عادت القضية الفلسطينية إلى واجهة الأحداث، بعدما كادت “صفقة القرن” المشؤومة أن تطوي الملف نهائيا باستدراج دول عربية إلى “مستنقع تطبيع” كان سينتهي باستصدار “وعد بلفور عربي” يتم بموجبه تصفية القضية إلى الأبد، ضمن تسوية يكون قربانها الشعب الفلسطيني، الذي يباد اليوم عن بكرة أبيه؛ لأنه أجهض المؤامرة وأبطل الصفقة.
منتدى الشعب: أمين بلعمري وفتيحة كلواز وهيام لعيون وفضيلة بودريش
الإبادة التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني ليست سوى الوجه الوحشي للمؤامرة الجهنمية التي تستهدف القضية، بعدما تعرى الوجه الناعم لنفس هذه المؤامرة، والتي كان هدفها استكمال احتلال كل الأراضي الفلسطينية أو ما تبقى منها دون إطلاق رصاصة واحدة؟!
ثلث ضحايا حرب الإبادة الصهيونية في غزة.. أطفال
طوفان الأقصى لم يعر المخطط الخبيث الذي كان يستهدف تصفية القضية فقط، لكنه عرى الوجه البشع للكيان المحتل، وبين أنه كيان مجرم يداه ملطّختان بدماء الأطفال والنساء، بينما سوق للعالم، على مدار سبعة عقود، على أنه حمل وديع محاصر بمحيط معاد يريد أن يلقي به في البحر، وهي السردية التي انطلت على العالم لـ 70 عاما ليستيقظ اليوم على مدى بشاعة وفظاعة هذا الكيان المحتل، الذي أسقط عنه الطوفان ثوب الضحية، وأزال عن وجهه كل المساحيق الزائفة.
التّطهير العرقي للفلسطينيّين.. سلاح الجبناء
تجاوز عددهم 41 ألف شهيد بعد عام من العدوان الصهيوني على غزة، عام عنوانه الرئيسي “الإبادة الجماعية والتطهير العرقي للفلسطنيين”، لم يستثن أحدا، فالكل هدف لقنابل الطائرات الحربية حتى الأجنّة في بطون أمهاتهم مستهدفون، وشهد العالم وما يزال الصورة المعدلة لـ “شيطان” لا يرضى بأقل من صفر فلسطيني على أرض فلسطين.
في لقائه مع صحفيّي مختلف المؤسسات الإعلامية، قدّم رئيس الجالية الفلسطينية بالجزائر الأستاذ حمزة الطيراوي، ضيف منتدى “الشعب”، صورة لا تشوبها شائبة عن الإبادة الوحشية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني منذ 7 أكتوبر 2023، إبادة قتلت الضمير الإنساني والقانون الدولي قبل أن تقتل الفلسطيني المتشبّث بأرضه وعرضه، بل وتؤسّس لمحرقة الألفية الثالثة، محرقة يصنع تفاصيلها الدقيقة من استعطف العالم لعقود طويلة باسم “الهولوكست”.
حرب الإبادة التي تعيشها غزة، يغذي استمرارها غرب استخدم كيانا وحشيا ساديا متعطّشا للدماء كرأس حربة، كيان غرسته بريطانيا بالقوة في فلسطين الأبيّة، في محاولة يائسة لما يقارب الثمانية عقود من الزمن، أن يكون وجوده مجرّد عملية “تطعيم” على طريقة تطعيم الأشجار التي تقوم على نقل جزء من نبات إلى نبات آخر.
لكن الغرب نسي أنّ هذا الشكل من التطعيم، يستعمله الفلاح مع الأشجار المثمرة ولا ينجح إلا معها، فكيف لكيان سام كالكيان الصهيوني أن ينمو ويزهر على أرض فلسطين الأبية، فهذه النبتة الخبيثة يستحيل قبولها؛ لأنها حتى وإن تبقى على قيد الحياة يجب عليها القضاء على حياة الشجرة المثمرة التي غرست فيها، هذا هو الواقع الذي يريد فرضه جيش الاحتلال على الفلسطينيين باقتلاعهم من أرضهم وأصلهم.
وكما فعلت أمريكا بالهنود الحمر، يريد الاحتلال الصهيوني أن يفعل بالفلسطينيين، وبينما صدق كذبة الأرض الموعودة، وتهيّأت كل الظروف ليصبح وجود الكيان الدخيل متناغما مع الشرق الأوسط، جاء طوفان الأقصى ليعيد الأمور إلى نصابها ويسمي الأشياء بمسمياتها، ويكشفت الحقائق ويسقط الأقنعة، ويصطف العالم بين خير وشر في صراع على أرض فلسطين.
