أكّد الباحث في التاريخ ومدير المجاهدين لولاية الوادي، الأستاذ فوزي مصمودي، أنّ التاريخ الجزائري حافل بالمحطات الكبرى والأحداث الحاسمة على غرار ثورة أول نوفمبر 1954م، التي غيّرت مجرى التاريخ الوطني وحتى العالمي، وأسهمت في استقلال عديد الدول الإفريقية.
قال مصمودي في حوار مع “الشعب”، إنّ الجزائر تحتفل بالذكرى السبعين لاندلاع ثورة أوّل نوفمبر المجيدة، التي كانت انطلاقتها في حدّ ذاتها حدثا مهمّا في القرن العشرين بعد أكثر من 130 سنة من الاحتلال والاستعباد والاضطهاد والتقتيل والتشريد والنفي، وانتهاك الشخصية الوطنية، ومحاولة الاستعمار الفرنسي النيل من ديننا وثقافتنا وتراثنا وتاريخنا وذاكرتنا.
أمانة الشهداء ووديعة المجاهدين حملٌ ثقيلٌ تنوء الجبال بحمله
عرفت ثورة التحرير تحضيرات مكثّفة قبيل اندلاعها، حدّثنا عن هذه المرحلة الحسّاسة والهامّة؟
فوزي مصمودي: بالتأكيد أنّ هذه التحضيرات العملية المكثّفة لم تكن وليدة السنوات التي سبقت عام 1954م بقليل، وإنّما تعود إلى 1947م، من خلال المنظمة الخاصّة ذات الطابع العسكري السرّي التي تمّ تأسيسها أثناء انعقاد مؤتمر حركة انتصار الحريات الديمقراطية يومي 15 و16 فيفري 1947م.
كانت مهمّتها الرئيسة الإعداد للعمل المسلّح ضدّ الاحتلال الفرنسي، واضطلع أعضاؤها باختيار أحسن الكفاءات والإطارات الثقات في الحزب لتجنيدهم وتأطيرهم، وكذا الاستعانة بالمناضلين المخلصين الذين شارك بعضهم في الحرب العالمية الثانية لتدريب المجنّدين الجدد وتزويدهم بالثقافة العسكرية، إضافة إلى جمع السلاح والذخيرة، وإعداد المخابئ ومراكز جمع الأسلحة، لاسيما تلك المهرّبة عبر الحدود الشرقية، بما فيها الأسلحة المتروكة في الصحراء الليبية.
وفي مقدّمتها بقايا الحرب العالمية الثانية التي جرت وقائعها في تلك المنطقة، وكانت تُنقل عبر وادي سوف والصحراء الشرقية الجزائرية مرورا بالزاب الشرقي من بسكرة، وصولاً إلى الأوراس الأشمّ.
وبالرغم من اكتشاف المنظمة الخاصّة في مارس 1950م، وتشريد ومتابعة الكثير من إطاراتها ومجنّديها إلا أنّها استطاعت أن تتجاوز محنتها وتستأنف نشاطها العسكري إلى غاية قيام الثورة في أول نوفمبر 1954م، إلى جانب تشكيل لجان وشبكات للاستخبارات والاتصالات، كما تم بعد ذلك تقسيم الوطن إلى خمس مناطق عسكرية على رأس كلّ منطقة قائد، وبعد مؤتمر الصومام في 20 أوت 1956م جرى تحويل تلك المناطق إلى ستّ ولايات.
تجاوزت ثورة التحرير بذكاء مشكل التّسليح منذ بداية اندلاعها، ما هي العوامل التي ساهمت في ذلك؟
رغم أنّ قيادة الثورة استطاعت أن تؤمّن تسليحها قبل قيامها ومنذ التحضيرات الأولى ــ إلى حدٍّ ما ــ إلا أنّها بقيت طيلة سبع سنوات تتطلّع إلى تسليح أفضل، لاسيما السلاح المتسرّب عبر حدودنا الشرقية، وحتى من قبل بعض الدول الشقيقة والصديقة.
ولأهمية التسليح خلال هذه الملحمة عمدت قيادة الثورة إلى تخصيص حقيبة مستقلّة تُعنىَ بـ (التسليح والتموين)، وهذا منذ أول حكومة مؤقّتة تم تشكيلها في 19 سبتمبر 1958م، وقد تداول عليها كلّ من المجاهد محمود الشريف والمجاهد عبد الحفيظ بو الصوف.
عملية التسليح والإسناد خلال الثورة كانت تواجهها عديد العراقيل كان على رأسها إقامة الأسلاك الشائكة والمكهربة والملغّمة على طول حدودنا الشرقية والغربية بداية عام 1956م، والتي عُرفت في تاريخنا الثوري بخط شال وموريس، حاصدا وراءه آلاف الشهداء والمعاقين، إلى جانب المراقبة الشديدة والصارمة لسواحلنا لمحاولة إحباط أيه عملية تهريب للأسلحة.
كيف كانت معارك جيش التحرير الوطني أثناء المرحلة الأولى من الثورة الجزائرية؟
في ليلة أول نوفمبر 1954م، لم تكن هناك معارك بما تحمله الكلمة من معنى، بل عمليات فدائية وكمائن وهجومات على مراكز العدو الفرنسي، لاسيما الثكنات العسكرية ومحطات القطار ومؤسّسات البريد والكهرباء والشرطة وبعض المؤسّسات الاقتصادية.
واعتبر هذا كإعلان عام عن قيام الثورة المسلّحة ضدّ الاحتلال عبر عشرات العمليات النوعية، لتتوالى بعد ذلك المعارك والاشتباكات والكمائن، وكان أكثرها إيلاما للجيش الاستعماري في بدايات الثورة وسنواتها الأولى الهجومات على الشمال القسنطيني بقيادة البطل الشهيد زيغود يوسف بداية من 20 أوت 1955م، وهي عبارة عن مجموعة من المعارك والاشتباكات المكثّفة والهجومات على مصالح العدو ومنشآته الحيوية ومزارع المستوطنين في كلّ من سكيكدة، قسنطينة، لخروب، القل، عين عبيد، السمندو، الحروش، رمضان جمال، قالمة، ميلة، عنابة، سطيف، بجاية وغيرها.
وقد حقّقت تلك المعارك أهدافها المسطّرة بصفة فاقت كلّ التوقّعات، كما أعطت نفسا جديدا للثورة ودفعا لمجاهدي جيش التحرير الوطني، وأكّدت على شمولية العمل المسلّح وعلى خيار الكفاح المتواصل، إلى جانب فكّ الحصار عن المنطقة الأولى –الأوراس-، وتعميم الثورة، وكسب أفراد جدد لتجنيدهم سواء ضمن صفوف جيش التحرير الوطني أو المنظمة المدنية لجبهة التحرير الوطني، واستقطاب القوى السياسية من تيارات الحركة الوطنية والشخصيات الفاعلة في الوطن لضمّها إلى جبهة التحرير الوطني.
فضلا عن ذلك، إتباع أسلوب الردّ بالمثل على العمليات العسكرية التي كان يقوم بها الجيش الغازي، وإسقاط أسطورة “الجيش الفرنسي الذي لا يُقهر”، لتليها وكامتداد لها المعركة الكبرى الجرف في 22 سبتمبر 1955م بتراب ولاية تبسة بقيادة البطل الشهيد شيحاني بشير وغيرها من المعارك الفاصلة.
أصدقاء الثورة الجزائرية..من هم وكيف دافعوا عنها؟
تميّزت الثورة التحريرية بكسب حركة تضامنية واسعة عبر العالم، حيث تعاطف معها السّاسة والإعلاميون والأطباء والمثقّفون وقادة الرأي وزعماء الأحزاب، وتحتفظ ذاكرتنا الوطنية بعديد الأسماء ومن جنسيات مختلفة من الشرق والغرب ممّن أسهموا في دعم الثورة منطلقين من قناعتهم بعدالة القضية الجزائرية وتبنّيهم لمطالب الشعب، رافضين كلّ أشكال العنف والقمع والتشريد التي كان يمارسها الجيش الفرنسي، وأسلاك أمنه ضدّ الشعب الجزائري الأعزل.
ورغم أنّ الكثير منهم وجد العَنت والمتابعة من قبل دولهم لاسيما الفرنسيين منهم، إلا أنّهم سجّلوا حضورهم في مسيرة الثورة ويومياتها الحالكة، وواصلوا نضالهم في صفّها حتى نيل الاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية، ومن أمثلتهم المناضلة كوينا هيلين التي كانت تنتمي إلى الحزب الشيوعي الفرنسي وإلى شبكة جونسون، وقد أصدرت كتابا عام 2001م بعنوان (الباب الأخضر) الذي قالت فيه: “كنّا في جبهة واحدة مع الجزائريين بحيث بدا لي التضامن مع الشعب الجزائري ضرورة غير قابلة للنقاش”.
