لترسيخ الطابع الاجتماعي للدولة الجزائرية، والذي يعتبر مبدأ ثابتا خلده بيان أول نوفمبر الذي أرسى أسس سياسة الحماية الاجتماعية المبنية على مبدإ العدالة وتكافؤ الفرص.
ومن أجل ترسيخ هذا الدور الحيوي للدولة، أطلق رئيس الجمهورية برنامجا طموحا لتعزيزِ المكتسبات الاجتماعية وخاصة فيما يتعلق بتلبية الحاجيات والخدمات الأساسية للمواطنين، مع تبني مقاربة ترتكز على تحسين نوعية هذه الخدمات وجودتها وضمان المساواة في الوصول إليها.
وعكف رئيس الجمهورية، منذ انتخابه على وضع التدابير اللازمة لتجسيد هذا البعد ولاسيما ما تعلق بالرفع من حجم التحويلات الاجتماعية ومجابهة الآثار السلبية الناجمة عن الأزمة الصحية المترتبة عن جائحة كورونا. فعلى سبيل الذكر لا الحصر، خصص أزيد من 27% من ميزانية الدولة لسنة 2024 للتحويلات الاجتماعية من أجل تحسين المستوى المعيشي للمواطنين، كما تم تثمين الأجر الوطني الأدنى المضمون بنسبة 11% ورفع الأجور ومعاشات ومنح التقاعد بنسبة 47% خلال الخمس سنوات الأخيرة، وإدماج أكثر من نصف مليون شاب في مناصب عمل قارة، كما تم استحداث منحة للبطالة، حيث يتم تكوين المستفيدين منها في تخصصات تستجيب لمتطلبات سوق الشغل بتخصيص سنويا غلاف مالي قدره 3.44 مليار دولار لمرافقة طالبي العمل للولوج إلى عالم الشغل.
الدولة الاجتماعية.. مبدأ نوفمبري لا تراجع عنه
على صعيد الحماية الاجتماعية، تم وضع سياسات متماسكة قائمة على المنظومة الوطنية للضمان الاجتماعي، ترتكز على مبادئ التضامن بين الأجيال والفئات المجتمعية والتوزيع وتوحيد الأنظمة والقواعد المتعلقة بتقدير الحقوق والامتيازات، من أجل الحفاظ عليه وضمان ديمومته للأجيال الحالية والقادمة، كما تشمل التأمين عن المخاطر التسعة المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية ذات الشأن.
توسيع التغطية الاجتماعية لتشمل أكبر عدد من المواطنين، سمحت بتكريس قيم ومبادئ العدالة الاجتماعية التي بنيت عليها أركان الدولة الجزائرية. أما تثمين الأجور ومعاشات المتقاعدين فقد سمح بدعم القدرة الشرائية للمواطنين، حيث استفاد من أربع زيادات متتالية للأجور خلال الفترة الممتدة من 2020- 2024، أكثر من 2.8 مليون موظف ومتعاقد في الوظيف العمومي، كما تم إعفاء الأجور التي لا تتجاوز 30.000 دج من الضريبة على الدخل الإجمال، في حين رصد لتثمين معاشات ومنح التقاعد خلال السنوات الماضية 2020 – 2024، غلاف مالي مقدر بحوالي 1.100 مليار د.ج، من بينه مبلغ 172 مليار دج لتثمين منح ومعاشات التقاعد لشهر ماي 2024، وتم كذلك إعادة تثمين منحة البطالة، من 13.000 دج إلى 15.000 دج، ابتداء من شهر جانفي 2023، وإطلاق برنامج يتضمن منح 60 ألف إعانة بعنوان سنة 2024 لبناء السكن الريفي لفائدة العمال الأجراء والمتقاعدين، بغلاف مالي قدره 30 مليار دج.
إضافة إلى ما سبق، فقد تم إِعطاء أَولوِية وأهمية خاصة لقطاع السكن، حيث تم تسطير العديد من البرامج السكنية بمختلف الصيغ، وخاصة السكنات الاجتماعية لفائدة الأسر ذات الدخل الضعيف، مع مواصلة دعم السكن الريفي، وتطوير الصندوق الوطني للسكن ليتحول إلى البنك الوطني للإسكان، وذلك من أجل ضمان سياسة مستدامة في هذا القطاع الهام، وإيلاء المواطن كل العناية من خلال توفير السكن اللائق والميسور بالتكلفة المتاحة. وأظهرت إحصائيات قطاع السكن توزيع 1.5 مليون وحدة سكنية ما بين 2020-2024، وقد حققت الجزائر بذلك عتبة لم يسبق لها مثيل منذ استقلالها، علاوة على فتح الاكتتاب في برنامج «عدل-3»، في ذكرى عيد الشباب والاستقلال، وهو العهد الذي تجسد بعدما وعد الرئيس به وأوفى.
وكان رئيس الجمهورية قد أكد أن هذه البرامج وضعت تحسين ظروف معيشة المواطن وتعزيز مكانته محورا أساسيا للسياسات التنموية ضمن مقاربة قوامها الاستدامة والعدالة في إعادة توزيع الثروة في سياق ديناميكية شاملة للتغيير والإصلاح.