تميمون، عروس الصحراء مثلما يلقبها زُوارها، من أقدم المناطق المعروفة بزراعة النخيل في الجزائر، وواحدة من أبرز الولايات من حيث إنتاج التمور باختلاف أشكالها ومذاقها وجودتها، على اعتبار أنها مصدر ثروة استثنائية بولاية تسعى لزيادة تسويق ما تجود به أراضيها لتلبية الطلب الوطني، ولم لا العالمي.
تزخر بساتين النخيل بتيميمون، الرائدة في إنتاج التمور، بأنواع متعددة سواء المبكرة أو المتأخرة منها، بمليون و400 ألف نخلة، تعد ثروة اقتصادية بديلة عن البترول. تنطلق عملية الجني بداية من شهر ماي من كل سنة وتستمر إلى غاية شهر ديسمبر، وتمتد إلى غاية شهر جانفي في بعض الحالات، بحسب تصريحات عدد من الفلاحين والمسؤولين، الذين تقربت منهم “الشعب” في زيارة إلى المنطقة.
يحضر المعهد الفلاحي بالولاية لانجاز مصنف للتمور، يضم عدد وأنواع التمور التي تزخر بها الولاية ومن الوقع أن يصدر قريبا، وذلك للتعريف بالمنطقة وانتاجها.
360 نوع مميز من التمور
تنتج واحات النخيل الكثيفة والمنتشرة بمنطقة تيميمون 360 نوعا من التمور، يجهلها معظم الجزائريون، وهي ميزة تعطي ديمومة لهذا المنتوج في السوق وقيمة اقتصادية كبيرة، من أشهرها “تقربوش والحميرة”.
ويجني الفلاحون أنواعا معينة في بداية موسم الجني والتي تنطلق في بعض السنوات مبكرا، بسبب التغيرات الجوية الأخيرة، بحسب تصريحات الفلاحين لـ”الشعب” منها “الشيخ، بمخلوف، مسعود، المهدي، ورقلية”.
“عظم اوسام، الحاج صالح، عظم بزاف، أداو، بولة، فقيق، دقلة طالمين، بنت قبالة، حميرة، أخساي، رابحة، عظم نموسى، تين ناصر”، وأنواع أخرى تمور يجنيها الفلاحون على فترات مختلفة على مدار ستة أشهر.
ولحماية البساتين من زحف الرمال المتحركة، يشيّد الفلاحون بالمنطقة سياجًا من سعف النخيل، والتي تستقر حول السياج عند هبوب الرياح وتُستخدم آبار المياه الجوفية في ري هذه البساتين الواقعة في منطقة تُعرف بالجفاف وقلة الأمطار.
إفريقيا السوق الواعدة..
توجه كميات التمور المنتجة بالمنطقة سنويا إلى الاستهلاك المحلي والولايات المجاورة لها مثل ولايات بشار، سعيدة، سيدي بلعباس، وتحول كمية كبيرة أخرى إلى السوق الافريقية من أهمها موريتانيا، السنيغال، بوريكنا فاسو، السودان، بحسب تصريح رئيس جمعية قورارة لتمور النخلة المباركة، لحسن عمار لـ”الشعب”.
وتبقى كميات من التمور، التي يجنيها الفلاحون على مدار 6 أشهر عرضة للتلف بسبب وفرة المنتوج وغياب غرف التبريد وخطط تسويقية خاصة.
وتلقى تمور الواحدة الحمراء إقبالا كبيرا من طرف التجار والمستثمرين خلال المعارض الوطنية والمحلية، حيث تسوق من أول يوم للعرض، بعد التهافت الكبير على الأنواع المختلفة والغنية، بحسب رئيس جمعية قورارة لتمور النخلة المباركة، لحسن عمار.
الوفرة تكسر أسعار التمور
تتسبب وفرة التمور في كسر الأسعار، حيث يتراوح سعر الكيلو غرام من التمر بين 150 دينار جزائري و500 دينار لأجود التمور بالمنطقة، وذلك بفضل الوفرة كما ونوعا، الأمر الذي بعث الارتياح لدى المستهلكين.
ويرجع العديد من الباعة تراجع أسعار التمور المسجل إلى ارتفاع معدل العرض مقارنة بالطلب، زيادة على وفرة الكميات ذات الجودة العالية وقد توقع بعض الباعة ارتفاعا محسوسا في الأسعار مع مرور الأيام، في ظل زيادة الطلب في الأيام القادمة.
الاستثمار في مشتقات التمور مصدر جديد للثورة
أصبحت الصناعة التحويلية في شعبة التمور صناعة قائمة بذاتها، اذ تحصي الكثير من المنتجات الفرعية للتمور ومشتقاتها، من مواد غذائية وشبه طبية وغيرها، تملك أفاقا واعدة في مجال التصدير.
وتمكن عدد من منتجي التمور في تيميمون من تطوير الصناعة التحويلية من مشتقات التمور، وبحسب الناشطين في هذا المجال، فإن فوائد المنتجات التحويلية لا تقل أهمية عن الفوائد الصحية للتمور.
ويعتبر عدد ممن تقربت منهم الشعب في سوق يناير بتيميمون، أن الاستثمار في مشتقات التمور دعم للاقتصاد الوطني، يحتاج إلى دعم واهتمام اكبر من قبل السلطات المحلية للولاية.
إمكانيات تحتاج متابعة وخطط تسويقية خاصة
يواجه فلاحو ولاية تيميمون، العديد من الصعبات والنقائص لتطوير شعبة التمور، خاصة مع الانتاج الوفير والمبكر والمتنوع والتي تتمثل في ضعف عمليات الخدمة ما بعد الجني خاصة التداول والتخزين، الأمر الذي يقلل من القيمة التسويقية للثمار.
ويتمثل الإشكال الأساسي الذي يواجهه قطاع التمور حالياً بالمنطقة، بحسب تصريح عبد الهادي ابراهيم، فلاح ورئيس جمعية لإنتاج التمور، لـ “الشعب” في نقص المعدات الخاص بالتسويق والتبريد.
وتحدث الهادي ابراهيم، عن حاجة شباب تيميمون، للدعم من خلال الكهرباء ومصادر المياه والطاقة الشمسية، حيث يطمح فلاحو ولاية تميمون الى مرافقة اكبر من طرف السلطات المحلية.
اهتمام كبير من قبل الدولة ودعم خاص للفلاحين
أكد مدير المصالح الفلاحية لولاية تيميمون، رفيق بن منصور، في تصريح لـ “الشعب”، أن الدولة تولي أهمية كبيرة لشعبة التمور بهذه الولاية.
بحسب تصريحات مدير المصالح الفلاحية، الدعم المقدم للفلاحين هذه السنة تمثل في منح ” فسائل النخيل” وذلك ضمن برنامج خاص على مدى 3 سنوات لبلوغ مليون “فسيلة” بولايات الجنوب الجزائري.
وأشار المسؤول ذاته، في حديث لـ “الشعب”، إلى أن ولاية تيميمون، تنتج أنواع عديدة ومختلفة من التمور ويمكنها منافسة أجود أنواع التمور مثل “دقلة نور”.
وعن إمكانية تصدير تمور تيميمون نحو الخارج، أوضح بن منصور، أن الولاية قادرة على التصدير من خلال منتوج وفير ومتنوع وذلك بعد تنظيم الفلاحين ودمجهم في جمعيات خاصة للنهوض بهذه الشعبة المهمة.
وبشأن المشاكل التي يعاني منها الفلاحين والخاصة انعدام غرف التبريد وخطط تسويق المنتوج، وجه مدير المصالح الفلاحية لولاية تيميمون، نداء للمستثمرين وذلك للاستثمار في غرف التبريد خاصة أن الولاية تفتقر لمثل هذه الغرف.
وتحدث بن منصور عن الاستعانة بخبراء من الخارج لتكوين الفلاحين في كيفية التخزين وشروط الحفظ ومنح جمالية للمنتوج. وتعمل مديرية المصالح الفلاحية لولاية تيميمون على توسيع زراعة النخيل من خلال تقديم دعم للفلاحين وذلك بغية رفع عدد أشجار النخيل إلى مليوني نخلة بالمنطقة، لتلبية الطلب المحلي والعالمي على التمور.
ودعت المديرية جميع الفلاحين الراغبين في الاستفادة من الدعم، إلى التقدم إلى مندوبيات الفلاحة عبر ولاية تيميمون ، وذلك في إطار برنامج توسيع وتطوير شعبة النخيل غرس جبار النخيل).
واشترطت المديرية على الراغبين في الاستفادة من دعم غرس جبار النخيل لسنة 2025، أن يحوز الفلاح مساحة للغرس لا تقل عن 0.5 هكتار، امتلاك موارد مائية مؤكدة تتناسب والغرس المتوقع بمعدل تدفق 01 ل/ ثا للهكتار. ونبهت المديرية في بلاغ خاص موجه للفلاحين، أن الآجال المحددة لاستلام الملفات 60 يوم من تاريخ 2025/01/20.