أفاد تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي بأن استخدام أحدث إصدارات الذكاء الاصطناعي في الأسواق المالية قد يساهم في تعزيز إدارة المخاطر وتعميق السيولة، إلا أنه قد يؤدي أيضا إلى انعدام الشفافية في الأسواق والمزيد من الصعوبة في الرقابة عليها وانكشافها للمزيد من الهجمات السيبرانية ومخاطر التلاعب.
يحلل العدد الجديد من تقرير (الاستقرار المالي العالمي) الصادر عن صندوق النقد الدولي، مجموعة من البيانات السوقية الجديدة لفهم اتجاهات تكنولوجيا الذكاء الإصطناعي، حيث تواصل خبراء الصندوق مع عدد كبير من مختلف الأطراف، بداية من المستثمرين وحتى مقدمي خدمات التكنولوجيا والهيئات المنظمة للأسواق، للوقوف على كيفية استفادة المؤسسات المالية من تطورات الذكاء الاصطناعي في أنشطة الأسواق المالية، والتأثير المحتمل لاستخدام هذه التكنولوجيات.
ووجد خبراء الصندوق، ومن بينهم نائب رئيس قسم مراقبة وتحليل الأسواق العالمية في إدارة الأسواق النقدية والرأسمالية، وديرك جان جرولمان خبير أول في القطاع المالي بإدارة الأسواق النقدية ورأس المال بصندوق النقد الدولي، أن المحافظ الوقائية وبنوك الاستثمار وغيرها كانت تستخدم استراتيجيات التداول الكمي منذ عدة عقود.
ووفقا للخبراء فقد ساعدت خوارزميات التداول الي الأسواق في العمل بسرعة أكبر مع استيعاب الكثير من عمليات التداول بكفاءة أكبر عبر فئات الأصول الرئيسية، مثل الأسهم الأمريكية، إلا أنها ساهمت أيضا في حدوث “انهيارات مفاجئة” إثر تقلبات عنيفة في أسعار السوق خلال فترات زمنية قصيرة للغاية، على غرار ما حدث في مايو 2010 عندما انهارت أسعار الأسهم الأمريكية لتعاود الارتفاع بعدها بدقائق قليلة، وهو ما يثير المخاوف من أنها قد تؤدي إلى زعزعة استقرار الأسواق خلال فترات اشتداد الضغوط وعدم اليقين.
ومن المتوقع أن يساهم الذكاء الاصطناعي، من خلال قدرته على المعالجة شبه الفورية لكم كبير من البيانات وأيضا النصوص التي يستخدمها المتداولون، في إحداث طفرة على صعيد هذه التطورات. ورغم أن تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي التوليدي وغيرها من الابتكارات الحديثة أصبحت مثار اهتمام في الصحافة العامة والأسواق المالية، فإن استخداماتها الفعلية في أوساط المستثمرين لا تزال محدودة حتى الأن.
وأوضح التقرير أنه لإدراك ما إذا كنا في بداية عصر التحول القائم على الذكاء الاصطناعي، فإن طلبات تسجيل براءات الاختراع وسيلة جيدة نظرا لوجود فاصل زمني طويل في الغالب بين تقديم الطلبات وصدور التكنولوجيا الفعلية الجاهزة للاستخدام.
ومنذ بداية ظهور نماذج اللغة الكبيرة في عام 2017، ارتفع نصيب محتوى الذكاء الاصطناعي في طلبات تسجيل براءات الإختراع المرتبطة بالتداول الخوارزمي من 19 بالمئة في عام 2017 إلى أكثر من 50 بالمئة سنويا منذ عام 2020، مما يشير إلى أن هذا المجال سيشهد موجة هائلة من الابتكارات.
ومن المتوقع أن تساهم هذه الابتكارات الجديدة على الأرجح في تعزيز قدرة الذكاء الاصطناعي على إعادة موازنة المحافظ الاستثمارية سريعا، وبالتالي في زيادة حجم التداول.
وحسب دراسة استقصائية أجراها خبراء الصندوق، يتفق المشاركون في الأسواق على أن التداول عالي التواتر المدعوم بالذكاء الاصطناعي يُتوقع أن يصبح أكثر استخداما، ولا سيما في فئات الأصول السائلة، مثل الأسهم، والسندات الحكومية، والمشتقات المدرجة في البورصة.
وتوقع المشاركون أن الذكاء الاصطناعي المتطور سيكون له دور أكبر في قرارات الاستثمار والتداول خلال السنوات الثلاث إلى الخمس القادمة، مع استمرار العمل بمنهج “تعلم الالة تحت الإشراف البشري”، ولا سيما عند اتخاذ القرارات التي تنطوي على تخصيصات رأسمالية كبيرة.