برمجت الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية في إطار مهامها الجديدة، تكوين ما يزيد 25 ألف متربّص نهاية 2024، بما يسمح لها بأداء أفضل واحتواء أكبر للشباب حاملي المشاريع المبتكرة من أجل إنشاء مؤسّساتهم المصغّرة مع ضمان ديمومتها، وهو المسعى الذي التزم به رئيس الجمهورية خلال عهدته الأولى وواصل ضمن نفس المسار خلال العهدة الثانية، ويندرج اجتماع الحكومة الأخير الذي تناول مدى تقدّم إصلاح وإعادة هيكلة الوكالة.
أوضح المدير العام للوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية، “نازدا “ بلال عشاشة في اتصال خصّ به “الشعب”، أنّ المهمة الأساسية للوكالة تتمحور أساسا في المساهمة في استحداث مؤسّسات صغيرة ومتوسّطة ذات ديمومة وتطويرها، كمقاربة جديدة لدعم وتكثيف النسيج الصناعي للبلاد، تحظى بمتابعة صارمة لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبّون من أجل ضمان الانخراط الكلّي للشباب حاملي المشاريع في عملية بناء الاقتصاد الوطني.
تكوين أزيد من 25 ألف متربص.. وإنشاء 333 مركز لتطوير المقاولاتية
وأشار عشاشة إلى أنّ ذات الوكالة التي تحوّلت تسميتها من “أونساج” سابقا إلى “أناد” ثم “نازدا” مؤخرا، تعمل على أداء مهامها من خلال ثلاث محاور رئيسة متمثلة في التكوين، المرافقة والمساهمة في التمويل بنسبة تتراوح ما بين 25% و30%، في حين تتكفل البنوك العمومية الخمسة بتمويل 70% المتبقية.
التحليل المالي
وتتبنّى “نازدا” في إطار الإصلاحات التي عرفتها، يضيف بلال عشاشة، إستراتيجية جديدة تقوم على التكوين والمرافقة، تفاديا لتكرار الأخطاء التي تم ارتكابها سابقا من طرف “أونساج”، خاصّة فيما يتعلق بطريقة معالجة ملفات الطلبات التي سيطر عليها الطابع الإداري أكثر من الطابع الاقتصادي الاستشرافي. وتركز “نازدا” حاليا على إدارة مخاطر التمويل إلى جانب التكوين الذي حدّدته الوكالة كشرط أساسي للحصول على الدعم المالي وفقا للاستراتيجية الجديدة التي تنتهجها، كونه يساهم بشكل كبير في نجاح وديمومة المؤسّسات الصغيرة والمصغّرة.
في هذا الصدد، أفاد ذات محدّثنا، وقعت الوكالة الوطنية لدعم المقاولاتية اتفاقيات تعاون مع وزارة التعليم العالي وكذا وزارة التكوين والتعليم المهنيين، من أجل إطلاق190 مركزا لتطوير المقاولاتية من أجل المرافقة والتكوين كإحدى الآليات الأساسية لإدارة المخاطر المتعلقة بالتكوين.
وفي إطار إعادة بعث نموذجها، تمكّنت “نازدا” من تكوين أكثر من 3470 مؤسّسة على مستوى مراكز تطوير المقاولاتية، عدد مرشّح لبلوغ 25 ألف مسجّل على المنصّة المخصّصة لاستقبال طلبات التكوين، مع نهاية 2024.
المساهمة في تمويل المشاريع بـ25% الى 30%
وبالرغم من تركيزه على التكوين كعامل أساسي من أجل الحصول على الامتيازات التي تطرحها الوكالة، أكّد عشاشة أنّه يبقى غير كاف للحصول على الموافقة النهائية، موضّحا أنّ هذه الخطوة متعلقة بالنتائج التي ستسفر عنها عملية التحليل المالي النهائي من طرف محللين ماليين تم تكوينهم على مستوى الوكالة. وتشمل التحاليل عادة النجاعة الاقتصادية للمشروع وحظوظ ديمومته، ثم تأتي المرحلة الأهم وهي إقناع وكالة “نازدا “ والبنوك العمومية للحصول على التمويل.
النجاعة والنوعية
ولأنّ “نازدا” تعمل على تجنّب الوقوع في أخطاء الماضي، حسب ما ورد على لسان مديرها العام، أصبحت معايير قبول ملف الدعم أكثر صرامة وتعتمد أساسا على عنصر النجاعة والنوعية لضمان الديمومة، كما قامت الوكالة بوضع عدّة آليات من بينها آلية تنقيط المشاريع أو “السكورينغ”، تعتمد على النظر في إمكانات حامل المشروع، والنظر في جدوى المشروع ونجاعته الاقتصادية من حيث المردودية والديمومة.
