ألقى رئيس الجمهورية، عبد المجيد، تبون، اليوم الخميس، رئيس الجمهوريّـة، كلمة بمناسبة احتفالية “جائزة أفضل مُصدّر لسنة 2023”.
النص الكامل
بسم الله الرحمن الرحيم والصّلاةُ والسّلامُ على أَشرفِ الـمرسَلينَ وعلى آله وصحبه أجمعين
السيّد رئيس مجلس الأمّة،
السيّد رئيس الـمجلس الشّعبي الوطنيّ،
السّيّد الفريق أول، رئيس أركان الجيش الوطنيّ الشّعبيّ،
السّيّد الوزير الأوّل،
السّيّد رئيس الـمحكمة الدّستوريّة،
السّيّدات والسّــادة أعضاء الحكومة،
السّيّدات والسّادة أعضاء السّلك الدّبلوماسيّ الـمعتمد بالجزائر،
السّيّدات والســّادة إطـــارات الأمـّة،
السّيّدات والسّادة رؤساء الجمعيّات الـمهنيّة،
السّيّدات والسّادة رؤساء الـمؤسّسات والشّركات الاقتصاديّة،
الحضور الكريم،
السّلامُ عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،
يُسْعِدُني أنْ أكُونَ مَعَكُم لِحُضُور مَرَاسِمَ الطَّبْعَة الثّانِيَة لِجَائِزَةِ أفْضلِ مُصَدِّر، الّتي تَأتِي هَذِهِ السَّنَة في أجْوَاءِ احْتِفَالاتِنَا الـمُخَلِّدَة لِذِكْرَى عيدِ الاسْتِقلَال، وَهي سَانِحَة لاسْتِذْكَار التَّضحِيَات الجِسَام، والسيّر على نهجِ الوفاءِ للشُّهداء بتَعْزِيز مَكَاسِب الجَزائر في مُختلف المجالاتِ، وفي هذا اللقاء الـمُرتبط بالنشاط الاقتصاديّ في البلاد يجدُرُ التّأكيدُ على أنّ رهان التَخَلُّصِ التَّدْرِيجيّ مِنْ أشْكَالِ التَّبَعِيَةِ الاقتصاديّةِ لا سِيَما مَا تَعَلَّقَ مِنْهَا بِأمْنِنَا الغِذَائيّ، يبقى من أولى الأولَويّات.
ضِمْنَ هَذَا الـمَنْظُورِ، شَرَعْنَا في إصْلَاحَاتٍ عَمِيقَةٍ وَهَيْكَلِيَّةٍ لِتَصْحِيحِ الاخْتِلالات في المجالِ الاقتصاديّ، مِنْ خِلالِ تَحْسِينِ بِيئَة الاسْتِثْمَار، وَتَرْقِيَة التِّجَارَة الخَارجيّة، وَتَشْجِيع المبادراتِ، وَاعْتِمَاد الرَّقْمَنَة وَإصْلاح السِّيَاسَة النَّقْدِيَة، بِمَا يَسْتَجِيبُ لـِمُقْتَضَيَاتِ التَّحَوُّلات الاقتصاديّة في العَالَـمِ، وَبِالرَّغْمِ مِنْ الإكراهاتِ الّتي وَاجَهَتْهَا بلادنا على غرار ِ بلدانِ العالـمِ إثر جائحةِ كورونا، فقد تَمكّنّا من تجاوُزِ الصّعوباتِ ووصلنَا بفضل الإصرارِ على تعبئة إمكانيّاتِ البلادِ، وتسخير الجهودِ لإنعاش الاقتصادِ الوطنيّ إلى تَحقيقِ معدّلِ نُمُوّ مُتقدّمٍ ، قُدّر بـ 4.2 % بالـمئة، وبُلوغ ناتجٍ محلّيٍّ قَدرُهُ 260 مليار دولار، مع ارتفاع احتياطيّ الصّرفِ إلى 70 مليار دولار، بالإضافةِ إلى تسجيلِ أرقامٍ غيرِ مسبوقةٍ في مجالِ الصّادراتِ خارجَ الـمحروقاتِ والتي قارَبَت عَتبَةَ سَبعة (7) مليار دولار.
