يحاول برنامج مرشح حركة مجتمع السلم عبد العالي حساني شريف، في شقه الاقتصادي، الإلمام بمختلف جوانب الحياة الاقتصادية وتحديات الراهن التنموي، ملامسا بشكل عميق العديد من الرهانات القائمة. وحاول البرنامج في خطوطه العريضة أن يلتزم بتكريس إصلاحات كبرى، وإرساء المزيد من الحركية التنموية تتناسب مع إمكانات الجزائر والمكاسب المحققة.
ف. بودريش- ف. بلعريبي
تضمّن البرنامج الانتخابي للمترشح عن حركة مجتمع السلم “حمس” عبد العالي حساني شريف، الذي استلمت “الشعب” نسخة منه، محاور عديدة لخصها -بحسب ما جاء في الوثيقة- في تقييم لجزائر اليوم وتصور لمستقبل الجزائر، مشيرا إلى أن الغاية الأساسية المعتمدة في برنامجه، هي الاستثمار في الفرص المتاحة والمفتوحة أمام الشعب الجزائري والعمل من خلالها على صناعة فرص جديدة للتقدم والازدهار، تم تقسيمها على عشرة محاور أو “فرص” -وهي التسمية التي أطلقها المترشح على هذه المحاور- تناولت مختلف مجالات الحياة العامة.
وبحسب ما ورد في ديباجة ذات البرنامج، فإن هذا الأخير يرتكز على تقييم دقيق للوضع الاقتصادي للبلاد وفهم عميق للتحديات الداخلية والخارجية التي تواجهها، ويعرض رؤية اقتصادية وتنموية شاملة.
وتناول المحور الثالث للبرنامج الانتخابي لمترشح حركة “حمس”، الشق المتعلق بالتنمية الاقتصادية، حيث قدم أرقاما من خلال التعهد 23، تشير إلى رفع معايير النمو، مفصلة في رفع الناتج الداخلي الخام إلى حدود 450 مليار دولار، ورفع الدخل الفردي بقيمة 9 آلاف دولار، يقابلها تقليص في معدل البطالة إلى 5%، وخفض معدل التضخم إلى %3، ورفع معدل النمو فوق عتبة 7%، بالإضافة إلى مراجعة آليات تقدير قيمة صرف الدينار بمقاربات متكاملة.
كما اهتم التعهد 24، بحسب ذات الوثيقة دائما، بضمان بيئة أعمال جاذبة، من خلال متابعة وتحسين مؤشرات مناخ الأعمال، وتكريس استقرار وملاءمة التشريعات. كما حصر ذات البرنامج قاعدة 49/51 في القطاعات الاستراتيجية. وأكد على تكريس مسؤولية الهيئات ذات الصلة في مرافقة الاستثمار. وتعهد باعتماد قاعدة بيانات وطنية محينة لفرص الاستثمار وتيسير إجراءات الحصول على العقار.
أما بالنسبة للتكامل بين مختلف القطاعات الحيوية، فقدم البرنامج في تعهده هذا، حلولا لمعالجة توازي القطاع الاقتصادي النظامي والموازي، بمقاربة اقتصادية اجتماعية. إلى جانب مراجعة منظومة ضبط الأسعار، توخيا للتوازن والعدالة والاستقرار.
أما التعهد 28، فقد تضمن تفعيل القطاعي التجاري العمومي للدولة، من خلال مراجعة منظومة المجمعات الاقتصادية ومساهمات الدولة، والاعتماد في التمويل بقياس المردودية الاقتصادية، إلى جانب اعتماد آلية وطنية لرفع معدلات الإنتاجية وتوسيع التقييم الاقتصادي لمؤسسات القطاع العام باللجوء إلى بورصة الجزائر.
وبالنسبة لتوسيع تمويل النمو خارج الطلب العمومي، فقد وردت آليات تحقيقه ضمن التعهد 29، متمثلة في تقنيـن تمويل النمو بالطلب غير العمومي، وتوسيع تمويل مشاريع التجهيز الكبرى خارج الخزينة العمومية وتحسين شفافية الميزانية العمومية وتعزيز آليات النقاش حولها، إلى جانب تعزيز آليات الرقابة على جودة إنجاز السياسات والاستثمارات العمومية. كما يتعهد بإنشاء هيئة وطنية تضطلع بدور تقييم السياسات العمومية، وتعزيز الجسور بين الوظيفة العمومية والقطاع الاقتصادي.
وفيما تعلق بتنويع الاقتصاد، فقد شمل التعهد 30، السبل لتحقيق ذلك، بدءا بتوسيع معايير جودة وتقييس المنتوج الوطني وتنميته تحقيقا للاكتفاء المحلي والتصدير. كما اهتم ذات التعهد بترقية العلامة الجزائرية والترويج لها بالخارج، إضافة إلى تنمية وحماية المنتوج التقليدي والمحلي وفق المؤشر الجغرافي، لتقييس مساهمة البحث العلمي في تطوير المنتوج الوطني.
ونالت التنمية المحلية حظها من الاستشراف ضمن التعهد 31 المعنون بـ “استثمار داعم للتنمية المحلية”، تلخصت خطوطه العريضة في توفير بيئة مناسبة وجاذبة للاستثمار المحلي، وترقية وتثمين القدرات المحلية والموارد والحرف المحلية، وتحويل الاستثمار وفق الاحتياجات المحلية والميزة التنافسية. كما تطرق ذات التعهد، إلى توسيع آليات التمويل المحلي، على غرار الإعانات وصناديق التنمية المحلية، إلى جانب ترقية آليات تعاون الجماعات المحلية والقطاع الخاص.