ومن بين المعايير أيضا قاعدة البيانات التي تمكّنت الوكالة من تحصيلها على مدار ثلاثة عقود، ما يسمح لها بتحليل المعطيات بالاستعانة بالخبرة المستمدّة من “أونساج” سابقا، فالأخطاء المرتكبة بالماضي لا تعني عدم بذل مجهودات سابقا، حسب ما أكّد المتحدّث.
تفادي تكرار أخطاء “أونساج” سابقا بشأن معالجة ملفات الطلبات
وتسعى الوكالة من أجل تطوير أدائها إلى خلق 333 مركزا لتطوير المقاولاتية مع نهاية 2024، وتحصي حاليا 109 مركزا لتطوير المقاولاتية على مستوى الجامعات و190 مركزا على مستوى مراكز التكوين المهني، بالإضافة إلى اتفاقيات قيد الدراسة مع وزارة الصيد البحري على مستوى مراكز التكوين التابعة لها وكذا مع مصالح وزارة الفلاحة.
كما تمّ توقيع اتفاقيات مع المدراء الجهويين لوكالة “نازدا” مع مدراء مراكز تطوير المقاولاتية، تنصّ على أنّ تكوين المتربّصين يتمّ في العشر أيام الأولى من مدّة التكوين الإجمالية المقدّرة بـ 15 يوما، من طرف مكوّنين من الوكالة إلى جانب أساتذة جامعيين ممّن يتمتعون بخبرة واسعة في مجال المقاولاتية، ويتم خلال الأسبوع الأخير الاستعانة بخبراء في مجال المقاولاتية، عرض تجارب ناجحة لمشاريع مبتكرة تمكّن أصحابها من إنشاء مؤسّساتهم الناشئة.
وفي نهاية التكوين يكون المتربّص قد تلقى فكرة واضحة عن مختلف آليات التسيير التي ستسمح لهم مستقبلا بقيادة مؤسّسة مصغّرة. بالمناسبة أوضح بلال عشاشة أنّ مصالح الوكالة الوطنية لترقية المقاولاتية، تبقى فضاء مفتوحا أمام جميع الراغبين في خوض عالم المقاولاتية وإنشاء مؤسّسة مصغّرة ومتوسّطة، ممّن تتراوح أعمارهم ما بين 18 و55 سنة.
خبرة الحاضر..
في مرحلة تالية، بعد الاستفادة من التكوين، والتحليل المالي وفقا للمعايير الاقتصادية، يتمّ عرض الملف على لجنة انتقاء المشاريع التي تضمّ أعضاء ممثلين عن مختلف القطاعات، على مستوى الولاية، وعلى أساس النتيجة المتفق عليها من قبل الأعضاء، تمّ الموافقة على التمويل.
إطلاق 190 مركزا لتطوير المقاولاتية بهدف المرافقة والتكوين لإدارة المخاطر
ومن أجل توفير فضاءات محفّزة لإنشاء مؤسّسات ناشئة، استطرد بلال عشاشة، تسعى الوكالة الوطنية للمؤسّسات الناشئة، بالإضافة إلى علاقتها بالمحيط الجامعي، على عقد شراكات مع عدّة قطاعات على غرار الفلاحة والصيد البحري، المهن الحرة والخدمات، قطاع النقل، واتفاقيات مع وزارات المالية والتجارة.
كما تمّ عقد شراكات مع قطاعات مستقطبة للمؤسّسات الناشئة منها وزارة العمل من خلال الوكالة الوطنية للتشغيل، لاحتواء طالبي العمل وإدماجهم ضمن مراكز تطوير المقاولاتية.
وكنتيجة للمجهودات التي تبذلها الوكالة، قدّم مديرها العام بعض النماذج الناجحة من المشاريع التي تحصّلت على الدعم المالي والبالغ عددها 600 مشروع في عدّة قطاعات، مثل مشروع متعلق بمخبر لمراقبة الجودة والنوعية على مستوى وكالة “نازدا” برج بوعريريج، ومشروع آخر للتجهيزات على مستوى وكالة سكيكدة.
بالنسبة للإشكال الذي يشغل العديد من الشباب ممّن استفادوا من قروض إلا أنّ مشاريعهم لم تتمكّن من تحقيق النجاح، أكّد بلال عشاشة أنّ المؤسّسات المتعثرة التي لم تتمكّن من تسديد ديونها، قد قامت الوكالة بإعادة جدولة تسديد ديونها، ولتفادي هذه الحالات مستقبلا كشف ذات المتحدّث، أنّه جاري حاليا الاتفاق بين الوكالة وشركات التامين من أجل التأمين على المخاطر المتعلقة بالقروض، وهو ما سيشكّل حافزا للشباب المتخوّف من الفشل مسبقا وتعزيز الثقة بينه وبين الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية.