تعرضت الحكومة المغربية لسيل من الانتقادات بسبب عجزها عن تقديم “تصور واضح وفعال” للتصدي لأبرز التحديات التي تعيق التنمية وتنخر الاقتصاد، وفي مقدمتها مستويات الفساد “الخطيرة” والبطالة التي ارتفعت بشكل “قياسي”، في ظل مؤشرات تنذر بتفجر الوضع في المملكة.
يبدو أن الدخول التشريعي الجديد سيكون ساخنا بحكم الملفات المطروحة التي تنتظر أن يفصل فيها البرلمان، اذ لم تتوان المعارضة في تصعيد لهجتها بسبب فشل الحكومة في تدبير الشأن العام بعد اقترابها من العام الرابع من ولايتها.
وفي السياق، حمل حزب “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية”، الحكومة الحالية بتحالفها الثلاثي، مسؤولية ما اعتبره “تعطيلا للتنمية واتساعا للفقر والهشاشة”، مشيرا الى أن الأغلبية الحكومية التي يصفها ب”المهيمنة” والتي “تتغذى على التناقضات المصلحية والأنانية”، “عطلت مشروع التنمية محليا ووطنيا وأدت إلى اتساع حجم البطالة وتفاقم مظاهر الهشاشة والفقر، كما تسببت في تفاقم حجم الدين العمومي خلال عام 2023 بفعل استمرار المنحى التصاعدي المسجل في تقديرات مداخيل الاقتراضات، علاوة على فشلها في إحداث مليون منصب عمل على الأقل الذي تعهدت به”.
من جهته، واصل حزب “العدالة والتنمية” انتقاداته اللاذعة للحكومة، محملا رئيسها عزيز اخنوش مسؤولية “الاختلال الديمقراطي” الذي حدث في 2016 والذي “أنتج هذه الاوضاع التي تعيشها المملكة”، قائلا : “لقد أبان الواقع أن هذه الحكومة ليس لها مشروعية ولا رجال بل أنها لا تسعى سوى إلى تحقيق الربح وليس الاستجابة لمصالح المواطنين ومطالبهم”.
واتهمت البرلمانية عن مجموعة ذات التشكيلة السياسية، سلوى البردعي، حكومة عزيز أخنوش بـ”الفشل” في معالجة مشكلة البطالة، مشيرة إلى أن المعدلات “وصلت إلى مستويات قياسية لم يعرفها المغرب منذ عقود”.
وأكدت البردعي خلال الجلسة العامة للأسئلة الشفوية بالبرلمان، أن الحكومة “لم تنجح سوى في رفع نسبة البطالة إلى 13.7%، ما ترك 4 ملايين شاب تتراوح أعمارهم بين 15 و35 عاما بدون عمل أو تكوين أو دراسة”، معتبرة أن توجه آلاف الشباب نحو مدينة الفنيدق للهجرة نحواسبانيا، يمثل “عارا كبيرا” على هذه الحكومة.
وبالتزامن مع هذا السجال السياسي، أبرز تقرير ل”مرصد العمل الحكومي” مستويات الفساد “الخطيرة” التي تعرفها المملكة، اضافة الى البطالة التي ارتفعت بشكل “قياسي”، في وقت تبقى حكومة عزيز أخنوش عاجزة عن تقديم “تصور واضح وفعال” لمواجهة هذا الوضع.
وتطرق المرصد إلى ارتفاع البطالة “كأبرز نقاط ضعف” حكومة عزيز أخنوش، بعدما بلغت “مستويات قياسية”، وهو ما أثار “مخاوف كبيرة بشأن القدرة على توفير فرص الشغل للشباب”، لافتا في ذات الوقت الى ارتفاع عدد الشباب الذين “لا يعملون ولا يتلقون التعليم أوالتدريب، مما يعكس فشل المنظومة الحكومية في تلبية احتياجات فئة حيوية من المجتمع”.
وأوضح التقرير أن الفساد في المغرب “بلغ مستويات خطيرة، ما يهدد الاقتصاد واستقرار المجتمع خصوصا، بعد أن بلغت كلفته ما يزيد عن 50 مليار درهم سنويا (حوالي 6ر4 مليار يورو)”، مشيرا الى أنه “رغم خطورة هذه الظاهرة، لم تتمكن حكومة أخنوش حتى الآن من تقديم تصور واضح وفعال لمواجهتها والحد من تداعياتها”.
واستدل المصدر بتقرير الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها لعام 2023 الذي أكد “عدم انخراط المؤسسات الحكومية والإدارية بالشكل المطلوب في تفعيل استراتيجية محاربة الفساد التي تم وضعها منذ سنوات، وأظهر غياب الالتزام الفعلي من طرف الجهات المسؤولة في تنفيذ التدابير والإجراءات الموصى بها، مما يفاقم من انتشار الآفة المدمرة”.
ورصد استطلاع للرأي أجراه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بالمغرب أن 83% من الشباب المغاربة لا يتابع أي تكوين أودراسة ولا يبحث عن عمل، منهم 1.5 مليون شاب تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاما، مشيرا الى أن غياب فرص العمل يعتبر السبب الرئيسي وراء هذه الوضعية بنسبة 75%.
هذه المعطيات – بحسب الاستطلاع- تعكس “أزمة كبيرة” في سوق العمل وتسلط الضوء على التحديات التي تجعل الشباب يختار طريق الهجرة غير الشرعية.