أكد البروفيسور ودان بوغفالة، أستاذ التاريخ الحديث بجامعة ابن خلدون في ولاية تيارت، أن الشعب الجزائري شارك في مظاهرات 11 ديسمبر 1960م، بكل أطيافه لمدة أسبوع كامل، بحسب بعض الدراسات «16/9 ديسمبر 1960م»، ووجّه رسالة قوية للعالم عنوانها «نتعطّش للحرية وتواقون للاستقلال».
قال البروفيسور بوغفالة، في تصريح خصّ به «الشعب»، إن مظاهرات 11 ديسمبر 1960م، تضمّنت عدّة إشارات واضحة لفرنسا والرأي العام الدولي مفادها، أن الثورة الجزائرية التحريرية خيار لا رجعة فيه، فرضته عنجهية الاستعمار الرافض لبيان أول نوفمبر 1954م.
وصد للأفكار، التي روّج لها الاحتلال “الجزائر فرنسية” و”فرنسا قوة لا تُهزم” وتحويلها إلى مجرد أسطورة ووهم تجاوزهما الزمن باستمرار الكفاح المسلح وتكبيد باريس خسائر فادحة، كما أن مشاريع الإدماج والإصلاحات الفاسدة المندرجة في إطار مناورات ديغول، لا مستقبل لها مع الشعب الجزائري.
علاوة على ذلك، أبرزت تلك الأحداث التفاف الشعب الجزائري حول الثورة التحريرية، وتلاحمه وتصديه للاستعمار، وقدرته على مواجهة سياسة البطش والتنكيل والقمع والتجاهل والاعتقال والتعذيب والإعدام والتهجير وغيرها.. وأن الجزائريون يصنعون التاريخ دوما، ويُلهبون حماس المستعبَدين والمستضعفين في العالم بمواقفهم الوطنية المتميزة، على غرار التأثير على حركات التحرر في قارات إفريقيا وآسيا وأمريكا، بحسب ما أضاف محدثنا.
وتابع المختص ذاته، أن “مظاهرات ديسمبر التاريخية استقطبت الرأي العام الفرنسي والموقف الدولي من القضية الجزائرية، وعززت أكثر صفوف المساندين والداعمين والمؤمنين بشرعية وعدالة المطالب الجزائرية، وحق تقرير المصير في الأوساط السياسية والنقابية والقانونية، حيث لاحظ المتتبعون شعارات المتظاهرين، مثل «الجزائر جزائرية» و”الجزائر مسلمة” و”يسقط ديغول” و”تحيا جبهة التحرير” وغيرها من الخطابات المُعبرة، وفي حماس الأطفال والنساء وهم يرفعون العلم الوطني ويتقدمون الصفوف والدماء تنزف منهم، وهو ما أذهلهم وأدهشهم وأرعب أعداءهم.
مظاهرات 11 ديسمبر 1960م، تعدُّ محطة حاسمة في تاريخ الجزائر والذاكرة الوطنية، واستذكارها واجب وطني، وإحياء ذكراها في الوقت الراهن يغذي الروح الوطنية لدى الناشئة، ويُنمي ثقافة التحدّي والتصدّي والتحرّر، ولابد أن يتمّ ذلك في إطار البناء الحضاري للأمة، وفي اتجاه التواصل الإنساني للمجتمع وضرورة انفتاحه على الآخر بإيجابية وتفاعل مثمر وعلاقات ناجحة، وفقه للواقع وحاجياته وظروفه وتحدياته، يقول أستاذ التاريخ الحديث بجامعة ابن خلدون بتيارت، البروفيسور ودان بوغفالة.