وأطلق الكيان ومريدوه العنان لألسنتهم لتعبّر عن مكنونات أنفسهم الدفينة، مكنونات حاول الغرب إخفاءها في المحافل الدولية لسنوات طويلة، لكن صدمة سقوط صفقة القرن أعطت العالم الصورة الحقيقية عما يريده الغرب من غرس الكيان الصهيوني في المنطقة، فكانت “السادية” لغتهم الوحيدة للتعبير عن واقعهم، وتحوّلت عبارات من قبيل “حيوانات بشرية”، “ارموا عليهم قنبلة نووية”، “لا كهرباء، لا ماء ولا طعام”، “اقتلوهم بلا رحمة”، ترسم حقيقة ما يريد الغرب من كيان حاقد، يقوم نظامه على سرقة تاريخية للأرض، وأصبح السياج الأمني العازل وسيلتهم لشرعنة سرقة الأرض من أصحابها، ولعام كان السلاح المدمر الصوت العالي لـ “الضمير” الصهيوني ومكنوناته السادية.
لم يكتف الكيان في مخطّطه الشيطاني بأطفال غزة ونسائها وشيوخها، بل لسعت نار انتقامه دول المنطقة كلها، ولم تُعِده صرخات الأمهات الثكلى ولا أشلاء الأبرياء من الأطفال، ولا قهر الرجال ودموعهم إلى رشده، وفشلت في وضع نقطة النهاية لهذا الانتقام الشرس ولا محدودية عدوانه على غزة، بل يريد ساسة الكيان أن يشعلوا المنطقة في حرب وجودية وضعتها أمريكا فوق القانون الدولي والهيئات الأممية.
وأعطى الكيان عنوانا كبيرا لمخطّطه العسكري هو “الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني” سواء كان في غزة أو الضفة أو الداخل المحتل، ولن يرضى جنرالات الكيان ولا ساسته بأقل من تصفية الأطفال قبل النساء والنساء قبل الرجال، فقط ليشعر المحتل بالأمان، ولتنفذ من ورائه أمريكا والغرب خططها الإستراتيجية للسيطرة على المنطقة والعالم، ما يعني أنّها معركة حياة أو موت، معركة وجودية الإبادة وسيلتها الوحيدة لنصر مستحيل تحقيقه على أرض الواقع.
الطيراوي: الرّئيس تبون يقود معركة نصرة الحق في فلسطين
أشاد رئيس الجالية الفلسطينية بالجزائر، حمزة الطيراوي، بالدور الكبير الذي تقوده الجزائر في سبيل نصرة القضية الفلسطينية، وبالجهود المتواصلة والعمل الدبلوماسي العميق على كافة الأصعدة، الدولية أو القارية أو الإقليمية، بقيادة رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، نصرة وإحقاقا للحق الفلسطيني في مواجهة الكيان الصهيوني، الذي لا يزال يرتكب أفظع الجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية.
أكّد الطيراوي، أمس، خلال نزوله ضيفا على منتدى جريدة “الشّعب”، أن الجزائر تقود المعركة الدبلوماسية في الأمم المتحدة منذ بدايتها على الصعيد العالمي، ما يجعلها الشريك الأساسي للشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، حيث لم يكن وقوفها مع الشعب الفلسطيني وليد اليوم، ولكنها سجّلت تضامنها المطلق مع الحق الفلسطيني منذ عقود خلت، إذ لم تتخلّ يوما عن نصرة فلسطين، مبرزا أنها الدولة العربية الوحيدة التي تسدّد التزاماتها المالية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وبعد أن عاد للحديث عن العلاقة الجزائرية الفلسطينية الضاربة في الجذور، والتي تعود إلى حقب زمنية تاريخية ضاربة في العمق، إلى حقبة ما قبل صلاح الدين الأيوبي، والترابط الشعبي القوي بين الشعبين الجزائري والفلسطيني، نوّه الطيراوي بالدور الدبلوماسي الذي قادته الجزائر ولا تزال تقوده بكل جدارة وحزم، ضمن المعركة داخل أروقة الأمم المتحدة برئاسة عمار بن جامع، المندوب الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة، الذي لعب دورا كبيرا بتوجيهات من الرئيس عبد المجيد تبون، الذي رفض التطبيع بكل أشكاله.
وكانت الجزائر قد صدحت بصوت الحق، في مبنى الأمم المتحدة – يقول الطيراوي – وألقت بكل ثقلها من أجل وقف العدوان الغاشم على الشعب الفلسطيني، خاصة في قطاع غزة، ودعت دوما من ذلك المنبر إلى الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة، الذي يتعرّض إلى عدوان صهيوني همجي منذ السابع أكتوبر الماضي تاريخ “طوفان الأقصى”.
