لأنبوب الغاز العابر للصحراء أهمية استراتيجية وتنموية لدول العبور الثلاث نيجيريا النيجر والجزائر، يساهم في استغلال أمثل لموارد الغاز، التي تناهز 30 مليار متر مكعب، في زمن تتسارع فيه الخطوات لاستكمال تنفيذ المشروع العابر للصحراء، والانتقال بالأجزاء المتبقية من المشروع، من مرحلة الدراسات التقنية إلى التنفيذ في أقرب الآجال..
ملف: زهراء بن دحمان وآسيا قبلي وعلي مجالدي وسفيان حشيفة وحياة كبياش وعلي عويش
الجزائر حريصة على استدراك التأخر لتعزيز التعاون الإقليمي وفتح آفاق جديدة
تتسارع الخطوات لاستكمال تنفيذ مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء الرابط بين نيجيريا والنيجر والجزائر وصولا إلى أوروبا، والانتقال بالأجزاء المتبقية من المشروع، من مرحلة الدراسات التقنية إلى التنفيذ على أرض الواقع في أقرب الآجال، بالنظر إلى أهمية المشروع الذي تحرص الجزائر رفقة شركائها على إتمام إنجازه واستدراك التأخر، لتعزيز التعاون الإقليمي وفتح آفاق جديدة في مجال الطاقة، إذ سيسهم بشكل كبير بحسب خبراء في تعزيز الاستقرار والنمو الاقتصادي في القارة الإفريقية ويمتن العلاقات الاقتصادية مع القارة الأوروبية.
تلتزم الجزائر ونيجيريا والنيجر باستكمال إنجاز مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء وصولا إلى القارة الأوروبية، وفي هذا الصدد أعلن وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب الأحد الماضي، عن اجتماع “قريب” للدول الثلاث المعنية بهذا المشروع العملاق، بغية متابعة تقدم أشغال إنجازه هذه المنشأة الإقليمية ذات بعد الدولي”.
وقال عرقاب في تصريحات إعلامية عقب استقباله بمقر وزارة الطاقة بالعاصمة، وزير البترول النيجري، صحابي عومارو، إنه “تم الاتفاق على المضي قدما لتجسيد مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء وعقد اجتماع وزاري للدول الثلاثة المعنية في أقرب وقت، على أن يتم ضبط تاريخ ومكان هذا اللقاء بالاتفاق مع وزير النفط لنيجيريا”.
وأوضح عرقاب أن تجسيد المشروع بدأ فعليا من خلال الدراسات التقنية، مؤكدا أن اجتماعات اللجنة الوزارية المشتركة واللجنة التقنية ستتواصل بهدف متابعة مدى تقدم المشروع كما هو مسطر له.
وشكل لقاء عرقاب بوزير البترول النيجري فرصة لمناقشة مدى تقدم المشروع الاستراتيجي لأنبوب الغاز العابر للصحراء TSGP، والتأكيد على مواصلة الاجتماعات التنسيقية لدراسة مختلف جوانب المشروع وكذا الاطلاع على مدى تنفيذ القرارات المتخذة خلال اللقاءات التي جمعت الوزراء الثلاثة المسؤولين عن المحروقات لكل من الجزائر والنيجر ونيجيريا.بدوره، أكد وزير البترول النيجري أهمية مشروع خط أنبوب نقل الغاز العابر للصحراء من أجل إعطائه دفعا جديدا والاستفادة من تأثيراته الإيجابية على التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلدان الثلاث، وكذا استعداد بلاده لاستئناف المشاورات وعقد اجتماع في الأسابيع المقبلة تضم وزراء البترول للدول الثلاث.
وكان وزير الطاقة محمد عرقاب، قد تنقل، أوت الماضي، إلى العاصمة النيجرية نيامي، على رأس وفد وزاري هام ضم مسؤولين من قطاع المحروقات، أجرى خلالها مباحثات مع السلطات النيجرية حول مختلف جوانب المشروع.
وشكلت زيارة العمل هذه، فرصة للطرفين للتأكيد مجددا على مواصلة الاجتماعات التنسيقية لدراسة جوانب مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء TSGP، والاطلاع على وضعية تنفيذ القرارات المتخذة خلال اللقاءات التي جمعت الوزراء الثلاثة المسؤولين عن المحروقات لكل من الجزائر والنيجر ونيجيريا، والتي كانت آخرها المنعقدة في جويلية 2022 بالجزائر العاصمة، والمُكللة بالإمضاء على مذكرة تفاهم بين الجزائر، النيجر ونيجيريا للتأكيد مجددا على التزام الدول الثلاث لمواصلة واستكمال أعمال فرق الخبراء لتجسيد هذا المشروع الاستراتيجي، والتأكيد بقوة على رغبة الأطراف المشاركة في المضي قدما في تحقيقه.
