تطرق أكاديميون، وسفراء دول افريقية الى جهود الجزائر في دعم الحركات التحررية، في كل الميادين، والذي لم ينقطع يوما، واكدوا ان الثورة الجزائرية كانت تحمل قيما رأى فيها الافارقة السبيل للخلاص من للاستعمار .
استعرض الدكتور عابد سفيان الاكاديمي المتخصص في الدراسات الإفريقية، ورئيس تحرير مجلة الدراسات الإفريقية الصادرة عن جامعة الجزائر 02، في مداخلة “جهود الجزائر وخركات التحرر الافريقية، الامداد المتواصل والإسناد الكامل”، جهود بلادنا في دعم حركات التحرر، وقدم أسماء شخصيات ثورية جزائرية تعتبر النواة الأولى في التأسيس للدبلوماسية الجزائرية مثل شوقي مصطفاي، جلول ملايكة، أحمد بومنجل.
وأبرز رئيس تحرير المجلة الإفريقية، ان الجزائر في سياستها الأفريقية تميزت بالأسلوب المباشر والهجومي، وفتحت أبوابها لرواد الحركات التحررية في القارة الإفريقية من خلال الدعم العسكري، في فيلا بومعراف بالعاصمة باشراف جلول ملايكية، حيث كانت تقام مؤتمرات افريقية وتصريحات لزعماء القارة الأفريقية في تلك الفيلا.
وذكر المحاضر، دور الجزائر في مساعدة اصدقاء نيلسون مانديلا، في الحصول على جواز سفر لتسهيل تنقلاتهم، ونصيحة شوقي مصطفاي، لمانديلا، بعدم الاغفال عن الجانب السياسي للحزب، وقوله “ان قيمة الرأي العام العالمي تعادل أحيانا قيمة اسطول كامل من الطائرات المقاتلة”.
بيان أول نوفمبر كتب بنظرة استشرافية
وأوضح مدير المتحف الوطني للمجاهد، البروفيسور إلياس نايت قاسي، ان الحركة التحررية في افريقيا لم تكن حركة عسكرية فقط، بل أيضا كانت حركة تحرير مفاهمية ولاعادة الروح لهذا الإنسان الإفريقي واعطائه كل القوة والمؤهل والكفاءة من أجل أن يثبت جدارته وحضوره في إفريقيا وفي العالم.
وقال ان الهدف من هذا الملتقى الدولي حول الثورة الجزائرية في بعدها الإفريقي هو محاولة لاعادة قراءة هذه الفلسفة والمرجعيات والقيم الافريقية الولادة، في محاولة لإسقاطها على واقعنا وما يفرضه علينا اليوم من تحديات ورهانات كبيرة جدا.
وأشار مدير المتحف الوطني للمجاهد، الى ان بيان اول نوفمبر كتب بنظرة استشرافية مستقبلية، كلما اعادنا قراءته وجدناه قاعدة فكرية حقيقية لعملنا الإفريقي والدولي المشترك.
وتطرق البروفيسور محمد خوجة، الى أفكار فرانس فانون، واهتمامه بالاثار الموجودة على الهويات الثقافية بالدول الأفريقية.
وتطرقت البروفيسور فضيلة علاوي، من جامعة الجزائر 02، الى الأبعاد الحضارية للروابط الدينية للعلاقات الجزائرية الإفريقية، واكدت على التأثير العميق للثورة الجزائرية في وجدان إفريقيا، والذي دفعها موروثها الديني الى القيام بثورة تحريرية ما تزال تعد الأكبر في التاريخ الحديث والمعاصر، وفي هذا الصدد، ابرزت البروفيسور علاوي، الأبعاد الحضارية للجزائر في افريقيا والتي نتجت من روابط دينية عميقة في العلاقات الجزائرية مع شعوب ودول افريقية.
واشارت الأكاديمية، الى مجموعة من الأبعاد تتمثل في البعد التحرري، الذي كانت الجزائر وافريقيا فيه على خط واحد سواء بالنسبة للثورات او بالنسبة لإرادة التحرر المستمر.
وقالت: لعل الحرية المقدس البشري الكبير، الذي يبقى مدارا اساسيا للديمقراطية والتنمية والتواصل والحضور الإنساني” .
والبعد الثاني، الذي تطرقت له الباحثة، هو بعد التعاون والتكامل الذي يدفع إليه الدين المنادي بالأخوة والانسانية، والأرض والجغرافيا، والبعد الثالث هو الإستقلال والتمييز والإعتزاز بالإنتماء لهذه القارة، اعتزازا له مدلوله في تأثير هذه القارة في الحضارة الانسانية، اضافت.
في حين يتمثل البعد الرابع في بعد الأصالة والتمسك بالحقوق ورفض الوصايات، “التي بقيت تجالياتها الى يومنا هذا في الإنعتاق لدول الجوار من هيمنة الإرث الإستعماري”، والبعد الخامس هو المقاومة الحضارية لمحاولات التشويه والإستسلام والتي كان عنوانها إفريقيا للأفارقة، والبعد السادس هو حقوق الإنسان، وفي مقدمتها حقوق المرأة الأفريقية المهضومة في حقب كثيرة من التاريخ.
المغيلي كان له تأثير في القارة الإفريقية
واوضحت البروفيسور علاوي، ان هذه الأبعاد الحضارية تجلت من خلال الروابط الدينية، وان جذورها التاريخية تميزت بثلاث حالات على اختلاف الازمنة الأولى وبين المراكز الحضارية للقارة الإفريقية، مع مراعاة الجغرافيا والتاريخ، وأعطت مثالا بحركة الإمام عبد الكريم المغيلي، التي كانت في القرن الثامنة هجري وهي الحركة التي انطلقت من ادرار باتجاه افريقيا، ومثلت جدارا تأسيسا حقيقيا لقضيتين جوهرتين الأولى وهي منع الهيمنة اليهودية على الإقتصاد الإفريقي وطرق التجارة، والتي أدى فيها فهم التجديد لموضوع أهل الذمة.
بالنسبة للإمام المغيلي، تقول المحاضرة، هي نقطة ارتكاز جعلته يرفض ان يكون لأهل الذمة الهيمنة الإقتصادية، وبالتالي يكون لهم سيطرة وتحكم في شؤون الدولة والمنطقة والعلاقات التجارية اتجاه القارة الإفريقية.
ولذلك أحدث ثورة فقهية، ترفض ان يكون لأهل الذمة هيمنة على السلطة.
وابرزت ابنة الرئيس السابق لمدغشقر، راتستيراكا أنيك زواري، عمق العلاقات التاريخية بين الجزائر ومدغشقر، والتي تمتد الى زمن مكافحة الجزائر الإستعمار الفرنسي الى غاية نيلها استقلالها في 1962، بعد ثورة كبيرة التي تستلهم منها الدول الأفريقية، وخاصة مدغشقر.
وقالت راتسيركا: ” نشترك في تاريخ ثري من التضامن والتعاون طبعته لحظات حاسمة في العلاقات الدبلوماسية الصالة المتميزة بالدعم المتبادل في الملتقيات الدولية وتعاون في المسائل ذات المصالح المشتركة”.
وأشارت الى ان والدها كان يخبرها بأن استقلالهم ناقص مادامت هناك دول وشعوب ما تزال تقبع تحت نير الإستعمار.