تواصل الحكومة تنفيذ برنامج تأطير القطاع الفلاحي وتطوير مختلف شعبه بما يسمح بزيادة الإنتاج خاصة في الشعب الاستراتيجية، نظرا لدوره الكبير في إنعاش الاقتصاد الوطني وتحقيق الأمن الغذائي للبلاد، وعلى هذا الأساس اتخذت حزمة جديدة من الإجراءات والتسهيلات للمنتجين والفلاحين تتضمّن الترخيص بجمركة المعدات والعتاد الفلاحي المستورد الذي لا يتجاوز عمره سبع سنوات، وهو ما يسمح بتعزيز الزراعات الاستراتيجية والصناعية بهدف الوصول إلى استعمال عتاد متكامل حديث وعصري في مختلف الشعب الفلاحية وتحقيق إنتاج يلتزم بالمعايير الدولية.
ملف: زهراء بن دحمان وأم الخير سلاطني وسعاد بوعبوش
في مجلس الوزراء المنعقد بتاريخ 15 جويلية 2024، أوصى رئيس الجمهورية الحكومة، بضرورة وضع كل التسهيلات، أمام الفلاحين والمهندسين الفلاحيين، لاقتناء المعدات اللازمة على رأسها الجرارات الجديدة والمستعملة، تشجيعا لهم على مضاعفة الجهود، وتجسيدا لتلك التعليمات، وفي ظرف أسبوع، منحت الحكومة الضوء الأخضر لاستيراد العتاد الفلاحي وآليات الإنتاج، حيث وقع الوزير الأول نذير العرباوي، في 22 جويلية الماضي، المرسوم التنفيذي رقم 24-241 المحدد لكيفيات جمركة خطوط ومعدات الإنتاج المستعملة وكذا المعدات والعتاد الفلاحي المستعمل قصد وضعها للاستهلاك.
ويقصد بخطوط الإنتاج كل مجموعة متجانسة من العتاد المستعمل لاسيما في استخراج وإنتاج وتوضيب المنتجات، أما معدات الإنتاج فهي كل عنصر لوحده أو من خلال دمجه في خط الإنتاج، ينتج أو يسمح بإنتاج سلعة أو خدمة، في حين يقصد بالمعدات والعتاد الفلاحي، كل أداة مجهزة بنظام ميكانيكي وكذا الجرارات الفلاحية المستعملة في القطاع الفلاحي لإنجاز أشغال فلاحية قصد القيام بمختلف التقنيات الزراعية وأنشطة تربية الحيوانات.
وحدّد في الملحق الثالث للمرسوم، قائمة المعدات وعتاد التقنيات الزراعية المسموح باستيرادها، ويتعلق الأمر بالجرارات الفلاحية، اليدوية وذات القدرة العالية، والجرارات ذات العجلات المطاطية وذو السلاسل، وكذا عتاد البذر والغرس، من آلات غرس الثوم والبصل، آلة غرس الشمندر السكري، عتاد جني الطماطم الصناعية، الثوم والبصل، الزيتون، اللوز المحمولة على جرار أو ذاتية الدفع، آلة جني وشحن الشمندر السكري، عتاد الأعلاف من حاصدات الأعلاف المجرورة، وحاصدات ذاتية الدفع، معدات وعتاد أنشطة تربية الحيوانات، وتتمثل في معدات الحلب، موزع العلف الأوتوماتيكي، موزع مياه الشرب الأوتوماتيكي، المعدات الخاصة بتغذية الدواجن، معدات دمغ بيض التحضين، حاضنة تفقيس البيض، آلة تفقيس بيض التحضين، وغيرها.
ووفق هذا النص الجديد الصادر في العدد 50 من الجريدة الرسمية، يرخص بجمركة خطوط ومعدات الانتاج المستعملة التي لم يتجاوز تاريخ إنتاجها أو -عند الاقتضاء – تاريخ وضعها حيز الخدمة خمس سنوات وألا تتجاوز سبع سنوات بالنسبة للمعدات وللعتاد الفلاحي (الأدوات المجهزة بنظام ميكانيكي والجرارات الفلاحية المستعملة في القطاع الفلاحي لإنجاز اشغال فلاحية قصد القيام بمختلف التقنيات الزراعية وأنشطة تربية الحيوانات).
