هذه رسالة رئيس الجمهـوريّـة، السيّد عبد الـمجيد تبّون بمناسبة اليوم الوطني للهجرة المخلّد للذكرى الـ 63 لمظاهرات 17 أكتوبر 1961
نص الرسالة:
بسم الله الرحمن الرحيم والصّلاةُ والسّلامُ على أشرفِ الـمُرسَلين،
أيَّتُها الـمُواطِناتُ .. أيّـُها الـمُواطِنُون،
نَحْتَفِي بِالذِّكْرَى (63) لِلْيَوْمِ الوَطَنِي لِلْهِجْرَةِ (17 أكتوبر)، تَخْلِيدًا لِنِضَالاتِ جَالِيَتِنَا في الـمَهْجَرِ الـمُعَبِّرَةِ عَنِ الْتِحَامِ الجَزائِرِيَاتِ وَالجزائريينَ الـمُقِيمِينَ في فرنسا آنَذَاك بِثَوْرَةِ التَّحْرِيرِ الـمَجِيدَةِ، وهي ذكرى تَبْقَى رَاسِخَةً في الأذْهَانِ لِـَما تَحْمِلَهُ مِنْ قُوَّةِ الدَّلالَةِ على وِحْدَةِ الشَّعْبِ وَالتِفَافِهِ حَوْلَ تَحْقِيقِ الأهْدَافِ الّتي رَسَمَهَا بَيَانُ أوَّلِ نُوفَمْبَر الخَالِدْ.. فَفِيها تَسْتَعِيدُ الأجْيَالُ صُورَةً مِنْ أبْلَغِ مَا يُعَبِّرُ عَنْ إعْتِنَاقِ جَالِيَتِنَا في فرنسا لِلْمَدِّ الثَوْرِي التَّحَرُّرِي في جَزَائِر عَقَدَتْ العَزْمَ على الخَلَاصِ وَإلى الأبَد مِنْ هَيْمَنَةِ الاسْتِعْمَار، وَمِن أَوْهَامِ الـمُسْتَوْطِنِينَ الحَالـِمِينَ بِالفِرْدَوْسِ على حِسَابِ أهْلِ وَمُلَّاكِ أرْضِنَا الطَّاهِرَةِ.
إنَّ الـمَشَاهِدَ الـمَأْسَاوِيَةَ في مَحَطَّاتِ مِيتْرُو الأنْفَاق، وَجُسُورِ نَهْرِ السِّينْ بباريس، الّتي يَحْتَفِظُ بِهَا الأرْشِيفُ المُوَثِّقُ لِحَقْدِ الاسْتِعْمَارِ، وَدَمَوِيَتِهِ وَعُنْصُرِيَتِهِ في تِلَكَ اللَّحَظَاتِ الـمَجْنُونَةِ، الخَارِجَةِ عَنْ أدْنَى حِسٍّ حَضَارِيٍّ وَإنْسَانِيٍّ، تُؤَكِّدُ عُمْقَ الرَّابِطَةِ الوَطَنِيَّةِ الـمُقَّدَّسَةِ بَيْنَ أبْنَاءِ وَطَنِنَا العَزِيز.
وَفي هَذِهِ الـمُنَاسَبَةِ، أقف بخشوع مُترحمًا على أرواح ضحايا ذلك اليوم الـمشؤوم، وَأُحَيِيِّ بنات وأبناء الجزائر في الـمهجر، مُجَدِّدًا حِرْصَ الدَّوْلَةِ الـمُسْتَمِر على الدِّفَاعِ عَنْهُمْ، وَرِعَايَةِ مَصَالِحِهِم.. وَتَوْفِيرِ الشُّرُوطِ الـمُثْلَى لإنْدِمَاجِهِم في مَسَارِ التَّقْوِيمِ وَالتَّجْدِيدِ الوَطَنِيّ، وَفي دِينامِيكِيَّةِ التَحَوُّلِ بالجزائر نَحْوَ الـمُسْتَقْبَل بِرُؤْيَةٍ جَدِيدَةٍ وَاثِقَةٍ في مُقَدَّرَاتِ البِلاد، وَفي كَفَاءَاتِها، وَوَعْيِّ شَبَابِهَا وَشَعْبِهَا بِالتَّحَدِّيَاتِ، وَمُؤْمِنَةٍ بِكَسْبِ الرِّهَانَاتِ، وَتَحْقِيقِ أحْلامِ شُهَدَائِنَا الأبْرَار بجزائرَ مَرْفُوعَةِ الرَّأْسِ، جزائرُ الوَطنِيَةِ وَالكرَامَةِ، المُتَمَسِّكَةِ بِمَبْدَأ الحَقِّ وَالإنْصَافِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمِلَفِّ الذَّاكِرَة، الّذي تُحَاوِلُ أوْسَاطٌ مُتَطَرِفَةٌ تَزْيِيفَهُ، أو إحَالَتَهُ إلى رُفُوفِ النِّسْيَانِ، في وَقْتٍ تَحْتَاجُ فِيهِ مَسْأَلَةُ الذَّاكِرَة إلى نَفَسٍ جَدِيدٍ مِنْ الجُرْأَةِ وَالنَّزَاهَةِ للتَّخَلُّصِ مِنْ عُقْدَةِ الـمَاضي الاستعماري، وَالتَوَجُّهِ إلى مُسْتَقْبَلٍ، لا إصْغَاءَ فِيهِ لِزُرَّاعِ الحِقْدِ وَالكَرَاهِيَةِ، مِمَّنْ مَازَالوا أَسِيرِي الفِكْرِ الاسْتِعْمَارِيِّ البَائِدِ.
” تَحيَا الجَزائِـر ”
المَجْد والخُلُودُ لِشُهدائِنَا الأبرَار
والسّلامُ عَليكُم ورَحمَةُ اللهِ تَعَالى وَبَرَكاتُه.