وحظيت المنظومة المالية والمصرفية بالكثير من التشريح، بهدف الرفع من نجاعة أدائها إلى مستوى أعلى من الكفاءة والاحترافية، ومن أبرز المقترحات المدرجة في برنامج مرشح حركة مجتمع السلم، نذكر إصلاح الخدمات البنكية بمعايير التسيير وسرعة الخدمة وتطوير آليات تسيير البنوك والمؤسسات المالية، وتعهد المرشح حساني بتحقيق العدل بين المعاملات المالية التقليدية ونظيرتها الإسلامية، بالإضافة إلى تطوير المعاملات والمنتجات المصرفية الدولية ويشمل نفس الالتزام اعتماد مكاتب صرف العملة بمعايير مدروسة ومحينة دوريا ويوازيها تحويل العملة من الداخل نحو الخارج والعكس.
ونالت المنظومة الجبائية حيزا مهمّا من اهتمام برنامج “فرصة” للمرشح حساني شريف، من خلال التزامه ببناء قاعدة ضريبية أوسع وتجسيد ضغط جبائي أخف، ومن الأهداف المرجوة على ضوء هذا البرنامج، نجد كلا من تحسين إجراءات المطابقة الضريبية وتكريس مبدإ الحياد الضريبي في التعامل مع العمليات المصرفية الإسلامية والتقليدية. ولعل أهمها، يمكن ذكر ربط الامتيازات الضريبية بالنجاعة والمردودية الاقتصادية، غير أن البرنامج لم يفصل أو يقدم شرح أو معلومات حول كيفية تجسيد ذلك.
وخصصت التزامات المترشح حساني، حيزا معتبرا لإنعاش الاستثمار وتقوية الاقتصاد الوطني، عبر تأكيد إرادته القائمة من أجل تحفيز استثمار رؤوس الأموال الخاصة وتوسيع مساهمة التمويل متعدد الأطراف وكذلك التمويل بالمشاركة، وتضمن هذا البرنامج التزاما يأخذ بعين الاعتبار تعميق مراجعة قانون القرض والنقد وإقحام مساهمة مختلف صناديق الضمان الاجتماعي في تمويل مسار الاستثمار.
وحظيت الرقابة الاقتصادية باهتمام المرشح، على ضوء برنامج رصد مجالا مفصلا ودقيقا للحياة الاقتصادية، عبر نصه على تعزيز آليات الرقابة على جودة إنجاز السياسات العمومية والاستثمارات العمومية، من خلال إنشاء هيئة وطنية تتكفل بمهمة ودور تقييم السياسات العمومية مع تقنيـن تمويل النمو بالطلب غير العمومي.
ولعل من أبرز بنود البرنامج الاقتصادي للمرشح حساني شريف، نشير إلى التزامه بتحسين شفافية الميزانية العمومية وتعزيز آليات النقاش حولها، إلى جانب تنمية وحماية المنتوج التقليدي والمحلي.
وشكل مجال تطوير النشاطات التجارية، محورا بارزا في هذا البرنامج، متضمنا تنظيم وتنمية التجارة الداخلية وعصرنتها وتوسيع البنية التحتية لتجارة العبور الدولي، إلى جانب تطوير أدوات حماية المنتوج الوطني وآليات تطبيق الأفضلية الوطنية، مع تعزيز دور الأسواق المحلية واستيعاب النشاط الموازي.
ومن بين أهم النقاط المفصلة في هذا الجانب، نذكر كلا من الالتزام بوضع نظام يقظة بهدف رصد ومتابعة الأسواق العالمية وترقية المبادلات التجارية العربية والإفريقية، بالإضافة إلى بعث المنطقة العربية للتبادل الحر وإنشاء مناطق حرة متخصصة عبر التراب الوطني، يليها التعهد من أجل مراجعة اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي.
ونال القطاع السياحي جملة من الرؤى، بهدف تنميته أكثر، على ضوء هذا البرنامج الانتخابي لمرشح حركة مجتمع السلم، باعتباره شمل ترقية الوجهة السياحية الوطنية والترويج لها بشكل صحيح ومستمر.
بالموازاة مع ذلك، التزم حساني شريف بإعداد مخطط وطني للموارد السياحية ومرافقة النشاط السياحي والصناعات التقليدية في المناطق المعزولة.
وبالنسبة لقطاع الصيد البحري، التزم حساني شريف بتعميق التطوير التكنولوجي لنشاط الصيد البحري ودعم وضبط منظومة التصدير، بالإضافة إلى تكريس العلامة الجزائرية لأهم المنتجات الصيدية، وجاءت متبوعة بتنمية نشاط تربية المائيات في المياه البحرية الساحلية والمياه العذبة، على حد سواء.
وتضمن البرنامج كذلك، إدماج تربية المائيات في مخطط تهيئة السواحل.
وأعطى الشق الاقتصادي للبرنامج، عناية واهتماما خاصا بالتخطيط باعتباره العمود الفقري لأي نشاط تنموي. ونص على إنشاء منظومة تخطيط وطنية خادمة، معززة بهيئة وطنية سيادية للتخطيط والاستشراف، تشمل جميع مجالات التنمية، مع سنّ المخططات الجهوية لتهيئة الإقليم وبناء منظومة وطنية للموارد البشرية المتخصصة في التخطيط.