ألقى رئيس الجمهـوريّـة، عبد الـمجيـد تبّـون، اليوم الإثنين، كلمة بمُناسبة افتتاح الأسبوع العالـميّ للـمقاولاتيّة بالجزائر.
نص الكلمة
“بسم الله الرحمن الرحيم والصّلاةُ والسّلامُ على أَشرفِ الـمُرسَلينَ وعلى آله وصحبه إلى يوم الدّين
– السيدات والسادة الـمشاركون في هذا اللّقـــــــاء الهام.
السّلامُ عليكُم وَرحمةُ اللهِ تَعَالى وَبَركاتُه
يُسْعِدُني أنْ أُعْرِبَ عَنْ ارتياحي لانعِقَاد هذا اللّقاء الهّام بـِمُنَاسَبَةِ الأُسْبُوع العَالِـميِّ لِلْـمُقَاوَلاتِيَّة، وهوَ مُنَاسَبَةٌ للاحْتِفَاءِ بِالرُّوحِ الـمُقَاوَلاتِيَّةِ، وَدَعْمِ الابْتِكَارِ وَالابْدَاعِ لَدَى شَبَابِنَا الـمُنْدَمِجِ اليَوْمَ في حَرَكِيَّةِ تَّوَجُّهِ بلادِنَا لِبِنَاءِ اقْتِصَادٍ مُتَنَوِّعٍ، مُتَفَتِحٍ وَمُسْتَدَام.
إِنَّ تَنْظِيمَ الأُسبُوع العَالَـمِيِّ للـمُقَاوَلاتِيَّة بِمُشَارَكَةِ أكْثَر مِنْ مِلْيُونِ شَابٍّ عَبْرَ كُلِّ أنْحَاءِ الوَطَن دَلِيلٌ على ثِقَةِ شَبَابِنَا في الإرادةِ السّياسيَّةِ الصّادقَةِ والعمليَّةِ لدَعْمِ عالَمِ الـمُقَاوَلاتِيَّةِ، وَالشَّرِكَاتِ النَّاشِئَةِ، بِما يستَجيبُ لِلْتَحَدِّيَاتِ الاقتِصَادِيَّةِ الجَدِيدَةِ، الَّتي لا مَنَاصَّ من خَوْضِها وَكَسْبِ رِهَانِ الإنْتِقَال إلى اقْتِصَادِ الـمَعْرِفَة، عبرَ توفيرِ الإطَار التَّنْظِيميّ وَالقَانُونِيّ الَّذي يَضْمَنُ بِيْئَةً مُحَفِّزَةً وَمُسْتَقِرَةً. كَانَ مِنْ ثِمَارِهَا الأَوَّلِيَّةِ بَعْدَ تَجْرُبَة قَصِيرة بُرُوزُ أكْثَرَ مِنْ 2000 مُؤَسَّسَة حَاصِلَة على عَلامَةِ مُؤَسَّسَة نَاشِئَة، مِنْ بَيْن
8000 شَرِكَة نَاشِئَة مُسَجَّلَة.
وَلَقَدْ عَزَّزْنَا الـمكاسِبً الـمُحقّقة في هذا الـمجالِ بِإنْشَاءِ أوَّلِ صُنْدُوقٍ عُمُوميٍّ خَاصٍّ بالـمُؤسّسَاتِ النّاشِئَةِ، وَهُوَ الآليَّة الأُولى مِنْ نَوْعِهَا على مُستوَى القارّة الإفريقيّة، إذ
يُشَكِّلُ دَعْمًا عُمُوميًّا ثابتًا للـمشاريع الوَاعِدَة، الّتي تَعْكِسُ رُؤيتَنَا القائمةَ على تَثْمِينِ الكَفاءاتِ الوطنيّةِ، وَتشجيع الاستثمارِ في القطاعِ الخاصّ من خلال تَحْفِيـزاتٍ مُعْتَبـرَةٍ وَغَيْرِ مَسْبُوقَةٍ ..
وَبَاشَرْنَا كمَا تَشْهَدُ على ذلكَ البيَاناتُ والأرقامُ، إصلاحاتٍ شاملةً في قطاعِ الـمؤسّساتِ
الـمُصَغَّرَة، باعتمادِ منهجٍ جديدٍ، يَبْتَعِدُ تَدْريجِيًّا عن ثقافة الرّيع التي أثْبَتَتْ فَشَلَها في فتراتٍ سابِقَةٍ، وَذلِكَ مِنْ خلالِ إعادَةِ هَيْكَلَةِ أجْهِزَةِ الدَّولة الـمُكلَّفَةِ بِدَعْمِ الشَّركات الـمُصغّرة، والاستثمار في مُرافَقَةِ أصحابِ الـمشاريع، لاسِيَمَا من قِبَلِ الجامعاتِ ومعاهد التّكوين، التي تُسَاهِمُ في تطوير الـمُقاولاتيّة، بِتَنْوِيعِ أشْكالِ الدَّعمِ حتى لا يَبْقَى مَحْصُورًا في الجانب الـماليّ فقط، بل يشمل التّكوين، لضمانِ فُرص النّجاح والاستمراريّة. وهو ما جَعَلَ الجزائر بَعْدَ تَجْرِبَةِ سَنواتٍ قَلِيلَةٍ نَمُوذَجًا في قُدْرَتِـها على تحويلِ الأفكارِ إلى واقع، في بِيئَةٍ مُشَجِّعة على رِيَادَةِ الأعمال.
