يؤكد خبراء في الاقتصاد أهمية الإجراءات المتضمنة في مشروع قانون المالية لسنة 2025 المتعلقة بالاستثمار، استجابة للتحديات الاقتصادية، على غرار الرفع من مستوى النمو إلى معدلات أعلى ومن نسبة الناتج الخام المحلي إلى ما يفوق 400 مليار دولار خلال السنوات الثلاث القادمة.
أبرز أستاذ الاقتصاد بجامعة بومرداس البروفسور عرقوب واعلي، في تصريح لـ «الشعب»، أهمية الاستثمار وأن الجزائر تعمل لكي تصبح من بين أقوى الاقتصاديات في إفريقيا، من خلال الرفع من حجم الاستثمارات التي لم تكن في السنوات السابقة تتناسب مع حجم الطموح الاقتصادي.
لفت الخبير عرقوب إلى أن الميزانية المالية لسنة 2025 تعد أضخم ميزانية مالية منذ استقلال الجزائر، إذ فاق حجم النفقات العمومية 126 مليار دولار بما يعادل 16700 مليار دج، مبلغ غير مسبوق موجه للاستهلاك ولكتلة الأجور والتحويلات الاجتماعية لدعم القدرة الشرائية.
كما يؤكد أن الدولة تولي اهتماما بالغا للاستثمار، باعتباره كفيلا بتحريك التنمية والعجلة الاقتصادية. واعتبر أن رفع التجميد عن الاستثمارات التي تصل إلى قرابة 1000 استثمار، بقيمة 1830 مليار دج، التي كانت حبيسة الأدراج منذ أكثر من 10 سنوات، من شأنه أن يساهم في بعث حركية اقتصادية، وهذا ما يعطي أكثر ثقة للمستثمرين في المحيط الاقتصادي.
وأفاد المتحدث في هذا الصدد، أن الصندوق الوطني للاستثمار، تم رفع رأسماله من 150 مليار دج إلى 275 مليار دج ما يقارب ضعف قيمة رأس المال، وذلك استجابة للتحديات التي تفرضها المرحلة، خاصة وأن الجزائر توجهت منذ السنوات الأخيرة إلى تطوير الاستثمار لتحقيق التنمية.
ويؤكد الأستاذ عرقوب أن لكل من الصندوق الوطني لدعم الاستثمار، وصندوق ضمان الائتمان للشركات الصغيرة والمتوسطة للبنوك والمؤسسات المالية، دور كبير في تحريك الاستثمار، من خلال الخدمات والقروض الاستثمارية التي يوفرها خاصة هذا الأخير، لاستكمال او إنجاز المشاريع الاستثمارية.
ولفت هذا الخبير إلى أن القروض ستوجه لتمويل استثمارات، منها ما هو موجهة للمستثمرين لتوفير خدمات عمومية، وإنجاز البنى التحتية، وأخرى موجهة لتحقيق التنمية الاقتصادية. موضحا أن الرفع من النفقات الموجهة الى الاستثمارات يعود بالمردودية، والتي يمكن من خلالها إنجاز المشاريع الكبرى، والمواصلة في التنمية الاقتصادية وتحقيق معدل نمو بنسب أعلى.
أما الدكتور عبد الرحمان هادف الخبير الدولي في الاقتصاد، ومن خلال قراءته الأولية لمشروع قانون المالية لسنة 2025، يؤكد أن الحكومة عازمة على تشجيع الاستثمار لما له من أثر كمحرك للتنمية والنمو الاقتصادي، وبالتالي تم وضع إجراءات عملية، خاصة ما تعلق بمصادر التمويل ودور الصندوق الوطني للاستثمار.
أوضح الخبير هادف في تصريح لـ»الشعب»، أن الاستثمارات الأجنبية، تلجأ إلى الشراكة مع الصندوق الوطني للاستثمار في مختلف المجالات، كالمشروع الإيطالي للحبوب والصناعات الغذائية، وكذا المشروع القطري لإنتاج غبرة الحليب بالجزائر، مشيرا الى أن هذه الإجراءات مرفوقة بأخرى، والمتعلقة بالضمان والتأمين، مما يعطي أكثر أريحية للمستثمرين الجزائريين والأجانب من خلال هذا الصندوق والصناديق الأخرى.
يرى الخبير هادف، أن توجه الحكومة الى تشجيع الاستثمار، الذي يعتبره قرارا استراتيجيا، نظرا للديناميكية الذي أحدثتها الإصلاحات التي باشرتها منذ سنوات، لابد من المواصلة على نفس الوتيرة لبلوغ مستويات أعلى، موضحا أن تعزيز الاقتصاد الوطني والرفع من أدائه، يكون من خلال تشجيع القطاعات ذات القيمة المضافة العالية وذات الأثر، من أجل الرفع من تنافسية الاقتصاد الوطني، تحسين الإنتاجية وفتح الآفاق من أجل تطوير التجارة الخارجية.
يعتقد عبد الرحمان هادف، أن الإجراءات المتخذة في مشروع قانون المالية 2025، تحمل رسائل إيجابية بالنسبة لدعم المستثمرين ولتحسين صورة الجزائر، مشيرا إلى أن هناك نية للذهاب إلى شراكات مع شركات عالمية في قطاعات مختلفة، كقطاع المناجم، القطاع الصناعي والفلاحي وحتى في مجال الاقتصاد الرقمي.
ولفت المتحدث في السياق، إلى أن مشروع القانون أتى بالجديد، والمتمثل في فتح الباب للتمويلات الأجنبية بالنسبة للمشاريع ذات الفائدة العمومية، ويعد ذلك خطوة جديدة أقرها هذا النص، مشيرا إلى أن التمويل الأجنبي كان -سابقا- ممنوعا، وبموجب الإجراءات الجديدة سيكون هناك انفتاح على المشاريع الاستثمارية التي تحقق فائدة للمجموعة الوطنية وللبلاد ككل.
أضاف الخبير هادف، أن الحكومة تعمل وفق عدة توجهات من أجل تشجيع الاستثمار بصفة مستدامة، لأنه يعد أحد المحركات التنمية بالنسبة للاقتصاد الجزائري، كما سيسمح لبلادنا أن ترتقي الى المستويات التي تستهدفها، منها الالتحاق بالدول الناشئة سنة 2030 والرفع من مستوى الناتج الخام المحلي إلى ما يفوق 400 مليار دولار خلال السنوات الثلاث القادمة، إضافة الى الحرص على الحفاظ على القدرة الشرائية وتعزيز المكتسبات الاجتماعية.