كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون من مركز جامعة سينسيناتي للسرطان الأمريكية عن العلاقة بين تراكم النحاس في الخلايا السرطانية وتطور سرطان الخلايا الكلوية (ccRCC)، الذي يعد أكثر أنواع سرطان الكلى شيوعا.
يعد النحاس من العناصر الأساسية في الجسم، حيث يساهم في إنتاج الطاقة ويساعد الخلايا على التكيف مع بيئة غنية بالأوكسجين، مما يعزز العمليات الخلوية. ومع ذلك، أظهرت الدراسة أن زيادة تراكم النحاس في خلايا السرطان يرتبط بشكل مباشر بتدهور حالة المرضى المصابين بسرطان الخلايا الكلوية.
وأوضحت الدكتورة ماريا سيزيك-كرزيسكا، الباحثة الرئيسية في الدراسة، أن تراكم النحاس في الأورام يمكن أن يساهم في نمو الورم وانتشاره، مشيرة إلى أن الخلايا السرطانية الكلوية تحتفظ بكميات أكبر من النحاس مع تقدم المرض، حيث تساعد هذه الزيادة في تعزيز إنتاج إنزيمات تساهم في توليد الطاقة داخل الخلايا السرطانية وتعزز نمو الورم.
وقالت سيزيك-كرزيسكا: “النحاس يحفز تغييرات في الحالة الأيضية للخلايا السرطانية، ما يعزز قدرتها على النمو والبقاء على قيد الحياة، خاصة مع وجود جزيئات الغلوتاثيون، التي تحمي هذه الخلايا من السموم الناتجة عن تراكم النحاس”.
وباستخدام تقنيات التسلسل الجيني للحمض النووي الريبي أحادي الخلية، اكتشف فريق البحث مناطق غنية بالنحاس في الأورام تعرف بـ”النقاط الساخنة” الأيضية، التي تنتج كميات كبيرة من الطاقة. وتقع هذه النقاط بالقرب من خلايا أخرى تظهر خصائص تكاثرية حيوية تساهم في نمو الورم.
ورغم التقدم الكبير في فهم دور النحاس في تطور سرطان الخلايا الكلوية، لا يزال الباحثون يسعون لمعرفة السبب وراء تراكم النحاس في الأورام. ويعتقد الخبراء أن عوامل بيئية، مثل التعرض للتدخين أو دخان حرائق الغابات، قد تساهم في زيادة تراكم النحاس في الخلايا السرطانية.
وفي هذا السياق، أشارت سيزيك-كرزيسكا إلى أن الأبحاث المستقبلية ستسعى إلى تحديد النقاط الضعيفة في الخلايا السرطانية التي يمكن استهدافها بالعلاج. وأضافت: “نأمل أن تساهم هذه المعرفة في تطوير علاجات مبتكرة تستهدف الخلايا الأيضية والتكاثرية في الورم”.
وأكد الباحثون أن مستويات النحاس في عينات المرضى قد تصبح مؤشرا حيويا لتقييم شدة السرطان أو لتحديد احتمالية عودة المرض بعد الجراحة الأولية، ما يمكن أن يساعد الأطباء في اتخاذ قرارات علاجية أكثر دقة.