كما ذكّر المتحدّث بالجهود التي قادها الرئيس تبون في سبيل وحدة الصّف الفلسطيني، لما جمع الفرقاء على طاولة واحدة بالجزائر في اجتماع تاريخي للم الشّمل الفلسطيني، سيشهد على مجهودات الجزائر الجبارة في سبيل توحيد الفلسطينيين، حيث كان سيكتب له النجاح لولا تدخل الأيادي الخارجية التي عطّلته، مثلما أكّده ممثل الجالية الفلسطينية بالجزائر.
وفي هذا الإطار، أبرز الطيراوي أنّ “الجزائر تقود المعركة الدبلوماسية، متكاملة، قائدا، حكومة وشعبا، مسخّرة إمكاناتها السياسية والدبلوماسية في كل مكان لنجاح هذه المعركة، التي تكتب أحرفها بشجاعة الموقف الجزائري في مواجهة طغيان الكيان الصهيوني، مدعوما بقوى غربية توفر له الغطاء المناسب لارتكاب جرائمه الفظيعة في حق الشعب الفلسطيني الأعزل، وحتى الجالية الجزائرية بالخارج المنتشرة عبر ربوع العالم تشارك في هذه المعركة من أجل نصرة الحق الفلسطيني”، لذلك – يضيف الطيراوي – هي شريك في المعركة ككل، ولهذا وجب إقامة ندوة مستقلّة خاصة عنوانها القضية الجزائرية والفلسطينية لنعطي شيئا من حق الجزائر ولو أنّنا لا نفي حقها مهما فعلنا وقلنا.
من جهة أخرى، لفت ضيف “الشعب”، إلى موضوع دور الشباب في العالم كجاليات فلسطينية في العالم لنصرة القضية الفلسطينية، وهي التي تعمل منذ سنة 2014، حيث أنشئت دائرة في منظمة التحرير الفلسطينية، وضعت مخطّطا من أجل تغيير السردية الأوروبية حول القضية ككل، وأضاف: “اعتمدنا في ذلك على بعض القرارات الدولية، على غرار قرارات الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا”، وبعض قرارات المنظمات الدولية الأخرى، حيث تمّ التوقيع على اتفاقية مع تنسيقية جمعيات الجزائريين عبر العالم منذ 7 أشهر، وهو ما لقي صدى في صفوف الجاليات الجزائرية المنتشرة عبر العالم، وهذا دون إغفال موضوع الاتصال مع منظمات المجتمع المدني الأوروبية من أجل إيجاد محامين أوروبيين متطوعين لرفع قضايا على السياسيين الأوروبيين، الذين استصدروا قرارات بتجريم من يرفع العلم الفلسطيني، ومن يناصر القضية ككل، حيث نتحرّك كجاليات بهذا الاتجاه بالشّراكة مع جاليات عربية أخرى على رأسها تنسيقية جمعيات الجزائريين عبر العالم.
وفي السياق، شدّد الطيراوي على أنّ العمل اليوم قائم بالتعاون مع الجاليات العربية في العالم خاصة الجالية الجزائرية، إلى جانب إشراك “الصوت الحر” في العالم الذي له تأثير بالغ لدى الغرب، من أجل تجميد عضوية الكيان الصهيوني في الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث نجمع الدلائل مهما كان نوعها لرفع القضايا في كل مكان على أي عدو صهيوني، وكل من يشاركه جرائمه الغاشمة.
وأوضح المتحدّث أنّها معركة واحدة، حيث لا يمكن فصل المعركة السياسية والدبلوماسية عن المعركة على الأرض، خاصة وأنّ العدو يعمل على تهجير سكان الضفة الغربية إلى الأردن، في إطار تنفيذ مخطط صهيوني بعيد المدى منذ البداية وهو ليس وليد اليوم، يؤكّد ضيف “الشعب”.
غزّة لم تعد صالحة للحياة..
قال رئيس الجالية الفلسطينية بالجزائر، حمزة الطيراوي، إنّ العدوان الصهيوني على غزة يمثل عن أبشع جريمة إبادة سجلها التاريخ الإنساني، وأضاف أنّ ثلث المحرقة الصهيونية من الأطفال والنساء، واعترف أنّ غزّة لم تعد صالحة للحياة وسكانها في خطر، لأنّ قصف المحتل الصهيوني الهمجي بقذائف ممنوعة دوليا، هدّم البنى التحتية والمدارس والمستشفيات، ولوّث الهواء، وأكّد – في المقابل – أنّ الجزائر تقود المعركة الدبلوماسية بالأمم المتحدة والمنابر الدولية، وتدعم القضية الأم سياسيا.
