يؤكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر-3 رابح لعروسي، أن ميزة الحملة الانتخابية للرئاسيات المقررة يوم 7 سبتمبر المقبل، التي دخل يومها الرابع، تركيز المترشحين الثلاثة لهذا الاستحقاق، والتشكيلات السياسية المساندة لهم، على العمل الجواري والنزول الميداني المكثف، للتقرب أكثر من المواطنين.
قال الأستاذ لعروسي في تصريح لـ «الشعب»، إن المتفحص للشأن الانتخابي يعلم أن الحملة الانتخابية تبدأ بطيئة ثم تتصاعد وتيرتها لتبلغ الذروة، وهذه طبيعة الانتخابات بشكل عام، مضيفاو حتى على مستوى الملصقات واللوحات الإشهارية لم تكن التغطية الكاملة وهذا أمر طبيعي، بالنظر إلى الجانب اللوجيستي الذي يحتاج تحضيرات هامة ووقتا وفريق عمل لتعميمها أكثر. وأضاف المحلل السياسي، القراءة الأولية للخطاب الانتخابي للمترشحين الثلاثة، تظهر أن البرامج تتضمن أفكارا قوية ونقاطا هامة، خاصة ما تعلق بالجوانب الاقتصادية، الاجتماعية والسياسية، والأهم أن الخطاب الانتخابي سيركز على البرامج بالدرجة الأولى، ما يعني أننا نشهد قفزة نوعية في الخطاب السياسي للحملة الانتخابية. وأفاد الأستاذ، في سياق موصول، من الضروري أن تتناول البرامج الانتخابية المسائل المتعلقة بالقدرة الشرائية، الوضع المعيشي، السكن، الوضع الاقتصادي، الاستثمارات، القطاع الفلاحي، الاستهلاك، الجانب الثقافي، التعليمي والخدماتي، خاصة في ظل المعطيات الجديدة التي جعلت العالم كغرفة صغيرة.
وبرأي الخبير، الحديث يجب أن يرتكز على الشباب الذي يشكل فئة كبيرة من الكتلة الناخبة، كما يجب أن يتناول الخطاب الانتخابي النقاط والمسائل سالفة الذكر حتى لا يتم الوقوع في مطب الشعارات والوعود الكاذبة، مشيرا أن المطلب يتعلق بتقديم اقتراحات، برامج ومشاريع قابلة للإنجاز. وأكثر من هذا، يجب أن يميل الخطاب الى تقديم مقترحات عملية من خلال أهداف إجرائية لتحقيق الاقتراحات الاجتماعية والاقتصادية.
على مدار 20 يوما التي تستغرقها الحملة الانتخابية، سيعمل المترشحون على محاولة إقناع المواطنين وكسب ثقتهم، خاصة وأن المواطن بصير وما يهمه أكثر الجانب الاجتماعي وتحسين المستوى المعيشي، في ظل وجود تضارب كبير في إطار المضاربة وتهاوي القدرة الشرائية وغيرها من المسائل التي تهمه في حياته اليومية.
وقال الأستاذ، إن الخطاب السياسي في القراءة الأولية لبعض البرامج، تعلق بالجانب الخارجي وتدعيم المكتسبات والإنجازات، لأن الجزائر بعودتها القوية للساحة الدولية حققت الكثير من النقاط الإيجابية التي يجب المحافظة عليها وتثمينها والعمل على ترقيتها أكثر وهذا من خلال توسيع العمل الدبلوماسي، تنشيط الدبلوماسية الاقتصادية وأكثر للدبلوماسية البرلمانية، مع إقامة علاقات تعاون اقتصادية حقيقية والولوج إلى فضاءات جديدة، في إطار شراكات متعددة الثنائية في الفضاء الإفريقي، العربي وغيرها من الفضاءات التي يجب أن تلجأ إليها الجزائر في إطار البحث عن شراكات واستثمارات جديدة.
وفي سياق حديثه عن الحملة الانتخابية، قال المحلل السياسي إنها سجلت اهتماما كبيرا من قبل المواطن، ولوحظ هذا في التجمعات الشعبية للمترشحين الثلاثة أو من بعض الأحزاب التي تدعم المترشح الحر عبد المجيد تبون، التي سجلت إقبالا كبيرا للناخبين، ما يؤكد اهتمام ووعي المواطن بأهمية الانتخابات الرئاسية، التي تعتبر العمود الفقري لمنظومة الحكم في الجزائر، وبالتالي تعكس حرص الجزائريين بالاقتراحات والبرامج المعروضة من المترشحين الثلاثة.
بخصوص البرامج، قال لعروسي إن اقترحات وأفكار مرشح حزب جبهة القوى الإشتراكي، أو حركة مجتمع السلم، تعكس الحرص الكبير على ضرورة حماية الوطن وتعزيز القدرة الشرائية للمواطن، تعزيز المناعة الداخلية واللحمة الوطنية للجزائريين، وهذا أمر إيجابي قد تتقاسمة برامج المترشحين الثلاثة، وهي ضرورة لتحقيق إجماع وطني، الوحدة الداخلية والولاء للوطن، خاصة فى ظل التهديدات الأمنية والمتغيرات الجيوسياسية على المستويين الإقليمي والدولي.
وأكد المحلل السياسي، أن المترشحين أمام تحدي ألا يقتصر العمل الانتخابي على تقديم شعارات والمحافظة على الإنجازات، وإنما الحديث عن المرحلة القادمة وكيفية المحافظة على المكاسب، الإنجازات والمضي قدما؛ فالجزائر اليوم بشعبها، ثرواتها وخيراتها تستطيع تحقيق الكثير والكثير، والرهان القادم كيفية الانطلاق إلى الخطة الثانية وهذا هو الشعار الذي رفعه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في ترشحه لعهدة ثانية، وهي مواصلة الإنجازات التي تحققت في عهدته الأولى بتجسيد تعهداته 54 على أرض الواقع.
وصرح ذات المتحدث، أن البرنامج الانتخابي الذي سيحظى بثقة الشعب وسيفوز في النهاية، هو الذي يولي اهتماما بالمواطن، كيف يتم نقل المواطن من النقطة «أ» نحو «ب»، أي نحو غد ومستقبل أفضل، وبالتالي الرهان على تقديم اقتراحات وحلول من شأنها استعادة ثقة الجزائريين خلال فترة الحملة الانتخابية.
وأشار في الختام إلى الخطاب السياسي للمترشحين الثلاثة، الذي دعا إلى تجنب خطاب الكراهية والعنصرية، ما يؤكد المسؤولية العالية للمترشحين في ولوج الانتخابات المقبلة والوصول إلى المواطن الجزائري، وهذا ما لوحظ خلال تدخلاتهم على التعبير الحر، كما أبدوا إحساسا بالمسؤولية تجاه الاستحقاقات المقبلة، كونها انتخابات مصيرية تحتاج الى تجند الجميع والوقوف وقفة واحدة، خاصة في ظل التحديات القادمة.