وتخضع جميع خطوط أو معدات الانتاج المستعملة وكذا المعدات أو العتاد الفلاحي المستعمل لجمركتها ووضعها حيز الخدمة، وقبل شحنها، إلى شهادة تأهيل تسلم من طرف المدير المكلف بالصناعة في الولاية التي يمارس بإقليمها النشاط الانتاج أو الفلاحي، وفقا لشروط محددة في ذات المرسوم التنفيذي، على غرار القيد في السجل التجاري و/ أو أن حيازة البطاقة المهنية للفلاح، وأن يكون للمتعامل الاقتصادي نشاط انتاج سلع أو خدمات ذات صلة، وأن يتوفر على المنشآت الضرورية لوضعها حيز الخدمة.
ووفقا للنص ذاته، يتمّ توثيق حالة التشغيل الجيدة لهذه المعدات من طرف هيئة تقييم المطابقة معتمدة من طرف الهيئة الجزائرية للاعتماد «ألجيراك» أو المعتمدة من طرف هيئة أجنبية معترف بها من قبل «ألجيراك»، وألا تشكل خطرا على السلامة والصحة البيئية.
طلب الحصول على شهادة التأهيل
وبموجب المرسوم، يتمّ تقديم طلب الحصول على شهادة تأهيل من كل متعامل اقتصادي مسجّل في السجل التجاري، أو حائز على البطاقة المهنية فلاح، عبر منصة رقمية متصلة بينيا لدى وزارة الصناعة، مقابل تسليم وصل استلام، وبعد تقديم طلب الحصول على شهادة تأهيل، يتمّ إبلاغ المتعامل الاقتصادي بأي تحفظ محتمل في أجل لا يتجاوز 30 يوما من تاريخ تسليم وصل الاستلام بهدف رفعها خلال الثلاثين يوما التي تلي تاريخ التبليغ.وقبل البث في طلب الحصول على شهادة التأهيل، يأخذ المدير الولائي المكلف بالصناعة، رأي الوزارة المكلفة بالتجارة والهيئة الجزائرية للاعتماد «ألجيراك»، والمدير الولائي للمصالح الفلاحية في المسائل ذات الصلة بمهامهم، كما يمكنه استشارة كل هيئة بإمكانها المساهمة في دراسة الطلب، وتلزم الجهة التي تمّت استشارتها بإبداء رأيها خلال مدة لا تتجاوز 10 أيام، على أن تعدّ وتسلم هذه الشهادة للمتعامل الاقتصادي في أجل لا يتعدى 40 يوما من تاريخ تسلم وصل الاستلام، وله مهلة سنة واحدة لاستغلالها من أجل جمركة خطوط ومعدات الانتاج المستعملة وكذا المعدات والعتاد الفلاحي للمستعمل محل طلبه، ويمكنه تمديد هذه الفترة «استثنائيا» ستة أشهر بناء على طلب المعني، وبعدها تصبح الشهادة «عديمة الأثر’’، وفقا لذات المصدر.
ويلزم المتعامل الاقتصادي بوضع في الخدمة خطوط معدات الانتاج المستعملة وكذا المعدات والعتاد الفلاحي المستعمل لتلبية الاحتياجات الخاصة بنشاطه خلال 6 أشهر من تاريخ جمركتها، مع ضرورة إثبات الوضع في الخدمة بموجب محضر معاينة محرر من طرف محضر قضائي أو خبير مختص ومحلف معتمد.
تعزيز أنظمة الإنتاج بتكلفة استثمارية منخفضة
ويهدف القرار الأخير المتعلق بالترخيص لاستيراد خطوط الإنتاج التي تقل أعمارها عن خمس سنوات والعتاد الفلاحي الذي يقل عمره عن سبع سنوات، حسب الباحث في مسائل الأمن الغذائي والاقتصاد البحري رشيد عنان في تصريحه لـ»الشعب» إلى تعزيز قدرات أنظمة الإنتاج بتكلفة استثمارية منخفضة، ما يسهم في زيادة الإنتاجية، خاصةً في ظل ارتفاع أسعار العتاد الجديد، موضحا أن هذا التوجّه يتيح للفلاحين والمستثمرين الفلاحيين الصغار تحديث وتجديد معداتهم مثل الجرارات والحاصدات ومعدات الحرث والبذر، ما يساعدهم على مواكبة التطور التكنولوجي.
