في آخر رقصة لبقايا الديكة المذبوحة، يطلّ المدعوان كمال داود وبوعلام صنصال، من أحضان أمّهما بالرضاعة والصياعة، يتمايلان يمينا وشمالا على قارعة السفهاء والطائشين والمتسكّعين بطريق الشانزلزيه، في «سكرة» من سكرات موت الضمائر، يحاولان بكل بؤس ويأس وتعاسة، إثارة جعجعة وضجيج كوميدي أبله بلا طحين!
بصمة حلف الشيطان بين مخابر «فافا» والمخزن و«الصهينة»، واضحة ومفضوحة في هذا التحرك المريب.. إيعاز بهلواني لدمى بالية لا تتحرك إلا استجابة لخيوط تخضع لمد وجزر من وراء ستار يختبئ وراءه جبناء يتآمرون في كل مرّة على الشرفاء، من أجل ليّ ذراع جزائر حرة وسيدة مرفوعة الرأس، لا تخضع ولا تركع أبداً إلا لخالق السموات والأرض ورب العالمين.
هذا «بوعلام خنقاتو الفهامة»(…)، وهذا «كمال غرّقو الهبال»(…)، وبينهما جهاز «ريموت» يأمرهما ويبرمجهما، يشعل أضواءهما الباهتة في جنح الظلام، ويطفئهما عندما تنتهي مهمتهما القذرة وتكشفهما أشعة الشمس الحارقة ونجوم الحقيقة في عز الظهر.
دميتان للتيار التحريفي المعادي للجزائر الثائرة والمستقلة، تجندهما «نجمة داوود» و«وحل الصلصال»(…)، والمأمورية واحدة موحدة؛ استهداف قبلة الثوار ومهد ولحد الشهداء وخلفائهم من أجيال ثورية تكفر بالاستسلام، فهي لا تستسلم أبدا، تنتصر أو تستشهد في سبيل جزائر «يا علي موت واقف» ومرجعية «النيف والخسارة».
لن تنفع هذه الضجّة الوضيعة والرجّة الدنيئة.. وهاهي فرنسا المريضة بالوسواس القهري، تجند وتحشد وتجيّش سرّاق الأدب ومحترفي التيهان والهيجان، وقد أصابهم معا «طيكوك البقر»(…)، ولم يعودوا قادرين على استنساخ احتيال المتطفلين على الولائم ممّن يقتحمونها من دون دعوة، حالهم حال «أشعب» الذي يبحث عن لقمة تسدّ رمقه حتى ولو كانت على حساب كرامته وكبريائه، وصدق من قال: «الطمّاع ياكلو الكذّاب»!
اللوبي المخزني- الفرانكوصهيوني، لا يجد سوى المنبوذين والمطاردين والمسبوقين والمغفّلين، وطينة حلزونية زاحفة على صدورها وبطونها، إلى أن أصابها التورّم و«عرق النسا»، جرّاء الإفراط في الانحناء والسجود والركوع لتقبيل يد ملكهم الحزين، المدعو «أمير المؤمنين»(…)، طبعا المؤمنين بالنذالة والعمالة، وذلك مقابل صرّة من الذهب أو الفضة، تبرّر في مخيالهم الميكيافيلي المتهالك، فصول الخيانات الخسيسة والوشايات الكاذبة، والتطاول والتحامل على وطن هيهات أن يتأثر بحثالة لن تهز منه شعرة ولا قيد أنملة.
تتناغم من وراء البحار، قوى الشرّ وثلة القابلية للاستعمار والاستلاب، بحثا عن فرص ضائعة، وفرض تقديس آلهة الخزيّ والعار، وعبادة أصنام المكائد و«الوسائد»(…)، وهاهو ماكرون، الماسك بحبال البهتان الممزقة، يدافع عن «وبال الصنصال» بحجة توقيفه، وبالتزامن يتجاهل مذكّرة التوقيف الصادرة عن محكمة الجنايات الدولية ضد صديقه مجرم الحرب نتنياهو الملطخة يداه بدماء آلاف الشهداء والأبرياء والعزل من الفلسطينيين.
