تعهد رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون خلال حملته الانتخابية التزامه بتوفير 450 ألف منصب شغل جديد، في خطوة تهدف إلى تحقيق نقلة نوعية في سوق العمل الجزائري وتحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية خاصة لفئة الشباب، وقد بدأت عملية ترجمة هذا التعهد إلى واقع ملموس من خلال سلسلة من الإجراءات والقرارات التي عززت فرص التوظيف، سواء في القطاع العام أو الخاص.
ملف: علي مجالدي وآسيا قبلي وخالدة بن تركي وحياة.ك وعلـي عويـش
لعبت القطاعات الاستراتيجية مثل التعدين والصناعات الثقيلة دورًا كبيرًا في دعم هذا البرنامج، فمشروع الفوسفات الضخم في الشرق الجزائري، الذي يمثل أحد أكبر الاستثمارات المنجمية في تاريخ البلاد، يُعد نموذجًا ناجحًا لهذا التوجه، هذا المشروع الذي تجاوزت استثماراته 6 مليارات دولار، من المتوقع أن يخلق أكثر من 6000 وظيفة مباشرة في ولايات تبسة، عنابة، سكيكدة، سوق أهراس، وآلاف مناصب الشغل غير المباشرة المرتبطة بالمشروع.
علاوة على ذلك، يمثل مشروع غار جبيلات أحد المشاريع التعدينية الكبرى في الجنوب الجزائري، والذي يُتوقع أن يكون محركًا أساسيًا لتوفير آلاف مناصب الشغل المباشرة. هذه الفرص تشمل العمالة التقنية، الهندسية، والإدارية التي ستتولى تشغيل المنشآت التعدينية ومراحل الإنتاج المختلفة. كذلك، فإن الآثار الإيجابية لهذا المشروع تمتد إلى خلق فرص شغل غير مباشرة في القطاعات الداعمة، مثل النقل والخدمات اللوجستية، مما يعزّز التنمية الشاملة في مناطق الجنوب الغربي.
كما أعلنت الشركة الجزائرية القطرية للحديد والصلب عن خطة توسعية كبرى تمتد حتى عام 2026، وتهدف إلى زيادة الإنتاج ليصل إلى 2.5 مليون طن من الحديد المصنع سنويًا، هذه التوسعة تمثل خطوة استراتيجية ليس فقط لتعزيز الطاقة الإنتاجية، ولكن أيضًا لتحفيز نمو القطاع الصناعي، وهو ما ينعكس إيجابيًا على سوق العمل من خلال توفير آلاف الوظائف الجديدة، وحققت الشركة الجزائرية القطرية للحديد والصلب خلال العام الماضي أرقامًا قياسية في صادرات الحديد، حيث تجاوزت 350 مليون دولار. هذه الأرقام لا تعكس فقط نجاح المشروع في تحقيق الأهداف الاقتصادية، ولكنها تؤكد أيضًا على إمكانية استغلال موارد الجزائر المعدنية لتعزيز مكانتها كمصدر رئيسي في الأسواق العالمية. وهذه الديناميكية من شأنها تعزيز فرص التوظيف من خلال خلق مزيد من الطلب على العمالة المدربة لدعم الإنتاج والتصدير.
بالإضافة إلى ذلك، عرف قطاع التعليم العالي خطوات نوعية في استيعاب أصحاب الشهادات العليا، حيث تم استحداث مناصب جديدة برتبة “باحث متعاقد” وهو ما جاء في الجريدة الرسمية، ما من شأنه أن يساهم بشكل كبير في تخفيف حدة البطالة بين حاملي شهادة الدكتوراه ويوفر آلاف فرص العمل الجديدة خاصة في مجال البحث العلمي سواء في الجامعات أو مراكز ومخابر البحث، كذلك، كانت منصة التوظيف الوطنية للأساتذة إحدى الأدوات الفعالة التي قلصت من المحسوبية وعززت من شفافية التوظيف، مما مكّن الآلاف من الشباب من الحصول على وظائف في قطاع التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي.