اعتبر رئيس الجالية الفلسطينية بالجزائر، حمزة الطيراوي، في ندوة بنقاش منتدى “الشعب”، سلّطت الضوء على “القضية الفلسطينية والتطورات في الشرق الأوسط”، أنّ وسائل الإعلام تعكف على نقل جزء فقط من الصورة الحقيقية لمعاناة الشعب الفلسطيني في غزة، مشيرا – في سياق متصل – إلى أنّه ما لا يقل عن 16 ألف طفل استشهدوا من إجمالي أزيد من 42 ألف شهيد، مؤكّدا أن الأطفال والنساء يمثلون ثلث الضحايا الذين نكلت بهم آلة القتل الصهيونية.
وبخصوص الوضع المعيشي في القطاع الموجود تحت طائلة القصف اليومي، أوضح الطيراوي أنه في ضوء جميع المقاييس الإنسانية، فإنّ قطاع غزة لم يعد صالحا للحياة البشرية، وفضلا عن ذلك، لا يوجد غذاء ولا بنية تحتية، وجميع المدارس والمستشفيات هدّمت، إضافة إلى أن هواء غزة مسمّم بدخان القنابل والأسلحة المخصبة باليورانيوم، إلى جانب رائحة الجثث المنتشرة في كل مكان، لأنّ كثيرا منها ما زال تحت الأنقاض، وبسبب كل هذه الظروف المتردية، حذّر الطيراوي من ظهور أمراض جديدة خطيرة، في ظل الصمت الدولي والمعاناة القاسية والمروعة المطبقة على الشعب الفلسطيني.
وقال الطيراوي إنّ الإعلام لم ينقل الصورة الحقيقة القاتمة التي يئن تحت وطأتها الشعب الفلسطيني في غزة، ولم يتعرّض إلى جزء بسيط من بشاعتها وخطورتها، ورغم كل هذه الظروف القاهرة والوحشية بسب العدوان الأعنف من نوعه – يؤكّد الطيراوي – الشعب الفلسطيني متمسّك بأرضه، على خلفية أنّ نسبة الهجرة في فلسطين تعد منخفضة جدا.
وفي الشق السياسي، قال ممثل الجالية الفلسطينية، إنّ الجزائر تقوم بعمل سياسي كبير من أجل فلسطين؛ لأنّها تقود المعركة الدبلوماسية في الأمم المتحدة ومختلف المنابر الدولية، ولا تتوقف عن الدعم السياسي للقضية الفلسطينية في جميع الأوقات.
وفي استقراء دقيق لمستجدات الوضع في فلسطين وبالتحديد في غزة الجريحة الصابرة، يرى حمزة الطيراوي أن القضية الفلسطينية عادت إلى طليعة اهتمام الرأي العام الدولي خاصة وسط الشعوب، واستدل على ذلك بالعدد الكبير من المتظاهرين الذين خرجوا في أوروبا وأمريكا يندّدون بجرائم الاحتلال، وينتقدون ما يقترفه من إبادة في حق مدنيين عزل، ما يعني أن الرأي العام العالمي اكتشف المخططات الصهيونية وجرائم الاحتلال ضد الأطفال في غزة وفلسطين بشكل عام.
وفي السياق، أكّد الطيراوي أن التطورات التي عرفتها القضية الفلسطينية في المرحلة الأخيرة، ساهمت في وحدة الصف الفلسطيني، وقرّبت بين وجهات نظر جميع الفصائل الفلسطينية، واقتنع الجميع بضرورة إعادة اللحمة بين غزة والقدس والضفة الغربية والشتات. واغتنم الطيراوي الفرصة ليقول: نعم اليوم الفلسطينيون متّحدون أكثر، مشيرا إلى جهود عدة دول عربية من بينها الجزائر من خلال اتفاق الجزائر، إلى جانب اتفاق القاهرة وكذا اتفاق مكة، رغم ما وصفه بوجود أطراف خارجية تحاول منع الاتفاق والوحدة، من بينها من تعمل لفائدة الصهيونية العالمية، في حين أطراف أخرى تعمل لفائدة مصالحها الخاصة.
وبعد أن عادت القضية الفلسطينية إلى الصدارة، توقّع الطيراوي أن الوحدة الفلسطينية قادمة، معتبرا أنّ الانتخابات الحل الوحيد، لأن العدو الصهيوني لديه مخطّطات ولديه أذرع تسانده وتدعمه، ودعا الفلسطينيين إلى الوحدة والتحرك في صف واحد من أجل إجهاض هذه المخططات، وجعل المصلحة الوطنية الفلسطينية والقومية في المنطقة أولوية مطلقة.