في هذا الشأن، ذكر الوزير عرقاب أن الجزائر ونيجيريا والنيجر، مقتنعة بأهمية مشروع خط أنبوب نقل الغاز العابر للصحراء من حيث تأثيره الإيجابي على التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلدان الثلاثة وكذا على مناطق العبور، في سياق جيوسياسي وطاقوي خاص، يتميز بطلب مرتفع على المحروقات، لاسيما الغاز الطبيعي.
ولم يتبق من إنجاز هذه المنشأة الطاقوية الهامة سوى نحو 1800 كلم منها من إجمالي طول المشروع، المقدر بـ4128 كلم، وتخص الأشغال المتبقية 100 كلم على مستوى نيجيريا، و1000 كلم بالنيجر، و700 كلم بالجزائر، وسيعتمد هذا المشروع على شبكات الغاز الموجودة في الدول المعنية بشكل يسهل نقل الغاز، وسيستفيد من الإمكانات المتوفرة في الجزائر من حيث البنية التحتية، خاصة شبكة النقل ومركبات الغاز الطبيعي المميع والمنشآت البتروكيماوية، فضلا عن الموقع الجغرافي القريب من أسواق الغاز الدولية.
ويعتبر خبراء أنبوب الغاز العابر للصحراء، واحدا من أهم المشاريع الطاقوية في القارة الإفريقية، حيث يسعى إلى تعزيز التعاون الإقليمي ودعم الأمن الطاقوي في المنطقة، فضلا عن تحسين العلاقات الاقتصادية بين البلدان الثلاثة، ومع القارة الأوروبية.
وتكمن أهمية المشروع في تعزيز الأمن الطاقوي، حيث سيساهم في تعزيز الأمن الطاقوي في البلدان المستفيدة من الغاز النيجيري، ويخفف من اعتماد بعض الدول الأوروبية على مصادر الغاز التقليدية، كما يرمي إلى فتح أسواق جديدة تسهل وصول الغاز النيجيري إلى الأسواق الأوروبية، بالإضافة إلى مساهمته في تنمية البنية التحتية داخل الدول الثلاثة، وبالتالي، تحسين الاقتصاد المحلي وتعزيز فرص العمل.وتقدر حجم الاستثمارات المتوقعة في هذا المشروع الكبير، بحوالي 13 مليار دولار أمريكي، مما سيسهم في دفع عجلة الاقتصاد في الدول الثلاثة بطرق متعددة، منها زيادة إيرادات التصدير، إذ من المتوقع أن يزيد المشروع من القدرة التصديرية للغاز النيجيري، وبالتالي زيادة الإيرادات الوطنية، كما يساهم في تحفيز الاستثمار الأجنبي حيث يعتبر هذا المشروع جاذبا للاستثمارات الأجنبية المباشرة، مما يسهم في تحسين الحالة الاقتصادية للدول المعنية.كما سيكون لمشروع أنبوب الغاز أهمية كبيرة في تعزيز العلاقات بين الدول الأفريقية والدول الأوروبية، بالنظر إلى التحدّيات الحالية التي تواجهها الدول الأوروبية في الحصول على مصادر طاقة بديلة، وهو ما يجعل هذا المشروع فرصة مهمة لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتعاون الطاقوي بين القارتين، وتعزيز بذلك مكانة إفريقيا كمصدر رئيسي للطاقة في العالم.
عصب التنمية بإفريقيا من نيجيريا إلى الجزائر
يكتسي أنبوب الغاز العابر للصحراء أهمية استراتيجية واقتصادية وتنموية، بالنسبة لدول العبور الثلاث نيجيريا النيجر والجزائر، حيث من المقرّر أن يساهم في استغلال أمثل للموارد الهائلة من الغاز، ودر موارد مالية معتبرة تضخ في تنمية الاقتصاد ودفع عجلة التصنيع في هذه البلدان. وبفضل طاقة استيعاب تناهز إلى 30 مليار متر مكعب، سيساهم في حركية تنموية في المناطق التي يمر منها في شمال وشمال شرق ووسط نيجيريا وعلى امتداد النيجر، في طريقه إلى تزويد أوروبا بالغاز الطبيعي.
يتقدّم مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء والمعروف اختصارا أيضا بـ«نيغال” بوتيرة متسارعة، بعد أن أنهت نيجريا الشطر الخاص بها، وأنجزت الجزائر الشطر الأكبر منه، في انتظار أن يتم إنجاز الشطر المتبقي في النيجر. وسيعود المشروع بالنفع على الدول الثلاث، فمن جهة أولى ستكون له عائدات مالية معتبرة، خاصة بالنسبة للنيجر التي ليس لها منفذ بحري. ويوفر الطريق الصحراوي بديلا جيدا لنقل غازها إلى أوروبا، ومنه، تقليص تكاليف النقل البحري عبر نيجيريا. وكذلك الأمر بالنسبة لنيجيريا التي تسعى لاستغلال أكبر لمواردها الغازية، خاصة وأنها تملك أكبر احتياطي إفريقي.
من جهة ثانية، ستكون للأنبوب عائدات على المستوى الجيو-سياسي، ما يعني أنه سيزيد من ثقل كل دولة على حدة، وفي إطار جماعي أيضا، وذلك في توحيد الرؤى لتعزيز المكانة الطاقوية في السوق العالمية، مع احتمال أن يتحوّل الأنبوب إلى المصدر الأول للغاز في أوروبا، التي يتزايد الطلب فيها على الغاز.
من جهة أخرى، يفتح أنبوب الغاز الطريق أمام نيجيريا والنيجر لولوج السوق العالمية للغاز باستغلال الشبكة التي طورتها الجزائر على مدار السنوات الماضية، إضافة إلى الخطة التي وضعتها خلال السنوات الخمس الماضية لتطوير قدراتها الإنتاجية في مجال النفط والغاز بقيمة 40 مليار دولار.
اندماج جهوي
أما على المستوى القاري، سيعزّز الأنبوب علاقات التعاون بين الدول الثلاث، وينهي أحلام أطراف حاولت جاهدة تحويل مسار أنبوب الغاز إلى أراضيها، وهو ما لن تقدر عليه الدول التي سيمر عليها، أولا نظرا للتكلفة الباهظة، مقارنة مع المرور عبر الصحراء، وثانيا للمدة التي سيستغرقها مد أنابيب عبر 13 دولة، لا تتوفر على شبكة أنابيب، وهو ما يجعل عائدات المشروع ضئيلة جدا، وعلى المدى البعيد أيضا.
تقدّم ملحوظ
وفيما يتعلق بالشق الميداني لمشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء، تشرف الشركة الوطنية “سوناطراك” على مشروع البحث والاستكشاف في الحقل النفطي الواقع برقعة كفرا شمال النيجر، وهو الحقل الرئيسي المقرر انطلاق الأنبوب منه بالنسبة للنيجر.
من جهة أخرى، وقعّت “سوناطراك” على مذكرة تفاهم مع الشركة الوطنية النيجيرية للبترول “سونيداب”، وهي شركة تنشط في مجال الطاقة وتوفير المواد البترولية في النيجر، وتسمح المذكرة بتباحث فرص التعاون في مجالات استكشاف واستغلال المحروقات، والتكرير والبتروكيمياء، إضافة إلى التسويق وتوزيع المنتجات البترولية، ومساعدة النيجر أيضا في إنجاز الشق الخاص بها.
وبالنسبة لنيجيريا، فقد أعلنت شهر جوان الماضي عن تسليم أحد أهم أجزاء أنبوب الغاز العابر للصحراء “نيجيريا- الجزائر نيغال”، في شطره الرابط بين “أجاكوتا وكادونا وكانو” داخل ترابها، على طول 614 كلم، وذلك في الثلاثي الأول من سنة 2025، ما يعني الانتهاء من الشطر الأول في خط الأنابيب الواصل بين نيجريا وحدود النيجر، في حين ينتظر أن تنجز النيجر ألف كلم، والجزائر 700كلم من أصل نحو 3000 كلم، تتوفر منها الجزائر على شبكة تقدر بـ2310 كلم في حيز الخدمة.
وتتوفر الجزائر ونيجيريا على احتياطات من الغاز الطبيعي هي الأكبر في إفريقيا، بمجموع 4.500 مليار متر مكعب 5.100 مليار متر مكعب على التوالي، وفي حين احتلت نيجيريا المرتبة الأولى إفريقيا من حيث الاحتياطات التي تشكل 3 بالمائة من احتياطات العالم المؤكدة، تحافظ الجزائر على المرتبة الأولى، إفريقيا، والعاشرة عالميا، من حيث إنتاج الغاز الطبيعي، بنحو 101.5 مليار متر مكعب، خلال 2023، ساعدها في ذلك الشبكة المتطورة للأنابيب على طول التراب الوطني، التي تعد الأكبر في القارة الأفريقية.
وبحسب أرقام منظمات متخصصة، صدرت الجزائر ونيجيريا مجتمعتين 86 في المائة من صادرات الغاز الإفريقي عام 2020، منها 58 في المائة للجزائر و28 في المائة لنيجيريا، ووجهت أكثر من 62 في المائة من هذه الصادرات إلى أوروبا.
عزم وإصرار
وتعكس اللقاءات الثنائية ومتعددة الأطراف بين الجزائر والنيجير ونيجيريا، عزم الدول الثلاثة على المضي قدما لتحقيق مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء، من نيجيريا إلى الجزائر مرورا بالنيجر، المعروف اختصارا بـ«نيغال”، من أجل تعزيز التنمية الإقليمية والتعاون الثنائي، وفي السياق جمعت وزراء الطاقة من الجزائر والنيجر ونيجيريا، لقاءات ثلاثية، كان آخرها لقاء جويلية 2022 بالجزائر العاصمة.
وانتهى الاجتماع بالتوقيع على مذكرة تفاهم بين الجزائر، النيجر ونيجيريا، للتأكيد مجدداً على “التزام الدول الثلاثة لمواصلة واستكمال أعمال فرق الخبراء لتجسيد هذا المشروع الاستراتيجي، والتأكيد بقوة على رغبة الأطراف المشاركة في المضي قدما في تحقيقه. على أن يتم اجتماع تشاوري آخر، خلال الأيام المقبلة.
وتلا ذلك زيارة وزير التجارة والصناعة لجمهورية النيجر، سيدو أسمان، للجزائر أياما بعد زيارة الوزير عرقاب، حيث اتفق الطرفان على تقوية التعاون الاقتصادي بتنظيم تظاهرات اقتصادية ومعارض مشتركة مع جمهورية النيجر، وكذا تنظيم معارض دائمة للمنتجات الجزائرية بالنيجر، وذلك في إطار تعزيز علاقات التعاون الثنائية، خاصة وأن السنة الجارية عرفت مشاركة “قوية” للنيجر في معرض الجزائر الدولي.
رؤية جديدة لتعزيز التكامل الاقتصادي الإفريقي
شهدت العلاقات الجزائرية النيجيرية دفعة قوّية في مجال التعاون الطاقوي مع الزيارة الأخيرة لوزير البترول النيجري صحابي عومارو، إلى الجزائر، حيث تم التوقيع على عدة اتفاقيات لتعزيز التعاون، خاصة ما تعلق بمشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء، هذا المشروع الطموح والذي يمثل شريانًا حيويًا للطاقة في المنطقة من شأنه أن يعزّز التكامل الاقتصادي بين الدول الثلاث ويدعم أمن الطاقة العالمي ويأتي هذا التعاون في إطار تسعى فيه الجزائر إلى تعزيز دورها كمحور للطاقة في القارة الأفريقية.
ويمتد مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء على مسافة شاسعة تبلغ 4128 كيلومتراً، ليصل بطاقة إنتاجية سنوية تقدر بـ 30 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي. ويهدف هذا المشروع الضخم إلى ربط حقول الغاز النيجيرية بالأسواق الأوروبية، مروراً بالنيجر والجزائر، مما يمثل نقلة نوعية في مجال الطاقة الإقليمية.
ووصلت أعمال إنشاء خط أنابيب الغاز العابر للصحراء إلى مرحلة متقدمة، حيث يتبقى إنجاز 100 كيلومتر في نيجيريا، و1000 كيلومتر في النيجر، و700 كيلومتر في الجزائر. وبذلك، يكون إجمالي الطول المتبقي من المشروع حوالي 1800 كيلومتر من أصل 4128 كيلومتراً.
