يعدّ الفاتح من نوفمبر 1954م، شُعلة نابضة في وجدان الشعب الجزائري، ورمزاً خالداً لنضالاته ضدّ المستعمر الغاصب.
ففي هذا اليوم التاريخي العظيم من تاريخ الجزائر الحديث أطلق شعبنا العنان لأعظم ثورة في التاريخ الإنساني، وسطّر ملاحمها بدماء ملايين الشهداء ومجاهدينا البواسل الّذين أجبروا الاحتلال الفرنسي على الرحيل من أرضنا صاغراً مذعناً.
قال عميد كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة الشهيد أمحمد بوڤرة -بومرداس، البروفيسور عبد العظيم بن صغير، إنّ الجزائر تحتفل هذا العام بالذكرى السبعين لاندلاع الثورة التحريرية المباركة، باعتبارها لحظة فارقة، وحدث تاريخي محفور في وجدان كلّ جزائري أصيل يُقدِّر تضحيات جيل الثورة المجيدة، وما بذلوه من غال ونفيس في سبيل أنْ ينعم جيل الاستقلال بالحرية والعيش في كنف السيادة والكرامة.
وأوضح البروفيسور بن صغير، في تصريح خصّ به “الشعب”، أنّ الجزائريين يستحضرون في الفاتح نوفمبر من كلّ عام، نضالهم وجهادهم وصمودهم في وجه قوى الظلم والدّمار، وكيف صنعوا مجدهم بدمائهم الزكية الطاهرة، ودافعوا عن أرضهم وعرضهم، ولبّوا نداء الوطن، ووقفوا صفّاً واحداً بصدورهم العارية وأسلحتهم البسيطة ليُقارعوا أقوى جيوش حلف الناتو بعزيمة وثبات وإرادة نصر حتى تحقيق الاستقلال ونيل السيادة الوطنية.
ومن الدروس المستوحاة من هذا الحدث التاريخي المفصلي في مسار الأمة الجزائرية، أبرز محدّثنا، التضامن وتمتين الجبهة الوطنية من خلال وحدة جميع فصائل الحركة الوطنية تحت لواء جيش وجبهة التحرير الوطني، وأنْ لا سبيل للتحرير والاستقلال سوى إعلاء كلمة الجهاد وحمل السلاح ومقاومة المعتدي، وهذا ما يجب أن يعرفه الجزائريون اليوم بأنّ الوطن ووحدته خط أحمر، فقد نختلف سياسياً واقتصاديا في الرؤية والمنهج، ولكنّنا جسد واحد في وجه أعداء الوطن.
وأفاد بن صغير أنّ الأجداد والآباء بذلوا نفوسهم وأرواحهم في سبيل استرجاع السيادة الوطنية، وتحقيق الحرية والاستقلال، ولم يتوانوا في الدفاع عن الوطن رغم الحصار والدّمار وقلّة الإمكانات، واليوم – يقول بن صغير – يبذل الجزائريون جهودا نوفمبرية الروح في سبيل بناء وتنمية بلادنا، والإخلاص والتفاني في العمل وفاء لرسالة الشهداء.
ومثلما كان نوفمبر 1954م ثورة عارمة وشعلة كفاح شعب أبيّ ضدّ الاستعمار – يقول محدّثنا – فإنّ نوفمبر 2024م ثورة حقيقية في مجال التنمية والنهوض الاقتصادي لبلادنا، وتحقيق الأمن الغذائي والصحّي والمائي، وثورة ضدّ كلّ أشكال الفساد والبيروقراطية والرشوة والاحتكار والمحسوبية، وأضاف: نوفمبر 1954م وضع حدّاً للمؤامرات الإستعمارية، ونهب خيرات البلاد، وفوّت الفرصة على الكولون والحركى وأبناء فرنسا الذين أرادوا النيل من هذا الوطن الغالي، ونوفمبر 2024م سيشكّل سدّاً منيعاً، وحصناً متيناً ضدّ أعداء الجزائر وكلّ من يشوّه صورتها ويزعزع أمنها واستقرارها ويكيد لها المكائد.