قدّم البروفيسور قويسم محمد من جامعة سكيكدة، المختص في التاريخ، وصاحب عدة مؤلفات، كتابه الموسوم بعنوان “مقالات في تاريخ شهداء ثورة أول نوفمبر التحريرية الكبرى 1954-1962 بالشمال القسنطيني”، وذلك خلال الجلسة العلمية التاريخية “منتدى الكتاب”، بالمكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية لسكيكدة، ليسلّط الضوء على مجموعة من الشخصيات التي لم ينصفها التاريخ، وكان لها فضل على مسار الثورة التحريرية، وخاصة في الشمال القسنطيني.
يقول أستاذ التاريخ بكلية العلوم الاجتمّاعية لجامعة سكيكدة، محمد قويسم، إن كتاب “مقالات في تاريخ شهداء ثورة أول نوفمبر التحريرية الكبرى 1954-1962 بالشمال القسنطيني”، يعتبر “أول مؤلف له بعد شهادة الدكتوراه، طُبع بمبادرة من المتحف الجهوي العقيد على كافي سنة 2020، وركز على عناصر التعريف بالشهيد، من حيث المولد، النسب، النشأة، ومن حيث الكفاح السياسي والعسكري، وظروف الاستشهاد، وبالاعتمّاد على المصادر الشفوية من المجاهدين الذين لا يزالون على قيد الحياة، إضافة إلى المذكرات التي كتبت عن الثورة وحتى من الأرشيف الفرنسي المادي، والمراجع المتخصّصة خلال الثورة والمقالات المنشورة، سواء باللغة العربية وباللغات الأجنبية وليس الفرنسية فقط”.
الشهداء الذين كتبت عنهم – يوضح قويسم ـ تمّ ترتيبهم “في الجزء الأول حسب المعلومات التي توفرت، ويضيف الكاتب أنه لم يرتب مقالاته التسع أبجديا، مشيرا إلى أنه مثلا في الجزء الأول، تحدث عن “سي بشير بوقادوم” ابن مدينة سكيكدة، الرجل المتشبع بالثقافة العربية الإسلامية، وكذلك بالثقافة الفرنسية، كان يشغل نائب لرئيس بلدية سكيكدة، ورغم ظروفه الميسورة، اختار طريق الكفاح لتحرير البلاد من العدو الفرنسي، ويقول المتحدث إنه كان عبقريا وكان مقربا من الشهيد زيغود يوسف.
أما الشخصية الثانية التي ضمّها الكتاب، كانت لزيغود يوسف، ويقول الكاتب “كان يعتبر بحق عبقري جدا، ومن أكبر قادة الثورة التحريرية، وله بعد في السياسة والنضال، على الكثير من الأصعدة، تمّيزه عن بقية قادة الثورة”، وأضاف أنه كتب عن شهداء آخرين، على غرار قويسم عبد الحق، وهو آخر ضابط طالب شهيد، استشهد في 16 مارس 1962 بمنطقة “العيفات” والتي كان قائدها، كما كتب عن الشهيد حمروش حمودي، وضمّ كتابه مقالا عن المرأة الجزائرية من خلال الشهيدة مسيكة زيزة، المرأة الشجاعة، عريف أول وممرضة، حيث كانت تقود مستشفى بمنطقة “خناق مايون”، التي استشهدت بها.
ومن بين أسباب تأليف هذا الكتاب، يوضّح قويسم، نقص المراجع التي تتحدث عن سير الشهداء والمجاهدين، مشيرا إلى أنه سيواصل في هذا المنوال، إذا ما توفرت الظروف لذلك، على اعتبار أن الثورة التحريرية وسير أبطالها تحتاج إلى مجلدات كثيرة.
ومن جهته، قال البروفيسور هشام بوبكر، إن مؤلف قويسم، كتاب تاريخي بامتياز، يسلّط الضوء على مجموعة من الشخصيات التي لم ينصفها التاريخ، شخصيات كان لها فضل على مسار الثورة التحريرية، وخاصة في الشمال القسنطيني، ولهذا الكتاب خصوصية، من حيث تاريخ هذه الأحداث، وكذلك من حيث تتبع آثار ومأثر هؤلاء الشهداء.
ومن جانبه، أوضح مدير المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية بسكيكدة، محمد جابة، أنه في إطار الاحتفاء بذكرى 20 أوت 1955 ومؤتمّر الصومام 20 أوت 1956، سطرت المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية بمدينة سكيكدة، برنامجا ثريا، منها منتدى الكتاب في طبعته الـ24، باستضافة الدكتور قويسم، بالإضافة إلى تقديم فقرات أخرى على غرار مداخلة حول 20 أوت 55، من تقديم الأستاذة شهرزاد حامية، وقراءة شعرية لعدة شعراء من الولاية، معرض للكتب التاريخية، ومعرض آخر للكاريكاتير الفنان ذربيخ زكريا، إلى جانب معرض الخط العربي للخطّاط عبد الرؤوف بوشعور.