إنّ هذا الواقع يَجْعَلُنا نَسْتَشْرِفُ مُستقبلًا واعًدا للـمُقاولاتيّة الحرّة الّتي أخَذَتْ تحظى بِالرَّوَاجِ وَالانتشار الوَاسِع، وَدَعَّمْنَاها بقانونِ الـمُقاول الذّاتي، الّذي يُمَكِّنُ شبابَنا من التّسجيلِ إلكترونيًّا، بدُونِ عَنَاءِ التَّنَقُّلِ للحُصُول على صِفَةِ الـمُقاول الذّاتي، وَالاسْتِفَادَة مِنْ مَزَايا عَدِيدَة، من بَيْنِها التّأمينُ الاجتماعيّ، وَالنظامُ الضَّريبي التَّفْضِيليّ، والـمُحاسَبَة الـمُبَسَّطَة. وَقَدْ لَقِيَ هَذَا الجهاز الجديد نجاحًا كبيرًا إذ تحصّل أكثر من 20.000 مقاول ذاتيّ على بِطاقَاتِهِم بَعْدَ أشْهُر قَلِيلَة فَقَطْ مِنَ إطلاقِه.
وهكذا فإنّ أمَلُنَا يَتَّسِعُ وَيَقْوَى في تَحويلِ قِصَصِ نَجَاح شَبابنا إلى شركات اقتصاديّةٍ بارزة دوليًّا الـمَدَى الـمَنْظُور، مِنْ خلالِ العملِ على اكْتِسَابِ الخبرات، وَنَقْلِ التَّجَارُبِ النّاجِحَة، والاستفادة من التّكوين في كبريات الـمدن التّكنولوجيّة في العالم، وَمِنْ خلال الـمُشاركة في أكبرِ الـمعارض التّكنولوجيّة في الدّول الـمتطوّرة، حيث يُجَسِّدُ هذا البُعْد رُؤْيَتَنَا لأهميّةِ الـمُبادَرَة وَالجُرأةِ، كَطريقٍ لا بَدِيلَ عَنْهُ لِتَمْكِينِ مُقَاوِلِينَا من إفْتِكَاكِ شَرَاكاتٍ وعُقُودٍ في الخارجِ، وَتَصْدِيرِ خَدَمَاتِـهم وَمنتوجاتِهم. وإنّه لـَمِمَّا يَدْعُو إلى الارتياح، أنْ نَصِلَ اليوم إلى هذا الـمُستوى بتنظيمِ مُؤتمر إفريقيّ للـمؤسّسات النّاشئة، كأكبر حَدَثٍ قارّيّ في مجاله فَتَحَ أُفُقًا جديدًا للعلاقات الإفريقيّة، وَسَاهَمَ في تَعزيزِ الشّراكات الاقتصاديّة والعلـمية بين شباب القارّة، وَأكَّدَ رِيَادَةَ الجزائر قارّيًّا وَاسْتِعْدَادها لِـمُشاركَةِ الأشقّاء الأفارقة خِبْرَتَـهُم في مَجَالِ الشّركات النَّاشِئَة.
إنّ الجزائر تَسْعى لِتُصْبِحَ قُطْبًا إفريقيًّا في مجال التّكنولوجيا والابتكار، بِفَضْلِ ديناميكيّة
الـمُؤسّسات النَّاشئة، وإنَّنَا لنُؤْمِنُ أشَدَّ الإيمان بأنَّ الطّريقَ لِتَحقيق النَّهْضَة الاقتصاديّة الـمرجوّة يَبْدَأُ من ثِقَةِ الدَّولة بِشَبَابِها، والاعتماد على قُدُرَاتِهِ مِنْ أجْلِ تَمْكِينِهِ مِنْ الـمُشَاركَةِ الفِعْلِيَّة في التَّغييرِ وفي أنْ يَكونَ جُزْءًا من التّنميّة الوطنيّة، وبهذا الخُصوص قَرَّرْتُ الشُّرُوعَ في تَنْظيمِ مُسابَقَةٍ وَطَنِيَّةٍ لأفْضَل الشَّرِكاتِ النَّاشِئَة، تُعَبِّـرُ عن الاحتِفَاءِ بِـمُنْجَزَاتِ الشَّبَابِ في الجزائر الجديدة، الحَاضِنَة لِـطُمُوحَاتِكُم، وَأدْعُوكُم في هَذِهِ الـمُناسَبَةِ إلى الاستمرارِ في اغْتِنَامِ الفُرَص الـمُتاحَة في بَلَدِكُم، بِتَحَدِّي الصِّعَاب وَالـمُثابرة وَالعَزِيمَة.
شُكرًا لَكُم، وَالسَّـلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ الله تَعالى وَبَرَكاتُه”.