ينتخب الجزائريّون اليوم السبت 7 سبتمبر 2024، رئيس الجمهورية الذي سيقود البلاد لفترة حكم جديدة تمتد 5 سنوات، وسط احترام صارم للقوانين وسنّ إجراءات تنظيمية وتدابير محكمة، لتمكين أكثر من 24 مليون ناخب داخل وخارج الوطن من أداء واجبه الانتخابي، واختيار الرئيس المناسب في أحسن الظروف، وينتظر مشاركة شعبية قوية من الهيئة الناخبة لتحقيق انطلاقة جديدة نحو مستقبل أكثر ازدهارا.
تعتبر الانتخابات الرئاسية المسبقة 2024 مرحلة مفصلية، ومفترق طرق حاسما في تاريخ البلاد، في ظل التحديات الراهنة، وهي فرصة لتعزيز الديمقراطية وتحقيق تطلعات المواطنين نحو مستقبل أفضل، خاصة وأنها تأتي بعد سلسلة من التغيرات السياسية، حيث كانت الانتخابات السابقة في 2019 قد أجريت في ظروف صعبة طالب فيها الجزائريون بالتغيير والإصلاح، في سياق من التحديات الكبيرة التي واجهتها الجزائر في السنوات الماضية.
ويكون أزيد من 24 مليون ناخب، بعد يومين على موعد مع التاريخ لتحديد نقطة انطلاق جديدة نحو مستقبل أكثر استقرارا وازدهارا للجزائر، حيث تقدر الهيئة الناخبة 24.351.551 ناخب، 23.486.061 ناخب داخل الوطن، و865.490 ناخب خارج الوطن.
ومرّ المسار الانتخابي الخاص برئاسيات 7 سبتمبر الجاري، منذ إعلان رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون تنظيمها شهر مارس المنصرم، بعدة مراحل حدّدها القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات تنفيذا لأحكام الدستور، فبعد إعلان رئيس الجمهورية بتاريخ 21 مارس 2024، تنظيم انتخابات مسبقة في السابع سبتمبر 2024، تمّ بتاريخ 8 جوان 2024 استدعاء الهيئة الناخبة من طرف رئيس الجمهورية تحسبا للانتخابات الرئاسية طبقا للمادة 91 من الدستور.
وعلى إثر ذلك، شرعت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات في تسليم الراغبين في الترشح استمارات اكتتاب التوقيعات الفردية بتاريخ 9 جوان 2024، وبعد ثلاث أيام من هذه العملية أطلقت السلطة المستقلة للانتخابات المراجعة الاستثنائية للقوائم الانتخابية بتاريخ 12 جوان 2024، واختتمت بتاريخ 27 من نفس الشهر.
مقابل ذلك، اختتمت عملية إيداع التصريح بالترشح على مستوى السلطة الوطنية المستقلة، بتاريخ 18 جويلية 2018، وتم تسجيل 16 راغبا في الترشح لرئاسيات 7 سبتمبر من أصل 35 أودعوا ملفات التصريح بالترشح لدى السلطة، وفي تاريخ 25 جويلية 2024 أعلنت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات القائمة الأولية للمترشحين، في حين فصلت المحكمة الدستورية بتاريخ 31 جويلية 2024 في صحة الطعون المودعة لديها بخصوص الترشيحات للانتخابات الرئاسية المسبقة، واعتمدت القائمة النهائية للمترشحين، ويتعلق الأمر بكل من أوشيش يوسف عن حزب جبهة القوى الاشتراكية، عبد المجيد تبون مترشح حر، وعبد العالي شريف حساني عن حركة مجتمع السلم، الذين شرعوا بتاريخ 15 أوت 2024 في عرض برامجهم الانتخابية خلال الحملة الانتخابية التي افتتحت قبل 23 يوما من تاريخ الاقتراع، وانتهت يوم أمس أي قبل 3 أيام من الاقتراع العام داخل الوطن.
دور هام للسّلطة المستقلّة لضمان الحياد والشّفافية
تضطلع السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، بدور يرتكز أساسا على السهر على تحضير الانتخابات وتنظيمها وإدارتها والاشراف عليها والإعلان على النتائج الأولية، وذلك بكل نزاهة وشفافية وحياد لترقية النظام الانتخابي المؤدي للتداول السلمي والديمقراطي على ممارسة السلطة.
ومنح القانون السلطة المستقلة كل الصلاحيات والمهام الموكلة سابقا في مجال الانتخابات بالوزارات المعنية خاصة منها الداخلية والعدل والخارجية، ولضمان دور وفعالية السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، نص القانون على تواجدها وامتدادها عبر الولايات والبلديات بإنشاء مندوبيات ولائية وبلدية تغطي كافة التراب الوطني، مع العلم أن السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال الإداري والمالي التي يجعلها بمنأى عن كل تدخل قد يسيء أو يمس باستقلالية قرارتها.
أهمية المشاركة الشّعبية الواسعة
يرى مراقبون ومتابعون للشأن السياسي، أنّ استقلالية السلطة والضمانات المكرّسة لتنظيم انتخابات شفافة ونزيهة تبقى ناقصة، ما لم تدعم بالمشاركة الشعبية انطلاقا من التسجيل في القوائم الانتخابية وممارسة المواطنين حقهم الدستوري بالإدلاء بأصواتهم، وتواجدهم الفعلي في مكاتب التصويت ومراقبة العملية من انطلاقها إلى فرز الأصوات وتحرير المحاضر وتعليقها. واعتبروا المشاركة الشعبية الواسعة في الانتخابات الرئاسية المسبقة ذات أهمية كبيرة لعدة أسباب، منها تعزيز الديمقراطية، إذ تعكس المشاركة الفعالة إرادة الشعب وتسمح له بالتعبير عن آرائه ومطالبه، خاصة وأنّ الانتخابات هي الأساس الديمقراطي الذي يعكس توازن القوى ويضمن الشرعية للمؤسسات السياسية، كما تمكّن المشاركة الكثيفة للناخبين من مراقبة العملية الانتخابية، والتأكد من نزاهتها ممّا يساهم في تحقيق الشفافية وترسيخ الإدارة الشعبية. إضافة إلى ذلك تساهم المشاركة في الانتخابات في تعزيز الشعور بالولاء والانتماء للوطن، وتعتبر وسيلة فعالة لخلق حالة من التوافق بين مختلف فئات المجتمع، وتمنح الانتخابات للشعب فرصة لاختيار قياداته القادرة على تلبية تطلعاته.
وتحقيق مشاركة شعبية واسعة حسبهم، لا يساهم فقط في توسيع القاعدة الديمقراطية، بل يعزّز إمكانية تحقيق الإصلاحات الضرورية التي تسعى إليها معظم فئات المجتمع، لذا المشاركة الفعالة يوم الاقتراع تعتبر واجبا وطنيا يسعى كل جزائري إلى المساهمة فيه من أجل مستقبل أفضل.