قبل أيام فقط كان شراء كيلوغرام من التفاح المحلي في الجزائر حلم بالنسبة لكثير من الجزائريين، بعدما بلغ سعر الكيلوغرام الواحد 800 دينار وفي مناطق ٱخرى فاق 1000 دينار، ما جعله يساوي في الثمن التفاح المستورد.
في ٱخر اجتماع لمجلس الوزراء، تقرر ضبط السوق وخفض سعر مادة التفاح حتى تكون في متناول جميع الجزائريين. وترجم اجتماع وزاري مشترك نهاية الأسبوع الفارط توجيهات رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، بتدابير للحد من ارتفاع أسعار هذه الفاكهة، منها فتح فضاءات بيع مباشر لفائدة الفلاحين بأسواق الجملة التابعة للشركة العمومية “ماغرو”.
ووضعت أكثر من 144 نقطة بيع تحت تصرف الفلاحين لتسويق منتوجاتهم مباشرة للمستهلك، بما فيها الفضاءات التجارية الكبرى، مع تكليف المؤسسات الاقتصادية العمومية “ساربا” و”فريغو مديت” بشراء محصول التفاح لدى الفلاحين لتكوين مخزون وضبط الاسعار، دون هامش ربح.
وفرة.. وأسعار غير منطقية!
ولمعرفة كواليس بيع مادة التفاح تواصل “الشعب أونلاين” مع خليفي نوارة، فلاحة من باتنة، تعمل في إنتاج وبيع التفاح منذ سنوات، وقد تعجبت من سعر هذه الفاكهة في سوق التجزئة، رغم وفرته في عديد الولايات، خاصة أن الملكي منه يخرج من الحقل بسعر 300 دينار.
وتشير نوارة إلى أن الأسعار المتداولة في السوق غير منطقية إطلاقا ولا تتماشى مع طبيعة المنتوج، الذي يباع في الحقول بأسعار مختلفة لا تتجاوز 300 دينار، مفسرة الوضع بقولها: ” لا نعلم من يتحكم في السوق، ولكن الخاسر الأكبر من هذا الوضع إضافة إلى المستهلك هو الفلاح”.
ويختلف سعر التفاح في الحقول وفق نوعية المنتوج الذي يتباين حسب الذوق والشكل والجودة، هناك تفاح يباع بسعر 120 دينار للكيلوغرام، وٱخر بسعر 150 دينار، إضافة إلى 200 دينار و250 دينار، فضلا عن “التفاح الملكي” الذي يباع بسعر 300 دينار فقط.
وتؤكد محدثتنا أن هذه الأسعار مختلفة تماما عن ما هو موجود في أسواق الجزئية، لاسيما في المدن الكبرى، التي وصل فيها سعر الكيلوغرام من التفاح المحلي، قبل أيام، 900 دينار إلى 1200 دينار مع نقص في الجودة ما يعطي انطباعا أن المضاربين عاثوا في الأسعار فسادا..
استغلال “فظيع” لاستراتيجية حماية المنتوج الوطني
ويربط رئيس المنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك ومحيطه، مصطفى زبدي، في اتصال هاتفي مع “الشعب أونلاين”، الارتفاع الكبير في سعر التفاح باستغلال مضاربين استراتيجية الدولة التي تدعم المنتوج الوطني وتتخلى عن المنتوج المستورد.
ويوضح زبدي، أن المنظمة دعت إلى دعم المنتوج الوطني منذ فترة طويلة، لكن البعض استغل الامتيازات الممنوحة وعمل على احتكار السوق ليضرب أسعار التفاح المحلي التي أضحت تنافس أسعار التفاح المستورد ولا تتناسب مع القدرة الشرائية للجزائري.
ويضيف في السياق: ” لاحظنا أنه تم استغلال الوضع وأصبح التفاح المحلي الوحيد في السوق بأسعار خيالية، وغير معقولة فأصبحت حماية المنتوج الوطني خاصة التفاح نقمة على المجتمع الجزائري”.
ويشدد رئيس المنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك ومحيطه، على أن بعض المنتجين والفلاحين استغلوا هذه الامتيازات وسعوا بشتى الطرق إلى البحث عن هوامش ربح إضافية على حساب المستهلك الذي أضحى غير قادر على شراء التفاح المحلي.
قرار سديد..
ويثمن مصطفى زبدي، مبادرة الحكومة ببيع التفاح المحلي من المنتج إلى تجار التجزئة، مشيرا إلى أن هذا الإجراء سيُسهم في خفض سعر التفاح مقارنة بما هو عليه في بعض أسواق الجمهورية، خاصة وأن سعر الكيلوغرام لم يتجاوز 250 دينار.
ويجزم رئيس منظمة حماية المستهلك أن التحكم في سلسلة التوزيع من خلال إتاحة الفرصة للفلاحين لبيع المنتوجات مباشرة إلى تجار التجزئة، إجراء جيد ويخلق أسعار تنافسية تمكن المستهلك من شراء التفاح وبالسعر الذي يناسبه. ويتساءل المتحدث عن المدى الزمني المبرمج لهذا القرار.
تثمين القرار الوزاري
من جهتها، ترحب الفلاحة خليفي نوارة، بقرار بيع التفاح من المنتج إلى تجار التجزئة، لأنه قادر على خفض الأسعار في الأسواق مع ضبط السوق الذي بات مساحة شاغرة لبعض المضاربين بقوت الجزائريين الراغبين في الربح السريع على حساب الجميع.
تقول خليفي إن الجزائري أولى بخيرات بلده المتنوعة وليس على الجهات الوصية إلا التحكم في السوق من أجل أن يتمتع الجزائريون بالخيرات الكثيرة، وتضيف: ” بالمختصر ذوق التفاح الجزائري ليس له مثيل، وبيعه في السوق بهذه الطريقة سيكون نافعا للجميع”.
وشرعت الجهات الوصية، السبت الماضي، في بيع المباشر لمنتوج التفاح، من الفلاحين المنتجين إلى تجار التجزئة بأسواق الجملة، عقب اتخاذ إجراء مجانية الفضاءات التجارية لمنتجي التفاح، الهادف إلى الحد من ارتفاع سعر هذه الفاكهة وكسر سلسلة المتدخلين فيها.