تعزز قطاع إنتاج السكر في الجزائر، بمصنع تافاديس الاستراتيجي الذي أطلق أولى تجاربه الإنتاجية، أمس الأثنين، تأهبا للشروع في عملية إنتاج ثلاثة أنواع من مادة السكر وتزويد السوق المحلي كمرحلة أولى خلال الثلاثي الأول من عام 2025. وبلغت تكلفة هذا المصنع حدود 30 مليار دينار، وزود بأحدث التجهيزات ذات التكنولوجيا المتطورة ورصد له أفضل الكفاءات من أصحاب الخبرة في صناعة وتكرير مادة السكر.
«الشعب” وقفت على مراحل عملية تكرير السكر داخل المصنع الكائن بـ«الأربعطاش”، خميس الخشنة (ولاية بومرداس)، ورصدت هذه المعطيات.
فتح مصنع “تافاديس”، التابع لمجمع مدار وأحد فروعه، عهدا جديدا من صناعة مادة السكر الحيوية وكثيرة الطلب. ويتوقع أن يكون له تأثير كبير في مجال صناعة وتسويق السكر، لأنه ينظر إليه كمشروع استراتيجي يقود إلى تمتين القاعدة الإنتاجية للصناعية الغذائية، خاصة في ظل المشروع القائم لإنتاج المادة من خلال استخراجها من مادة الشمندر بدل استيرادها من أسواق عالمية والمتمثل في مصنع ورقلة.
وفضل الرئيس المدير العام لمصنع تكرير السكر “تافاديس” أحمد دراي، أن يزود الوفد الإعلامي بالكثير من الشرح والإجابة عن أسئلة وانشغالات الصحافيين، في زيارة كشفت عن أهمية وضخامة المصنع الذي يعد من حيث التجهيزات أحد أكبر المصانع التي يمكن للجزائر أن تفخر بها وتساهم في تحقيق الأمن الغذائي الوطني، بعد تلبيته للطلب المحلي ومستقبلا لدى المصنع كذلك رهانات للتصدير.
وقال أحمد دراي المسؤول الأول في مصنع التكرير، إنه تم الشروع في عملية الإنتاج التجريبي، استعدادا للانطلاق خلال الثلاثي الأول من عام 2025 في تكرير وإنتاج مادة السكر، مشيرا في سياق متصل إلى أن المادة الأولية تستورد من البرازيل.
وحول قدرات هذا المصنع في التكرير، أوضح دراي أنه يستهلك 60 ألف طن من المادة الأولية وما يعادل سفينتين في الشهر، وتم استيراد 27 ألف طن من المادة الخام التي تدخل في صناعة السكر، نهاية شهر أكتوبر الماضي، لأن الرئيس المدير العام يرى أن الجزائر مؤهلة مستقبلا أن تكون من أكبر المنتجين والمسوقين لمادة السكر محليا وعالميا. علما أن هذه المصفاة تتوفر على تقنيات متطورة وفق المعايير الدولية.
في شرحه لعملية التكرير، أوضح دراي بأن المصنع لا يرمي أي مادة من الشوائب بعد تصفية السكر وكل مادة يستعملها في إنتاج مواد أخرى، على غرار مادة الخميرة وحتى بقايا الماء بعد تنظيف السكر يتم الاحتفاظ به. وذكر دراي أن عملية الإنتاج في جميع مراحلها مؤتمنة ومحسنة وهذا ما يسمح بالتحكم الدقيق في كل مرحلة من مراحل التحويل. ويضمن المخبر المتطور لمراقبة الجودة رصدا مستمرا للإنتاج، بما يحقق جودة لا يشوبها أي نقص.
كما سمح المصنع المتأهب ليدخل حيز الإنتاج خلال الأشهر القليلة المقبلة، باستحداث 550 منصب شغل مباشر و700 منصب غير مباشر.
واعتبر المسؤول الأول بالمصنع، أن تافاديس ستحدث قفزة عالية في سلسلة التوريد لقطاع السكر في الجزائر من خلال نظام لوجيستي متكامل غير مسبوق. كما جهزت الشركة بأسطول لوجستي حديث ومختص قادر على ضمان توزيع فعال عبر كامل التراب الوطني وبعد تحكم كبير في سلسلة التوريد، بحسب ما أكده مدير اللوجستيك نايت بودة.