البعد الاجتماعي والتنمية المستدامة
ويرى العديد من الخبراء أن هذه الديناميكية الجديدة من شأنها أن تنعكس إيجابيًا على الواقع الاجتماعي للشباب الجزائري، حيث يساهم خلق فرص العمل في تقليص الفوارق الاجتماعية وتعزيز الاستقرار الاجتماعي. كذلك، تعتبر هذه الخطوات التي أقرها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون جزءًا من استراتيجية التنمية المستدامة التي تعتمد على تحفيز الصناعة الوطنية ورفع مستوى الصادرات خارج قطاع المحروقات. وقد شهد الناتج المحلي الإجمالي الجزائري نموًا ملحوظًا خلال العام الماضي ليصل إلى 267 مليار دولار، مع تحقيق قفزة في الصادرات خارج المحروقات لتتجاوز 7 مليارات دولار، ما يشير إلى نجاعة السياسات الاقتصادية الحالية.
في نفس السياق، كان تكريس مبدأ الشفافية والعدالة في التوظيف أحد الإنجازات البارزة التي رافقت هذه الديناميكية. من خلال تطبيق منصات رقمية ومعايير شفافة في التوظيف والمرافقة الإعلامية لها، ما لعب دور مهم في التخفيف من حدة المحسوبية التي كانت تشكل عائقًا كبيرًا أمام الكفاءات الشابة في الوصول إلى سوق العمل. وعززت هذه الإجراءات من الثقة بين الشباب وأسهمت في خلق بيئة عمل قائمة على الكفاءة والجدارة.
المقاولاتية.. قاطرة النموذج الاقتصادي الجديد وحاضنة الوظائف المستحدثة
اعتمدت الجزائر توجهات جديدة في سياسة التشغيل، قائمة على التشغيل الذاتي، من خلال التشجيع على المقاولاتية، بديلا عن الطرق التقليدية في العمل المأجور، إذ أن هذا النهج الجديد أثبت مساهمته في التنمية الاقتصادية من خلال توفير مناصب الشغل وتطوّرها من سنة إلى أخرى، وبالتالي المساهمة في رفع الناتج المحلي الاجمالي، وتكوين القيمة المضافة سيما في القطاعات خارج المحروقات، التي تعتبر هي الأخرى هدفا لبرنامج رئيس الجمهورية ببلوغ 29 مليار دولار خارج الصادرات، إذ يعوّل على المؤسسات الناشئة المساهمة بشكل معتبر في هذا الهدف.
هيّأت السلطات العمومية في البلاد، البيئة اللازمة لبعث المقاولاتية من أجل تحريك عجلة التنمية، والتقليل من نسبة البطالة، وتوفير مناصب شغل للشباب، خاصّة من خريجي الجامعات، الذين تحولوا بفضل المشروع من طالبي عمل إلى مولدي مناصب الشغل لهم ولغيرهم من الشباب. وفي هذا السياق وضع الإطار التشريعي والقانوني لتسهيل الاجراءات الادارية وجعلها أكثر مرونة لإنشاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، أو ما يعرف بالمؤسسات الناشئة على العموم، وتقوية هيئات دعم المقاولاتية بمنحها الكفاءات والخبرات في مختلف المجالات اضافة إلى توسيع نطاقها الجغرافي على المستوى الوطني.
قاطرة التنمية
وكان رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون شدّد على أهمية دعم وتشجيع المؤسسات الناشئة لتشكل “قاطرة” للنموذج الاقتصادي الجديد المبني على المعرفة والابتكار، حيث أكد في كلمة ألقاها خلال افتتاح الندوة الوطنية للمؤسسات الناشئة “ألجيريا ديسرابت 2020”، العزم على ترسيخ نموذج اقتصادي جديد مبني على المعرفة، وعلى الابتكار والتطلع لاكتساب كل الادوات والحلول التكنولوجية التي تعدّ أحد ثوابت الاقتصاديات المعاصرة والتي ينبغي للجزائر أن تواكبها، على أن تكون الشركات الناشئة قاطرة حقيقية لها.
وتجسيدا لبرنامجه في جعل المؤسسات الناشئة قاطرة للتنمية، أعلن رئيس الجمهورية عن إنشاء صندوق وطني خاص بتمويل المؤسسات الناشئة يتميز بـ “المرونة” و«تحمل المخاطر”، خصّصت له قيمة 1.2 مليار دينار، وقام بدراسة ما مجموعه 317 مشروع، منذ انشائه إلى منتصف 2024، ويهدف الصندوق إلى تمويل مشاريع المقاولاتية المتعمدة على التكنولوجيات، واستحداث مناصب شغل، وتوليد مردودية ونجاعة اقتصادية.
