دفعت الرياضة الفلسطينية منذ بدء العدوان الصهيوني على قطاع غزة خلال سنة كاملة ثمنا باهظا على الصعيد البشري والبنية التحتية، حيث كشفت آخر التقارير عن استشهاد أكثر من 400 شهيد من رياضيين ومسيرين ومدربين، وكذا مئات من لاعبي أكاديميات كرة القدم من الأطفال في غزة والضفة الغربية.
أبرز ضحايا الرياضة الفلسطينية مدرب المنتخب الفلسطيني الأولمبي هاني المصدر (أبو العبد)، ولاعبيْ المنتخب الفلسطيني الأول إسماعيل المغربي ومحمد بركات.
تمّ تدمير 42 منشأة رياضية بالكامل، بما فيها 7 منشآت رياضية في الضفة الغربية، بنسبة 70 بالمائة من المنشآت الرياضية الفلسطينية، ومنها من استعمل كمعسكرات اعتقال لاحتجاز آلاف الفلسطينيين.
اتّصلنا ببعض اللاعبين القدامى ومدربين للحديث عن محاولة الكيان الصهيوني القضاء على الرياضة الفلسطينية، وقالوا عن هذا الموضوع:
اللاّعب السّابق رضا ماتام: تدعيم المنتخبـات الفلسطينيـة لضمان التّمثيـل الرّياضي للقضـية
«العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني لا يفاضل أحدا على آخر، ويسعى لقتل أكبر عدد ممكن من السكان المقيمين في قطاع غزة والضفة الغربية، وهو ما وثقته الكاميرات، الحمد لله هناك موقف شجاع للدولة الجزائرية التي لم تكتف بالتنديد فقط، بل أنهكت الدبلوماسية الجزائرية بلدان عظمى في الأمم المتحدة لنصرة القضية الفلسطينية، باستدعاء سفراء العالم وحثهم على تطبيق وقف إطلاق النار، وفضحت تواطؤهم في أكثر من مناسبة، وهذه شجاعة كبيرة من الجزائر.
الشعب الجزائري ثوري ومناضل، ويعي جيدا ما يحدث في فلسطين المحتلة لأننا عشنا ويلات الاستعمار، وأثبتنا في أكثر من مرة بأن فلسطين قضيتنا الأولى، والدليل على ما أقول ليس هناك دولة في العالم شعبها يتمنى الهزيمة لبلده لكي يفوز منافسه فوق أرضية الميدان، وهو ما حدث في اللقاء الودي بين المنتخبين الجزائري والفلسطيني بملعب 5 جويلية الأولمبي، وأنا كنت واحدا منهم، أجدادنا رسخوا حبنا لفلسطين وهو ما قمنا به مع أبنائنا.
بالنسبة لإبادة الرياضيين وتدمير المنشآت الرياضية هي خطة من طرف الصهاينة لكبح الرياضة ولو جزئيا، لأن الرياضة أصبحت تمس العديد من القطاعات على غرار الاقتصاد والسياسة، وهي واجهة لإثبات قوة الأمم، رياضي واحد يمكن أن يجلب لبلده سمعة وشهرة كبيرة، ولهذا يعمل الصهاينة على عدم وجود أي ممثل للرياضة الفلسطينية في المستوى العالي، حتى لا يصنع الحدث لدى وسائل الإعلام، وخير دليل على ما أقوله ما صنعه فريق جبهة التحرير الوطني في عالم كرة القدم، الذي جلب إضافة نوعية للثورة التحريرية عبر العالم، الأمر الذي أكسبها قوة أكبر بشهادة زعماء عدة بلدان، ونتمنى أن تفتح الأبواب أمام مختلف المنتخبات الفلسطينية، للقيام بتربصات في مختلف البلدان العربية، ودعمه ماديا للوقوف ضد خطة قمع الرياضة الفلسطينية.
الإعلام يلعب دورا كبيرا في فضح آلة القتل الصهيونية، وجريدة «الشعب» مشكورة على هذا الملف المهم، ويجب أن نواصل الحديث عن مخلفات العدوان على فلسطين في كل القطاعات».
المدرّب محمـد ميهوبي: هكـذا تمّ التّخطيط لمحو الرّياضة الفلسطينية
«أولا أتمنى الرّحمة للشّهداء، والشفاء العاجل لكل الجرحى والمصابين..ثانيا، الشعب الفلسطيني أدهش الكيان الصهيوني بصموده ورفضه مغادرة أرضه، وفي الزمن الحالي إذا أردت أن تدمّر أي بلد عليك أن تتجه مباشرة إلى الرياضة، التي تعتبر واجهة لذلك البلد في أكبر المحافل الدولية. الكيان الصهيوني شاهد المساندة الكبيرة للرياضيين العرب والأوروبيين الناشطين في مختلف البطولات العالمية، وكذا جماهير الكرة في العديد من البلدان التي رسمت أجمل الصور في المدرجات مساندة للقضية الفلسطينية، وبعد مشاركة الرياضيين الفلسطينيين في الألعاب الأولمبية باريس 2024، تم التخطيط للمرور إلى خطة جديدة بمحو الرياضة الفلسطينية، بالعمل على تغييب الرياضة الفلسطينية من المحافل الدولية، فوجهت آلة القتل والدمار الصهيونية بوصلتها إلى نجوم الرياضة الفلسطينية، وقتلت لاعبي المنتخب الأول، بالإضافة إلى مدرب المنتخب الأولمبي الفلسطيني هاني المصدر، والكثير من مسؤولي ومدربي ولاعبي الفرق الفلسطينية ومئات لاعبي أكاديميات كرة القدم بالأصناف الدنيا للوصول إلى مبتغاهم، بهدف تقليل قوة مختلف المنتخبات الفلسطينية وفي مقدمتها منتخب كرة القدم.