شراكة رابح-رابح
بالنسبة لنيجيريا، يشكل المشروع فرصة ذهبية لزيادة صادراتها من الغاز الطبيعي إلى أوروبا ومن المتوقع أن يسهم الأنبوب في رفع صادرات نيجيريا إلى نحو 25-30 مليار متر مكعب سنويًا عبر الأنابيب، وهو ما يساهم في تعزيز إيرادات البلاد من العملة الصعبة، واستقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، بالإضافة إلى تعزيز دورها كمصدر رئيسي للغاز في أفريقيا.
نيجيريا، التي تعد واحدة من أكبر الدول المنتجة للغاز في القارة، ستتمكن من خلال هذا المشروع من الوصول بسهولة إلى الأسواق الأوروبية، التي تشهد ارتفاعًا متزايدًا في الطلب على الغاز، خاصة مع التوجهات العالمية نحو تقليل الاعتماد على الموردين التقليديين للسوق الأوروبي.
بالنسبة للنيجر التي تعد من الدول الإفريقية الأكثر فقراً، يعتبر المشروع فرصة لتحقيق إيرادات كبيرة من خلال رسوم عبور الغاز عبر أراضيها، هذه الإيرادات ستساهم في دعم التنمية المحلية، وتمويل مشاريع البنية التحتية والخدمات العامة، مما يعزّز استقرار الاقتصاد المحلي، ويوفر فرص عمل جديدة، وأشار وزير البترول النيجري إلى أن النيجر تتطلع إلى الاستفادة من هذا المشروع ليس فقط من الناحية الاقتصادية، ولكن أيضًا من خلال التعاون مع الجزائر لتطوير قدراتها في قطاع الطاقة، خاصة في مجال التكوين المهني وتعزيز المهارات التقنية للعاملين في هذا المجال.
الجزائر، من جهتها، تعتبر هذا المشروع خطوة مهمة نحو تعزيز مكانتها كمركز طاقوي إقليمي. الجزائر هي ثالث أكبر مصدر للغاز إلى أوروبا وأحد أكبر منتجي ومصدري الغاز في العالم، ويعد مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء فرصة لتعزيز قدراتها التصديرية، وفتح آفاق جديدة للتعاون الطاقوي مع إفريقيا وأوروبا. إلى جانب ذلك، يسهم المشروع في تعزيز الدور الاستراتيجي للجزائر في توفير الغاز الطبيعي للقارة الأوروبية، التي تسعى لتنويع مصادر الطاقة، خاصة في ظل التطورات الجيو-سياسية الراهنة. كما أن الجزائر تسعى إلى استغلال هذا المشروع لتحسين بنيتها التحتية الطاقوية وتطوير قدراتها الصناعية في هذا القطاع.
وفي وقت يشهد فيه العالم تحولًا نحو زيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة، يأتي هذا المشروع ليعزّز من دور الغاز الطبيعي كعنصر أساسي في هذا التحول. مع تزايد الطلب العالمي، خاصة في أسواق آسيا النامية، ويكتسب هذا المشروع أهمية استراتيجية بالغة، حيث يساهم في تأمين إمدادات الطاقة منخفضة الكربون، وتعزيز الأمن الطاقوي، ودفع عجلة النمو الاقتصادي.
مختصون وخبراء: مشروع الغاز العابر للصّحراء.. أبعاد إستراتيجية كبرى
أكّد مختصّون وخبراء في تصريحات متطابقة، أنّ أنبوب الغاز العابر للصحراء بين الجزائر ونيجيريا مرورا بجمهورية النيجر، يكتسي أبعادا إستراتيجية اقتصادية وتجارية كبرى، ستعود بالنفع والفائدة على كامل منطقة الساحل وشمال إفريقيا، ويُمهِّد لتقوية البنى التحتية المحلية ونمو اقتصاديات الدول المحتضنة للمشروع الطاقوي وتنويع مصادر دخلها القومي.
في هذا الصدد، قال الخبير الدولي في الاقتصاد والمالية، البروفيسور نبيل جمعة، إنّ أنبوب الغاز العابر للصحراء (Trans-Saharan Gas Pipeline – TSGP)، هو مشروع استراتيجي يمتد بين الجزائر ونيجيريا لنقل الغاز الطبيعي من حقول نيجيريا عبر النيجر ثمّ إلى الجزائر، ومنها إلى قارة أوروبا.
