في إطار سعيها المتواصل للدفاع عن المستهلك وحمايته من التجاوزات التي قد تطاله من طرف التجار، يتلقى الاتحاد الوطني لحماية المستهلك شهريا العشرات من الشكاوي تجعله يتحرك بسرعة قياسية من أجل التدخل لرفع الغبن عن المواطن الذي يكون أحيانا حالة منفردة وفي مرات أخرى مجموعات تتعرض لتجاوزات تضر بصحتهم وجيوبهم بعد وقوعهم ضحية جشع التجار، وفي هذا الإطار يتحدث رئيس الاتحاد الوطني لحماية المستهلك وعضو المنظمة الدولية للمستهلك محفوظ حرزلي عن دور الجمعية في كبح المضاربة وعن رهانهم على إشراك المواطن للإخطار عن التجاوزات وترشيد الاستهلاك.
يحاول الاتحاد الوطني لحماية المستهلك تقوية التحسيس والرفع من درجة وعي المستهلك من خلال العديد من الحملات الجهوية والوطنية بحسب ما أكده رئيسها محفوظ حرزلي، والذي يشغل كذلك منصب نائب رئيس الاتحاد العربي للمستهلك ونائب رئيس المنظمة الإفريقية للمستهلك، وفي البداية وقف حرزلي عند القرارات الاجتماعية الهامة والمحورية التي رأت النور وينتظر أن تتعزّز أكثر، كونها حملت أبعادا اجتماعية منصفة للجبهة الاجتماعية، بفضل تعليمات رئيس الجمهورية، وفي صدارتها تجديد القاضي الأول للبلاد التمسك بالطابع الاجتماعي للدولة الاجتماعية ليبث الطمأنينة والثقة في نفوس المواطنين، وقال حرزلي تجلت تلك الوعود على أرض الواقع بالرفع من منح البطالة ومعاشات المتقاعدين وإطلاق برنامج عدل3، أضخم مشروع سكني في الجزائر والعديد من الإجراءات الداعمة للقدرة الشرائية.
وذكر حرزلي من ضمنها تسقيف سعر القهوة بعد ارتفاع تكلفتها في الأسواق العالمية ودعم الناشطين في تربية الدواجن لتكون أسعار اللحوم البيضاء في متناول المستهلك.
حماية المستهلك من المضاربة
وقال حرزلي إن الجزائر تبقى نموذجية ورائدة وسباقة في دعم القدرة الشرائية وحماية المستهلك وكذا في مواجهة التأثيرات الداخلية والخارجية والمتسببة في المضاربة والاحتكار والتي وقفت لهما الدولة بالمرصاد بقوّة القانون، متأثرة أحيانا بارتفاع أسعار المواد الأولية والخدمات في الأسواق الخارجية.
ومن منطلق دفاع رئيس الجمهورية عن الطبقة المتوسطة ودعمها، يستمر ضخ الكثير من الدعم لتحافظ على قدرتها الشرائية، وترجم هذا الدعم على عدة أصعدة وضمن سلسلة من القرارات التي كانت تصّب بعضها في حماية المستهلك من الغلاء الفاحش وكذا من التضخم.
وسلط رئيس الاتحاد الوطني لحماية المستهلك الضوء على برنامج مسطر بالتنسيق مع وزارة التجارة، ويتعلق بالتحسيس والتوعية في عدة مجالات، من بينها الحد من التسممات الغذائية وترشيد الاستهلاك والتقليل من الحوادث المنزلية، وتفعيل دور المرأة في الترشيد، على اعتبار أن شهر رمضان يسجل فيه تزايد ظاهرة التبذير لدى البعض، إلى جانب ترشيد استهلاك الطاقة، وقال إنهم يعكفون على تنظيم قوافل تحسيسية وملتقيات وندوات بهذا الشأن.
