ناقش باحثون، خلال الملتقى الوطني حول أمن الذاكرة، اليوم الإثنيين، بنادي الجيش، أهمية الذاكرة الوطنية الحاملة للكثير من الآلام على تاريخ الأمة، وتواصلها إلى الأجيال الحالية.
أجمع مشاركون، على واجب الذاكرة تعزيزا للشعور بالإنتماء للأمة وهويتها الوطنية والحفاظ على قيمها وثقافتها وتقاليدها وأساطيرها ورموزها الوطنية، حتى تظل الذاكرة حية.
ويرى مدير الدراسات والبحث في المقاومة الشعبية والحركة الوطنيةوثورة أول نوفمبر1954، الدكتور حسين عبد الستار، انه لحماية الجزائر من الدعاية الرقمية والإعلامية المغرضة يتعين علينا الإهتمام بالآليات البنائية والوظيفية لتأمين الذاكرة الوطنية الرقمية إلى أجيالنا حماية لهم من السطو على الذاكرة.
وأضاف الدكتور عبد الستار، ان الاتجاهات المعرفية الحديثة لدراسات الذاكرة الرقمية تفترض ولادة ذاكرة جيلية للعالم الرقمي يمثلها مواطنون رقميون أو جيل حظي بتنشئة رقمية يحتاج ان يعتنى أخلاقيا بمناعته القيمية من مخاطر النسيان.
مواجهة الفكر الاستعماري واجب وطني وأخلاقي
وتطرقت المحامية فاطمة الزهراء بن براهم، باحثة في قانون التاريخ ورئيسة الشبكة الجزائرية لمناهضة التاريخ الاستعماري النيوكولونيالي عبر العالم، في مداخلة بعنوان ” من الفكر الكولونيالي الى الفكر النيوكولونيالي، إمبريالية حاقدة، وذهنية متجددة”، إلى الفكر الإستعماري، الذي لم يتلاش بانتهاء عصور الاستعمار التقليدي، بل يشكل اليوم الوجه الأشد قسوة للهيمنة العالمية والممارسات الاستعمارية في ثوبها الجديد قالت المحامية.و أضافت :” فهو يتخذ أشكالا أكثر دهاء وتعقيدا مما يستدعي وعيا وطنيا متجذرا وارادة لا تلين لمجابهته”.
وأشارت بن براهم، إلى أن مواجهة الفكر الاستعماري الجديد ليس خيارا، بل واجبا وطنيا وأخلاقيا يتطلب وعيا جماعيا مشتركا يرسخ قيم العدالة والحرية، تكون نبراسا للأجيال القادمة في صراعها مع الظلم والإستبداد.
وأبرزت المحاضرة، ان مناهضة الفكر الإستعماري ليست مجرد صفحة طويت في التاريخ، بل هي معركة مستمرة لإبراز النضال الوطني، وتعزيز القيم الإنسانية النبيلة في مواجهة الظلم، وأكدت ان الدفاع عن القضايا العادلة مثل القضية الفلسطينية وقضية الصحراء الغربية هو إلتزام أخلاقي وإنساني يتجاوز حدود السياسة ليصبح رمزا للصمود والمقاومة في وجه الظلم والقهر.
وقدم الدكتور أحمد ميزاب، مداخلة بعنوان ” الفكر الإستعماري في ظل المتغيرات الجيو سياسية نحو تعزيز مقومات المناعة الوطنية وتحصين الوعي وأمن الذاكرة”، أكد فيها ان الإستعمار فكر يتجدد كلما وجد أرضا خصبة يتغذى منها وينتعش منها، لكنه يتقلص ويتمدد ويفشل كلما كان أمام شعوب واعية بسيادتها.
وأبرز ميزاب، ان الفكر الاستعماري قام بتغير من الوسائل التي يعتمدها في السيطرة على الشعوب، حيث انتقل من مفهوم السيطرة على الأرض الى مفهوم السيطرة على الفرد، لأن السيطرة على هذا الاخير تمكن من السيطرة الأرض وثرواتها.