وأشار الباحث عنان إلى أن المكننة تلعب دورا بارزا في تحسين أنظمة الإنتاج الفلاحي من خلال زيادة الإنتاجية، حيث تساعد التقنيات المكننة في زيادة كفاءة استخدام الموارد مثل المياه والأسمدة، كما تساهم في تحسين الجودة خاصة في مرحلة الحصاد وجني المحصول، ما يزيد من قيمتها في السوق، كما تساهم مكننة القطاع من خفض التكاليف الإنتاجية، ما يجعل الإنتاج الفلاحي أكثر تنافسية سواء بالنسبة للسوق المحلي للحفاظ على القدرة الشرائية أو بالنسبة للتصدير.
مهنيون ومختصون يرحبّون: قرار رئيس الجمهورية استجابة سريعة لمطالب مهنية
يتفق مهنيون ومختصون على أن قرار السماح باستيراد العتاد الفلاحي الذي يقل عمره عن 5 و7 سنوات، بهدف دعم القطاع الزراعي وتحقيق الأمن الغذائي في البلاد، يأتي في ظلّ التحديات الكبيرة التي تواجهها الجزائر في مجال الزراعة، بما في ذلك التغيرات المناخية ونقص الموارد المائية، مؤكدين أن المكننة الزراعية، تعدّ أحد الحلول الرئيسية لمواجهة هذه التحديات، حيث تساهم في زيادة الإنتاجية وتقليل التكاليف وتعزيز استدامة القطاع الزراعي، وتسعى الجزائر من خلال هذا القرار – إلى تحسين كفاءة عمليات الزراعة وضمان توفير المواد الغذائية الأساسية.
أكد رئيس المجلس المهني لشعبة الحبوب عبد الغاني بن علي، لـ»الشعب» أن قرار السماح باستيراد العتاد الفلاحي الأقل من 7 سنوات، كان محل مطالب ناضل في سبيلها منتجو الحبوب والناشطين في الشعب الفلاحية الاستراتيجية، مثمنا الاستجابة السريعة لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، لهذا المطلب، الذي أساسه تحقيق الاكتفاء الغذائي وتطوير الانتاج الفلاحي كما ونوعا مثلما قال. وأشار بن علي، إلى أن المستثمرين في مجال الزراعات الكبرى والاستراتيجية، تلقوا الإعلان عن إقرار جمركة العتاد الفلاحي، بترحيب كبير، إذ أنه جاء في الوقت المناسب من أجل إدماج كل آليات الانتاج، بما فيها تشجيع زراعة الحبوب في الجنوب الجزائري، فضلا عن قرار توسيع المساحات المزروعة، في وقت أصبح توفير العتاد وإدخال المكننة أمرا ضروريا لنجاح المخططات الاستشرافية التي تتصورها الدولة ويباركها المنتجون بقوة. ويعتقد رئيس المجلس الوطني لشعبة الحبوب، أن قرار السماح باستيراد العتاد الفلاحي، الأقل من 5 و7 سنوات، سيتيح فرص وآفاق جديدة للإنتاج الفلاحي، وممارسة النشاط الفلاحي في أريحية، على غرار الزراعات الاستراتيجية، مثل الحبوب، الذرة الصفراء، البقول الجافة، الزيتيات والشمندر السكري، لاسيما إذا ما اندرجت كل الماكينات الضرورية ضمن قائمة العتاد الفلاحي المرخص له بالاستيراد.
وأكد بن علي، أن رعاية الرئيس تبون، لقطاع الفلاحة، من خلال قرارات جادة لتحقيق الأمن الغذائي، لابد أن تتواصل من أجل خوض معترك الأمن الغذائي والسيادة الاقتصادية، في وقت حظيت فيه المنتجات الإستراتيجية وآليات الإنتاج بدعم كبير، في انتظار التحوّل إلى المكننة المصنعة محليا التي ستكون حافظا للزراعات الاستراتيجية.