وبحسب أرقام رسمية تساهم المؤسسات الناشئة والمؤسسات الصغيرة والمصغرة في الناتج الداخلي الخام بنسبة 20 بالمائة، وهي مرشحة للارتفاع مع التدابير المتخذة، سيما مع إصدار قرار وزاري يحدّد كيفية إنشاء مؤسسة فرعية وصغيرة ومتوسطة على مستوى مخابر ووحدات البحث العلمي لدى المؤسسات الجامعية، وهو ما يفتح الأفق واسعا لتخريج طلبة جامعيين حاملين لمشاريعهم الخاصة، والولوج مباشرة إلى عالم الشغل.
تدابير خاصّة
وفي هذا السياق تشير أرقام وزارة اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغرة، إلى استهداف انشاء 100 ألف منصب شغل جديد من خلال المؤسسات الناشئة، في غضون سنتين (بحلول 2026)، وزيادة عدد المؤسسات إلى 45 مؤسسة لكل ألف نسمة، مقابل 25 مؤسسة لكل ألف نسمة حاليا، وكذا زيادة نسبة المقاولين الحاصلين على شهادات جامعية لترتفع من 23 % من العدد الإجمالي للمستفيدين من مساعدة الدولة إلى 50 % كحد أدنى.
من جهة أخرى يتم العمل على إصدار خارطة وطنية للمؤسسات المصغرة النشطة في المجال الصناعي لتدخل مجال المناولة، أجل تشجيع فرص الدخول إلى الأسواق المحلية والمساهمة في تقليص التبعية للواردات عبر تثمين الصناعة المحلية.
المحلّل الاقتصادي هواري تيغرسي: هذه إجراءات تعزيز التوظيف وتحفيز الاقتصاد
عرفت الجزائر، منذ انتخاب الرئيس تبون، سلسلة من الإجراءات التي تهدف إلى دعم التوظيف وتعزيز الاقتصاد الوطني، حيث تم إطلاق العديد من البرامج التي تشجع على جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، بالإضافة إلى العمل على تحسين بيئة الاعمال لتسهيل عمليات التوظيف وتوفير الفرص للشباب.
أعلن رئيس الجمهورية خلال حملته الانتخابية عن التزامه بتوفير 450 ألف فرصة عمل، وهو ما يعكس الإرادة السياسية في معالجة البطالة وتعزيز الاقتصاد الوطني من خلال دعم القطاعين العام والخاص، هذا التوجه يسهم في خلق بيئة أعمال مناسبة ويفتح أفاقا جديدة للفرص الاقتصادية.
في قراءة للمحلل الاقتصادي هواري تيغرسي، أشار إلى أن الجزائر قد نجحت في تجاوز العديد من المشاكل التي كانت تعيق التوظيف في الفترات السابقة، بما في ذلك ملفات عقود ما قبل التشغيل التي شملت نحو 500 ألف شخص، وقد تم معالجة هذه القضية بشكل جذري من خلال إجراءات شاملة أدّت إلى تخفيف الضغوط، التي كانت تثقل كاهل الحكومة لعقود طويلة.
وتم معالجة أيضا العديد من الملفات الأخرى مثل العقود المتعلقة بالأساتذة في قطاع التعليم، وتوفير العديد من المناصب عبر برامج، مثل منحة الشباب العاطل التي استفاد منها 2.8 مليون جزائري، إلى جانب توفير فرص عمل أخرى خارج نطاق هذه البرامج، حيث تم في هذا السياق توجيه الجهود نحو تشجيع الشباب على العمل في قطاعات استراتيجية مثل التعليم والصحة، بهدف تلبية احتياجات المدارس الابتدائية وتوفير فرص عمل في مختلف المراحل التعليمية.
وأوضح تيغرسي، أن هذه السياسة تهدف إلى تحقيق توازن اقتصادي واجتماعي، ودعم الفئات الأكثر هشاشة مثل النساء في المنازل وأصحاب الشهادات الجامعية العاطلين عن العمل، فرغم التحدّيات فقد أسفرت هذه السياسة عن تحقيق نتائج إيجابية.
وأضاف المحلل الاقتصادي، أنه في الماضي كان التوظيف محصورا في قطاعات تقليدية مثل التربية والصحة، ولكن اليوم تشهد الجزائر تحولا كبيرا نحو التوظيف في قطاعات جديدة واستراتيجية، على غرار شركة سوناطراك التي تسعى من خلال تنظيم مسابقات توظيف، إلى توفير فرص عمل جديدة وتعزيز قدرتها على المساهمة في الاقتصاد الوطني، هذا التوجّه يساهم في مكافحة البطالة ويشجّع على الاندماج الإيجابي في سوق العمل.
وأشار إلى أن إنشاء أكثر من 11.700 مشروع استثماري في الجزائر، يمثل فرصة لإحداث تحول حقيقي في سوق العمل، مع إمكانية خلق أكثر من 200 ألف فرصة عمل في المستقبل القريب، كما تسهم هذه المشاريع في تعزيز إيرادات الدولة واستقرار الميزانية العامة، مما يعزّز القدرة التنافسية للبلاد.
وفيما يتعلق بالتوجه نحو إنشاء 20 ألف مؤسسة في المستقبل، قال تيغرسي إن ذلك سيسهم في توفير أكثر من 400 ألف فرصة عمل، مع التركيز على القطاعات الاستراتيجية التي ستساهم في زيادة الإنتاج المحلي وتقليص فاتورة الاستيراد وزيادة الصادرات.
وبخصوص المقاولاتية، أشار المحلل إلى أنه منذ إطلاق العديد من المبادرات، بلغ عدد المؤسسات الناشئة حوالي 2000 مؤسسة، مع حركة كبيرة في قطاع المقاولاتية التي تجاوزت الـ 70 ألف مؤسسة، ومن المتوقع أن تصل إلى 170 ألف في المستقبل، هذه المقاولات توفر حلولا خاصة في مجال المقاولات الذاتية، والتي يمكن أن تساهم في حل مشكلات البطالة من خلال استقطاب النشاطات الاقتصادية غير المراقبة إلى السوق الرسمية، مما يتيح لهم الاستفادة من الامتيازات التي توفرها هذه السوق.
كما شدّد المحلل، على أهمية التنسيق بين التعليم العالي والمقاولاتية، حيث توجه العديد من الشباب نحو ريادة الأعمال، مع دعم مؤسسات مثل “دار المقاولاتية” التي تساعد في إنشاء المؤسسات من خلال برامج الحاضنات والتكوين المستمر، مما يعزّز فرص العمل ويحقّق قيمة اقتصادية.
في الختام، أكد تيغرسي على ضرورة خلق شراكات بين المؤسسات والقطاع العام لتعزيز النمو الاقتصادي، وخاصة في القطاعات مثل التعدين، التي تمثل حاليا 1بالمائة فقط من الناتج المحلي في الجزائر، إذا نظرنا إلى دول جنوب إفريقيا، فيمثل التعدين 30بالمائة من ناتجها المحلي، فيصبح من الضروري وضع خطة وطنية لتنمية هذه القطاعات والاستفادة من الإمكانيات الوطنية.
الخبير في الاقتصاد احمد طرطار: الوظيف العمومي سيعرف توظيفات كبيرة في الولايات المستحدثة
يعتبر انشاء 450 ألف منصب شغل خلال السنوات القليلة القادمة، تحد رفعه رئيس الجمهورية، والتزام وعد بالوفاء به، وهو توجه يأتي في إطار المشاريع الاقتصادية الكبرى التي تم تسطيرها في آفاق 2030، كما سيتم خلق مناصب عمل ذاتية في مجال المقاولاتية والمؤسسات الناشئة لاستقطاب أصحاب الأفكار والمتميزين من خريجي الجامعات، بحسب ما يراه الدكتور احمد طرطار الخبير في الاقتصاد.
أرجع الخبير طرطار في تصريح لـ “ الشعب” التزام رئيس الجمهورية باستحداث 450 ألف منصب شغل في الافاق القادمة الى التنوع الاقتصادي المنشود، من خلال اخضاع كل الادارات الى روح المسؤولية، لتمكين كل الجزائريين من المشاركة والحصول على الوظائف بنوع من التعادل والمساواة التكافؤ في فرص العمل للجميع.
أفاد الخبير أن انشاء هذا العدد الكبير من مناصب العمل، ضمن التوجه الجديد والمشاريع التي يتم اطلاقها خلال هذا الخماسي، والتي من شأنها إعطاء دافعية كبيرة لعملية التشغيل في الجزائر خاصة في المجال الاقتصادي، ففي غار جبيلات هذا المشروع الضخم الذي سيستقطب من 5000 الى 1000 منصب عمل، بالإضافة الى مناصب شغل تكميلية، وفي حد الهدبة ينتظر ان ينشئ المشروع ما بين 3000 الى 5000 منصب قار.. إضافة الى المشاريع الواعدة الأخرى.