مرافقة المبادرات لكبح الغش
وبخصوص التنسيق مع القطاعات الوزارية الأخرى، كشف حرزلي عن برنامج يرتكز على معطيات سلوك المستهلك والشكاوى التي يتم تلقيها من المواطن وكذا بحسب برنامج كل قطاع في مجال التحسيس والتوعية، وإلى جانب مرافقة جميع المبادرات التي تعنى بالمستهلك من غش وتقليد للسلع، على خلفية أن الغش سلوك وأسلوب غير أخلاقي، ينافي التجارة الشرعية القانونية التي يمارسها بعض التجار حيث يخدعون المستهلك عن طريق تسويق السلع المغشوشة، وهنا تتدخل المنظمة بعد تلقي شكاوى أو عبر قيامهم بمراقبة الأسواق.
واعتبر حرزلي التقليد ظاهرة عالمية لعلامات أو سلع تتسم بالجودة ويتم تقليدها بمواصفات مطابقة غير أنها مقلدة، وأوضح في هذه الحالة، أنه إذا لم يتدخل صاحب العلامة الأصلية، لا يحق لأي جهة أن تصدر عقوبة في حقه، غير أن دور الاتحاد الوطني لحماية المستهلك يكمن في حماية المستهلك من الأخطار الصحية والأمنية وكذا الإشهار الكاذب.
وفي إجابته عن سؤال يتعلق بعدد وطبيعة الشكاوى التي يتم تسجيلها على مستوى المنظمة، أكد محفوظ حرزلي أنها عديدة، على اعتبار أنهم شهريا يتلقون العشرات من الشكاوى وتختلف من مستهلك لآخر، فأحيانا تتعلق بالأجهزة الكهرومنزلية، أو التأخير في عدم منح السيارات من طرف الوكالات، واصفا ذلك بالهاجس الذي يؤرقهم مع أصحاب الوكالات.
وأثار حرزلي مسألة شكاوى حول متعاملي الهاتف النقال بخصوص شبكة الانترنيت والدفع، بالإضافة إلى تدخلهم في قضية تسليم السكنات مثل عدل 1 و2 مع وزارة السكن، ويضاف إليها شكاوى في مجال الخدمات الصحية، وانقطاع الكهرباء والغاز، وكذلك فيما يخص بمقترح تخصيص زي موحد لعون سونلغاز لإثبات انتسابه لهذه الهيئة عند أداء مهامه على مستوى المنازل، لقطع الطريق في وجه كل من يتقمص شخصية العون من أجل السطو أو سرقة المنازل.
التحلّي بالوعي والابتعاد عن التبذير
ويتضاعف عمل الاتحاد الوطني لحماية المستهلك حسب حرزلي، خلال شهر رمضان لخصوصية هذا الشهر الذي يرتفع فيه التسوق والاستهلاك، وأفاد أنه يتم التحضير مبكرا عن طريق عقد اجتماعات مراطونية مع جميع القطاعات، وعلى وجه الخصوص وزارة التجارة، لأنه يتم استدعاء الاتحاد لجميع الجلسات الخاصة بتموين السوق وكذا وفرة السلع من بينها واسعة الاستهلاك على غرار الحليب والسميد وإلى جانب الفرينة والسكر والزيت للوقوف على مدى توفرها والكمية التي ستسوق والسعر المحدد، كما أنه يتم تنظيم أيام تحسيسية قبل وخلال الشهر الفضيل.
ودعا حرزلي المستهلك إلى المراقبة الذاتية مع التحلي بالوعي والابتعاد عن التبذير وحذر من ظاهرة تخزين المواد الغذائية في المنازل، كما أن المنظمة لا تتوقف عن دورها في تحسيس التجار من عواقب الجشع والربح السريع وحثهم على الابتعاد عن الاحتكار والمضاربة، لأنه يتم تسجيل تجاوزات عديدة من طرف التجار، وذكر من بينها عدم إشهار الأسعار والغش في جودة السلع من خلال إظهار المنتوج الجيد على الواجهة وفي الخلف يتوفر منتوج رديء، والغش في الميزان وفي وزن الخبز، وندرة الخبز المسوق بسعر 10 دج، لأنه يتوفر بدله بسعر 15 دج. كما حذر من ظاهرة الإشهار الكاذب للسلع في السوق أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي. والجدير بالإشارة فإن عدد الجمعيات الوطنية الناشطة في مجال حماية المستهلك وصل إلى خمس جمعيات وكل جمعية لديها عدد من المكاتب أو الجمعيات المحلية.