لا يمكن أن تصنع نجاسة الخيانة «أبطالا» ولو من ورق، فمن يشكّك في وجود الجزائر وسيادتها واستقلالها وتاريخها وحدودها، وينكر وجود الأمة الجزائرية، ليس سوى «أراغوز عجوز» فوق منصّة مسرح إجرامي يروج لأهازيج جثة متعفّنة لمستعمِر أكل عليه الدهر وشرب، ولم يبق من ذكرياته اللعينة إلا بطولات الشجعان الذين حرموه النوم وحوّلوا أحلام يقظته إلى كوابيس مفزعة!
«داود» الذي ضُبط متلبّسا مع سبق الإصرار والترصد، باستغلال معاناة ضحية إرهاب قصد الظفر الافتراضي بهدية عالمية مسمومة، استيقظ فجأة من سبات المحنطين، في نفس التوقيت المشبوه الذي غادر فيه «صنصال» فراشه بحثا عن خبطة حظ، سرعان ما تحوّلت إلى ضربة شمس، دوّخته ودوّخت معه الأيادي العابثة واللاهثة وراء وهم وأكذوبة «الجزائر التابعة»!
اخرسوا.. أيها المتخاذلون والمتلوّنون، المتفرنسون والمتمخزنون والمتصهينون، فالجزائر، ستظلّ جزائرية، متبوعة بثورتها واستقلالها وحرّيتها وسيادتها وجيشها وشعبها وتاريخها وذاكرتها وثوابتها ورموزها ومواقفها البطولية، وستبقى شوكة في حلق هؤلاء وأولئك من «البيّاعين» و»الحركى» ومن ولاّهم ومن جنّدهم لخدمة أسيادهم نظير بقشيش لا يُسمن ولا يغني من جوع!
بعد فوات الأوان، سيدرك «سارق» رواية «2084 نهاية العالم»، ومعه سيتيقن اللاهث خلف «جائزة غونكور»، أنهما تقاسما بمهماز غماز دور «الكومبارس» في تمثيلية شريرة مُخرجها ومُنتجها ومُموّلها، داخلٌ فرنسي مترهّل ومهلهل اجتمع في اتحاد بهلواني، ضد جزائر الأسياد والثوار الأحرار والأبرار الأخيار، وقد حصل لهذا الاتحاد المكسور المهزوز كمن قفز بزانة من «كلخة»، فلا عجب عند سقوطه المميت، بعدما خانته زانته وخدعته، وكان كالدبور الذي زنّ على خراب عشّه!
الظاهر، أنه يستحيل أن يجنح محتلّ إلى السلام ويتوب، ولا أن ينجح في نجدة صديقه وحليفه المحتلّ، فكلاهما طينة هاربة من مستنقع تجتمع فيه النفايات والقاذورات والمنكرات و«الجيف»، لا يتطهّر -ولو مؤقتا- إلا إذا جاءه طوفان جارف فيأخذ أخضره ويابسه، ويتركه عبرة لمن لا يعتبر عبر الزمان والمكان!
الأجدر لـ «فافا» وهي تدّعي زورا وبهتانا نضالها ودفاعها عن ما تسمّيه الحرّيات وحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير، أن تسارع إلى الإفراج عن مؤسّس تطبيق تيليجرام، المنصّة العالمية للتعبير، بدل أن ترتدي عباءة دعاة وغلاة وحماة من تريدهم أعواد كبريت في أيديها الاستعمارية، «تستحمرهم» بإيوائهم ودفع مكافآتهم، وتأمرهم بإشعال النيران من تحت الرماد، حين تزداد يقينا، بأنها فقدت السيطرة وللأبد على بلد لم يعد مستعمَرة لها، ولا فردوسا تحت سمعها وطاعتها.. فيا فرنسا إن ذا يوم الحساب، فاستعدي وخذي منا الجواب.