يحتل قطاع الفلاحة في الجزائر المرتبة الثانية من حيث المساهمة في الناتج الوطني الخام بعد قطاع المحروقات، ممّا أدّى بالسلطات العليا للبلاد، على رأسها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، إلى تركيز الجهود على تطوير القطاع الزراعي لضمان إنتاج الاحتياجات الغذائية الأساسية للجزائريين ضمن رؤية اقتصادية شاملة ومندمجة تأخذ في الحسبان كل المتغيرات التي قد تؤثّر على الأمن الغذائي، الذي يعتبر جزءاً لا يتجزّأ من الأمن القومي.
ترتكز المقاربة المعتمدة على ترقية الاستثمار الفلاحي المهيكل وعصرنة أنظمة الإنتاج، وخلق أقطاب فلاحية مدمجة بولايات الجنوب، حيث تتوفّر كل الظروف الملائمة لتشييد مشاريع كبرى لإنتاج وتحويل المنتجات الزراعية كالحبـوب، والحليب، والنباتات الزيتية والسكرية، والقطن، والبذور، يجري التكفل باحتياجاتها الخاصة من شبكات الكهرباء، الغاز، الطرق، ألياف بصرية لتوفير عوامل نجاحها.
ملف: زهراء بن دحمان وسفيان حشيفة وعلي عويش وموسى دباب وحمزة لموشي ورابح سلطاني
حقيقة تنموية تتجسّد..
أطلقت السلطات العمومية في الجزائر، خلال السنوات الأخيرة، مئات المشاريع التنموية والإستراتيجية بولايات الجنوب التي استفادت من برامج تكميلية، تنفيذا لرؤية رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبّون الرامية إلى تحسين ظروف المناطق الداخلية والجنوبية والرقيّ بحياة المواطنين فيها بشتّى المجالات والميادين.
البرامج التكميلية استهدفت عدّة ولايات على غرار تندوف والجلفة، وأتت انطلاقا من وعود رئيس الجمهورية، منذ بداية ولايته الأولى أواخر سنة 2019م، واتّساقا مع خطته الخاصّة بتحقيق العدالة الاجتماعية والتوازن الإقليمي بين جهات الوطن الكبير، وكذا القضاء على التفاوت المسجّل في مجال التنمية بين الجماعات المحلية.
وفي هذا الصدد، أكّد رئيس المركز الجزائري للدراسات الاقتصادية والبحث في قضايا التنمية المحلية، الدكتور ياسين عبيدات، أنّ الحكومة حريصة على دراسة وضعية البرامج التنموية التكميلية بولايتي الجلفة وتندوف، تجسيداً لحرص الدولة على متابعة مدى تقدّم إنجاز العمليات المبرمجة من حيث إطلاقها، وتقدّم أشغالها، وصرف الاعتمادات المالية المخصّصة لها، وتقييم جهود السلطات المحلية في القيام بالمهام المسندة.
وأوضح عبيدات، في تصريح خصّ به “الشعب”، أنّ هذه العمليات التنموية ترجمت تعليمات رئيس الجمهورية، وجاءت استكمالا للزيارات الميدانية التي قام بها سابقا للولايات المعنية، ووقف من خلالها على وضع حجر الأساس لمشاريع هامة جداً، ومعاينة سير الأشغال بباقات تنموية وتدشين أخرى.
وأضاف المختصّ أنّ البرامج التكميلية انبثقت عن وعود رئيس الجمهورية خلال حملاته الانتخابية، ورؤيته الرامية إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والتوازن الإقليمي بين مختلف جهات الوطن، وتكريسا لمبدأ الطابع الاجتماعي للدولة من خلال إنجاز مشاريع حيوية في مختلف القطاعات بما يعود بالفائدة على الساكنة، ويثبت العزيمة الصادقة للدولة من أجل أن تحيا الجزائر والمواطن في كنف الاستقرار والتقدّم والازدهار.
مشاريع إستراتيجية في تندوف..
أبرز الدكتور عبيدات أنّ البرنامج التكميلي لولاية تندوف يتضمّن كثيرا من المشاريع التنموية الماسّة بحياة السكان والرقيّ بها، بالموازاة مع إطلاق مشاريع إستراتيجية ذات بعد وطني ستشكل قفزة نوعية للولاية، وتحوّلها من مجرد منطقة رعوية إلى قطب اقتصادي واعد، وركن جذب للاستثمارات في المدى القصير والمتوسّط، إذ من المرتقب استحداث آلاف مناصب الشغل، وفكّ العزلة عن الجماعة المحلية ذاتها، لعلّ أبرزها منجم غار جبيلات الذي من المتوقّع أن يفتح آفاقاً واسعة لصناعة الحديد والصلب؛ كونه يحتوي على احتياطات ضخمة من خام الحديد تفوق 3.5 مليار طن، وهو ما سيساهم في خلق ديناميكية اقتصادية خلاّقة للثروة.
فضلا عن ذلك، الشروع في مشروع السكّة الحديدية بشار- تندوف المنفّذ بالسرعة القصوى في ما تعلّق بوتيرة إنجازه، والطريق الرابط بين تندوف والزويرات الموريطانية المتكفل به من طرف مجمع شركات وطنية على مسافة تفوق 775 كم، وكذلك إنجاز المعبر الحدودي مصطفى بن بولعيد الموضوع حيّز الخدمة، ومنطقة التبادل الحرّ المنتظر منها تحويل المنطقة الحدودية إلى فضاء هام للتجارة الحرّة مع دول غرب إفريقيا، وأداة فعّالة للتنمية المحلية وتكثيف المبادلات التجارية، بحسب قوله.
.. وبرنامج تنموي هام بالجلفة
وقال عبيدات إنّ ولاية الجلفة حظيت بتجسيد برنامج تنموي هام، قدّرت قيمته الإجمالية بأكثر من 17700 مليار سنتيم، موزّعة على 249 مشروعا في 20 قطاعا، ما سيجعل منها قطبا تنمويا من أقطاب الإقلاع الاقتصادي المحلي، ويزيد من جاذبية الاستثمار فيها إمكاناتها ومؤهّلاتها الطبيعية ومساحتها الشاسعة وتعدادها السكاني الذي يفوق 1.5 مليون نسمة.
وتابع عبيدات أنّ السلطات العمومية تعمل في الآونة على استدراك النقائص والتكفل بالانشغالات التنموية المحلية كإزدواجية الطرقات، والسكن بكلّ صيغه، والرعاية الصحية، والتربية والتعليم، والموارد المائية، والفلاحة وتربية المواشي، وإعادة بعث السدّ الأخضر، وتكثيف الربط بمختلف الشبكات خاصّة الكهرباء والغاز والماء والسكك الحديدية، وهي كلّها عوامل هامة تندرج ضمن سياسة الدولة القاضية بإعطاء أهمية كبرى للمناطق الداخلية التي كانت تعاني من العزلة والتهميش، وعرفت سابقا نقصا واضحا في مظاهر التنمية وسجّلت فروقات واختلالات في عدّة مجالات.
رهان الرئيس..
من جهته، قال أستاذ كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة الشهيد زيان عاشور -ولاية الجلفة، البروفسيور نور الدين مكاوي، إنّ البرامج التكميلية التي حظيت بها عدّة ولايات داخلية هي نتاج برنامج محكم أعدّه رئيس الجمهورية، واعتنى فيه بالتوزيع العادل للثروات ونشر معالم التنمية في الهضاب والجنوب عموماً.
وقال مكاوي لـ«الشعب”، إنّ البرامج التنموية صارت حقيقة على أرض الواقع، وأصبح الرهان الآن التنفيذ والتجسيد على عاتق المواطن، والسلطات المحلية، والقطاعان العام والخاص، حيث يتطلّب بلورة المشاريع مواطنا فعّالا وإيجابيا، ومسؤولين محليين على قدر المسؤولية التي كلّفهم بها رئيس الجمهورية، انطلاقا من ولاة الجمهورية إلى مسؤولي القطاعات التنفيذية والمنتخبين في المجالس المحلية، بالإضافة إلى مؤسّسات وشركات مؤهّلة تسهر على تنفيذ المشاريع التي تنتمي إلى القطاع العام أو المنتمية للقطاع الخاص.
تـندوف.. تذكرة عبور إلى الرفاه الاقتصادي
استفادت ولاية تندوف، أواخر العام الماضي، من برنامج تكميلي بغلاف مالي إجمالي قدره 29.5 مليار دينار، تضمّن 18 عملية تخصّ قطاعات الريّ، الصحّة، التعمير، البيئة، التحسين الحضري، السكن والشباب، وأمر رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبّون بتخصيص برنامج تكميلي لفائدة ولاية تندوف، خُصّصت منها 4.6 مليار دينار لإنجاز محطة تصفية المياه المستعملة والرفع من الطاقة الإنتاجية لمحطة نزع المعدنيات بالولاية.
وراهنت السلطات العليا في البلاد، من خلال هذا البرنامج التكميلي، على أن تتبوأ ولاية تندوف مراتب متقدّمة اقتصادياً، نظراً للإمكانات الهائلة التي تزخر بها والموقع الاستراتيجي للولاية الحدودية.
شكّل البرنامج التكميلي الذي أقرّه رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبّون، لفائدة ولاية تندوف إضافةً نوعية لقاطرة التنمية المحلية، والتي انطلقت بالفعل مع إطلاق مشروع غارا جبيلات، مروراً بمشروع السكة الحديدية غارا جبيلات- بشار، وهو المشروع الذي سينشر آفاق التنمية والنهضة الاقتصادية من أقصى الجنوب الغربي إلى أقصى الشمال.
هذا المكسب الهام للولاية، سيجعل منها قطباً اقتصادياً بامتياز، وسيعمّم معالم التنمية عبر كافة ولايات الجنوب الغربي، وسيجعل من بلادنا قوّةً اقتصادية في إقليمها الإفريقي، المتوسّطي والدولي.
ويأتي البرنامج التكميلي ليعكس الاهتمام الكبير والالتزام الصادق الذي توليه السلطات العليا لولاية تندوف، هذه النظرة الثاقبة والتنمية الشاملة، هي ما تميّز الجزائر الجديدة بسواعد أبنائها، السيدة في قراراتها، القريبة من شعبها، الحريصة على التكفّل بانشغالاته.
زيارة الرئيس.. فاتحة الخير..
وقال رئيس المجلس الشعبي لولاية تندوف محجوب بوناقة لـ«الشعب”، “إنّ سكان الولاية مازالوا يعيشون على نسمات الزيارة التاريخية لرئيس الجمهورية إلى ولاية تندوف، وما تمخّض عنها من نتائج استثنائية أصبحت واقعا معيشا، من برامج تنموية ضخمة لم نكن نحلم بها سابقاً”. وأضاف: “إنّ الخط المنجمي الغربي الممتدّ على مسافة 950 كلم، والانطلاق في الاستغلال الفعلي لعملاق الحديد بمنطقة غارا جبيلات، كانت لتكفي الولاية لعقود من الزمن نظراً لضخامتها وأهميتها الاقتصادية، بالإضافة إلى تسجيل دراسة مهمة لجلب المياه الصالحة للشرب من أدرار إلى تندوف.
وتابع قائلاً: البرنامج التكميلي جاء تلبيةً لمطالب المواطنين التي رُفعت إلى رئيس الجمهورية خلال لقائه بأعيان الولاية على هامش زيارته لتندوف، مؤكّداً بأنّ هذا البرنامج قد تضمّن مشاريع ضخمة ومهمة جداً لطالما انتظرها سكان الولاية، “واليوم نحن قاب قوسين أو أدنى من تحقيق إنجازات كانت مجرد أحلام فيما مضى”.
وأردف رئيس المجلس الشعبي الولائي قائلاً إنّ البرنامج التكميلي مسّ كلّ القطاعات الأساسية التي كانت مطالب مُلحّة لسكان الولاية، على غرار قطاعات قطاع الصحّة، التهيئة الحضرية وقطاع السكن، والتي استفادت من برامج ضخمة إلى جانب قطاعات أخرى.
سوابق تنموية
وشرح المتحدّث أهمية البرنامج التكميلي لسكان الولاية قائلا إنّ قطاع السكن استفاد من حصّة هامة جدّاً ستضاف لها حصّة محلية أخرى، سنشهد على إثرهما توزيع 09 آلاف وحدة سكنية، وهو حدث وصفه بـ«التاريخي الذي لم تشهد له الولاية مثيل”.
وقال بأنّ الحدث سيُدخل الفرحة إلى قلوب 09 آلاف عائلة بالولاية في سابقة هي الأولى من نوعها، مؤكّداً بأنّ توزيع هذا الكمّ الهائل من الوحدات السكنية، هو نِتاج تجسيد فعلي ومباشر لرؤية رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبّون، وبفضل الحرص الدائم والمستمر لوالي تندوف وتأكيده على ضرورة الاستعجال في تجسيد هذه المشاريع على أرض الواقع.
ولَفَت بوناقة إلى أنّ قطاع الصحّة حظي هو الآخر بغلاف مالي ضخم جداً موجّه لتجسيد مشاريع مهمة بالولاية، على غرار مستشفى 120 سريرا، مستشفى 60 سريرا، مستشفى الأمومة والطفولة، بالإضافة إلى مستشفى 60 سريرا ببلدية أم العسل، إلى جانب إنجاز سكنات مخصّصة للأطباء ومشاريع أخرى تندرج في إطار التهيئة القطاعية لقطاع الصحّة بالولاية، مشيراً إلى أنّ هذه المشاريع تعتبر بداية نهاية حقبة من معاناة المرضى جراء التنقل لولايات الشمال بحثاً عن فرص أفضل للعلاج.
وثمّن محدّثنا ما تمّ رصده من غلاف مالي ضخم لفائدة التهيئة الحضرية، والذي سيقلب عاصمة الولاية رأساً على عقِب – على حسب تعبيره – وأشاد بمرافقة مكاتب الدراسات لهذه المشاريع من خلال إبداعها في عرض تصوّراتها للوجه الجديد للمدينة.
وقال بوناقة إنّ ملف التهيئة الحضرية استفاد من غلاف مالي قدره 02 مليار دينار ستخصّص لإعادة الاعتبار لأحياء المدينة وشوارعها، ناهيك عن قطاع البيئة الذي خُصّص له مبلغ مالي كبير سينهي معاناة الولاية مع تراكم النفايات وانتشار النقاط السوداء داخل التجمّعات السكنية في كلّ من بلديتي تندوف وأم العسل.
لا عزلة بعد اليوم..
من جهتها، أبرزت عضو المرصد الوطني للمجتمع المدني بتندوف عائشة رمضاني، أهم المشاريع التي تضمّنها البرنامج التكميلي الذي خصّ به رئيس الجمهورية ولاية تندوف، مشيرةً إلى أنّ ما تحقّق لحدّ الساعة من مشاريع، ما ليس سوى غيض من فيض مشاريع عديدة سترى النور تِباعاً”.
وقالت رمضاني في تصريح لـ«الشعب” إنّ رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبّون، أوفى بكلّ التزاماته تُجاه ولاية تندوف وسكّانها” وأضافت تقول: “سكان الولاية يثمّنون فحوى البرنامج التكميلي وما جاء في مضامينه من مشاريع كبرى رُصدت لها مبالغ مالية ضخمة”، مشيدةً بتعليمات رئيس الجمهورية القاضية بضرورة تجسيد مبدأ التشاركية التنموية، وهي ما تمخّض عنها تنظيم زيارات ميدانية ولقاءات مع السلطات المحلية لمتابعة مختلف المشاريع.
وجدّدت عضو المرصد الوطني للمجتمع المدني التأكيد على أنّ البرنامج التكميلي الذي خصّ به رئيس الجمهورية ولاية تندوف، قد مسّ كلّ القطاعات ذات الصلة باهتمامات المواطنين على غرار قطاع المناجم، من خلال وضع حجر الأساس للانطلاق في استغلال منجم الحديد بغارا جبيلات، ما شكّل ضوءًا أخضر لتوافد شركات عالمية ووطنية كبرى إلى المنطقة، جالبةً معها مناصب عمل بالآلاف لشباب الولاية.
وذكّرت رمضاني بحجم المشاريع التي استفادت منها الولاية في ظرف وجيز، أعادت المنطقة إلى الواجهة كولاية منجمية، صناعية، وتجارية، واستطردت قائلةً إنّ مشروع الخط المنجمي الغربي الذي جاء لتدعيم قطاع المناجم، يُعدّ مشروعاً رائداً يُحسب لرئيس الجمهورية، والذي أخرج الولاية من عزلتها واضعاً إياها على سكّة الولايات الفاعلة اقتصادياً.
وأشارت محدّثتنا إلى أنّ المعبر الحدودي البرّي الشهيد مصطفى بن بولعيد ومشاريع الموارد المائية، الصحّة، السكن والتحسين الحضري وما رافقها من مجهودات جبّارة على المستوى المحلّي مراقبةً وإشرافاً، دليلٌ واضح على عزم الدولة على الانتقال بالولاية إلى وضع أفضل، وتحسين أوضاع سكانها، باعتبار أنّ المشاريع المجسّدة أو التي هي في طور الإنجاز ستوفّر مناصب شغل للشباب وستضع للعزلة نقطة النهاية.
الجلفة.. عملاق اقتصادي يتأهّب..
تمضي ولاية الجلفة قدما على مسار تنموي طموح، وذلك بفضل البرنامج التكميلي الذي أقرّه رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبّون، ويهدف هذا البرنامج الضخم إلى إعادة تشكيل الخريطة التنموية للولاية، من خلال تعزيز البنية التحتية، تطوير القطاعات الحيوية، وتحقيق نقلة نوعية في جودة حياة المواطنين، من خلال تخصيص أكثر من 18 ألف مليار دينار جزائري موزّعة على مئات المشاريع.
تتطلّع الحكومة إلى تحقيق طفرة في قطاعات الصحّة، السكن، التعليم، الفلاحة والنقل، هذه المشاريع تمثل الركيزة الأساسية لتعزيز النمو الاقتصادي في المنطقة الداخلية للبلاد، ما يعكس الالتزام بتحقيق التوازن التنموي بين مختلف الولايات وتلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين.
ويحظى قطاع النقل والطرق بحصة كبيرة من هذا البرنامج، حيث خصّصت الحكومة 4936 مليار سنتيم، وهو ما يعادل نحو 28 بالمائة من إجمالي الميزانية، تشمل هذه الأموال 44 مشروعا هاما، أبرزها عمليات صيانة وتوسعة الطرقات في مختلف أنحاء الولاية.
كما تشمل المشاريع الكبرى عملية ازدواجية الطريق الوطني رقم 46، الذي يمتدّ على مسافة 60 كم نحو الشارف، بمبلغ 1200 مليار سنتيم، فضلا عن تطوير طرقات اجتنابية لعدد من البلديات الكبرى، بالإضافة إلى ذلك، تم تخصيص مبلغ 160 مليار سنتيم لتحسين وتوسيع الطرق الوطنية التي تربط ولاية الجلفة ببقية الولايات، مثل الطريق الوطني رقم 46 الذي يربط حدود ولاية تيارت مع بلديات أخرى.
في هذا القطاع، شكّل إنجاز شبكة السكة الحديدية أحد أهم المشاريع التي تدعّم التنمية الاقتصادية للولاية وللجزائر بصفة عامة. فقد تم إنجاز خط بوغزول – الأغواط مرورا بعين وسارة والجلفة بمواصفات عالمية، إلى جانب خط تيارت – بوغزول مرورا بحاسي فدول وسيدي لعجال، وخط مسيلة – بوغزول مرورا بالبيرين، هذه الشبكة من السكك الحديدية من شأنها أن تساهم في تعزيز حركة نقل البضائع ودعم الاقتصاد الوطني.
تنمية مستدامة..
فيما يتعلّق بقطاع الصحّة، فقد تم تخصيص 3220 مليار سنتيم لإنجاز 22 مشروعا حيويا، وتضمّ 11 مستشفى و11 عيادة متعدّدة الخدمات موزّعة على جميع مناطق الولاية، بالإضافة إلى تجديد وتجهيز المنشآت الصحّية، مثل تجهيزات طبية متطوّرة تشمل أجهزة تصفية الكلى. كما تم تخصيص جزء من الميزانية لدراسة إنشاء مستشفى جامعي في الجلفة بسعة 240 سريرا، وهو خطوة كبيرة نحو تعزيز مستوى الرعاية الصحّية في الولاية، فضلا عن مركز مكافحة السرطان الذي تم تدشينه خلال زيارة رئيس الجمهورية تبّون الأخيرة للولاية.
وفي قطاع التعليم، تم تخصيص 2400 مليار سنتيم لتنفيذ 30 مشروعا تعليميا مهما، تشمل بناء مدارس جديدة في المناطق النائية، وفي هذا القطاع، شهدت ولاية الجلفة تطوّرا ملحوظا، حيث تم إنجاز 605 منشآت تعليمية، منها 11 ثانوية، 7 متوسّطات، و29 مجمعا مدرسيا، بالإضافة إلى توسيعات تضمّنت بناء 440 قسما جديدا. كما تم تحسين ظروف التمدرس، من خلال إنشاء 116 مطعما مدرسيا و3 داخليات، ممّا يعزّز جودة التعليم وظروف الإقامة للطلاب.
قطاع التعليم العالي بالجلفة، حظي هو الآخر بمزايا جديدة عبر برامجه الجامعية، حيث سيستفيد من مشاريع مموّلة بقيمة 56 مليار سنتيم، تشمل إنشاء كلية الطب، ومدرسة عليا للفلاحة، بالإضافة إلى معهد للهيدروجين، وهي مشاريع تحمل آفاقا واسعة للولاية من خلال تطوير القطاعات العلمية والتعليمية، كما تم رصد ميزانية لبناء ملحقات جامعية في الولايتين المنتدبتين عين وسارة ومسعد، ويهدف هذا التوجّه إلى تلبية الاحتياجات المتزايدة للطلاب وتوفير بيئة تعليمية حديثة ومجهّزة بكافة الوسائل.
وفي مجال السكن والعمران، خصّصت الحكومة 2885 مليار سنتيم لإنجاز 6 مشاريع متنوّعة، تضم 15 ألف إعانة سكن ريفي و4000 وحدة سكنية عمومية، بالإضافة إلى تهيئة الأراضي والبنى التحتية في مختلف بلديات الولاية، وقد تم توزيع ما يقارب 13 ألف وحدة سكنية في إطار السكن الريفي، وهو ما يعزّز استقرار الأسر في المناطق الريفية ويعطي دفعة قوية لتنمية هذه المناطق.
وفي قطاع الموارد المائية، تم تخصيص 1500 مليار سنتيم لتنفيذ 10 مشاريع لتحسين إمدادات المياه الصالحة للشرب وتوسيع شبكات الصرف الصحّي في الولاية، تشمل هذه المشاريع حفر آبار جديدة، بناء خزّانات مياه ضخمة، وتحديث شبكات توزيع المياه في المناطق الريفية.
ولأنّ ولاية الجلفة تعدّ من أبرز المناطق الزراعية في الجزائر، فقد خصّصت الحكومة 1304 مليار سنتيم لقطاع الريّ والزراعة، بما يشمل تطوير محطات لتصفية المياه المستعملة في عدد من البلديات، بالإضافة إلى مشاريع للريّ الفلاحي وتهيئة شبكات الصرف الصحّي في البلديات المختلفة، هذا من شأنه أن يسهم في تحسين القطاع الزراعي، الذي يعدّ من الأعمدة الاقتصادية في الولاية.
أما قطاع الثقافة والفنون، فقد أخذ نصيبه من الدعم من خلال مشاريع جديدة. في هذا الإطار، فقد أكّدت وزيرة الثقافة والفنون، صورية مولوجي، خلال زيارتها في جانفي 2024، أنّ الحكومة تعتزم تدشين بعض المرافق الثقافية الهامة التي ستساهم في تعزيز الهوية الثقافية للولاية. ومن المتوقّع أن تشمل الزيارة معاينة بعض المواقع الأثرية الهامة التي تميّز ولاية الجلفة.
وفي إطار جهود تحسين قطاع الشغل وتخفيف معدلات البطالة في ولاية الجلفة، تم استحداث 34.097 منصب شغل في إطار برامج الإدماج المهني، بالإضافة إلى استفادة الآلاف من الشباب من منحة البطالة التي تمثل دعما اقتصاديا مهما لهذه الفئة، كما تمّ استحداث 31 منطقة نشاط مصغّر، تشمل توزيع 1.300 قطعة أرض تتراوح مساحتها بين 200 و500 متر مربع، لتخصّص للشباب أصحاب الأفكار والمشاريع الطموحة، ما يسهم في تشجيع المبادرات الاقتصادية المحلية.
ألواح شمسية للمناطق الريفية
وخلال الفترة 2020-2023، تم تحقيق تقدّم كبير في تحسين ظروف الحياة في المناطق المعزولة أو ما يعرف بـ«مناطق الظلّ”، فقد تمّ التكفّل بـ279 منطقة موزّعة على 36 بلدية، من خلال مشاريع تهدف إلى فكّ العزلة وتحسين البنية التحتية، وقد تواصلت الجهود في 2023-2024، مع تسجيل 212 عملية تنموية موزّعة على 35 بلدية، شملت تحسين ظروف التمدرس من خلال إدراج مطاعم مدرسية، تركيب أنظمة تدفئة، وربط المدارس بشبكة المياه، كما تمّ تزويد المناطق الريفية بألواح شمسية وصهاريج لضمان استمرارية الخدمات الأساسية.
أما في قطاع الطاقة، فقد شهدت الولاية تطوّرات هامة خلال الفترة 2020-2024، من أبرزها إنشاء محطة مركزية لإنتاج الكهرباء بقدرة تفوق 1262 ميغاواط، تساهم في تعزيز استقرار شبكة الكهرباء وتوفير الطاقة اللازمة للمناطق المختلفة، كما تمّ إنشاء 5 محوّلات كهربائية من الضغط المرتفع إلى المتوسط لضمان استقرار التيار الكهربائي وتجنّب التذبذبات.
ولأنّ قطاع الفلاحة في ولاية الجلفة، يعد محورا أساسيا لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز الأمن الغذائي، أصدرت الحكومة تعليمات صارمة للولاة للسهر على تطوير هذا القطاع الهام، وقد تم الإحصاء الشامل للفلاحين والمحيطات الفلاحية المتواجدة بالولاية، مع إعداد منصة رقمية تهدف إلى متابعة الفلاحين والأراضي الزراعية، ما سيساهم في رفع مستوى الإنتاج الزراعي بشكل كبير، وفي هذا الإطار.
وشهدت الولاية تعزيزا بمشاريع ضخمة تهدف إلى زيادة مستوى المحاصيل وتطوير قدرات التخزين، من بين هذه المشاريع، تمّ إنشاء صومعة إستراتيجية تسع لألف طن، بالإضافة إلى 8 مستودعات تخزين تبلغ سعتها 5000 قنطار لكلّ مستودع. كما تمّ تسليم 9 آلاف رخصة للفلاحين للحصول على المياه.
وتم ربط المستثمرات الفلاحية بالكهرباء الفلاحية، وهو مشروع يغطي حوالي 58 بالمائة من البرنامج الوطني في هذا المجال، وشملت هذه العملية 3565 مستثمرة فلاحية، وتغطية مسافة تصل إلى 11000 كيلومتر من المسالك الفلاحية كما تمّ تزويد الفلاحين بالدعم اللازم، من خلال توفير البذور مجّانا ودعم الأسمدة بنسبة 50% لكافة الشعب الزراعية، بالإضافة إلى دعم المكننة الفلاحية واستيراد الأجهزة الحديثة، مربّو الأبقار أيضا استفادوا من دعم الأعلاف بمعدل 4 دج لكلّ كيلوغرام، فضلا عن امتيازات القروض الرفيقة التي تسهم في دعم هذا القطاع الحيوي.
وفي إطار دعم الاستثمار الفلاحي، تمّت تسوية وضعية العقار الفلاحي بموجب عقود امتياز، حيث تم تسوية 6540 مستثمرة بمساحة 84 ألف هكتار، ما يمكّن الفلاحين من تطوير مستثمراتهم ووضع البيوت البلاستيكية اللازمة لممارسة النشاط الفلاحي، هذا ويتعين على السلطات المحلية أن تواصل المتابعة الحثيثة لضمان تنفيذ هذه المشاريع في الوقت المحدّد، بما يساهم في تحقيق رؤية التنمية المستدامة التي ستعود بالفائدة على سكان الولاية.
باتنة.. قطب ريادي في الاستثمار وصناعة الثروة
شهدت ولاية باتنة، في السنوات الأخيرة، تطوّرا متسارعا في مجال الاستثمار والصناعة، بفضل جهود الدولة وتشجيعها للاستثمار المحلي والأجنبي بالولاية، ما سمح بتثبيت دعائم اقتصاد متنوّع بعيدًا عن اقتصاد الريع، حيث حقّقت باتنة ريادة وطنية في عدّة شعب صناعية، بفضل قُدراتها ومواردها من جهة، وحرص السلطات العمومية على خلق بيئة استثمارية جذابة من جهة أخرى، مكّنت من توطين مشاريع ضخمة حقّقت عائدات مالية هامة فاقت الـ230 مليون دولار.
نجحت ولاية باتنة في تصدير عدّة منتجات محلية الصنع إلى الكثير من دول العالم، خاصّة في مجال تصدير السيراميك والتوربينات الغازية، وكذا تصدير الإسمنت وبعض الصناعات الغذائية والتحويلية التي وجّهت إلى مختلف الأسواق الخارجية، من خلال 356 عملية، سجّلت 230 مليون دولار كعملة صعبة، ومن أهم الدُول المستوردة لمنتجات ولاية باتنة، نجد دول فرنسا، إيطاليا، البرتغال وبلغاريا بالنسبة لقارة أوروبا، وليبيا، مالي وتونس بإفريقيا، تركيا، السعودية، عمان وروسيا واندونيسيا بالنسبة لقارة أسيا، وغيرها.
وأشارت مصالح ولاية باتنة، إلى تخصيصها لـ490 مليار سنتيم من أجل توصيل مُختلف الشبكات الحيوية للمناطق الصناعية ومناطق النشاطات، التي تتواجد بها المصانع التي حقّقت هذا الرقم الهام في التصدير، من أجل تفعيل نشاطها وتشجيع المُستثمرين الخواص على توطين مشاريعهم الاستثمارية بعد رفع العراقيل التي أعاقتها لسنوات وحالت دُون تمكينهم من إنجاز المشاريع الاستثمارية التي يرغبون فيها.
وأشار المسؤول الأول عن الهيئة التنفيذية بالولاية محمد بن مالك، في تصريح لـ«الشعب”، نجاح عمليات رفع العراقيل على 135 مشروعا استثماريا تم تمكين أصحابها من شهادة الاستغلال النهائية، إضافة لدراسة ملفات 116 مشروعا استثماريا آخر استفادت هي الأخرى من تراخيص، تلقّى أصحابها الموافقة المبدئية، ما جعل من قطاع الصناعة والاستثمار يشهد حركية غير مسبوقة تشجيعا للإنتاج المحلي ومُرافقة المستثمرين والنزول العكسي إليهم واسترجاع العقار الصناعي.
وأضاف المتحدّث أنّ ولاية باتنة أصبحت بفضل خارطة الطريق التي تم انتهاجها تنفيذا لتعليمات السلطات العمومية العليا، من الولايات الرائدة وطنيا في مجال الاستثمار وخلق الثورة في عدّة قطاعات أبرزها شعبة الخزف، حيث تتوفر الولاية على 11 وحدة تُنتج مُختلف أنواع وأحجام السيراميك 06 وحدات كانت مُتوقفة وتعاني من عراقيل بيروقراطية منذ 2017، على أن يتم خلال السداسي الأول من السنة القادمة 2025 فتح أكبر مصنع لصناعة السيراميك في افريقيا بباتنة مُجهّز بأحدث التقنيات والتجهيزات الضرُورية والأساسية.
هذه الوحدات حقّقت أرقاما قياسية في الإنتاج وتوفير والألاف من مناصب الشغل المباشرة بعد دخولها حيّز الخدمة والإنتاج المباشر، لُتُساهم بذلك في التصدير خارج نطاق المحروقات وتسجيل رقم 230 مليون دولار أمريكي في مُختلف الشعب الإنتاجية على غرار السيراميك، الاسمنت، التوربينات، المواد الغذائية والميكانيكية.
وبخصوص تصدير مادة الإسمنت فقد بلغت قيمة صادراته، السنة الماضية، ملايين الدولات من إجمالي 106 مليون دولار صادرات مجمع جيكا خلال 2022، ما سمح بزيادة كمية الإنتاج، خاصّة بعد الشروع في تصدير المادة نصف المصنّعة “الكلنكر” المُستخرج من مواد أولية خام، وهي المادة الأولية المطلوبة بقوّة عالميا.
من جهتها، مصالح مديرية التجارة بولاية باتنة سجّلت 150 عملية تصدير نحو الخارج في مختلف أنواع المنتجات، 84 منها حصلت على شهادة منشأ ممنوحة من طرف الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة الجزائر، 60 شهادة منحتها غرفة التجارة والصناعة الأوراس باتنة، بالإضافة إلى 06 شهادات تصدير منحتها ذات المديرية.
خـبرات جزائرية في تـسيير مصنع جنيرال إلكتريك
مصنع التوربينات المتواجد بعين ياقوت بولاية باتنة، التابع لمجمع سونلغاز، نجح هو الآخر في الخروج من التبعية للمحروقات بتصدير التوربينات للخارج، حيث تمّت عملية تصدير معدّات كهربائية حيوية نحو قارة أسيا وتحديدا لدولة العراق، ضمن تفعيل الشراكات التجارية بين الجزائر وبعض الدول، بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي المحلي.
وقد شهد مصنع جيات بباتنة التابع لشركة جنرال الكتريك آلجيريا توربين، الشريك مع المُتعامل الأمريكي جنرال إلكتريك، عملية تصدير شحنة من المعدّات الكهربائية إلى إحدى الشركات العراقية، ويتعلّق الأمر، حسب ما أفاد به بيان للشركة الجزائرية سونالغاز بتصدير مولّد للتوربينات الغازية من نوع “h53” و«0h5” بقوّة 300 ميغاواط إضافة إلى ملحقات أخرى.
وقد جاءت العملية تنفيذا لتوجيهات السلطات العليا في الدولة القاضية بخلق بدائل ثروة جديدة خارج المحروقات، وهو ما يتم عبر تنويع المنتجات الاقتصادية الموجّهة للتصدير وتشجيع المنتوج الوطني، على أن يشرع المصنع منتصف العام القادم 2025، في إنجاز عتاد نقل الكهرباء ذات التكنولوجيا العالية للضغط العالي، اعتمادا على خبرات وكفاءات جزائرية.
ومعلوم أنّ مصنع التوربينات بولاية باتنة، ثمرة شراكة جزائرية أمريكية تقدّر حصّة الطرف الجزائري بـ 51 % مقابل 49 % للشريك الأمريكي، برأس مال يقدّر بـ 200 مليون دولار، يتربّع على مساحة 40 هكتارا من أصل 130 هكتارا مخصّصة للمنطقة الصناعية الجديدة ببلدية عين ياقوت ينتج 124 ألف قطعة سنويا.
وتراهن الدولة على هذا المشروع الضخم بعد عشر سنوات من تشغيل المصنع، أيّ في سنة 2027 ستبلغ نسبة إدماج الإنتاج بوسائل وطنية 80 بالمائة، ويضمّ هذا المجمّع الصناعي وحدات لتركيب التوربينات الغازية والبخارية تحتلّ مساحة 20 هكتارا إضافة إلى وحدات تصنيع التوربينات التي تتربّع على مساحة 20 هكتارا أخرى، وقد أعطى المشروع لبلدية عين ياقوت دفعا قويّا في الجانب التنموي وتوفير مناصب الشغل للشباب.
3 مصـانع كبرى للصناعات الصيدلانية
وفي مجال الصناعات الصيدلانية، شهد قطاع الصناعة تطوّرات مُتسارعة في السنتين الأخيرتين وحركية تنموية غير مسبوقة، عكسها حجم الاستثمار العمومي والأجنبي بعد وضع حجر الأساس لبناء 3 مصانع كبرى لإنتاج المواد الأولية.
ويتعلّق الأمر حسب ما أفادت به مديرية الصناعة بولاية باتنة، بمصنع خاصّ بإنتاج بلورات الأنسولين، ومصنع أخر لإنتاج المواد الأولية للباراسيتامول وحمض الساليسيليك وأخيرا مصنع لإنتاج مواد أولية لأمراض القلب والأوعية الدموية ومضادّات مرض السكري ومضادّات الالتهابات.
ويعتبر المصنع الأول الخاصّ بإنتاج بلورات الأنسولين إنجازًا هامًا كونه الأول من نوعه على مستوى إفريقيا، تصل قدرته الإنتاجية السنوية إلى 1500 كيلوغرام، حيث ستتمكّن هذه الوحدة من تلبية احتياجات السوق الوطنية وتحقيق فائض مُخصّص للتصدير.
وقد بلغ الاستثمار في هذا المشروع 1.7 مليار دينار جزائري، يمتدّ على مساحة 5000 متر مربع، وسيوفر أكثر من 200 فرصة عمل، حيث تشمل عملية الإنجاز المُقررة على مدار 36 شهرًا، نقلًا للتكنولوجيا.
أما المصنع الثاني، فهو مخصّص لإنتاج المواد الأولية للباراسيتامول وحمض الساليسيليك، ستبلغ قدرتها الإنتاجية 2000 طن سنويًا، تُقدّر تكلفة هذا المشروع بـ 675 مليون دينار جزائري، ويمتدّ على مساحة 6000 متر مربع، حيث سيتم إنجازه بالشراكة مع دولة إيران، على أن تبلغ مدّة الإنجاز 18 شهرًا مع نقل التكنولوجيا، ومن المتوقّع أن يدخل حيّز الخدمة خلال النصف الثاني من عام 2024.
ويهدف المصنع الثالث إلى إنتاج مواد أولية لأمراض القلب والأوعية الدموية ومضادّات مرض السكري ومضادّات الالتهابات، ستبلغ قدرته الإنتاجية 4 أطنان سنويًا، سيتم تشييده على مساحة 10000 متر مربع، على أن يتم إنجازه في غضون 18 شهرًا مع نقل التكنولوجيا، وذلك بتكلفة استثمار إجمالي يقدّر بــ1.224 مليار دينار جزائري، ومن المقرر أن يدخل حيّز الخدمة خلال النصف الثاني من عام 2024.
وستُساهم هذه المشاريع النوعية في تقدّم الجزائر بشكل كبير في مجال الصناعة الصيدلانية، وتقليل الواردات، وتعزيز سيادتها الصحية، تجسيدا لتعليمات السلطات العمومية العليا ورغبتها في إعادة مجمع صيدال مكانته الريادية.
اسـترجاع مصانع
استرجاع العديد من المصانع وتطهير المئات من الهكتارات الصناعية ورفع العراقيل عن أكثر من 250 مستثمر، كان أحد أولويات السلطات العمومية، بفضل سياسة النُزول العكسي للمُستثمرين العُموميين والخواص، إذ يعتبر أبرز الإنجازات التنموية الصناعية التي تحقّقت في ولاية باتنة مؤخرا، استرجاع مركب الدواجن بجرمة، وذلك بقدرة إنتاج تتجاوز الـ80 مليون بيضة سنويا، إضافة إلى استرجاع مصنع تركيب السيارات بجرمة أيضا والذي كان تابعا لمصنع تركيب السيارات كيا، ومصنع نقاوس للعصائر وغيرها.
ويعتبر استرجاع مصنع تركيب السيارات من بين أكثر الإنجازات التي طال انتظارها، حيث نجحت السلطات الولائية في رفع العراقيل عن هذا الصرح الصناعي الضخم، حيث تم مؤخرا وبحضور الرئيس المدير العام للمؤسّسة العمومية الإقتصادية للمسابك الجزائرية فوندال التابعة لمجمع الصناعات المعدنية والصلب إيميتال وكذا والي باتنة التوقيع على محضر تسليم المصنع وذلك بعد صدور أحكام قضائية نهائية الخاصّة باسترجاع الأصول والأملاك المصادرة.
وكان الألاف من عمال المصنع بعد غلقه قد طالبوا السلطات العمومية العليا للدولة بإعادة فتحه لامتصاص البطالة، حيث أكّد مدير مؤسّسة فوندال التي استلمت المصنع وستشرف على إعادة إحيائه أنّ نشاط تركيب وصناعة السيارات سيبقى قائما بالمصنع والأولوية في التوظيف ستكون للعمال المُسرّحين منه سابقا، متعهّدا ببذل أقصى الجهود لتحقيق نسب إدماج مُتقدّمة.
ونشير هنا إلى أنّ مصنع تركيب السيارات الكائن ببلدية جرمة بولاية باتنة، يتربّع على مساحة إجمالية تقدّر بـ74 هكتارا 6 هكتارات منها مبنية فيما تبلغ مساحة الميناء الجاف التابع له والمتواجد بإقليم بلدية سريانة 3 هكتارات، يرتقب أن تستأنف النشاط فور استكمال الإجراءات الإدارية المعمول بها.
وفي هذا الخصوص، أشار والي باتنة محمد بن مالك إلى حرصه على فتح المصنع مجدّدا في إطار دفع عجلة التنمية المحلية، خاصّة وأنّ قطاع الصناعة يعتبر من بين القطاعات الحيوية الخالقة للثروة، مؤكّدا استرجاع عدّة مصانع وفتح أخرى جديدة تابعة للخواص جعلت من باتنة قطبا صناعيا رائدا وطنيا في عدّة شعب صناعية على غرار الخزف، حيث تتوفر الولاية على 15 وحدة صناعية.
تطهير العقار الصناعي
ارتفاع عدد المشاريع الاستثمارية بالولاية، مرجعه قرار مصالح الولاية رفع العراقيل عن 135 مشروع استثماري عالق منذ 2016 و2018، وذلك ضمن مساعي تجسيد مخرجات لقاءات الحكومة مع الولاة في شقّها المتعلّق بالتنمية الاقتصادية وترقية الاستثمار.
هذه المشاريع حقّقت نسب نجاح معتبرة فور دخولها حيّز الخدمة، خاصّة ما تعلّق بخلق مناصب عمل جديدة، كما ساهمت في استقرار الأسعار ببعض الصناعات الغذائية والتحويلية، وعزّزت الإيرادات وخلق الثروة والتصدير، ما يعكس الجهود المبذولة في التوجّه بقوّة نحو التصدير كألية جديدة في الاستثمار الخاصّ.
وكانت السلطات الولائية قد أكّدت على أهمية رفع العراقيل الإدارية عن المشاريع الاستثمارية المعطّلة من أجل تسهيل مناخ الاستثمار لما له من أثر مباشر على دفع عجلة التنمية المحلية ضمن توجّهات الدولة بخصوص الإنعاش الإقتصادي والإجتماعي.
وقد تدعّمت الولاية في مجال الصناعة بـ5 مناطق نشاط جديدة، تضاف إلى الـ16 منطقة التي دخلت حيّز النشاط، و20 منطقة نشاطات أخرى مصغّرة، ستجعل من الولاية قطبا صناعيا بإمتياز، من شأنها توفير أوعية عقارية جديدة تابعة للدولة، تُمكّن المستثمرين الخواص من إطلاق مشاريعهم للدفع بعجلة التنمية المحلية والوطنية.
وتتوزّع هذه المناطق على مختلف بلديات الولاية على غرار سريانة، عين جاسر، سقانة، وغيرها تهدف لتوطين المشاريع الصناعية وإنعاش الاقتصاد المحلي خاصّة وأنّ الولاية تتوفر على متعاملين اقتصاديين في مختلف الشعب الصناعية تتوزّع بين مشاريع الصناعات الغذائية والتحويلية بكلّ من مناطق النشاط بباتنة وبريكة، أريس، عين ياقوت، المعذر وجرمة.
كما شهدت الولاية عملية تطهير واسعة للعقار الصناعي والفلاحي عقب الخرجات الميدانية للجنة الولائية المكلّفة بتطهير العقار الصناعي، سمحت بمعاينة عشرات المشاريع واسترجاع أكثر من 150 هكتارا، ضمن رُؤية استراتيجية غايتها إقلاع اقتصادي واجتماعي مُتنوّع، ورفع تحدّيات التنمية.
والجدير بالذكر هو اقتراح السلطات العمومية بباتنة توسيع مساحة بعض مناطق النشاط الصناعي خاصّة تلك المتواجدة ببعض البلديات النائية ومناطق الظلّ بغية تفعيل حركة النشاط الاقتصادي على غرار ما تم اقتراحه بكلّ من بلدية أولاد سلام، تكوت، عين التوتة، التي طالب سكانها في العديد من المناسبات من السلطات العمومية التدخّل لضخّ أغلفة مالية لفائدة هذه المناطق.
الأستاذ فارس هباش: البرنامج التكميلي يحقّق التنوّع الاقتصادي بولايات الجنوب
نوّه الخبير الاقتصادي فارس هباش، بأهمية القرارات والبرامج التي أقرّها رئيس الجمهورية، وتندرج في سياق حرصه على تحقيق التنمية المحلية والتوازن الجهوي المدروس، لاسيّما ما ارتبط فيها بتحسين الظروف المعيشية للمواطن..
قال الأستاذ فارس هباش إنّ البرنامج التكميلي لولاية تندوف يأتي في إطار السياسة الرامية إلى تعزيز التنمية المتكاملة، والتي تندرج في سياق متطلّبات وأبعاد ما يعرف بالإنصاف التنموي بين جميع مناطق الوطن خاصّة في المناطق الحدودية والنائية، وهي الخطوة التي تضمّنت حزمة من الاستثمارات بقيمة 29.5 مليار دينار جزائري، كبرنامج تكميلي يضاف إلى البرامج التي هي قيد الإنجاز حاليا في المنطقة.
ونوّه محدّثنا بأهمية القرارات وانعكاساتها المباشرة في توفير الخدمات الأساسية، والتي تبرز في العديد من الدلالات والمؤشّرات، ما يعكس اهتمام الحكومة بتطوير البنية التحتية وتوفير الخدمات الأساسية وتحسين البنية التحتية، وتشمل أكثر من 18 عملية تمسّ سبعة قطاعات أساسية، منها الريّ من خلال تعزيز إمدادات المياه في المنطقة التي تعتبر من المناطق الصحراوية القاحلة، إلى جانب توسيع وتحسين البنية التحتية الصحّية وهذا لضمان وصول سكان المنطقة إلى الرعاية الصحية اللازمة والشاملة.
وفي حديثه عن أهمية البرنامج وأبعاده التنموية في تحسين البيئة المعيشية وتطوير المناطق الحضرية، قال محدّثنا إنّ مشاريع إنشاء طرق ومرافق جديدة لتلبية احتياجات السكان، ما يساهم بشكل كبير في تعزيز عملية الاستقرار على مستوى هذه المناطق، ويشجّع في عملية النموّ الديموغرافي، كما تضمّن البرنامج التكميلي أيضا، حزمة من الاستثمارات ستستفيد منها المنطقة تساهم بشكل كبير في توفير فرص عمل لشباب المنطقة.
واعتبر الخبير الاقتصادي أنّ أهمّ الأهداف الإستراتيجية التي تضمّنها القرار، تكمن في تنويع النشاطات الاقتصادية في منطقة تندوف، بعيداً عن الاعتماد على الموارد الطبيعية التقليدية مثل الهيدروكربونات، وأضاف أنّ الأمر بإنشاء منطقة التبادل الحرّ يمثل خطوة حيوية وإستراتيجية في هذا الاتّجاه.