ستطوى مرحلة اقتناء السكنات والسيارات واليخوت وإبرام عقود التأمين نقدا، قريبا، وهذا ما سيشجع على بروز بيئة اقتصادية مرنة وشفافة، يتضاءل فيها حجم السوق الموازية. وعلى ضوء ذلك من المنتظر أن تتدفق الأموال في قنواتها الطبيعية المصرفية، حيث ينص مشروع قانون المالية 2025، على إجبارية استعمال الصكوك والبطاقات المالية، ومن المقرر أن يساهم هذا الإجراء في طرح سيولة ضخمة في السوق المالية ويرفع من حجم الادخار ويعمق من الشمول المالي.
يتوقع البروفيسور مراد كواشي، الخبير الاقتصادي، أن ما تضمنه مشروع قانون المالية حول إلزامية اقتناء السكنات والسيارات عن طريق استعمال الصكوك بدل عملية التسديد نقدا، ستكون له أهمية على جميع الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والمالية. ويعتقد أن مشروع المادة، بعد المصادقة عليها من طرف البرلمان، سيقوم الإجراء بدور كبير، خاصة على مستوى نطاق توسيع دائرة المعاملات البنكية بالجزائر، وفضلا عن حثه وتشجيعه للأفراد على استخدام القنوات البنكية الرسمية لسداد مختلف التزاماتهم أو خلال القيام بعدة تعاملات.
من جهة أخرى، يرى الخبير كواشي أن هذا الإجراء، الذي مازال مشروعا ينتظر أن يناقش على مستوى غرفتي البرلمان ضمن مشروع قانون المالية 2025، سيسمح بامتصاص جزء كبير من السيولة في السوق الموازية، مقدرا في السياق حجم السوق الموازية للعملة، بين 8 أو 9 ملايير دولار. وقال إن إجراء من هذا القبيل جاء في وقته، على اعتبار أنه سيسرع من إدخال جزء معتبر من الكتلة النقدية المتحركة في قنوات غير رسمية ضمن القنوات الرسمية، بهدف استغلالها في تمويل الاقتصاد الوطني ضمن ضخ قروض وتمويلات في مشاريع منتجة وضخمة، بالإضافة إلى تعزيز الشفافية في التعاملات المالية.
وينظر الخبير كواشي أستاذ العلوم الاقتصادية، إلى مثل هذا الإجراء الاستثنائي على أنه يندرج في إطار توسيع دائرة الرقمنة على مستوى الاقتصاد الوطني، لأن القطاع المالي، يعد العصب الحيوي للمنظومة الاقتصادية، وبلوغ مرحلة متقدمة من الرقمنة والشفافية سينعكس على تعبئة أكبر للموارد المتاحة واستغلالها في الحركية الاقتصادية المتسارعة.
ومن الطبيعي أن فرض إلزامية اقتناء السكنات والسيارات وعدة منتجات تتطلب سيولة معتبرة، مثل شراء اليخوت وعقود التأمين، لديه آثار إيجابية متعددة، من بينها العمل على تعزيز الشمول المالي، واستخدام أكبر للأدوات المالية والبنكية من طرف المواطنين، إلى جانب تقريب الخدمات المصرفية للمنظومة الاجتماعية، ومحاربة كل أشكال الغش والتزوير والاكتناز وما إلى غير ذلك من آفات وظواهر غير مرغوب فيها.
للتذكير، فإن الجهود منذ انطلاقها قبل عدة سنوات، مازالت تبذل من أجل تحقيق الشمول المالي ومن أجل أيضا دعم أقوى للاستقرار المالي والاقتصادي.
ولا يخفى أن هذه العملية يعول عليها في إدماج الزبائن من أفراد ومؤسسات صغيرة ومتوسطة في قلب منظومة النظام المالي الرسمي، بما يسمح بتنويع مصادر الأموال واستخداماتها في كل من المؤسسات البنكية والمالية.
وفي إطار السعي نحو تعميم وسائل الدفع الكتابية، يذكر أن المادة 202 من مشروع قانون المالية لعام 2025، تنص على أن وسائل الدفع ستكون كتابية “صكوك” لمختلف المعاملات العقارية، إلى جانب عمليات البيع التي يقوم بها الوكلاء وموزعو السيارات، شراء اليخوت وسفن النزهة واكتتاب عقود التأمين الإجبارية، ويمكن القول إنها بداية نهاية تلاشي السوق الموازية، خاصة أن أي عملية بيع وشراء كبرى لن تتم إلا عن طريق البنوك.