إنّ هذهِ النّتائجَ الإيجابيّةَ تُتَرجِمُ وَاقِعِيًّا وفي الـميدانِ الإرادةَ القوّيةَ لكسبِ رهانِ الخيارات الاستراتيجيّة الّتي اعتمَدناها تجسيدًا للالتزاماتٍ الّتي تَعهَّدنا بها.
فالـمؤشّراتُ الإيجابيّةُ الـمسجّلةُ في العديدِ من القطاعاتِ تسمحُ لنا اليومَ بأن نقولَ وبكلِّ ثقةٍ بأنَّ قطارَ الإصلاحاتِ يسيرُ إلى الوجهةِ الصّحيحةِ نحوَ تطوير الاقتصادِ الوَطنيِّ وَتنويعِ مصادِرهِ، وَالتقدُّمِ على مسارِ الانخراطِ في سلاسِلِ القِيَمِ العالـميَّةِ، وَبُلوغ أزيَدَ من 400 مليار دولار كناتجٍ محلّيٍّ نهاية سَنة 2027.
أيّتها السّيّدات .. أيّها السّادة،
إنّ رؤيتنا للإنعاشِ الاقتصاديِّ ارتكزت على ضرورةِ تسخيرِ كلِّ طاقاتِ الأمّةِ ومنها أنتُم الـمتعامِلونَ الاقتصاديّونَ، مُنتِجونَ ومُصَدّرونَ، باعتباركُم خلّاقيَن للثّروةِ وسفراءَ الـمَنتوجِ الجَزائريِّ في الأسواقِ العالـميّةِ، لإنجاحِ رؤية 2020 – 2030 لسياسةِ التّجارةِ الخارجيّةِ، الّتي استهدفنا من خِلالها الوُصولَ إلى رقم 29 مليار دولار سنةَ 2030، كصادراتٍ خارجَ الـمحروقاتِ، وذلكَ من خلالِ التّركيزِ على الاستثمارِ في القطاعاتِ الاقتصاديّةِ الواعدةِ لا سِيما، الفلاحة الصّناعات الثّقيلة، الصّناعات التّحويليّة، الصّناعة الصّيدلانيّة، الـمَناجم، وَقطاع السّياحة وَالخَدمات.
ولتجسِيدِ هذهِ الأهدافِ، سنستندُ على بُنيةٍ تحتيّةٍ قويّةٍ، وتَشهَدُ الجزائرُ بدايات استغلالها تزامُنًا مع تنفيذِ هذهِ الرّؤيةِ، على غِرارِ مشروعِ منجمِ “غار جبيلات” الّذي سيُصَنِّفُ الجزائرَ في مصفِّ أكبر الدّول الـمالِكة لاحتياطات الحديدِ في العالـم، بالإضافةِ إلى مشروعي الفوسفات والزّنك، اللّذينِ سيُمَكّنانِ بلادنا من اعتلاءِ مرتبتها ضمنَ أكبر الدّولِ الـمُصدّرةِ لهذه الـموادّ.
يُضافُ إلى هذهِ الـمشاريع الاستراتيجيّةِ الكُبرى استلامُ مشاريعَ ذاتِ بُعدٍ قارّيّ، كالطّريقِ الّذي يربطُ تندوف بالزّويرات (موريتانيا) ومشروعَ الطّريقِ العابرِ للصّحراءِ الرّابطِ بين الجزائرِ ولاغوس بنيجيريا، والّذي قرّرنا تحويلَ جزئِهِ الجزائريّ إلى رِواقٍ اقتصاديّ، ونراهِنُ عليه للوُلوجِ بقوّةٍ للسّوق الإفريقيّة، من خلال ربطِ موانئ بلاِدنا في الشّمالِ بالعُمقِ الإفريقيّ للقَارّةِ، ليُشكّلَ محورًا رئيسيًّا لتنميَةِ التّبادلات التّجاريّة ومُختلفِ الأنشِطةِ الاقتصاديّة.
