أكد باحثون ومجاهدون أن الشهيد مراد ديدوش، في ندوة تاريخية، نظمها المتحف الوطني للمجاهد، اليوم السيت، بعنوان “مراد ديدوش فيلسوف الثورة..بين الرغبة في الاستشهاد وعزم الإنتصار”، كان شخصية قيادية شاركت في كل مراحل الثورة، خلّد اسمه في سجل البطولات.
أبرز البروفيسور حسان مغدوري، في كلمة نيابة عن وزير المجاهدين وذوي الحقوق ، العيد ربيقة، مجهودات قطاع المجاهدين في إحياء ذكرى رموز الثورة التحريرية، وأكد أن الوزارة مستمرة في استذكار أمجاد الماضي لاسيما هؤلاء الأبطال، الذين بفضلهم ننعم اليوم بالأمن والاستقرار.
وقال ربيقة إن هدف وزارة المجاهدين من هذه الذكرى هو ربط الأجيال الحالية بماضي أجدادهم، وصون أمانة الشهداء والمحافظة على اللحمة الوطنية ضمن توجيهات رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، الذي ما فتئ يركز اهتمامه بالذاكرة، من خلال جعل الثامن ماي 1945، يوما للذاكرة، للتذكير ببشاعة الإستعمار الذي منيت به بلادنا طيلة 132 سنة من الاحتلال الإستيطاني.
وأكد البروفيسور مغدوري، حرص وزير المجاهدين على تنفيذ سياسة رئيس الجمهورية، في حمل رسالة الثورة للأجيال، لاسيما في هذه المرحلة العصيبة، التي تفرض المحافظة على التاريخ الوطني والإستمساك به. وقال إن الشعب الجزائري سيبقى وفيا لرسالة الشهداء حافظا لهذه الوديعة، ويقف في وجه أولئك الذين يحاولون طي صفحة الماضي والمكاسب الوطنية، التي تحققت بأنهار من دماء الشهداء. وأضاف: ” بلادنا عازمة على استكمال مسار التنمية ضمن قيمها الوطنية وأبعادها الحضارية العريقة، التي نجدها ضاربة في أعماق التاريخ”.
وأبرز البروفيسور مغدوري، أن ما يتميز الاستعمار الفرنسي هو أنه حاول منذ البداية إلغاء شعب واستجلب شعب آخر، وقال إن الشهيد الرمز مراد ديدوش، ينتمي إلى جيل هذه المرحلة التاريخية، الذي عاش بين مجتمع كولونيالي ينعم بالرفاهية ومجتمع يعيش الحرمان، هذا الحيل عاش بشاعة الإستعمار من الناحية الاقتصادية و الثقافية، كان أمله للأجيال لاستكمال الذاكرة ونحن نمثل امتداد لهم، مثلما قال الباحث.
وتطرق الباحث دحمان تواتي، في مداخلة بعنوان “ديدوش مراد والإستمرار على الفعل الثوري”، الى خصال الشهيد ديدوش مراد، وقال ” لابد من تسجيل هذه الوقفة لاستلهام الدروس والعبر، وتذكر هؤلاء الأبطال الذين صنعوا معركة التحرير.
جيل كُتب عليه الموت من أجل التحرير
وقال المتحدث “واجب الذاكرة ضروري، هم جيل كُتب عليهم الموت من أجل التحرير، نحن نحمل أمانتهم، ونوصلها للأجيال”.
وذكّر الباحث، ببعض المحطات في حياة الشهيد ديدوش، المدعو سي عبد القادر، الذي عاش 27 سنة أعطاها للوطن، وقال إن مساره يشبه مسار محمد بلوزداد، والده سليل أسرة عريقة مناهضة للإستعمار محافظة على القيم، رفض تسجيل ابنه في 14 جويلية، حتى يخالف العيد الوطني لفرنسا الاستعمارية، عائلة الشهيد ميسورة الحال، كان لديهم مطعم ومخبزة، وبحسب بعض المصادر التاريخية، أخبر أحد الدراويش، والد الشهيد، بأنه ابنه سيكون رجلا عظيما. وأضاف ان محيطه العائلي، ساهمت في تكوين شخصيته، مرّ بمؤسسات تنشئة مهمة مثل الكشافة، وحزب الشعب، كان ذكيا، نجح في دراسته، انخرط في النضال الوطني باكرا في سن 16 سنة، لم يعرف مرحلة الطفولة والشباب، بسبب ظلم الإستعمار.
كان الشهيد من الأوائل، الذين شاركوا في تنظيم مظاهرات أول ماي 1945، ثم أصبح مطاردا وينشط باسم مستعار، لعب دور ا كبيرا في تهريب أحمد بن بلة، إلى البليدة ثم فرنسا، بحسب شهادة الرئيس الراحل الأسبق بن بلة، في حصة “شاهدت على القرن” التلفزيونية.
وأبرز الدكتور تواتي أن الشهيد ديدوش مراد كان له شبكة توفير المأوى للمناضلين، وكان صديقه إلياس دريش، ينشط في سرية، وله أخ شهيد لا تذكره المصادر، اسمه حميد، اعتقل سنة 1958 بعد قمع معركة الجزائر، اخذ إلى مزرعة بوقندورة، وقتل، ولم يعثر على جثته.
وأكد المحاضر أن ديدوش مراد، هو أول من طبع بيان أول نوفمبر 1954، في الجزائر، حيث اخذ الأموال من عند والداته حسب شهادات، اشترى آلة راقنة، لطبع نسخ من البيان سلمت للقادة الستة ، ثم سلم الآلة إلى أوعمران، لطبع نسخ في منطقة القبائل.
ديدوش نموذج لشباب استعدوا لخوض الكفاح
وأكد المجاهد عبد الله عثامنية، في مداخلة بعنوان “ديدوش مراد أول قائد بالمنطقة الثانية”، أن الشهيد ولد ليكون نموذجا من الشباب، الذين استعدوا لخوض الكفاح المسلح، ضد إستعمار استيطاني ، تمكن من بسط نفوذه وبث جذوره في أرضنا، وأصبح يهدد بموت شعب كامل. وأضاف عثامنية ان تفجير الثورة كان من المعجزات.
من جهته، قدم المجاهد والفدائي صالح ملزي، شهادته حول ديدوش مراد، الذي كان مختبئا في منزل عائلته سبعة أشهر، وشدد على ضرورة الحفاظ على الجزائر واللحمة الوطنية.
وقدم أحد أحفاد عائلة الشهيد ديدوش، شهادة حول عمه مراد ديدوش، الذي قال لأمه التي طلبت منه البقاء لتزويجه، أنه متزوج من الجزائر، وأكد ان عمه الشهيد كان موحدا ولم يكن جهويا، فعندما كان ينتقل لقسنطينة يلبس لباسهم ويجلس مجلسهم والأمر نفسه يقوم به عندما ينتقل إلى ولايات أخرى.
وكُرمت عائلة الشهيد مراد ديدوش بالمناسبة.