وأوضح البروفيسور جمعة نبيل في تصريح لـ “الشعب”، أنّ هذا المشروع الغازي القاري يحمل عدة فوائد إستراتيجية تجارية واقتصادية للطرفين الجزائري والنيجيري، ولمنطقة السّاحل برمّتها كونه ممرًّا رئيسيًا لنقل الغاز النيجيري من جنوب الصحراء إلى أوروبا، ممّا سيسهم في تنويع مصادر الغاز الأوروبي، لاسيما مع التحولات الطاقية في العالم.
وأضاف جمعة أنّ أنبوب الغاز العابر للصحراء سيُمكِّن من تحقيق الأمن الطاقوي لقارة إفريقيا، وسيسمح للدول المعنية بمساره، مثل النيجر من الحصول على كمية من الغاز سواءً للاستهلاك المحلي أو التصدير، مما يعزّز من وضعية الأمن الطاقوي في تلك الدول، ويدفع نحو تحسين الظروف التنموية والاقتصادية بها.
وأفاد جمعة في قراءة للقاء وزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب مع نظيره النيجري، أنّ الاجتماع ركّز على أهمية التعاون الوثيق وتنفيذ هذا المشروع الغازي الحيوي الذي سيعزّز من مكانة الجزائر كمحور رئيسي في نقل الطاقة إلى قارة أوروبا، وكذا التأكيد على الاستفادة المشتركة في عدّة جوانب بين البلدين.
وبخصوص تعزيز التعاون الطاقوي بين بلدان المشروع، قال محدّثنا إن الشراكة الطاقوية ستتقوّى من خلال إنجاز هذا الأنبوب الذي يُمثِّل جسرًا بين قارتي إفريقيا وأوروبا، وسينجم عنه تبادلا للمعرفة والتكنولوجيا بين البلدان في مجال إنتاج ونقل الغاز، ناهيك عن دوره في تحسين العلاقات التجارية بين أصحاب المشروع ودول أوروبا، بحسب قوله.
علاوة على ذلك، سيساهم هذا المشروع في مواجهة تحديات الطاقة الدولية، نظرا إلى تزايد الطلب على الغاز الطبيعي عالميًا، وهو ما سيجعله لاعبا هامًا في تلبية هذا الطلب، ومحفزا لوضع الجزائر واعتبارها مزودا رئيسيا دوليا للطاقة، ويدعم اقتصادها ويُنوِّع مصادره، ويعزز عائداتها من العملة الصعبة في المستقبل.من جهته، أكد رئيس مجلس الاستثمار والتعاون الدولي، حمروني اسماعيل، في اتصال مع “الشعب”، أنّ الطّلب المتزايد على مادة الغاز في دول أوروبا والعالم، أعاد إحياء تجسيد هذا المشروع، في ضوء رغبة أوروبا الجامحة في تنويع مصادرها الطاقوية وتقليل الاعتماد على الغاز الروسي.
ولفت حمروني إلى أهمية اللقاء الذي جمع وزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب مع نظيره من جمهورية النيجر، الذي شهد التزاماً مشتركاً على إحياء مشروع أنبوب الغاز وتسريع وتيرة إنجازه، منوّهاً أن هذا الاجتماع عكس الاهتمام المتزايد من كلا الدولتين لتطوير البنية التحتية الطاقوية وتعزيز التعاون الإقليمي بمختلف المجالات بين البلدين الجارين.
وأردف المتحدث ذاته، أن الجزائر تحتوي على واحدة من أضخم شبكات خطوط الأنابيب الغازية في قارة إفريقيا، وتتميز بموقع جغرافي إفريقي متوسطي هام جدا، يمكنها من أداء دور محوري في تصدير الغاز الطبيعي وباقي المنتجات إلى أوروبا، ممّا جعلها مركزا حيويا للعبور الطاقوي العالمي مؤهلا لاحتضان مشاريع في هذا الخصوص.
من الناحية الاقتصادية، سيتيح هذا المشروع توفير فرص عمل واسعة النطاق، ويساهم في تحقيق الاستقرار التنموي والاقتصادي المستدام في الدول المعنية بإنجازه في منطقة الساحل الإفريقي، بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية الطاقية في النيجر ونيجيريا، وتقوية قدرة تلك الدول على الاستثمار في مواردها واستغلالها على نحو أفضل، يضيف حمروني.
فضلا عن ذلك، يُمثِّل إنجاز أنبوب الغاز العابر للصحراء سانحة لتعزيز الاستقرار السياسي والأمني في كامل الإقليم، من خلال رفع مستويات التعاون بين دول الساحل الإفريقي، وتمتين العلاقات وتعزيز المصالح المشتركة في شتى المناحي.