وأضاف ان الفكر الإستعماري اليوم يستخدم وسائل جديدة من أجل تحقيق اهدافه واغراضه في اطار السيطرة على الدول والشعوب، من خلال توظيف الاعلام، والفضاء الرقمي، وشبكات التواصل الافتراضي وأدوات حروب الجيل الرابع والخامس من أجل تنفيذ هذه المشاريع والاجندات.
وأشار المحاضر الى ان، منظري هذا الفكر وضعوا مختلف الاستراتيجيات والبدائل، التي يمكن أن تحقق اهدافه بدون أن يكون هناك توجيه أصابع الإدانة إلى هذا الفكر .
وشدد الدكتور ميزاب، على وجوب امتلاك استيراتيجيات بعيدة المدى في إطار الأدوات الإستباقية لضمان عدم الوقوع في فخ هذه المخططات، التي تستهدف الشعوب والأمم.
وتحدث ميزاب، عن التحولات العالمية، و الجيو سياسية بظهور قوى جديدة وسقوط أخرى. وبروز قوى متعددة الأقطاب.
وأكد المحاضر ان، هناك عقدة لم يتحرر منها المستعمر وان فرنسا تلميذ لا يقرأ التاريخ ولا يستفيد من الماضي، وهذا ما يجعله حبيس الماضي، وهي تعيش أزمة مؤسساتية وجمهورية، وتعيش تغيرا في خارطة سياسيتها الداخلية ووضع اقتصادي واجتماعي غير مسبوق، وفقدان وزنها في السياسات الدولية.و قال :” كجزائريين علينا النظر الى هذا الفكر الذي يغير من ادواته وأساليبه في اطار تحقيق اهدافه واجنداته بتبنى الإستيراتيجيات المتكاملة ذات مدى بعيد تعتمد على ثلاثية أساسية بامتلاكها أدوات المناعة تجعلك متماسكا أمام كل الهزات ومختلف الضربات ومحاولات الاستهداف، وكسب هذه المناعة لابد من كسب رهان معركة بوعي، وثانيا ضمان أمن أجيال قادمة من خلال أمن ذاكراتهم.”
وأضاف ان الذكاء الإصطناعي اليوم مبني على الاختراق الفكري، والخطاب والسرديات، التي تحمل المغالطات والتزييف وتعتمد أدوات حروب الجيل الرابع، والخامس والتحكم في الفضاء الرقمي، واستخدام أدوات التضليل والتشويه والاعتماد على الإعلام لنقل الاخبار المغلوطة.
إنشاء منصات رقمية محلية لضمان سيادة رقمية
ويرى ميزاب، انه لمواجهة هذا الخطر وكسب معركة الوعي، لابد من انشاء منصات رقمية وطنية لحماية الارشيف الوطني من الإختراق، والتلاعب، وارشفة الذاكرة التاريخية باستخدام تقنية الذكاء الإصطناعي، ومواجهة محتوى الفكر الإستعماري المضلل بحملات التوعية المضادة على الوسائط الرقمية.
وقال ان هذا يتأتى الا بتحقيق وضمان الاستقلال والسيادة الرقمية، والعمل على إنتاج برمجيات محليا ونظم معلوماتية محلية ووطنية والاستثمار والتموين في المورد البشري حتى نستطيع مواجهة هذا الفكر الإستعماري، ونواكب التحولات.
الأمن القومي مسألة استيراتيجية
تناول الدكتور عبد القادر بغدادي، استاذ التعليم العالي بجامعة غليزان، أدوار الإعلام في تعزيز قيم المواطنة الرقمية وتكريس مبدأ السيادة الرقمية – دراسة تحليلية متعددة الأبعاد -، ميرزا ان رهان الأمن القومي الجزائري يعتبر مسألة استراتيجية لا يمكن قطعا التهاون أثناء التعاطي معها أو معالجتها، كونها