وأضاف المتحدث في السياق، أن تطوير قطاع المحروقات والاكتشافات المختلفة وانتشار سوناطراك في العمق الإفريقي، وفي المحيط العربي، سيؤدي بالتالي الى الزيادة في حاجة الشركة الى اليد العاملة المختصة، مشيرا الى انه تم إطلاق مؤخرا مسابقة وطنية من قبل هذه الشركة للحصول على وظائف على مستوى فروعها المختلفة، وإخضاع العملية الى شفافية مطلقة لتمكين كل المواطنين لولوج هذا المجمع الضخم الذي يمثل العصب الأساسي للاقتصاد الوطني.
بالنسبة للجانب الأمني، قال الخبير الاقتصادي أن الجزائر يوجد حاليا في منطقة جيوسياسية صعبة، وهذا ما يحتم عليها الاضطلاع دائما لعملية أمنها، حيث فتح المجال للتوظيف في مؤسسة الجيش الوطني الشعبي، عبر المناطق المختلفة، مشيرا الى ان تطور المجتمع وارتفاع عدد السكان وتزايد اهتماماتهم، وزيادة عملية الرفاه وكذا التطور المادي الذي طرأ على الجزائريين بصفة عامة، كل ذلك يحتم توفير الأمن والأمان للساكنة، ما يؤدي بالتالي الى الزيادة في عدد المؤطرين لهذه العملية، التي تضطلع بها الشرطة، ولفت الى انه تم فتح مناصب كبيرة في هذه المؤسسة الأمنية، وكذا فتح مجال التوظيف في الجمارك، التي تعمل على توسيع دائرة مواردها البشرية، لتغطي جميع المناطق الحدودية بشكل كامل.
فيما يتعلق بقطاع الوظيف العمومي، سيعرف توظيفات كبيرة – يقول المتحدث-، وذلك نتيجة لزيادة عدد الولايات من 48 الى 58 ولاية، إضافة الى بعض الدوائر المنتدبة، وهذا يستوجب العديد من الوظائف والعديد من المهمات التي يضطلع بها المختصون على مستوى الإدارة المحلية، ما سيؤدي الى استقطاب اطارات ويد عاملة من تخصصات مختلفة، وبالتالي يكون الاقتراب أكثر فأكثر الى المواطنين من خلال تقديم الخدمات اللازمة في سياق أبعاد هذه الإدارة.
كما تطرق الخبير طرطار إضافة لما سبق، الى فتح أفاق المقاولاتية في الجامعات وفي مراكز التكوين وتحقيق مآلات القرار 12-70 في الجامعات، الذي يتضمن إحالة كل أساتذة الجامعات والباحثين الذين بلغوا سن الـ70 عاما على التقاعد، بهدف توفير مناصب شغل للشباب الحاملين لشهادة الدكتوراه، بعد تزايد معدلات البطالة في صفوفهم، هذا ما حول كثير من الخرجين وأصحاب الأفكار والابتكارات الى بعث شركات ناشئة لاستقطاب العديد من المبدعين وأصحاب التميز، مما يؤدي الى انشاء مجالات نشاط مختلفة، والتي تأتي في سياق عملية التوظيف وخلق وظائف ذاتية.
الخبـير ياحي: الجزائر المنتصرة.. رؤية استشرافية ثاقبة للقضاء علـى البطالة
منذ انتخابه رئيساً للجمهورية في ديسمبر 2019، وضع رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون ملف التشغيل ضمن أولوياته، حيث التزم بتوفير 450 ألف منصب شغل كجزء من رؤية طموحة تهدف الى القضاء على البطالة وتحسين المستوى المعيشي للشباب وعائلاتهم، وقد عرفت الجزائر الجديدة عدة تطوّرات في قطاع التشغيل، شملت إصلاحات هيكلية وسياسيات جريئة لتوسيع دائرة المستفيدين من التوظيف وتعزيز دور المقاولاتية ببلادنا.
عملت السلطات العليا على تعزيز دور مؤسسات الدولة في تجسيد رؤية رئيس الجمهورية وتنفيذ برنامجه الرامي الى استحداث مناصب شغل، حيث بات الاعلام الوطني ومواقع التواصل الاجتماعي يعُجّان بعروض التوظيف والمسابقات، وهي خطوة تهدف الى إضفاء المزيد من الشفافية على ملف التشغيل ببلادنا ضمن جهود السلطات العليا الرامية الى تحسين الأداء المؤسساتي والرفع من نوعية الخدمات المقدمة للمواطنين، وإتاحة فرص متساوية للجميع. يعكس هذا التوجه الجديد التزام الدولة بإعادة بناء الثقة بين المواطن والإدارة.