والمناضلة زهرة الألمانية (فاندابلليوتين) ذات الأصول البلجيكية، التي كانت تحظى بمكانة مرموقة في المجتمع الأوراسي أين كانت مجاهدة في تلك الربوع، وأنريكوماتيي الرئيس الأسبق للمؤسّسة الإيطالية للمحروقات والذي عُرف بدعمه المطلق للشعب الجزائري عملا وقولا من خلال نشاطه على الصعيد الدبلوماسي والإعلامي.
وقد كرم في شخص عائلته بوسام (أصدقاء الثورة)عام 2021م، واليوغسلافي زدرافكوبيكار المراسل الصحفي الحزبي الذي التحق بالثورة عام 1958م، والمناضلة الكبيرة آني ستينر المولودة بتيبازة بتاريخ 07 فيفري 1928م وتنحدر من فلورنسا بإيطاليا، ورحلت عن عالمنا في 21 أفريل 2021م، ودفنت بالجزائر العاصمة حسب وصيّتها، هذا دون أن نغفل عن الفرنسي موريس أودان المناضل الكبير الذي وهب حياته لنصرة القضية الجزائرية، وبيارشولي الطبيب والإعلامي، والمحامي الإيطالي ماريولانا، والسينمائي الكبير روني فوتيه.
إلى جانب أصدقاء الثورة من الأشقاء العرب على غرار المناضل الليبي الهادي إبراهيم المشيرقي، والإذاعي المصري الشهير أحمد سعيد، والدكتور إبراهيم ماخوس من سوريا الشقيقة، والمناضل الفلسطيني القومي أحمد الشقيري، والشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الأسبق، والموسيقار المصري ملحن النشيد الوطني محمد فوزي، وأحمد نور الدين الأتاسي وغيرهم، وكاعتراف من الدولة الجزائرية بهؤلاء وغيرهم تمّ تكريم الكثير منهم بأوسمة، إلى جانب تأسيس الجمعية الدولية لأصدقاء الثورة الجزائرية، إضافة إلى تنظيم ملتقى دولي حول دورهم من قِبل وزارة المجاهدين وذوي الحقوق في ماي 2022م.
ما هي أهمّ المراحل التاريخية التي يجب أن تبقى دوما في الوجدان والذاكرة الشعبية الجزائرية؟
التاريخ الجزائري ومرحلة الثورة التحريرية حافلان بالمحطات الكبرى والأحداث الحاسمة التي غيّرت مجرى التاريخ الوطني وحتى العالمي، وأسهمت في استقلال عديد الدول الإفريقية، ونحن نحتفل اليوم بالذكرى الـ 70 لثورة نوفمبر المجيدة نتذكّر محطاتها البارزة، وبالتأكيد أنّ انطلاقتها في حدّ ذاتها كانت حدثا مهمّا في القرن العشرين بعد أكثر من “130 سنة” من الاستعمار والاضطهاد والتقتيل والاستعباد والنفي والتشريد وانتهاك الشخصية الوطنية، ومحاولة النيل من ديننا وثقافتنا وتراثنا وتاريخنا وذاكرتنا.
وقد زعزعت هجومات بواسل الثورة التحريرية على الشمال القسنطيني استقرار العدو وقضّت مضاجعه، ثمّ انعقد مؤتمر الصومام في 20 أوت 1956م الذي أعاد تنظيم الثورة، وتأسيس المجلس الوطني للثورة بناء على مخرجات المؤتمر المذكور، تلاه إنشاء الحكومة الجزائرية المؤقّتة في 19 سبتمبر 1958م، وصولا إلى إبرام اتفاقيات إيفيان في 18 مارس 1962م والتي دخلت حيّز التنفيذ في اليوم الموالي بعد مراحل شاقّة وعراقيل وضعها الجانب الفرنسي، وتوّجت كلّ التضحيات بالاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية في 05 جويلية 1962م بعد سنين طويلة من الكفاح ضدّ المستعمر.
ما هو تقييمكم لعمليات توثيق ثورة التحرير تاريخيا؟
بالرغم من المجهودات التي قام بها عديد الباحثين والمؤرخين منذ الاستقلال لاسيما رواد المدرسة التاريخية الوطنية، على غرار الأستاذ أحمد توفيق المدني، وشيخ المؤرخين الجزائريين الدكتور أبو القاسم سعد الله، والدكتور يحيى بوعزيز، والدكتور محمد العربي الزبيري، والدكتور نصر الدين سعيدوني وغيرهم.
إلى جانب مجهودات وزارة المجاهدين وذوي الحقوق من خلال مؤسّستها الرائدة المركز الوطني للدراسات والبحث في المقاومة الشعبية والحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر 1954م، وكذا المتحف الوطني والمتاحف الجهوية والولائية للمجاهد، وأقسام التاريخ والمخابر الجامعية، إلاّ أنّ هذه المجهودات تحتاج إلى هَبّة وعمل وإنتاج أكبر يليق بعظمة ملحمة نوفمبر المجيد.
كما توجد عراقيل اعترضت سبيل هؤلاء العاملين في الحقل التاريخي، يأتي في مقدّمتها الفقر في مجال الأرشيف الذي هو أساس التأريخ والتوثيق، بعد استيلاء الاحتلال الفرنسي على الأرشيف الوطني مباشرة عقب جريمة الاحتلال وإبرام معاهدة الاستسلام في 05 جويلية 1830م؛ حيث تمّ نهب جميع وثائق وأرشيف الدولة الجزائرية المستقلة قبل سنة 1830م، وتمّ نقله على ظهور البغال والحمير نحو سفن العدو التي كانت ترسو بالعاصمة وتحويله إلى فرنسا، إلى جانب سيطرتهم الكاملة على أرشيف الجزائر في الفترة الممتدّة من 1830 إلى 1962م، وامتناعهم عن إرجاعه إلى أصحابه الشرعيين، حسب ما تنصّ عليه القوانين والأعراف الدولية.
هل شاركت الصحافة الوطنية في هذه العملية طيلة فترة العمل المسلّح ضدّ الاستعمار؟
بلا شكّ أنّ الإعلام إبّان الثورة قد قام بدور فعّال وكبير، وكان موازياً للعمل المسلّح والنشاط الدبلوماسي الخارجي والنظام المدني في القرى والمداشر والمدن، كما كان بيان أول نوفمبر 1954م أول وسيلة إعلامية تعرّف بالثورة ووسائلها وأهدافها وغاياتها، لتتولّى بعد ذلك الجرائد والمجلات رغم محدوديتها وبساطة إخراجها وتصميمها وطباعتها.
إلا أنّها استطاعت أن تكون في مستوى الحدث وفي مستوى طبيعة المرحلة على غرار جريدة “المقاومة الجزائرية” التي تمّ إصدارها في 22 أكتوبر 1955م، حيث اتخذت السلطة العليا للبلاد هذا التاريخ يوماً وطنياً للصحافة، إلى جانب جريدة “المجاهد” التي رأت النور في طبعتيها العربية والفرنسية في جوان 1956م، لتكون لسان حال الثورة بعد توقيف جريدة المقاومة الجزائرية.
وكإنجاز توثيقي رائد قامت وزارة المجاهدين بجمع أعداد جريدة “المقاومة الجزائرية”، وطباعتها في مجلّدين فاخرين باللغتين العربية والفرنسية، أما “المجاهد” فقد طبعت في أربع مجلّدات.
بادرت الولايات التاريخية الستّ إلى إصدار نشريات خاصّة بها، على غرار “الوطني” باللغة العربية خلال عام 1955م، و«الجزائر الحرة” باللغة الفرنسية بالمنطقة الأولى الأوراس، و«الجبل” بالولاية الثانية، ونشريتي “النهضة” و«الانبعاث الجزائري” بالولاية الثالثة، ونشريتي “حرب العصابات” و«صدى التيطري” بالولاية الرابعة، بالإضافة إلى نشريات “المستقبل” و«رسالة الجزائر” و«الأصداء العسكرية” بالولاية الخامسة، أما قيادة الولاية السادسة فقد كانت تُصدر “صدى الجبال”.
هذا إلى جانب مجلات “العامل الجزائري” و«الشباب الجزائري” و«النشرة السياسية” التي كانت تصدرها الحكومة الجزائرية المؤقّتة بتونس، دون أن نغفل عن نشاط الإذاعة السرية التي كانت تبثّ باللغات العربية والأمازيغية والفرنسية مستفتحة برامجها بـ “هنا إذاعة الجزائر الحرّة المكافحة.. صوت جبهة التحرير الوطني وجيش التحرير الوطني.. يخاطبكم من قلب الجزائر”.
