أكد رئيس مجلس الأمة صالح قوجيل، في كلمة ألقاها رئيس المجموعة البرلمانية للثلث الرئاسي، ساعد عروس، في منتدى الذاكرة بيومية المجاهد، اليوم الأربعاء، أن ثورة نوفمبر شكلت معجزة في الكفاح والتضحية والشجاعة والإيمان بالقضية الوطنية في مواجهة استعمار من أوحش ما عرفت البشرية في التاريخ.
قال قوجيل بمناسبة سبعينية اجتماع الستة التاريخيين: ” تمر اليوم سبعون عاما على ثنائية النصر التاريخية، والتي إختير لها شعار “نوفمبر جديد، وفاء وتجديد”، يستحضرها الوجدان بكثير من الفخر، إنها سبعينية لقاء الستة التاريخيين، مفجري أعظم ثورة تحريرية في التاريخ المعاصر، وسبعينية تأسيس جبهة التحرير الوطني”.
وأكد قوجيل أن المحافظة على الجزائر هي أصدق رسالة إلى الشهداء الأبرار والمجاهدين الأخيار.
وأضاف المجاهد قوجيل: “.. ها هي جزائر الإرادات كما أردتموها ماضية بشموخ نحو تغيير حقيقي بأدواته الملائمة ومهارات أبنائها الأكفاء.. تخوض تحديات التنمية وتعزيز الإستقرار بخطى ثابتة، بقيادة ابنها البار الرئيس عبد المجيد تبون، الذي أعاد توحيد الجزائريين حول هدف الإستقلالية كما وحدهم بيان أول نوفمبر”.
وأشار إلى أن، الحديث عن ميلاد جبهة وجيش التحرير الوطني مناسبة جليلة تؤكد أن صدى ثورتنا المجيدة والتضحيات الجسام لشهدائنا الأبرار باقية دائما وأبدا في ذاكرة الشعب وفي تاريخ البلاد، وهي فرصة متجددة يجدد فيها العرفان للشهداء والمجاهدين والإمتنان للمجد والشموخ اللذين قدموهما للجزائر وللطريق، التي عبدتها تضحياتهم أمام أجيال الإستقلال لمواصلة مسار البناء وخدمة الوطن”.
وقال أيضا رئيس مجلس الأمة: ” ونحن نسترجع ملاحم الثورة التحريرية المباركة، يتوقف بنا شريط الأحداث عند مرحلة مفصلية قادتها مجموعة الستة، وعند ظروف ميلاد جبهة التحرير الوطني التي فجرت الثورة”.
وأبرز المجاهد قوجيل، أن القادة الثوريون قرروا في أخر اجتماع لهم بتاريخ 23 أكتوبر 1954، بالرايس حميدو (بوانت بيسكاد سابقا) بالعاصمة، تجسيد الخطوات العملية لتفجير الثورة التحريرية في الفاتح نوفمبر 1954، يقودها التنظيم الثوري الجديد، الذي حمل اسم جبهة التحرير الوطني، وتسمية جناحها العسكري جيش التحرير الوطني.
واستعرض المتحدث أولى الخطوات المتمثلة في تنفيذ عمليات فدائية عديدة بمختلف مناطق الوطن استهدفت مراكز للدرك والثكنات العسكرية ومخازن الأسلحة ومنشأت إقتصادية، وبالرغم من محاولات السلطات الإستعمارية التقليل من قيمة هذا الحدث الثوري بتقليل عدد الهجمات.
وأشار رئيس مجلس الأمة، إلى حنكة قادة الثورة وقرارتهم الحكيمة لإحداث قطيعة جذرية مع المقاربات السابقة في النضال ضد الإستعمار وتبني الكفاح المسلح باعتباره السبيل الوحيد لإسترجاع السيادة الوطنية، وذلك بتعبئة الجزائريين في معركة التحرير الوطني تجسيدا لما جاء في بيان أول نوفمبر 1954، إلى أن افتكت الجزائر حريتها في 5 جويلية 1962.
وفي هذا الصدد، أشاد المجاهد قوجيل، بجهود رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، في مواصلة الإنتصارات باستكمال بناء الجزائر الجديدة التي يتمسك فيها الجزائريون بهويتهم وبالقيم النوفمبرية، تحفظ فيها الذاكرة الوطنية وتخلد وتترسخ الممارسة الديمقراطية.
ودعا بنات وأبناء الجزائر إلى الإقتداء بتضحيات شهداء الثورة التحريرية في سبيل الوطن من أجل الإستلهام من الماضي وفهم مستجدات الحاضر ومجابهة تحديات المستقبل، ولم يفوت المجاهد قوجيل، الفرصة للإشادة بمؤسسة الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني وكافة المصالح الأمنية، التي تشكل جدارا وطنيا حصينا يصد مطامع ومؤامرات المتربصين بالجزائر.
أوصيكم بمواصلة مسار تشييد الجزائر الجديدة
وقال: ” كمجاهد عاش أهوال الإستعمار وعايش نعيم الإستقلال وتحدياته لاسيما في سنواته الأولى، أوصيكم بمواصلة مسار تشييد الجزائر الجديدة المنتصرة التي يرسي دعائمها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، والقائمة على الحق وقوة القانون والمواطنة الواعية المستندة على الإرث النوفمبري، أدعو كافة فئات الشعب الجزائري وعلى رأسها الشباب الى عدم النسيان والإلتحام بثوابت الأمة والتحلي بمزيد من اليقظة والأداء الخلاق لتحقيق تنمية شاملة في ظل دولة وطنية قوية ومزدهرة”.
من جهته، قال المجاهد والمدير الأسبق للمركز الوطني للأرشيف عبد المجيد شيخي، أن الذكرى الـ70 للثورة هو موقف للوفاء وللعرفان للستة أشخاص، الذين اجتمعوا وقرروا أن يدخلوا الشعب في مغامرة، والتي كانت قرارا حاسما لأن الموقف أنذاك لم يكن يسمح بأن ننتظر لحظة أخرى.
وأضاف شيخي: ” كثرت الخلافات لكن هؤلاء الستة بحنكتهم وإخلاصهم تجاوزوا الخلافات التي كانت قائمة”. وأشار إلى أن ساعة اندلاع الثورة، لم يكن يسمع بها أحد إلا من كانوا مندمجين في الحركة الأولى، والسلاح كان قليلا، حيث انطلقت الرصاصات في كل التراب الوطني.
وقالت المجاهدة زهرة ظريف بيطاط، أنهم كمجاهدين لم يخونوا رسالة الشهداء، وباقين على العهد.
يحيي السنوار ذكرني بالشهيد بن المهيدي
وعبرت المجاهدة عن حزنها الشديد لما يحصل في غزة، وطالبت الحضور بدقيفة صمت على أرواح الشهداء وعلى رأسهم يحيي السنوار، قائلة أنه يذكرها بشجاعة الشهيد العربي بن مهيدي.
استعرض باحثون، في منتدى الذاكرة الذي نظمته حمعية مشعل الشهيد، ذكرى اجتماع قادة الثورة التاريخي في 24 أكتوبر 1954، وعبقريتهم في التخطيط لأعظم ثورة صمد شعبها 132 عاما تحت نير استعمار استيطاني غاية في القسوة والإجرام، وحملت لواء مناهضة الإستعمار في العالم وساندت حق الشعوب في تقرير مصيرها.
في هذا الصدد، قال البروفيسور مولود قرين من جامعة المدية، أن ميلاد جبهة وجيش التحرير الوطنيين كان تتويجا لمسار نضالي شاق وطويل، وتمكن الجناح السياسي والعسكري من تفجير أكبر ثورة في التاريخ المعاصر، استلهمت منها الكثير من الشعوب.
وأكد الباحث الجامعي، أن ثورة التحرير تعتبر اليوم مرجعية لشباب الجزائر، هؤلاء مدعويين بقوة للتمسك بقيم ومبادئ الثورة التحريرية، وفي مقدمتها مبدأ التضحية لأن الشهداء ضحوا من أجل جزائر مستقلة واحدة موحدة.