عبد الرحمن هادف: “نيغال” يساهم في استقرار توريد مصادر الطّاقة
اعتبر الدكتور عبد الرحمن هادف الخبير في الاقتصاد، مشروع أنبوب الغاز الضخم العابر للصحراء ما بين الجزائر ونيجيريا مرورا بالنيجر، مشروعا استراتيجيا يفتح رواقا اقتصاديا كبيرا ، وبالتالي سيكون له أثر إيجابي على التنمية المحلية.
أوضح الخبير هادف في تصريح لـ «الشعب»، أنّ مشروع أنبوب الغاز العابر لصحراء الدول الإفريقية الثلاث: الجزائر، النيجر ونيجيريا، من المشاريع المهيكلة ليس على مستوى الإقليمي فحسب، بل على المستوى القاري كذلك، مؤكّدا على أهميته الجيو-سياسية.
يرى هادف أنّه من خلال هذا المشروع، سيكون للدول الثلاث المعنية دور مهم في تزويد السوق العالمية بالطاقة، خاصة الغاز الطبيعي الذي ستسمح هذه المنشأة القاعدية المتمثلة في أنبوب الغاز العابر للصحراء، في تسهيل تصديره بصفة منتظمة ومتواصلة إلى السوق ليعرض في أهم أسواق العالم وهو السوق الأوروبية، وهذا ما سيعطي دورا كبيرا بالنسبة لهذا التكتل من الدول الإفريقية، مشيرا إلى أنّ بلادنا تحتل المرتبة الثانية بعد النرويج في تزويد أوروبا بالغاز.وركّز هادف في تصريحه على الأهمية الاقتصادية لهذا المشروع، نظرا لضخامته وتكلفته الباهظة التي تفوق 13 مليار دولار، وهذا ما سيوسّع آفاق التنمية على مستوى المنطقة ككل، كما سيسمح ببعث نشاطات في مجال المحروقات في دولة النيجر.
وقال المتحدث إنّ مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء يكتسي أهمية على المستوى القاري، إذ ستستفيد منه إفريقيا على المستوى الجيو-سياسي، تماما مثلما يمثل لأوروبا استقرار توريد الطاقة، خاصة وأنه من المتوقع حسب «منتدى الدول المصدرة للغاز» أنّ الطلب العالمي على الغاز الطبيعي سيرتفع بالتوازي مع ارتفاع حجم التعاملات الغازية.
ولفت محدّثنا – في السياق – إلى عوائد هذا المشروع التي ستتيح تطوير التنمية الاقتصادية على مستوى الدول المعنية، خاصة وأنه أصبح من الضروري المسارعة في مسار التنمية على مستوى الدول الإفريقية، ويعد هذا من بين أهداف أجندة الاتحاد الإفريقي لـ 2063.
وذكر الخبير أنّ المشروع سيسمح للجزائر بتطوير المنشآت القاعدية على الأمد المتوسط لمستوى تطلعات الزبائن، وسيكون له أثر إيجابي على المداخيل، ممّا سيسمح لبلادنا بمواصلة تنفيذ مشروع التحول الاقتصادي، كما أن القطاعات على اختلافها من الصناعة إلى الخدمات والبناء والأشغال العمومية، ستستفيد هي الأخرى من المسار.
آفاق واسعة للتنمية والتعاون الإقليمي
انتقلت العلاقات الثنائية التي تربط الجزائر بجمهورية النيجر إلى مستوى آخر من التعاون والانسجام القائم بين البلدين، محقّقة بذلك تطلعات قائدي البلدين اللذين يحرصان على تعزيزها وتقويتها في إطار الشراكة القائمة في العديد من المجالات بما فيها مجال المحروقات.
شكّلت الزيارة الأخيرة لوزير البترول النيجيري صحابي عومارو إلى الجزائر، محطّةً أخرى في مسار العلاقات الأخوية التي تربط الجزائر والنيجر، وهو ما جاء على لسان ضيف الجزائر الذي أعرب عن ارتياحه الشديد للعلاقة التي تربط سوناطراك بالشركة الوطنية للبترول SONIDEP، معبراً عن شكره العميق للدولة الجزائرية على استعدادها الكامل في مرافقة بلاده في جهودها التنموية.
يشكّل المشروع الاستراتيجي “أنبوب الغاز العابر للصحراء”، أحد محاور اللقاء الذي جمع وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب بنظيره النيجيري.. اللقاء كان فرصة لمناقشة مدى تقدّم المشروع، مع التأكيد على المُضي قُدماً في عقد الاجتماعات التنسيقية لدراسة مختلف جوانبه، والاطلاع على مدى تنفيذ القرارات المتّخذة خلال القاءات التي جمعت الوزراء الثلاثة المسؤولين عن المحروقات لكل من الجزائر، النيجر ونيجيريا.
ويكتسي هذا المشروع الاستراتيجي أهميةً بالغة للبلدان الثلاث، فهو إلى جانب كونه أداةً لنقل غاز نيجيريا إلى الجزائر عبر النيجر، يُعدُّ كذلك ذو أبعادٍ تنموية على كامل المنطقة، وسيسهم بشكل كبير –بحسب محلّلين – في حلحلة قضايا عديدة شائكة، من قبيل الإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية.لقاء وزير الطاقة الجزائري بنظيره النيجيري حمل رسائل ودلالات عدة، فشريان الساحل الذي سيغيّر وجه المنطقة، سيوقف بلا شك مسلسل أضغاث الأحلام التي يعيشها البعض ممن يتوهّمون وجود بدائل أخرى للخط غير الجزائر، وسيُرجع هؤلاء بـ«خُفّي حُنين” بعد المسرحية الهزيلة التي كان ضحيتها رأيهم العام المحلي.
إن الشروع الفعلي في استغلال أنبوب الغاز العابر للصحراء، سيمكّن من تحقيق مكاسب اقتصادية وطنية وإقليمية للدول الثلاثة، وستمتد تبعاته وآثاره الجانبية إلى الجوانب الاجتماعية، الأمنية والسياسية، وهو يندرج –أي المشروع – في إطار تجسيد إحدى محاور برنامج رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، والمتعلقة بإرجاع الجزائر إلى عمقها الافريقي وتعزيز الشراكة الاقتصادية جنوب-جنوب وفقاً لمقاربة تربط الاستقرار السياسي والامني بتحقيق التنمية المحلية.
يعد مستوى العلاقات الجيدة التي تربط الجزائر بنيجيريا، والجزائر بالنيجر، دافعاً قوياً ومحفزاً للإسراع في انجاز خط الغاز العابر للصحراء، وما اللقاءات الثنائية والثلاثية التي تجمع وزراء المحروقات للدول الثلاث إلا دليل على التزام صادق نحو تعزيز الروابط الاقتصادية فيما بينها.
وسيسمح هذا المشروع – بمجرد دخوله حيز الخدمة – بتزويد دول الساحل بالغاز انطلاقاً من حقول نيجيريا، وصولاً الى الأسواق الأوربية عبر الشبكة الجزائرية.
ويستفيد هذا المشروع من البنية التحتية الطاقوية الضخمة التي تحوزها الجزائر، خاصة شبكة الأنابيب الممتدة لآلاف الكيلومترات ومركّبات الغاز الطبيعي والمنشآت البتروكيمياوية، فضلاً عن موانئ الشحن المطابقة للمواصفات العالمية.
قطع مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء أشواطاً متقدمة، خاصة مع وجود شبكات نقل جاهزة في كل من نيجيريا والجزائر، وتبقى الجهود منصبّة حالياً من الدول الثلاثة حول كيفية الإسراع في إنجاز الشطر المتعلق بالأنبوب الواقع داخل التراب النيجيري والممتد على مسافة تقارب 1000 كلم، من خلال البحث أو العمل على حشد الموارد المالية اللازمة لتمويل المشروع في ظل الصعوبات المالية التي تواجه النيجر، إلى جانب 100 كلم على مستوى نيجيريا، و700 كلم داخل التراب الجزائري، أي ما يعادل 1800 كلم من طول الأنبوب البالغ 04 آلاف كلم.وتُعدُّ هذه المعطيات مؤشرات إيجابية نحو التجسيد الفعلي للمشروع وطيّ ملفه نهائيا، بعد اللغط الإعلامي الذي صاحبه من طرف بعض الجهات التي سعت إلى تقزيم المشروع والادعاء بعدم مردوديته الاقتصادية، بل وطرحت هذه الجهات مشروعاً بديلاً يمر عبر 12 دولة إفريقية وسوّقت له عبر آلتها (الإعلامية الشبيهة) على أنه أكثر نجاعة من خط نيجيريا النيجر الجزائر.