لقي هذا التوجه الجديد والنمط المستحدث في التوظيف إشادة واسعة من طرف مختصين في المجال، حيث تندرج –بحسبهم- في إطار تجسيد الرؤية الاقتصادية التي نظّر لها ووضع أسسها الرئيس تبون.
أشاد الدكتور ياحي ببرنامج رئيس الجمهورية الرامي الى استحداث 450 ألف منصب شغل، مشيراً الى أن الشاب حال حصوله على وظيفة ودخل ثابت، من شأنه تكوين أسرة وتحسين المستوى المعيشي والنظر الى الحياة نظرة أخرى، فبالتالي، هذه الرؤية الاقتصادية التي جاء بها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، حال الانتهاء من تجسيدها على أرض الواقع، ستساهم لا محالة في استحداث الكثير من فرص العمل، وتحسين المستوى المعيشي والقضاء على الكثير من الطابوهات والمشاكل الاجتماعية والامنية التي كانت تنتج عن تضاؤل فرص التوظيف.
أشار أستاذ العلوم الاقتصادية المختص في التسويق بالمركز الجامعي علي كافي، الدكتور ياحي توفيق، الى أن برنامج رئيس الجمهورية بخصوص التشغيل مكّن من توظيف العديد من حاملي الشهادات ماجستير ودكتوراه في المؤسسات الجامعية، كما ساهم في إدماج أصحاب عقود ما قبل التشغيل في مناصب دائمة.
وقال المتحدّث إن رؤية رئيس الجمهورية تخطّت مرحلة استحداث مناصب شغل عن طريق التوظيف المباشر، بل تعدّته الى إدراج المقاولاتية كنمط آخر من أنماط التشغيل، وهو سبيل آخر لامتصاص البطالة غفلت عنه الجزائر لعقود.
وأوضح الدكتور ياحي أن المؤسسات الجامعية تعمل حالياً على تشجيع الشباب وحثّهم على إنشاء مؤسسات ناشئة، حيث تبرز بالتوازي منها، الكثير من الجهات المُرافِقة للطلبة في هذا المجال من أجل استحداث مناصب شغل وتمكين الطالب من الحصول على شهادة مؤسسة ناشئة رديفة لشهادته الجامعية.
وسلّط المتحدّث الضوء على جملة التسهيلات الممنوحة لحاملي المشاريع وأصحاب الفكر المقاولاتي من خريجي الجامعات، مشيراً الى أن حصول الشاب على “شهادة مؤسسة ناشئة” تعدُّ خطوة أولى في طريقه نحو الحصول على وظيفته الخاصة، ليتحوّل الشاب بذلك من طالب عمل الى رب العمل بعد حصوله على تسهيلات في التمويل، المرافقة والعقار الصناعي.
في سياق استعراضه لجملة التسهيلات الممنوحة في مجال استحداث مناصب شغل، أكّد متحدّثنا أن الرؤية الحديثة للاقتصاد المفتوح، تفرض التخلّص من نمط التوظيف المباشر في المؤسسات والإدارات العمومية، وبالتالي، ظهرت ضرورة أن يقوم الشباب بتوظيف نفسه بنفسه، وفتح مناصب شغل جديدة من خلال إنشاء مؤسسة ناشئة.
وتابع قائلاً، إن الجزائر أقرّت جملة من التسهيلات لحاملي المشاريع من أجل ولوج عالم الشغل من أوسع أبوابه، منها تمكين الشباب الجامعيين من الاستفادة من دورات تكوينية في مجال تسيير المؤسسات على مستوى دار المقاولاتية المنتشرة عبر كافة المؤسسات الجامعية ببلادنا، هذا التكوين، -يضيف قائلاً- يفتح لهم المجال للاستفادة من وكالة ناسدا مرافقةً وتمويلاً، من أجل استحداث مؤسستهم الخاصة.
واستطرد المتحدث قائلاً “المؤسسات الصغيرة والفكر المقاولاتي الحديث، يحتّم علينا ضرورة أن نجعل من المقاولاتية نشاطاً خاصاً، وهو ما يجعلها تخلق قيمة مضافة من خلال إنتاج سلع وخدمات تغطي الكثير من حاجيات المستهلكين على المستوى الوطني”.