مكننة الفلاحة.. ضرورة تبرّر الوسيلة
من جهته قال الباحث المختص في الاقتصاد من جامعة معسكر، الدكتور عبد المجيد سجال، «إن الترخيص باستيراد العتاد الفلاحي الأقل من 5 سنوات و7 سنوات، يرمي إلى تقليص فاتورة الاستيراد والعبث بالعملة الصعبة، لأن استيراد العتاد الحديث أو الجديد من المصانع، مكلف جدا من ناحية العملة الصعبة، خلاف استيراده وهو مستعمل، الذي يخفّض من التكلفة ويسمح كذلك باستيراد منتجات ذات جودة جيدة».
وأوضح الدكتور سجال، أن القرار يندرج ضمن اهتمام الدولة الجزائرية بمكننة قطاع الفلاحة، في وقت يلحظ جليا، أن الكثير من الفلاحين يزاولون النشاط الفلاحي بطرق تقليدية، مقابل التكلفة المرتفعة بخصوص الاستثمار في العتاد، حيث سمحت الدولة للفلاح، باستيراد العتاد المستعمل بأقل التكاليف، وبالتالي تمكينه من مكننة نشاطه، الأمر الذي يرفع من الانتاجية تحقيقا لأهداف الأمن الغذائي، في ظل مشاكل المناخ والمشاكل الجيواستراتيجية التي أفرزت اضطراب خطوط الانتاج، فضلا عن احتمالية دائمة لظهور أوبئة عالمية، على غرار جائحة كورونا التي يمكن أن تسبّب مشاكل في توريد الغذاء للجزائر.
قرار استشرافي لتحقيق الأمن الغذائي
وأشار المختص الاقتصادي، إلى أن العوامل المذكورة آنفا، دفعت بالدولة الجزائرية، إلى استشراف آليات تحقيق الأمن الغذائي، التي لمسها المختصين في الاقتصاد، في تخفيض الرسوم الجمركية على استيراد العتاد الداخل سواء في الاستثمار الفلاحي أو في الاستثمار الصناعي، ضمن قانون المالية، وبالتالي يعتبر قرار السماح باستيراد العتاد الفلاحي الأقل من 5 و7 سنوات، – حسب الدكتور سجال، خطوة جادة وكبيرة.
ودعا الباحث الاقتصادي، إلى تبني مقاربة الهندسة العكسية، من خلال إحياء نشاط المصانع الموجودة في التراب الوطني الخاصة بصناعة الماكينات، بحيث يمكن أن نستورد ماكينات مستعملة وتفكيكها، ثم محاكاة وتصنيعها محليا باشراك الجامعات ومراكز التطوير والبحوث، بما أن المادة الأولية للصناعات المشابهة على غرار الحديد موجودة، تضاف إليها الثروة البشرية الجزائرية على غرار الأدمغة الوطنية من الخبراء والطلبة من خريجي كليات الالكترون ميكانيك.
مكانة الجزائر تتعزّز في مؤشر الأمن الغذائي
في ذات السياق، أكد الدكتور المختص في الاقتصاد بجامعة سعيدة، عبد القادر لحول، أنّ توجه الحكومة الجزائرية للرهان على القطاع الفلاحي كونه من أهم البدائل الاستراتيجية لقطاع المحروقات- لم يأت عبثا- وإنما لما حققته الجزائر من أرقام هامة جدا في هذا المجال، حيث إن القطاع الفلاحي يساهم بنسبة 18% في الناتج الداخلي الخام، أي ما يعادل 35 مليار دولار، كما يستقطب حوالي 2.7 مليون عامل، والأهم من ذلك أن القطاع الفلاحي في الجزائر يغطي الاحتياجات الغذائية الوطنية بنسبة 75%، وهي نسبة جد معتبرة تعزّز مكانة الجزائر في مؤشر الأمن الغذائي افريقيا، حيث تحتل المرتبة الأولى.
وجدّد الدكتور لحول تأكيده، أن قرار السماح باستيراد العتاد الفلاحي لأقل من 7 سنوات هو خطوة كبيرة نحو زيادة عوائد القطاع الفلاحي في المستقبل القريب، خاصة وأن عملية الإحصاء العام الفلاحي أسفرت مبدئيا على إحصاء أزيد من مليون مستثمرة فلاحية في الجزائر، ومنه ضبط الاحتياجات بدقة، ما يمكن الوزارة الوصية من تقييم مساهمة ودعم الدولة المباشر وغير المباشر للمستثمرين في القطاع الفلاحي، أضف إلى ذلك التوجه نحو دعم الشباب ذوي المشاريع الابتكارية في المجال الفلاحي باستخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وتوسيع استخداماته في مجال السقي وتشخيص نوعية التربة والاسمدة المناسبة لها وكذا الدراسات والابحاث المتقدمة في مجال تطوير نوعية البذور خاصة في الشعب الاستراتيجية، على غرار (الذرة، عباد الشمس، السلجم الزيتي، الصويا، الحبوب، البقوليات الجافة وغير ذلك).
