رسم حقوقيون مغاربة، صورة سوداء على الأوضاع السياسية والإقتصادية والإجتماعية في المملكة، ما تسبب في تنامي الإحتجاجات الشعبية عبر ربوع البلاد، خاصة بعد التطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل، مؤكدين أن المغرب يواجه اليوم “فراغا مخيفا وحالة إحتقان ضاغطة لا تبشر بأي خير”.
وفي مقال لها تحت عنوان “عدنا إلى ما قبل 1995″، قالت الأستاذة الجامعية والحقوقية المغربية، لطيفة الحسيني، إن “زواج المال والسلطة والتضييق على الحريات مقرونا بتزايد الفساد، أصبح عنوانا عريضا يطبع أسلوب تدبير الحياة الاقتصادية والحياة السياسية في البلاد خلال ربع القرن الأخير”، مشيرة إلى أن رموز فساد كبيرة أصبحت هي التي تتحكم في الحياة السياسية والإدارة والبرلمان، وفي المجال الاقتصادي بل وحتى في المجال الكروي.
و أبرزت المتحدثة أن “هذا الطاعون الذي يمثله الفساد، والتضييق على الحريات وبذل مجهودات ضخمة لإفراغ الحياة السياسية من فعاليتها، مضاف إليها قرار التطبيع مع الكيان الصهيوني والتشبث به، رغم حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني المستمرة منذ طوفان الأقصى، جعل المغرب يواجه اليوم فراغا مخيفا وحالة احتقان ضاغطة لا تبشر بأي خير”، مردفة: “إنها حالة قريبة، بل لربما أعمق بكثير من حالة السكتة القلبية للتسعينيات”.
وسجلت الكاتبة المغربية “اتساع دائرة التظاهر والخروج في مختلف المدن المغربية”، مؤكدة أن الشعارات التي رفعت بينت بالملموس و أكدت أن “هناك استياء عام ارتقى إلى مستوى الغضب، و أن ما اعتمد من برامج ومن خطاب لم يكن له أثر على حياة الناس، و أن الاختيارات السياسية لم تنجح في إرضاء عدد من الفاعلين في الساحة السياسية، و أن الطلب على اعتماد الديمقراطية أصبح واضحا”.
وأضافت الحسيني أن وجه النظام في المغرب خلال ال25 سنة الأخيرة لم يتغير و أن “الهدف من بعض الإجراءات الطفيفة يتمثل أساسا في ضمان حد أدنى من شروط الاستقرار المضبوط أمنيا، لا التصدي للمشاكل البنيوية”.
من جهته، أبرز الناشط الحقوقي المغربي، فؤاد عبد المومني، في مقال له تحت عنوان “ربع قرن ضائع من زماننا”، الواقع المأساوي للشعب المغربي عبر عدة مؤشرات، منها “مستوى توظيف السكان المنخفض جدا و المستمر في الانخفاض، طبقة وسطى تراجع مستوى معيشتها بشكل كبير، ونظام التعليم والصحة في حالة يرثى لها”.
كما ابرز “المستوى غير مسبوق من الافتراس والاستيلاء على الدولة، الإفلات التام لبارونات النظام من العقاب، الاحتكار غير المسبوق للسلطة والثروة، والإضعاف الكبير للنخب وترهيب الأصوات المنتقدة”.
ويرى فؤاد عبد المومني أن كل الوعود في جوهرها تبخرت، في ظل تراجع الترتيب الدولي للبلاد في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
بدوره، تحدث الناشط الحقوقي والمدني، خالد البكاري، في مقال تحت عنوان “إعادة انتاج الفرص الضائعة”، عن ما تعرفه البلاد من “اعتقالات بسبب الرأي، محاكمات ظالمة وترويج الأوهام عن مغرب قوي”، في وقت -يقول- أن التقارير والتصنيفات الدولية “تضعنا في مؤخرة الركب (التعليم، الصحة، الشفافية، حرية الصحافة، الدخل الفردي)”.
كما أشار أيضا إلى ما وصفه ب”نمو وحوش التخوين والتشهير والنهش في الأعراض، مغلفة بأقنعة الوطنية المفترى عليها”، مؤكدا أن البلاد “ما عادت في حاجة للمهدئات، بل لعملية جراحية تستأصل الكثير من الأورام السرطانية”.