حان الوقت للبلدان المساندة للقضية الفلسطينية مساعدة الرياضيين الفلسطينيين، والتكفل بهم لرفع مستواهم أكثر حتى يكون تمثيلهم أقوى لإفشال خطة الكيان الصهيوني في القضاء على الرياضة الفلسطينية وتمثيلها في المحافل الدولية.
اللّعب السّابق أمين بصغير: متأكّد بأنّ الفلسطينيّين سيعودون أقوى
«فلسطين تمر بمرحلة صعبة للغاية، وتأثر الفلسطينيون في كافة الجوانب (الاقتصادية، السياسية، الاجتماعية، الثقافية وحتى الرياضية) عقب العدوان الصهيوني.
الرياضة تعتبر حلا من الحلول لإعطاء دفعة وخطوة للقضية الفلسطينية، وتعد واجهة يسمح لها بالبقاء في أذهان الشعوب، وتساعد المقاومة معنويا على الصمود وإلحاق هزائم ثقيلة بالعدو، مثلما حدث مع المنتخب الفلسطيني الذي خاض مباراة ودية ضد المنتخب الأولمبي الجزائري بملعب 5 جويلية، بلاعبين ينشطون في فلسطين، بالإضافة إلى تواجد عدد من اللاعبين الفلسطينيين الذين ينشطون بمختلف بطولات العالم، والذين يعدون رمزا للنجاح، كما أن تنديد لاعبينا في مختلف الدوريات بما يحدث والوقوف مع القضية الفلسطينية، أمر جعل الصهاينة يفكرون في تقليص التمثيل الرياضي الفلسطيني بوسائل الإعلام، وذلك عن طريق محاولة محو الرياضة الفلسطينية من الوجود، بقتل الرياضيين والمدربين وحتى لاعبي الفئات الشبانية، وتدمير أكبر عدد ممكن من المنشآت الرياضية، خصوصا بعد الألعاب الأولمبية بباريس، للقضاء على التمثيل الفلسطيني في المنافسات القارية، وهذا الأمر من دون شك سيزيد من عزيمة إخواننا الفلسطينيين، لمواصلة اسماع صوتهم وتأكيد وجودهم عن طريق الكفاح الرياضي، ونتمنى أن نرى في المستقبل رياضيين فلسطينيين يبرزون دوليا في تحدي جديد للقضية الفلسطينية، لأنّنا نعلم بأن من شيم وقوة الفلسطينيين الصمود والاستمرار مهما كانت الظروف، وبالرغم من مرورهم بأصعب سنة منذ بداية المقاومة، إلا أنّني متأكّد من أنّهم سيعودون أقوى في كل المجالات، ويعيدون بناء أنفسهم من جديد».
المدير الفني السّابق للمنتخب الفلسطيني..نور الدين ولد علي: رمجرد تجميـع اللاّعبين أصبـح صعبا
من جهته أكّد المدرب الجزائري نور الدين ولد علي، المدير الفني السابق للمنتخب الفلسطيني خلال فترة 2018 وحتى مارس 2021، أنّ الفلسطينيين لا يعيشون في وضع جيد، ولا تتوفر حرية حركة للمواطنين خاصة منذ بداية العدوان الصهيوني على القطاع، وهذا يجعل التدريبات وممارسة الرياضة عامة وكرة القدم خاصة من الأمور الصعبة للغاية.
وأضاف ولد علي في تصريح لـ «الشعب»، إن الاحتلال الصهيوني استغل كل عدوانه لتدمير كل ما له علاقة بالرياضة الفلسطينية حيث أصبح مجرد تجميع اللاعبين أمر صعب بل شبه مستحيل في الوقت الحالي، بالنظر لحاجة اللاعبين في غزة والضفة الغربية إلى تصاريح خروج للمرور عبر نقاط التفتيش العسكرية للاحتلال موضحا، انه حتى لو تم منحها، يستغرق ذلك بعض الوقت.
وختتم ولد علي حديثه: «إن آلة الدمار منذ بدء العدوان صبت حقدها على كل ما هو فلسطيني، والرياضة نالت نصيبها وعرفت خسائرا كبيرة».
عزيز.ب/الشعب