عضو اتحاد المهندسين الزراعيين عبد المجيد صغيري: استيراد العتاد يُعزّز توجّه الدولة لتشجيع الاستثمار
أكد عضو المكتب التنفيذي لاتحاد المهندسين الزراعيين عبد المجيد صغيري، أن المرسوم التنفيذي رقم 241-24 المحدد لكيفية جمركة خطوط ومعدات الانتاج المستعملة وكذا المعدات والعتاد الفلاحي المستعمل قصد وضعها للاستعمال وكذا خطوط الإنتاج، تضمن الكثير من المحددات والمعايير التي يجب توفرها للنهوض بالعديد من الشعب الفلاحية، ستضع حدا للتلاعب بالعتاد من طرف المتعاملين الاقتصاديين، وغلق الباب أمام الدخلاء على القطاع، حيث اقتصر العملية على الفلاحين الحقيقين، ما سيضمن استيراد عتاد ذو نوعية جيدة بالمواصفات العالمية ويدخل في حلقة الإنتاج على المستوى المحلي من أجل تنفيذ توجه السلطات العليا سيما في توسيع الزراعات الاستراتيجية بهدف تحقيق الأمن الغذائي للجزائر الجديدة وتطبيقا لرؤية رئيس الجمهورية في هذا الخصوص.
أوضح صغيري في حديث لـ»الشعب» أن المشرّع من خلال هذا المرسوم فصّل في ثلاث فئات، الأولى تتعلق بخط الانتاج وهو مجموعة متجانسة من المعدات تستعمل في استخراج وإنتاج أو توضيب المنتجات، على غرار استيراد وحدة انتاجية لتعليب الزيوت، أو لصناعة أغذية الأنعام، لهذا سماها خط انتاج يعني يكون فيه استيراد، وهو ما سمّاه المشرّع بخط الانتاج أي وحدة انتاجية كاملة بكل معداتها، وتخضع للإجراءات القانون والمرسوم القانونية المنصوص عليها في المرسوم التنفيذي السابق الذكر ولها شروط خاصة.
الفئة الثانية تتمثل في معدات الإنتاج وهي وحدة أو عنصر من العناصر المكمّلة لوحدة الإنتاج ولها تكون عنصر أساسي في خط الإنتاج أو في المصنع مثلا إذا كان هناك آلة رحى يمكن استيراد آلة توضيب لوحدها واستعمالها لأنها تدخل في حلقات وسلسلة الإنتاج، أما الفئة الثالثة فتتمثل في معدات العتاد الفلاحي وخاصة العتاد الميكانيكي وكذا الجرّارات الفلاحية المستعملة في القطاع الفلاحي وهي الموجهة لإنجاز أشغال فلاحية أو للقيام بمختلف التقنيات الزراعية وأنشطة تربية الحيوانات.
وأشار صغيري أن المشرع حدّد الشروط التي يجب توفرها في هذا العتاد المستورد، وألزم المستوردين بحصولها على شهادة المطابقة من طرف الهيئة الجزائرية للاعتماد، أو هيئة أجنبية معتمدة ومعترف بها من طرف «ألجيراك»، وهذا كله يندرج ضمن حماية وسلامة الصحة والبيئة الجزائرية، والحرص على ضمان النوعية الجيدة للعتاد، من خلال العمل الرقابي القبلي والبعدي والذي كان المرسوم صارما جدا بخصوصه، وهذا مهم جدا حفاظا أيضا على العملة الصعبة والمال العام حتى وإن كانت قيمة العتاد أقل من الجديد، وهذا كله في فائدة المستثمر الفلاحي بالدرجة الأولى الذي يستورد عتاد ذو قيمة بثمن أقل، خاصة وأن هناك بعض العتاد غير موجود على مستوى السوق الوطنية ويحتاجه كل المستثمرين بالنظر للاستثمارات الكبيرة التي تقوم بها الجزائر في القطاع الفلاحي.
