اتفق المشاركون في معرض وملتقى وهران للطاقة السنوي “ناباك 2024”، على تعميق الشراكات وتوسيعها أكثر لتكون مثمرة ومستمرة وطويلة الأجل مع الجزائر، التي ينظر لها على أنها عملاق قادم بقوة، ليس للتموين بالغاز والنفط، بل بالكهرباء عبر خطوط ستكون الأولى من نوعها.
تطمح الجزائر أن يصل تموينها إلى دول أوروبا الوسطى، بعد إبداء اهتمام أسواق إيطاليا وإسبانيا وألمانيا والنمسا بالثروة الجزائرية المتعددة والتي لا تنضب، في ظل توقع في إطار تحول الجزائر الطاقوي أن تستغل مختلف الموارد على الأمد البعيد وتستفيد جميع الأجيال المقبلة من موارد الوطن.
وتعد الدول الأوروبية أقوى وأقدم شريك يعرف الجزائر جيدا ويسارع إلى طرح خيار التعاون والشراكة، في وقت انتعشت فيه صناعة الطاقة، كما يربط الجزائر بكبرى الشركات الأمريكية علاقات شراكة تقليدية.
رئيس الوكالة الوطنية لثمين موارد المحروقات: 7 عقود لشركات تدخل السوق الجزائرية لأول مرة
أعطى رئيس الوكالة الوطنية لثمين موارد المحروقات “النفط” مراد بلجهام، صورة جد مشرقة ومحفزة لواقع الاستثمار الطاقوي في الجزائر، مرجعا عوامل الجاذبية، إلى قانون المحروقات والنظام الجبائي الرائد إفريقيا، مؤكدا إطلاق مناقصة تتضمن 6 مشاريع طاقوية مهمة تم انتقاؤها من ضمن 17 مشروعا، سيتم طرحه خلال السنوات المقبلة.
تحدث رئيس الوكالة الوطنية لثمين موارد المحروقات مراد بلجهام، عن تعزيز الاستثمار في مجالي الاستكشاف والإنتاج في قطاع المحروقات، كاشفا عن أهداف استراتجية، والمتمثلة في الرفع من قدرات الإنتاج وإعادة تجديد مخزون المحروقات بالجزائر والمرتكز على هدفين جوهريين، قال إنه لا يمكن تحقيقها من دون استثمار، ويتعلق الأمر بخوض المفاوضات المباشرة وإطلاق المناقصات الدولية.
وأكد رئيس”النفط”، أن سوناطراك تقوم بالتفاوض حول 12 عقدا مع الشركات العالمية، من بينها شركات تدخل، لأول مرة، من بينها شركات سويدية وأمريكية وسعودية. وأثنى على قانون المحروقات، لأنه صار متفردا وجاذبا ومستقطبا للمستثمرين.
وحول المناقصة التي تم إطلاقها مع افتتاح المعرض والملتقى، قال بلجهام إن الوكالة قامت بإعداد برنامج، يهدف إلى إطلاق مناقصة دولية كل سنة أو أكثر من مناقصة، لمنح فرص ورؤية جديدة لجميع المستثمرين. علما أن لديهم مشاريع جاهزة والمقرر طرحها في المناقصات.هذه المرة تم وضع ستة مشاريع في مناقصة، وعلى إثر ذلك سيتم فتح غرف لدراسة المعطيات في 26 نوفمبر المقبل، على أن يكون موعد فتح الملفات، منتصف شهر أفريل من العام المقبل، من أجل التعرف على الفائز بالمناقصة، ومن ثم الشروع في تجسيد برنامج العمل المتمثل في كل ما ينص عليه العقد.
واعتبر رئيس الوكالة الوطنية لتثمين موارد المحروقات، أن الهدف الأساسي من ذلك يتمثل في تجديد المخزون الطاقوي؛ رهان لا يتم كسبه من دون تكثيف الاستكشاف.
وقال بلجهام، إن مجمع سوناطراك، يخوض عملية الاستكشاف بمفرده كشركة وحيدة ورائدة في الجزائر، لذا يعكف على البحث عن شراكات مهمة في هذا المجال، تسمح بجلب الأموال وتتقاسم مع الجزائر الأخطار وتحضر التكنولوجيا المتطورة بهدف تقليص المخاطر في عملية الاستكشاف.وعن الإقبال الكبير من طرف شركات نشطة في مجال صناعة الطاقة على الاستثمار في الجزائر، أرجع بلجهام ذلك إلى جاذبية ومرونة قانون المحروقات بعد إجرائه لمقارنة بسيطة مع قانون المحروقات السابق، وكذا إرساء نظام جبائي وصفه بالأفضل في القارة الإفريقية.وفي رده على سؤال يتعلق بالشركات العالمية التي يتم التواصل معها في الوقت الحالي، قال بدأنا بتحضير نحو 24 مشروعا لجمع المعطيات، ثم أصبح 17 مشروعا جاهزا. وإثر ذلك، تم اختيار 6 مشاريع كأول تجربة لبرنامج المناقصات، وبقي 11 مشروعا سيتم إطلاق مناقصاتها بداية من عام 2025 إلى غاية 2028، وهذا بهدف أن لا تتوقف المناقصات.وكشف مسؤول “النفط” عن المحادثات التي جمعتهم مع شركة غازبروم الروسية، لأنه لديها مشروع بالجزائر في مرحلة التطوير في حقل “العسل”، وقال إنه سيتم إطلاق مناقصة للتنقيب عن الطاقة في عرض البحر في عام 2026.
مستقبل أكثر استدامة فـي استخدام الطاقة
تواصلت أشغال معرض وملتقى إفريقيا والبحر المتوسط للطاقة والهدروجين “ناباك 2024”، الجاري بقصر المؤتمرات لليوم الثاني على التوالي.
وتمثل هذه التظاهرة منصة مثالية حقيقية فريدة من نوعها، قياسا إلى تنوع المشاركين وثقلهم في السوق الطاقوية، تم خلالها عرض أحدث التكنولوجيات المطروحة في مجال الصناعة الطاقوية، المقبلة على حلول مستدامة ومنخفضة الكربون، حيث تسارع الجزائر لتعزز موقعا رياديا ولتكون لاعبا فاعلا ومهما.
نظمت، أمس، سلسلة ندوات ثرية عبر عدة قاعات بمركز المؤتمرات، تناولت الجانبين التقني وكذا الاستراتيجي، ومن أبرزها نذكر مداخلة شاكر قمور رئيس قسم البيئة، قسم الصحة والسلامة والبيئة، مكلف بالاستكشاف والإنتاج.اعتبر المتدخل الطلب على الهيدروجين الأخضر مدفوعا بلوائح بيئية أكثر صرامة، وتوصيات عالمية من أجل إزالة الكربون، واستبدالها بشكل تدريجي بوقود الهيدروجين في قطاعات مثل النقل وتوليد الطاقة والصناعة.وأشار قمور، إلى أن المناطق الغنية بأشعة الشمس، مثل شمال إفريقيا والشرق الأوسط، توجد في وضع جيد للاستفادة من هذه التكنولوجيا الناشئة، من خلال بناء مرافق واسعة النطاق، من أجل أن تتمكن هذه المناطق من استغلال مواردها الطبيعية لتصبح الجزائر لاعبا مهما في سوق الهيدروجين الأخضر العالمي، مما يساهم في التنمية الاقتصادية وأمن الطاقة.
ودعا قمور الحكومات والمستثمرين من القطاع الخاص، إلى العمل معا بهدف خلق بيئة مواتية لتسويق إنتاج الهيدروجين القائم على الطحالب الدقيقة، بما في ذلك الحوافز المالية ودعم المشاريع التجريبية. ويرى أن إنتاج الهيدروجين عن طريق التحفيز الضوئي للطحالب الدقيقة، فرصة تحويلية في قطاع الطاقة الخضراء، حيث يوفر حلا مستداما وقابلا للتطوير لتلبية احتياجات الطاقة العالمية، مع الحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي.
أما مديرة مشروع إدارة البحث والتطوير المركزية، أمينة سيفي، فاعتبرت أنه مع تحول قطاع الطاقة العالمي نحو حلول مستدامة ومنخفضة الكربون، يبرز الهيدروجين كمكون أساسي لاقتصاد الطاقة في المستقبل. وذكرت أنه من بين طرق إنتاج الهيدروجين المختلفة، تقدم تقنية الطحالب الدقيقة بديلا واعدا وصديقا للبيئة. علما أن هذه العملية تستخدم القدرات الضوئية للطحالب الدقيقة لإنتاج الهيدروجين، مما يمثل حلا متجددا ونظيفا وقابلا للتطوير لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة الخضراء.ولأن الطحالب الدقيقة تتميز بكفاءة عالية في تحويل ضوء الشمس والماء وثاني أكسيد الكربون إلى كتلة حيوية وهيدروجين من خلال التمثيل الضوئي، تتميز هذه الطريقة بإمكاناتها وتأثيرها البيئي المنخفض والقدرة على استخدام الأراضي غير الصالحة للزراعة والنفايات الصناعية. وترى أنه لاتزال سوق إنتاج الهيدروجين القائم على الطحالب الدقيقة في مراحلها المبكرة، ولكنها تظهر إمكانات كبيرة للنمو. في وقت تشير آخر التقديرات، أن سوق الهيدروجين العالمي قد يتجاوز 500 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030، حيث يمثل الهيدروجين الأخضر، المنتج من خلال طرق متجددة مثل التحفيز الضوئي الحيوي، كحصة كبيرة من هذا النمو.
من جهته تناول المختص في التسويق، على مستوى مجموعة “ديبيترو”، بايجو بيندو نانداكيشور، مسألة إنشاء نظام بيئي للابتكار التعاوني في مجال التحول في مجال الطاقة، وقال إن الدفع العالمي نحو حلول الطاقة المستدامة أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى.
ورغم ذلك تواجه الشركات متوسطة الحجم والشركات الناشئة المبتكرة تحديات تعيق إمكاناتها الكاملة في المساهمة في هذا التحول، لأن الشركات متوسطة الحجم، عادة ما تكون غارقة في المشاريع السارية، مما لا يسمح لها بالتركيز على الابتكار. ومن جانب آخر، يعتقد أن الشركات الناشئة والشباب الجامعي المبتكر، يفتقر للوصول إلى الموارد اللازمة.ومن أجل حل المشكل، اقترح إنشاء نظام بيئي تآزري يفتح المجال للتعاون مع جميع الأطراف المعنية والاستفادة من نقاط قوة كل منهما لدفع التغيير المؤثر في التحول في مجال الطاقة.
ومن الحلول المقترحة، أوضح المتحدث أن النظام البيئي المقترح، يرمي إلى إنشاء هيكل متوازن حيث يمكن للشركات متوسطة الحجم والشركات الناشئة وطلبة الجامعات المبتكرين، بالتعاون من أجل تحقيق المنفعة المتبادلة، وذلك عبر إنشاء منصة لتبادل الموارد والمشاريع التعاونية بهدف تمكين كلا الطرفين من العمل نحو الهدف المشترك المتمثل في تعزيز التحول في مجال الطاقة. ويعول على هذا النظام البيئي تعزيز بيئة ديناميكية تزدهر فيها الابتكارات، مما يساهم في نهاية المطاف في مستقبل أكثر استدامة وكفاءة في استخدام الطاقة.
“سوناطراك” و”أوكسيدونتال بتروليوم”.. توسيع الشراكـة في الاستكشاف والاستغلال
أبرمت سوناطراك وشريكها أوكسيدونتال بتروليوم كوربورايشن “أوكسي”، الكائن مقرها بالولايات المتحدة الأمريكية، بمركز المؤتمرات بوهران، اتفاقية مبادئ جسدت رغبة الطرفين في تعزيز علاقاتهما القوية السارية وعزمهما على توسيع الشراكة والتعاون الثنائي، عن طريق استحداث فرص شراكة جديدة في مجالي استكشاف واستغلال المحروقات.
وتنص اتفاقية المبادئ على تحديد إطار الشراكة بين الطرفين المعنيين، من أجل إبرام عقد للمحروقات في منطقة بركين وسط، في إطار القانون رقم 19-13 المنظم لنشاطات المحروقات.
جدير بالإشارة، أن سوناطراك وشريكها أوكسي، إلى جانب شريكين آخرين، تعكفان على استغلال الرقعة التعاقدية لبركين، وذلك في إطار عقد المحروقات المبرم في 19 جويلية 2022.