توصلت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) و الكيان الصهيوني أمس الأربعاء إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة بعد 16 شهرا من حرب الإبادة الجماعية على القطاع، خلفت آلاف الشهداء والجرحى وتدمير كلي للبنية التحتية، دون أن تثني تلك الجرائم الشعب الفلسطيني على الصمود في أرضه وسط دعم دولي ودعوات لوقف فوري لمجازر الاحتلال.
على مدار 468 يوما من العدوان الهمجي على قطاع غزة استخدم فيه الاحتلال الصهيوني الأسلحة المحرمة دوليا والقصف العشوائي وارتكب مجازر يومية بحق المدنيين ودمر المستشفيات والمدارس ومراكز إيواء النازحين، لم تنقطع نداءات الدول والشعوب المحبة للسلام بضرورة وقف ما أجمع المجتمع الدولي على وصفه بـ “جرائم الحرب و جرائم ضد الإنسانية” مارسها الكيان الصهيوني في غزة منذ السابع من أكتوبر 2023.
وبعد أشهر من جولات المفاوضات، أعلن رسميا في العاصمة القطرية، الدوحة، مساء الأربعاء عن توصل المقاومة الفلسطينية و الكيان الصهيوني لاتفاق لوقف إطلاق النار يتم تطبيقه على 3 مراحل على أن يبدأ سريانه اعتبارا من يوم الأحد المقبل.
ويتضمن الاتفاق في مرحلته الأولى عملية تبادل الأسرى والمحتجزين على مراحل، ويشمل وقفا مؤقتا للعمليات العسكرية وعمليات المقاومة وانسحاب قوات الاحتلال إلى مناطق معينة وعودة النازحين إلى مناطق سكنهم وضمان حرية تنقل السكان في جميع القطاع ودخول المساعدات الإنسانية.
وتتعلق المرحلة الثانية من الاتفاق بإعلان عودة الهدوء المستدام الذي يشمل الوقف الدائم للعمليات العسكرية وعمليات المقاومة واستئناف عمليات تبادل المحتجزين والأسرى بين الجانبين وانسحاب قوات الاحتلال بالكامل خارج قطاع غزة.
أما المرحلة الثالثة للاتفاق فتتضمن بدء تنفيذ خطة إعادة إعمار قطاع غزة وتعويض كافة المتضررين بإشراف من الدول والمنظمات الراعية للاتفاق وفتح جميع المعابر والسماح بحرية حركة الأشخاص والبضائع.
اتفاق وقف إطلاق النار نتاج صمود ودعم دولي رسمي و شعبي لنضال الفلسطينيين
وجاء التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بعد دعوات متكررة من عدة دول و منظمات دولية ومظاهرات ومسيرات شعبية مليونية شهدتها مختلف عواصم ومدن بلدان العالم، تضامنا ونصرة لأهالي قطاع غزة الذين أبدوا صمودا أسطوريا أمام آلة الحرب الصهيونية التي أتت على الأخضر واليابس وخلفت 46707 شهداء و110265 جريحا، بحسب آخر حصيلة مؤقتة أعنتها السلطات الصحية في قطاع غزة.
وكانت الجزائر التي وقفت دوما إلى جانب القضية الفلسطينية العادلة ونضال شعبها الصامد، في إطار دعمها لقضايا التحرر في العالم، من بين الدول التي حركت آلتها الدبلوماسية بشكل غير مسبوق في مختلف المحافل الدولية و بشكل خاص في مجلس الأمن الدولي لاسيما وأنها تسلمت العضوية غير الدائمة في المجلس الأممي (جانفي 2024 /2025) بعد أشهر قليلة من بدء العدوان الصهيوني على غزة (أكتوبر 2023).
ومنذ مباشرة عهدتها غير الدائمة وعملا ب “التعليمات الصارمة” التي أسداها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، بأن “تجعل الجزائر من نصرة القضية الفلسطينية ومن التصدي للجرائم الصهيونية في المنطقة شغلها الشاغل و أولوية أولوياتها”، انفردت الجزائر بتقديم عديد من مشاريع القرارات لهذا الجهاز الأممي الهام، سعيا لتحقيق وقف لإطلاق النار في غزة.
وقد نجحت الجزائر على رأس كتلة الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن في مارس 2024 و بعد جهود دؤوبة في استصدار القرار رقم 2728 الذي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة خلال شهر رمضان 2023، و ذلك للمرة الأولى منذ بدء حرب الإبادة وعقب 4 محاولات سابقة مماثلة أحبطت بفيتو أمريكي.
وعلى الرغم من تنصل الكيان الصهيوني من قرارات الشرعية الدولية و رفضه تطبيق الاتفاق، واصلت الجزائر المطالبة بعقد الاجتماع تلو الاجتماع واتخاذ المبادرة تلو المبادرة من أجل اضطلاع مجلس الأمن والجمعية العامة بالمسؤولية الملقاة على عاتقهما تجاه الشعب الفلسطيني.
وفي إطار مبادراتها المتواصلة نصرة للقضية الفلسطينية و بدعوة من الجزائر، يعقد مجلس الأمن الدولي، غدا الجمعة، مشاورات لبحث قرار الكيان الصهيوني “الخطير” والهادف إلى حظر كامل لنشاط وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” في الأراضي الفلسطينية المحتلة قربيا.
وبصفتها الرئيسة الدورية لمجلس الأمن لشهر جانفي الجاري، تقدمت الجزائر، بصفتها الوطنية، بطلب عقد مشاورات مغلقة للمجلس يوم 17 جانفي الجاري لبحث سبل “إنقاذ” الأونروا والحيلولة دون وقف نشاطها الإنساني الهام في الأراضي الفلسطينية المحتلة.