جرّارات تفوق قوة 100 حصان لعمل فلاحي مستدام..
وحسب المتحدث، تبرز أهمية هذا المرسوم في كونه جاء في وقت تقوم فيه الجزائر باستثمارات كبيرة جدا، من محيطات جديدة خاصة على مستوى الجنوب الكبير للجزائر من خلال الزراعة الكبيرة بمساحات كبيرة، ما يتطلب امكانيات أكبر، في حين أن المكننة الموجودة على المستوى الوطني لا تلبي حاجيات المستثمرين خاصة بالمساحات الكبيرة حتى القوة الموجودة في العتاد كالجرارات أصبحت ضعيفة تتراوح بين 45، 68 ، 82 حصان، مدعمة من طرف الدولة ضمن المقرر رقم 77 والمقرر رقم 78، لكنها غير كافية لتحقيق كل احتياجات المستثمرين الفلاحيين وبالتالي برزت الحاجة إلى تجديد الجرارات بقوة أكبر من 100 حصان، لخوض عمل فلاحي مستدام في الجزائر.
وحسب المتحدّث الجرارات التي تمتاز بقوة أكثر من 100 حصان تساهم في عملية استصلاح الأراضي، والحرث العميق الذي هو من التقنيات الواجب استعمالها وتكريرها كل خمس سنوات من أجل تهوية التربة وتجديد المادة العضوية بها، على اعتبار أن هذا يدخل في المسار التقني الواجب اتباعه، وكذلك الأمر بالنسبة للجرارات ذات السلاسل المحبّبة في المناطق الجبلية وكذلك المساحات الكبرى، التي ستساهم في استصلاح وتوسيع المساحات لزراعة استراتيجية وهذا المنهج التي تتجّه إليه السلطات العليا للبلاد في تشجيع الاستثمار في القطاع الفلاحي، ونفس الأمر بالنسبة لآلات الغرس الخاصة ببعض الشعب كالثوم البصل.
ويرى المتحدّث، أن التكوين على المكننة الحديثة أمر مهم جدا وهو متوفر بالجزائر، حيث تتوفر على معاهد تكوين خاصة بالمكننة، كما هناك تخصص على مستوى المعاهد العليا للفلاحة يسمى المكننة الفلاحية وتخصص مهندسين زراعيين مختصين في المكننة الزراعية، آملا من السلطات الوصية إشراكهم في اللجان التي تقوم بمراقبة ومتابعة هذه المكننة المستوردة حتى تكون ملائمة وتكون صادرة عن مختصين في المكننة الفلاحية، والذين يمكنهم تقديم اقتراحات لبعض أصناف المكننة والأنواع التي تلائم المناخ الجزائري وتلائم بعض الشعب الموجودة على المستوى الوطني.
أهداف زراعية مسطّرة لتحقيق خطة الأمن الغذائي بالجزائر..
وأشار عضو المكتب التنفيذي لاتحاد المهندسين الزراعيين إلى أنه تمّ تحديد هدف زراعة أكثر من 200 ألف هكتار حبوب، أكثر من 150 ألف بقوليات جافة، حوالي 60 ألف من النباتات الزيتية، وحوالي 60 ألف من البطاطا، أكثر من 30 ألف من الذرى الصفراء، وهذا بهدف استحداث محيط جديد على مستوى ولاية عين صالح، وبالتالي فكل هذا يتطلّب مكننة حديثة، متأقلمة مع هذه الزراعات الاستراتيجية، موضحا أن المشرّع حدّد هذه الشعب حتى يتمّ استيراد المكننة الخاصة بها والانطلاق في الاستثمار بالسرعة الفائقة للحاق بالركب وجعل المستثمرين الفلاحيين في أريحية، كما هناك بعض المستثمرين الأجانب قاموا بإجراء اتفاقيات على مستوى وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، ومنهم من حصل على محيطات كبيرة تفوق 100 ألف هكتار على غرار الشركة القطرية و36 ألف هكتار بالنسبة للشركة الإيطالية، هذه الاستثمارات الكبيرة تتطلّب مكننة جديدة.