وكلُّ هَذَا تَمَّ تَعْزِيزُهُ بِإطْلَاقِ مَشَارٍيع الـمَنَاطِقِ الحُرَّة الحُدُودِيَّة، والـمَعَارِض الدَّائِمَة لِلْمُنْتَجَاتِ الجزائريّة، وَكَذَا فتح فروعٍ لِبُنُوك جزائريّة في كُلٍّ مِنْ مُوريتانيا وَالسِّنِغَال.
أيّتُها السّيّدَات .. أيُّها السّادة،
إنَّ النَّهْضَةَ الاقتصاديّة الّتي تَعِيشُهَا بِلادُنَا تستلزمُ مُوَاصَلَة الجُهود وتكثيفها، وَتَعْزِيزُ هذا الـمَسارِ الاقتصاديّ الوطنيِّ بخطواتٍ مُكمّلةٍ للمكاسب التي حققناها، أذْكُرُ مِنْهَا في هذه المناسبَة:
– إعَادَةُ رَسْمِ خَرِيطَة التِّجَارَة الخَارِجيَّة للبِلادِ، بِمَا تَقْتَضِيهِ الـمَنْفَعَةُ الوَطنيّةُ وَالتَّحَدِّيَاتُ الجُيُوسِيَاسِيَّة في العالـم.
– تَحْرِيرُ صَادِرَاتِ بَعْضِ القِطَاعَات الانْتَاجِيَّة، الّتي فَاقَتْ قُدُرَاتُهَا الاحْتِيَاجَاتِ الوَطَنِيَّة، على غِرَارِ مَادَّة الزَّيت والسّكّر والعجائن.
– خلقُ قواعِدَ لوجستيّةٍ مُوَجَّهَةٍ للتّصدير على مُستَوى كلِّ الأقطابِ الاقتصاديّة.
– توسيعُ شبكةِ البنوكِ الجزائريّةِ في الخارجِ وبالأخصّ في إفريقيا.
– فتحُ خطوطٍ تجاريّةٍ جوّيّةٍ وبحريّةٍ لتعزيزِ الدّور الـمحوريِّ للجزائر في الـمنطِقة.
– فتحُ الاستثمارِ للخواصِّ وَالأجانبِ في مجالِ شبكاتِ التّوزيع الكُبرى.
– السّماحُ للمُصدّرينَ باستخدامِ نظامِ التّحسينِ الـمؤقّتِ Admission temporaire لرفع نِسبةِ صادِراتهم في الـمُنتجاتِ ذات القيمةِ الـمضافةِ العالِية.
وفي الأخيرِ، أنَا عَلى يَقينٍ بأنَّ هذا التّوَجُّهَ الـمَدروسَ بعِنايةٍ وَالـمُتّسمُ بالطّموحِ وَالجُرأة و الـمُستنِدُ على الثّقةِ في إمكانيّاتِ الجزائرِ، هُو توجّهٌ يَفتَحُ كلَّ الأبوابِ أمامكُم كمُنتجين ومُصدّرين لـمَزيدٍ من خَلقِ الثّروة، وتوسيع مجالات استيعابِ البطالة، والرّفع من قُدرات الإنتاج في العديد من القطاعات .. وما النّتائجُ التي حقّقتُمُوها كلٌّ في مجاله إلا دليلا على أنّ الـمُناخ الاقتصاديّ أصبح بالفعل يوفّرُ الحوافز الكفيلة بالوُصول إلى النّجاعة والتّنافُسية في في جزائرَ ترفعُ من سقف تحدّياتـها .. لأنَّ لها كلّ الـمؤهّلات بأن تحتلّ موقعها كدولةٍ قويّةٍ ومؤثرةٍ .. وكشريكٍ موثوقٍ ومُتفتّح على التّعاون والشّراكة إقليميّا ودوليّا.
تحيا الجزائر،
الـمجدُ والخلود لشهدائنا الأبرار
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته