يستند إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2025، إلى مؤشرات محلية ووضع اقتصاد البلاد، خصوصا النشاط خارج المحروقات، فائض ميزان المدفوعات، وتراكم احتياطيات الصرف.
يقابل هذه المؤشرات، على الصعيد الدولي، سباق اقتصادي ومالي بصدمات وتوترات جيوسياسية مشتركة، ومعدلات تضخم مرتفعة، ومخاوف متزايدة نتيجة للتغيرات المناخية، بحسب ما ورد في وثيقة التقرير التمهيدي لمشروع قانون المالية لسنة 2025.
توجهات عامة
تستهدف توجهات السياسة الميزانياتية للبلاد للفترة 2025 – 2027 الإطار الميزانياتي على المدى المتوسط، تعزيز الانضباط الميزانياتي والحفاظ على العدالة الاجتماعية والقدرة الشرائية للمواطن من خلال، لاسيما، إعادة تنشيط المشاريع الكبرى المهيكلة ومواصلة تنويع النشاط الاقتصادي، وزيادة الصادرات خارج المحروقات، وجعل خدمة المواطن في صميم الاهتمامات.
ويستند هذا الإطار الميزانياتي، بحسب الوثيقة، على نهج واقعي، يهدف إلى الحفاظ على توازنات الخزينة على المدى القصير والمتوسط، وضمان تنسيق ميزانية الدولة مع الإستراتيجية الوطنية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلد.
ويأخذ إعداد نص القانون، في الحسبان، استمرار إصلاحات نظام المالية العمومية المدرجة بموجب القانون العضوي رقم 18-15 المتعلق بقوانين المالية، إضافة إلى الجهود المبذولة لتنفيذ مخطط عمل الحكومة في الآجال المحددة، حيث تساهم المحاور الرئيسية في دعم القدرة الشرائية للمواطنين وخلق فرص العمل وتنمية الاقتصاد الوطني.
وفي باب الإيرادات، يؤكد هذا المشروع على استهداف التدابير الضريبية المدرجة في مشروع قانون المالية لسنة 2025 الأهداف التالية”:
– توسيع الوعاء الضريبي، الذي سيدعم من خلال مجهودات إحصاء المجتمع الضريبي من جهة، ومقترحات التحفيزات المالية والضريبية لتشجيع التبني التدريجي للسوق غير الرسمية من جهة أخرى.
– تعزيز تعبئة الموارد.
– مكافحة الغش والتهرب الضريبيين.
– تبسيط الإجراءات في إطار مواصلة تحسين مناخ الأعمال والإصلاحات الضريبية.
وفي باب النفاقات، تُشير التوصيات إلى مواصلة الترشيد وتحسين جودة وفعالية الإنفاق العمومي من خلال:
– مواصلة الإصلاح الميزانياتي.
– مواصلة عصرنة الأنظمة المعلوماتية.
– تسريع التحول الرقمي.
– عصرنة النظام الوطني للمعلومة الإحصائي.
– مواصلة التدابير لتعزيز انضباط وشفافية الميزانية من خلال تنفيذ المخطط المحاسبي الجديد والانتقال إلى محاسبة على أساس الاستحقاق.
– ضمان تخصيص أفضل لاعتمادات الميزانية بالاعتماد على أولويات الحكومة والاحتياجات الفعلية المحافظ البرامج، إضافة إلى قدرتها على تنفيذ النفقات.
وبالعودة إلى أبرز مؤشرات اقتصاد البلاد لهذه السنة، يُسجل نمو اقتصادي ديناميكي في الثلاثي الأول ( 3.80%)، وفائض في الميزان التجاري نهاية جوان بـ 2.3 مليار دولار أمريكي، إلى تحسن في احتياطي الصرف في نهاية جوان ( 69.75 مليار دولار أمريكي)، والتحكم في نسبة التضخم خلال الأشهر الأولى من السنة (4.06 %).
ويدعم ديناميكية النمو الاقتصادي المسجل الأداء الجيد لقطاع الصناعة (6.9%)، والخدمات (3.9 %)، والفلاحة (3.1%). والبناء والأشغال العمومية ( 3.1 %)، أما قطاع المحروقات، فقد شهد نمواً طفيفاً قدر 0.8% مقارنة بالثلاثي الأول من سنة 2023.
توازنات وتقديرات
سجل الميزان التجاري فائضا قدره 2.30 مليار دولار أمريكي خلال السداسي الأول من سنة 2024، مقابل 6.21 مليار دولار أمريكي في نفس الفترة من سنة 2023، حيث يرجع التقلص، بحسب المصدر، إلى انخفاض صادرات السلع بنسبة %6.8 وزيادة واردات السلع بنسبة 10%.
ويأخذ تأطير الاقتصاد الكلي والميزانياتي لمشروع قانون المالية لسنة 2025 وتقديرات سنتي 2026 و2027، بعين الاعتبار تطور السياق الوطني، وكذلك الوضع الاقتصادي الدولي، خاصة من حيث العرض والطلب على منتجات المحروقات، ويستند في ذلك إلى:
- اعتماد 60 دولارا أمريكيا كسعر مرجعي لبرميل النفط الخام خلال الفترة 2025-2027.
- اعتماد 70 دولارا أمريكيا كسعر سوق تقديري لبرميل النفط الخام خلال الفترة 2025-2027 .
- من المتوقع أن يرتفع حجم صادرات منتجات المحروقات بنسبة 1.9% سنة 2025، وينخفض بنسبة 0.9 % و 5,8 % سنتي 2026 و 2027 على التوالي.
- من المتوقع أن تبلغ نفقات الميزانية 16794.61 مليار دج سنة 2025، بزيادة بنسبة 9.9% عن تنبؤات قانون المالية لسنة ،2024 لترتفع إلى 17948,64 مليار دج سنة 2026، ثم تنخفض إلى 17387,53 مليار دج سنة 2027.
- من المتوقع أن يصل عدد السكان المقيمين إلى 47.8 مليون نسمة سنة 2025، و 48.5 مليون نسمة سنة 2026. و 49.1 مليون نسمة سنة 2027.
وبناء على مؤشرات وفرضيات مما سبق ذكره، يُتوقع أن تتطور المؤشرات الرئيسية لتأطير الاقتصاد الكلي والميزانياتي لمشروع قانون المالية لسنة 2025 وتنبؤات سنتي 2026 و2027، حيث يتوقع أن يبلغ نمو النشاط الاقتصادي نسبة 4.5 % في سنتي 2025 و2026، ويتباطأ بنسبة 3.7 % في سنة 2027 نتيجة انخفاض نسبة نمو قطاع المحروقات، الذي سيشهد نموا بنسبة 2.4 % في سنة 2025، ليستقر في سنة 2026 عند (0.3%)، قبل أن يسجل انخفاضا بنسبة 2.6 % في سنة 2027.
ويُشير نص التقرير إلى أن سياسة البلاد، في تنمية قطاع المحروقات ترتكز على إعادة إنعاش أنشطة التنقيب بتكثيف جهود الاستكشاف وتحسين نسبة الاسترجاع على مستوى حقول النفط والغاز، بهدف زيادة الإنتاج الأولى من المحروقات ليصل إلى 206 مليون طن مكافئ بترول في سنة 2027.
وتمثل تلبية الطلب المحلي على المنتجات النفطية من أولويات القطاع، وذلك من خلال إنشاء مصفاة بحامي مسعود ووحدات لتحويل الوقود بسكيكدة، إذ من المتوقع أن تنخفض كميات المنتجات البترولية الموجهة للتصدير على المدى المتوسط من 99.3 مليون طن مكافى بترول في سنة 2025 إلى 92.7 مليون طن مكافى بترول في سنة 2027.
في المقابل، ينتظر أن ترتفع الكميات الموجهة إلى السوق المحلية لتصل إلى 82.4 مليون طن مكافئ بترول في سنة 2027 مقارنة بـ 76.4 مليون طن مكافى بترول في سنة 2025.
عموما، تتماشى ميزانية الدولة خلال الفترة 2025-2027 مع الاستمرارية في النهج المسطر في قانون المالية السابق، باعتماد إستراتيجية مالية متوسطة الأجل تستند إلى تسقيف النفقات العامة والارتفاع التدريجي للإيرادات الجبائية، بهدف المحافظة على مكاسب اقتصادية واجتماعية وتعزيزها.