ملف إداري بسيط يتمّ إيداعه محليا..
في المقابل قال صغيري: «إن المرسوم قدّم إجراءات جديدة على غرار الملف البسيط والذي يوضع محليا على مستوى الولاية بمديرية الصناعة للولاية، للحصول على شهادة التأهيل، وما على المتعامل الاقتصادي إلا أن يحوز على سجل تجاري ويثبت نشاطه المتعلق بهذا العتاد المراد استيراده أو فلاح يملك بطاقة مستثمر فلاحي أو بطاقة فلاح»، ويحضر الملف المطلوب وفقا لهذا المرسوم الذي عزّز بملحق بطلب من طرف المتعامل الاقتصادي يوضح فيه العتاد المراد استيراده وإمكانياته المتواجدة على المستوى المحلي لوحدته الخاصة بالمزروعات، بالإضافة إلى البطاقة التقنية للعتاد المراد استيراده، ويسلم لمدير الصناعة.
إلى جانب ذلك، هناك ملف خاص يتكوّن من ملف عادي يبرز ماهي هوية المستثمر إذا ما كان شخصا معنويا أو طبيعيا، فبالنسبة للشركات يتعين على الشخص المعنوي تقديم القانون الأساسي لشركته، بالإضافة إلى السجل التجاري، أما الشخص الطبيعي عليه أن يقدّم بطاقة مستثمر فلاحي أو سجل تجاري خاص مع إثبات نشاطه في الميدان وسبب استيراده لهذه المكننة المرتبطة بنشاطه الرئيسي سواء منتج أو محول أو مصنع.
كذلك بالنسبة للإنتاج الحيواني والتي وضع المشرّع بخصوصه قائمة للوحدات الإنتاجية التي يمكن استيرادها والتي حدّدت في الملحق رقم 3 العتاد الواجب استيراده وفقا لكل شعبة.
الصناعة الزيتية شعبة مهمة تستدعي إدراجها في المرسوم
وأشار المتحدث إلى امكانية تدارك بعض الشعب الأخرى الاستراتيجية كالنباتات الزيتية، ودوار الشمس، والذرة الصفراء التي تتطلّب كذلك عتاد خاص بها والتي يأمل إدراجها في مرسوم متمّم ومعدل لهذا المرسوم، حتى يتمّ تدارك النقائص والقيام باستثمارات كبيرة، خاصة وأنه حدّد بالنسبة للنباتات الزيتية حوالي 60 ألف هكتار على المستوى الوطني خاصة بالجهة الجنوبية للبلاد، وكذلك الأمر بالنسبة لعتاد الجني المخصص للطماطم الصناعية وهي شعبة استراتيجية وكذا الثوم، البصل، وكذلك آلات جني الزيتون وأشجار مثمرة أخرى، وآلة جني وشحن الشمندر السكري وهو مادة أساسية تصرّ السلطات العليا عليها لتحقيق اكتفاء ذاتي من السكر، خاصة مع وجود وحدات تحويلية ببجاية وجيجل، والتي تمثل قاعدة صناعية لاستيعاب الانتاج وطرحه في السوق الوطنية.
ونوّه صغيري إلى توجّه بعض المستثمرين الفلاحيين إلى الغراسة المكثفة والتي تتطلّب شروط ومكننة خاصة، معربا عن أمله في إدراج آلات تقليم الأشجار ضمن قائمة الاستيراد لتلبية احتياجات المستثمرين الفلاحيين الذي يقومون يخوضون تجربة الزراعات المكثفة، خاصة التفاح والزيتون الذي يلقى تجاوب كبير في الجزائر، حتى إنه هناك شركات وطنية وأجنبية تخوض هذه التجربة على المستوى الوطني.كذلك الأمر بالنسبة لعتاد الأعلاف الذي هو مادة مهمة ومهمة جدا للتربية الحيوانية، والمرتبطة أيضا بشعبة الحليب، حيث حدّد المرسوم الشروط الخاصة بعتاد وآلات حصاد الأعلاف، وكذا العتاد المتعلق بأنشطة تربية الحيوانات كمعدات الحليب موزع العلف الأوتوماتيكي.
التوجّه نحو صناعة العتاد الفلاحي لتخفيف التبعية للخارج..
وعبّر المتحدّث عن أمله في أن يوجه الاهتمام أكثر إلى الانتاج المحلي أو الصناعة المحلية، حيث طالب اتحاد المهندسين الزراعيين بخوض تجربة انتاج العتاد الفلاحي الخاص على المستوى المحلي وجذب التكنولوجيا على غرار صناعة السيارات ولما لا صناعة العتاد الفلاحي الخاص على المستوى الوطني وكذلك تشجيع الانتاج الموجود على مستوى الشركة الخاصة بإنتاج العتاد الفلاحي لتلبية الحاجيات الكبيرة للفلاحين وبالنوعية الجيدة والتخفيف من التبعية للخارج، آملا في أن يكون هذا الاستيراد مؤقتا لتلبية الاحتياجات الحالية والانطلاق بقوة في الاستثمار، مع تشجيع المستثمرين في إنتاج العتاد الفلاحي الخاص بكل الشعب الموجودة على المستوى الوطني ولما مواكبة الشعب الجديدة الخاصة بتربية الأنعام تربية الإبل والتي تحتاج مكننة خاصة لاستحداث مشاتل للعجول ولتسمين العجول، وانتاج المكملات الغذائية الخاصة بالتربية الحيوانية، وانتاج الأسمدة.
وأشار عضو المكتب التنفيذي لاتحاد المهندسين الزراعيين، إلى أن كل هذا يحتاج الوقوف وقفة رجل واحد لاستيراد ما يجب استيراده من أجل انطلاقة جيّدة، مع القيام باستثمارات مقابلة لاستحداث منتوج محلي للقضاء على التبعية للخارج سواء من حيث العتاد أو البذور أو المواد الاستهلاكية.
ولم يغفل المشرّع عن تربية الخيول وهي شعبة مهمة جدا، وينبغي التوفير لها عتاد نقل خاص كالشاحنات والقاطرات، وهذا ينمّ على الاهتمام البالغ للسلطات العليا بكل الشعب، للنهوض بالقطاع الفلاحي بقوة وبسرعة وفق شروط وعقود نجاعة مع المستثمرين الذين استفادوا من محيطات الاستصلاح على مستوى الجنوب وعلى مستوى الهضاب العليا وحتى الشمال لإحداث توازن بين كل الشعب وبين كل الجهات الوطنية ويكون اقلاع فلاحي كبير يكون بديلا حقيقيا للمحروقات.
احصائيات مشجّعة لمساهمة القطاع الفلاحي والطموح أكبر..
وأوضح المتحدث أن الإحصائيات الأخيرة تُظهر أن السداسي الأول لـ 2024، ساهم القطاع الفلاحي في الناتج المحلي بـ35 مليار دولار، وهو رقم مهم جدا وكذا 18% في الدخل القومي، وساهم في استحداث 2.7 مليون منصب عمل، ما يعادل ⅓ اليد العاملة في الوطن تقريبا وهو أمر مشجع للمهندسين الفلاحيين والمستثمرين من أجل العمل بأريحية مع العتاد المختص والخاص بالشعب، ما يساعد في تحقيق الاهداف بسرعة ويخفف من الأعباء المالية والاجرائية على المستثمر ليدخل في عملية الإنتاج بسرعة ويوفر المواد الاستهلاكية للمواطن بأسعار تنافسية. وفيما تعلق بالإحصاء العام للفلاحة والذي انتهت عملية جمع المعلومات في استبيان يتكون من 141 سؤال يلخص كل المستثمرات وكل الشعب، والإمكانيات المالية، البشرية والعقارية تخزن في تطبيق رقمي، أكد صغيري أنه يمكن أن تعطي المعلومات والنتائج صورة واضحة عما هو موجود، وبالتالي يمكن لاتحاد المهندسين الزراعيين المشاركة في تحليل هذه النتائج ومعرفة الإمكانيات وتحديد الاحتياجات المستقبلية من أجل وضع استراتيجية لمدة 6 سنوات والرفع من الانتاج والمردودية في القطاع الفلاحي، كما يمكن ضبط كل الأهداف بدقة من خلال الاستشراف لغاية 2050، آملا في أن يكون العمل الميداني لأعوان الاحصاء دقيقا ويكرّس فعليا شعار «معلومة دقيقة.. تنمية مستدامة».