هكذا تتم عملية تكرير السكر
وبعد أن وقف الوفد الإعلامي عند أول نقطة، تتمثل في تجميع المادة الأولية لقصب السكر، كانت قد خصصت له مساحات واسعة ويتم تفريغه في شكل جبال من السكر غير مكرر. وما يشد الأنظار “المسخنة العملاقة” التي يتمتع بها المصنع وتعد الأكبر بالجزائر بسعة 310 طن في الساعة، ونجد أنها مبرمجة مع الوحدة المركزية لتجفيف السكر بعد غسله وتكريره. ولأن بداية عملية التكرير تتم عن طريق تنظيف مادة السكر بواسطة مادة الجير، حيث ينزع من السكر كذلك ثاني أكسيد الكربون.
وبمخبر تحليل المكونات، أوضح الرئيس المدير العام دراي، أنه يضم كفاءات وطنية محنكة. علما أنه لا تخرج أي مادة من المصنع دون مرورها عبر المخبر. وأشار المدير دراي، أن المخبر يعمل على مدار 24سا و330 يوما في السنة. وبخصوص تكلفته فبلغت 30 مليار دينار.
بالموازاة مع ذلك، تم اقتناء التجهيزات من مئات العلامات التجارية العالمية. بينما كان بناء المصنع بأيادٍ جزائرية.
وخاض دراي، بحسب ما كشف عنه، رحلة بحث عن الكفاءات التي تملك خبرة في مجال صناعة السكر عبر جميع ولايات الوطن، من أجل ضمها للمصنع الذي يرتقب أن يكون له دور اقتصادي وبيئي، لأنه لا يرمي بقايا المادة الأولية مثل لاميلاس، ويستغلها في صناعة مواد أخرى، مثل الخميرة والكحول وما إلى غير ذلك. كما أنهم استفادوا من خبرة الأجانب في مجال الدراسات والإشراف.
طاقة إنتاج بـ60 ألف طن يوميا
بالانتقال إلى مرحلة نزع المواد من المادة الأولية لاستخراج ثلاثة أنواع من السكر تسوق، تحدث داري عن 8 آلات لحقن السكر إلى غاية وصول السكر إلى مرحلة البلورة؛ بمعنى يصبح بشكل بلور، ثم ينشف وبعد ذلك يترك يرتاح، ووصف بأنها عملية مهمة.
وبما أن هذا المصنع لا يطرح أي مادة للخارج وحتى بالنسبة للماء يحتفظ به ويستغله، مما يؤكد عدم وجود أي تلويث للبيئة، لأن كل بقايا المواد الأولية مسترجعة ومستغلة، وفوق ذلك يتم صناعة منتوج نظيف ويحافظ على البيئة ويقضي على المضاربة، لأنه يوفر كميات معتبر للسوق الوطنية ويطمح للتواجد مستقبلا في أسواق خارجية.
وتحدث الرئيس المدير العام لمصنع تكرير السكر بخميس الخشنة، عن مشروع ورقلة العملاق. ولم يخف أنه بطموح قاري، معتبرا أن عملية تطوير المشروع الكبير والواعد، يعد مرحلة جديدة في طموحات وأهداف “تافاديس”. ومن المقرر أن يسير هذا المصنع المستقبلي ويعد من أضخم المصانع في المنطقة بمعايير جديدة في الصناعة بقدرة إنتاجية استثنائية تبلغ 60 ألف طن يوميا.
وأكد دراي، أنه يتوافق مع الرؤية الوطنية وستوفر له المواد الأولية من الشمندر، لأنه سيتم زراعة الشمندر والذرة والقمح، على اعتبار أنه لا يمكن زراعة الشمندر كل سنة في نفس القطع الأرضية. كما تنخرط “تافاديس بشكل جيد في استراتيجية التنمية الاقتصادية الوطنية وتعزيز الأمن الغذائي وكذا المحافظة على البيئة.