علاوة على الإذاعات العربية وبعض الدول الصديقة التي كان أثيرها فضاء ليوميات الثورة وتصريحات قادتها وممثليها وبياناتهم.. وهذا في مواجهة الترسانة الإعلامية الضخمة والدعاية المضادّة الفرنسية التي سخّرت كلّ إمكاناتها المالية والمادية والفنية والطاقات البشرية.. لتضليل الرأي العام المحلي والعالمي ومحاولة تشويه الثورة وقادتها.
الأفلام الوثائقية لها دور كبير في الحفاظ الذاكرة الوطنية، ما تقييمكم لهذا الإرث الوثائقي التأريخي لأحداث ثورة أول نوفمبر 1954م؟
أولت قيادة الثورة الأفلام الوثائقية والسينما عناية هامّة، من خلال نشاط الكثير من المخرجين والمصوّرين من بعض الدول الصديقة، والذين نقلوا بأمانة عبر كاميراتهم كلّ ما كان يجري في الجزائر من جرائم ضدّ الإنسانية وإبادة جماعية وما يحقّقه جيش التحرير الوطني من انتصارات، على غرار الأفلام الوثائقية “اللاجئون” لسييل كوجي عام 1956م، و«أمة اسمها الجزائر” و«ساقية سيدي يوسف”.
و«الجزائر الملتهبة” و«هجومات منجم الونزة” عام 1957م لرونيه فوتيه، إضافة إلى شريط “جزائرنا” وهو أول عمل لجمال الدين شندرلي ومحمد الأخضر حمينة عام 1958م، وشريط “ياسمينة” سنة 1961م لحمينة، وفي عام 1962م أخرج شندرلي “بنادق الحرية” الذي يروي سنوات الكفاح العصيبة.
وبالرغم من أنّ الفن السابع ذي الطابع التاريخي الثوري بعد الاستقلال واجه عديد المشاكل إلا أنّ مؤسّساته المتعاقبة استطاعت أن تنتج لنا عديد الأفلام ذات الصبغة العالمية مثل أفلام “مسيرة شعب” للمخرج الفرنسي رونيي فوتيه وأحمد راشدي ونصر الدين قنيفي سنة 1964م، و«الليل يخاف من الشمس” لمصطفى بديع عام 1965م، و«ريح الأوراس” لمحمد الأخضر حمينة عام 1965م.
و«معركة الجزائر” للمخرج الإيطالي جيلوبونتيكور فو عام 1966م صاحب -جائزة الأسد الذهبي- في مهرجان البندقية، و«الخارجون عن القانون” لتوفيق فارس، و«فجر المعذبين” لأحمد راشدي، و«الطريق” لمحمد سليم رياض، ثمّ حلّت مرحلة السبعينيات التي تعتبر مرحلة حاسمة للسينما الجزائرية من خلال أفلام و«وقائع سنين الجمر” لمحمد الأخضر حمينة في 1974م، و«قصة حورية” لسيد علي مازيف، و«الذهاب والإياب” لأحمد لعلام،
إلى جانب الأعمال السنيمائية الكبرى التي قامت بإنتاجها وزارة المجاهدين وذوي الحقوق على غرار أفلام”بن بولعيد، لطفي، كريم بلقاسم، بن مهيدي..” ومئات الأفلام الوثائقية الجادّة، ورغم هذا العطاء السينمائي إلا أنّ ثورتنا العظمى مازالت في حاجة إلى توثيق سينمائي أكبر وتسويق عالمي لإنتاجنا في مجال الفنّ السابع.
ما هو المطلوب اليوم من الشباب للحفاظ على أمانة شهداء الجزائر الأبرار والإقتداء بثورتهم الخالدة في التاريخ ؟
أمانة الشهداء ووديعة المجاهدين حملٌ ثقيلٌ جدّا تنوء الجبال الراسيات بحمله، وعلى الأجيال أن تحمله بقوّة لمواصلة رسالة الرعيل الأول من جيل نوفمبر المجيد جيل التحرير من أجل بناء جزائر قويّة ومنتصرة وجديدة دائما، كما يجب على الأجيال الحالية والقادمة واللاحقة أن تحافظ على فكرها التحرّري وأن تستلهم من فصول ويوميات نوفمبر الدروس والعبر والعظات، وأن تبلّغ أمانة الشهداء الذين سطّروا هذه الملحمة بدمائهم الزّاكية وتضحياتهم الكبرى.