يؤكّد الخبير في الطاقة مهماه بوزيان تحقيق منجز إستراتيجي متكامل في المجال الطاقوي والمنجمي بين (2020-2024)، ضمن منظور وطني وقاري ودولي، حيث جرى بناء عناصره الأساسية التي ستحقّق تشابك المنجزات الطاقوية والمنجمية والصناعية والشبكية.
ذكر الخبير بوزيان مهماه من المشاريع الكبرى العملاقة التي جرى بعثها في القطاع المنجمي، مشروع غارا جبيلات الذي جرى بعثه في سنة 2022، بعد 70 سنة من اكتشافه، حيث يجري حاليا نشاط التطوير والاستغلال في الجهة الغربية منه والتي تحتوي على (1.7 مليار طن)، «بناء على استغلال الخام المركز لمنجم غارا جبيلات في مركب الحديد الصلب الذي تجري أشغال إنجازه بالمنطقة سيتم إنتاج عربات السكك الحديدية المخصصة لنقل خام الحديد، وأيضا إنتاج السكك الحديدية والقطع الفلاذية، والتي سيتم استخدامها لبناء خطوط السكك الحديدية بطول (6 آلاف كلم) بالجزائر».
وتحدّث الخبير لـ «الشعب»، عن بعث منجم الزنك في سنة 2022، بعد أن كان هذا المشروع حبيس الأدراج لمدة 17 سنة، حيث أن هذا المنجم الذي يعد ثالث أكبر منجم في العالم للزنك والرصاص بعد أستراليا والصين، الواقع في ولاية بجاية، متعاقد حوله مع الشريك الأسترالي، دون أن نغفل على تطوير مورد إستراتيجي عالمي آخر وهو «الفوسفات الذي تحوز الجزائر على ثالث احتياطي عالمي (2.8 مليار طن)، والتعاقد مع مجمع صيني لتطوير مشروع الفوسفات المدمج»، وفق تعبيره.
وشدّد مهماه في السياق، على أن هذه المشاريع الكبرى الثلاثة ستخلق ما يصل إلى 100 ألف منصب عمل مباشر وغير مباشر، في مرحلتي الإنجاز والإنتاج، دون الحديث عن مناصب الشغل الهامة التي ستنشأ على طول مشاريع خطوط السكك الحديدية.
تصدير الإسمنت
في السياق، أبرز الخبير الطاقوي أن «بعث الصناعة المنجمية لعدد من أهم المعادن الأساسية للانتقال الطاقوي (الحديد، الزنك، الفوسفات، الليثيوم)، دون أن نغفل مادة الإسمنت حيث سيزداد الطلب عليها في مخططات تنفيذ مختلف مشاريع الانتقال الطاقوي»، مبرزا أن الجزائر أصبحت دولة مصدرة للإسمنت، مع تنظيم واستغلال الذهب في الجنوب الجزائري.
أما عن ملف الطاقات المتجددة، فقد أكد الخبير ذاته، «مباشرة تجسيد البرنامج الوطني والذي يستهدف تجاوز سعة 15000 ميغاواط من محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في آفاق 2035، من خلال بدء تنفيذ برنامج من 3000 ميغاواط كمرحلة أولى، والذي ستدخل أولى محطاته حيّز الخدمة قبل نهاية هذه السنة 2024».
ويقول محدثنا إنّ «انطلاق للإنتاج المتنامي للكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، سيسمح بتضاعف قدرات الطاقة المتجددة في الجزائر، وتجاوز عتبة المليون مركبة عاملة بغاز البترول المميع، بعدما كان تعدادها 490 ألف مركبة تعمل بهذا الوقود مع نهاية عام 2019، ما يسمح بتخفيض كبير في استهلاك البنزين، حيث انتقل الاستهلاك الوطني من البنزين من 4.4 مليون طن في عام 2015 إلى 3.3 مليون طن في سنة 2022، أي توفير ما يزيد عن مليون طن من البنزين في سنة 2022 مقارنة بعام 2015.
تعميم التّكوين في الطّاقات المتجدّدة
إلى جانب ذلك – يقول محدّثنا – تم تعميم التكوين في مجال الطاقات المتجددة في الجامعات ومراكز التكوين المهني، مع إنشاء مدرسة وطنية عليا للطاقات المتجددة، وتزويد أزيد من 1000 مدرسة بمعدات الطاقة الشمسية الكهروضوئية، وتوزيع منظومات إنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية في إطار تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية للدعم الريفي وبعث التنمية في مناطق الظل، وإقامة مشاريع الإنارة العمومية الذكية، والمزودة بالمصابيح المقتصدة للطاقة، وتلك العاملة بالطاقة الشمسية على نطاق واسع. وتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال استهلاك الوقود في السوق الوطنية، بـداية من سنة 2022، بما مكّن من توفير أزيد من 2 مليار دولار كانت مخصصة سنويا لاستيراد الوقود.
الجزائر ضمن الكبار المصدّرين للغاز
ولفت بوزيان مهماه إلى «تحوّل الجزائر إلى دولة مصدّرة للوقود، كما تم تحقيق الاكتفاء في مجال إنتاج وقود الكيروسين، وجعل المطارات الدولية الجزائرية محطة توزيع وتزويد الطائرات به، بما يتناسب مع أهمية الموقع الجيوستراتيجي للجزائر، كما أصبحت بلادنا ضمن مجموعة الدول السبع الكبار المصدّرة للغاز الطبيعي المسال».
وفي هذا الإطار، أشار مهماه إلى «تطوير منظومة لتوزيع الغاز الطبيعي على التجمعات السكانية البعيدة عن المناطق الحضرية الكبرى، عن طريق إنشاء «شبكات صغروية تتزود من خزانات غاز مستقلة»، مع تسجيل نمو وتوسع المؤسسات التي تنشط في صناعة وإنتاج الألواح الشمسية الكهروضوئية، وإطلاق برنامج هام وضخم من الاستثمارات، في الاستكشاف والإنتاج والبنى التحتية لنقل الغاز، بقيمة 52 مليار دولارا، كما تم إطلاق برنامج واسع لاستكشاف المحروقات على رقعة إجمالية مساحتها تغطي (7.8%) من مساحة الجزائر.
كما تمّ في هذا السياق، «إطلاق المشاريع الوطنية للبحث العلمي في مجال الأمن الطاقوي، تنصيب المجلس الأعلى للطاقة، جذب أكبر الشركات النفطية العالمية للتعاقد مع سوناطراك في الحقول الجزائرية، مع التنويع الواسع في الشركاء، مع تحوّل سونلغاز إلى شركة مصدرة للمعدّات والتجهيزات والخبرات، وكذلك تحوّل سوناطراك إلى شركة مصدرة للمهارات العالية وأجود الخبرات التقنية، وإعادة بعث برنامج السد الخضر وتوسعته بمليون هكتار، كمشروع وطني استراتيجي».
وخلص محدّثنا إلى التأكيد على أنّ هذه «أهم ملامح المنجز الاستراتيجي الذي تحقّق خلال الخمس سنوات الماضية، كفيل ببناء عناصر النموذج التنموي للدولة الرائدة عبر الاستغلال الأمثل لمقدراتنا الطاقوية، ومواردنا الطبيعية المتنوعة، وتطوير وتثمين المؤهلات الطاقوية والمنجمية الهائلة الكامنة في الجزائر.