سجل الديوان الوطني للإحصاء نموا في نسبة مساهمة قطاعات مهمة في الناتج الداخلي الخام للبلاد، حيث بلغت مساهمة قطاع الفلاحة 13% مقابل 4,3% بالنسبة لقطاع الصناعة، الذي استفاد كثيرا من زيادة نشاط النفط الذي كان عاملا في ارتفاع القيمة المضافة للصناعات الاستخراجية والتحويلية بنسبة 2,7%.
يتوقع الخبراء ارتفاع مساهمة قطاع الفلاحة لسنة 2025 بوتيرة ملحوظة، نتيجة دخول الاستثمارات الفلاحية المحلية والأجنبية حيز الاستغلال الفعلي، محققة بذلك اكتفاء محليا، مكن الجزائر من اتخاذ قرارات سيادية بمنع استيراد العديد من المواد الاستراتيجية، أهمها القمح الصلب والشعير بنهاية 2026.
يعد ارتفاع نسبة مساهمة القطاعات الاستراتيجية في الناتج المحلي الإجمالي خلال سنتي 2023- 2024، مؤشرا إيجابيا عن مستوى تنوع الاقتصاد الوطني ومدى ديمومته وصلابته ومقاومته للهزات الاقتصادية العالمية، حيث كان ولعقود طويلة قطاع الطاقة الدرع الواقي للاقتصاد الوطني، إلا أن اهتمام الجزائر، بتعليمات صارمة من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بتطوير جميع القطاعات المنتجة والخدماتية، جعل العديد منها تعود إلى الواجهة، على غرار قطاعي الصناعة والفلاحة، منضمّين بذلك إلى المنظومة الدفاعية الاقتصادية للبلاد.
ويرتبط التطور والتحول النوعي في مستوى الأداء، بالإرادة السياسية الحقيقة المترجمة في جملة الإجراءات الميدانية التي اتخذتها السلطات العمومية على أرض الواقع، من أجل إعطاء دفع قوي للقطاع الفلاحي، الذي تعول عليه الجزائر في قادم السنوات لأجل كسب رهان تحقيق الاكتفاء الذاتي وتحقيق أمنها الغذائي.
من نجاح إلى اكتفاء
في السياق، أوضح البروفيسور فارس هباش، في اتصال مع “الشعب”، أن السنوات الأخيرة سجلت ارتفاعا نسبيا في نسبة مساهمة قطاعي الصناعة والفلاحة، حيث بلغت نسبة مساهمة هذا الأخير 13% في الناتج المحلي الخام، بقيمة اقتصادية تعادل 35 مليار دولار، وهي نسبة تؤشر على مدى نجاعة السياسات المعتمدة والإصلاحات التي أقرتها الجزائر خلال السنوات الأخيرة بهدف تطوير الاستثمارات الفلاحية، التي نجحت في تغطية 75% من الحاجيات الغذائية للبلاد. تجسد هذا الاكتفاء المحلي في اتخاذ رئيس الجمهورية قرارا سياديا وتاريخيا بعدم استيراد القمح الصلب ابتداء من 2025، والتوقف النهائي عن استيراد الشعير سنة 2026، مع تسطير استراتيجية لإنتاج الحبوب على مساحة تقدر بـ3 ملايين هكتار.
من جهة أخرى، بلغت نسبة مساهمة قطاع الفلاحة في استحداث مناصب شغل 7%، ما يعادل حوالي 2.6 مليون منصب شغل؛ أرقام مرشحة للارتفاع بعد الشراكات النوعية التي أبرمتها الجزائر مع كبرى الشركات العالمية الرائدة في مجال التكنولوجيا الزراعية، مثل شركة “بلدنا” التي استثمرت ببلادنا عبر مشروع استراتيجي من ثلاثة محاور؛ إنتاج الحليب المجفف، إنتاج اللحوم الحمراء وزراعة الأعلاف على مساحة 117 ألف هكتار وقيمة استثمارية بلغت 3.5 مليار دولار. وبخصوص المساحات الزراعية، أكد المتحدث أن الجزائر تعمل جاهدة على الرفع من إنتاجية الهكتار، مثلما هو معتمد عالميا، أين تصل هذه الأخيرة أحيانا إلى 120 قنطار/ الهكتار، في حين بلغت القيمة القصوى للإنتاج بالجزائر 60 قنطارا/هكتار.
السلالة الزراعية
في السياق، أشاد ذات المتحدث بالدور المحوري المنوط بالأنظمة القانونية في تشكيل بيئة أعمال محفزة للاستمارات، على حد متساوٍ ومتوازن بين الشمال والجنوب، في إطار استراتيجية التوازن التنموي. ورغم الظروف المناخية غير المستقرة التي يعرفها العالم، جعل جميع دوله تحتكم إلى دراسات علمية من أجل أقلمة المحاصيل الزراعية وتحقيق الإنتاجية المستدامة.
واعتمدت الجزائر نفس المقاربة من أجل تطوير المحاصيل الزراعية، خاصة الزراعة الصحراوية، التي تحتكم إلى ظروف مناخية وقواعد وميكانيزمات خاصة، في ظل التغيرات المناخية التي أثرت على كمية ونوعية الإنتاج الزراعي.
وبهدف حماية وتطوير المحاصيل الزراعية، لجأت إلى تطوير البذور المقاومة للإجهاد المائي وتطوير سلالات البذور، وهي المهمة التي تم إسداؤها إلى بنك البذور التي استحدث لغرض تطوير السلالات الزراعية والمحافظة على السلالات الأصيلة ذات المقاومة القوية للتغيرات المناخية، إضافة إلى تطوير تقنيات الري الحديثة.
بالمقابل، بلغت نسبة مساهمة قطاع الصناعة نسبة 4,3%، بحسب ذات المتحدث، الذي يرى أنها تبقى مرشحة للارتفاع في ظل الإجراءات التي تم تجسيدها على أرض الواقع من أجل بعث المشاريع الاستثمارية، وإرساء قاعدة هيكلية متينة بالقطاع الصناعي للرفع من مساهمته في الناتج المحلي الخام، مدعوما بجملة الإجراءات والمجهودات التي تبذلها الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار.