استحضرت مدينة مجانة بولاية برج بوعريريج، كفاح أصحاب المآزر البيضاء إبان الثورة التحريرية المباركة، في ندوة تاريخية نظمتها الجمعية الثقافية لحفظ التراث والتاريخ، اليوم الأحد.
أبرز البروفيسور مولود عويمر، دور المازر البيضاء إبان ثورة التحرير المباركة، والخدمات التي قدموها خلال الحركة الوطنية وأثناء الثورة، على غرار الدكتور محمد الصالح بن جلول، الذي يعتبر من الرواد الأوائل في النشاط السياسي والنضال الوطني في الجزائر، لما قدمه من نضالات سياسية كبيرة في إطار الحركة الوطنية، برزت من خلال فتح عيادته لاستقبال أبناء الجزائر وفقرائها، والطلبة الجزائريين من مدارس والعلماء الجزائريين.
وأوضح الأستاذ عويمر، أن الدكتور بن جلول، كان يشرف على الخدمات الطبية بالمجان من مساعدات للفقراء من أبناء الجزائر، إضافة إلى الجانب الاجتماعي، وقال: ” عمله المقترن بالنضال السياسي لهذا الطبيب، وغيرهم من الأطباء كالطبيب محمد لمين دباغين الذي يعتبر من الشخصيات المحورية الهامة في الحركة الوطنية، لارتباط اسمه بالرجل السياسي الأول خلال الحرب العالمية الثانية للتيار الاستقلالي، لاسيما بعد اعتقال مصالي الحاج”.
وأضاف المحاضر: “تولى الطبيب محمد لمين دباغين الإشراف على تسيير حزب الشعب خلال الحرب العالمية الثانية، إضافة إلى نضاله الكبير خلال الثورة التحريرية، فقد مثل الطبيب رئيس الوفد الجزائري بالخارج، أول وزير خارجية للجزائر، قبل تأسيس الحكومة المؤقتة خلال الثورة التحريرة المباركة.”
وتطرق البروفيسور عويمر، إلى تضحيات حاملي المآزر البيضاء، منهم الصيادلة والدور النضالي الكبير، الذي قدمه هؤلاء أمثال المجاهد الكبير فرحات عباس، والذي يعد من الرواد الأوائل الذين اقترن اسمهم بالعمل السياسي والنضالي في الجزائر، فقد شغل أول رئيس حكومة مؤقتة جزائرية، كذلك رئيس الحكومة المؤقتة الثانية بن يوسف بن خدة، وغيرهم من الأطباء والصيادلة والممرضين ممن ناضلوا وقدموا تضحيات جسام، وقدموا أنفسهم للعمل الوطني ووهبوا أنفسهم لتحرير الجزائر منهم الشهداء أمثال الشهيد بن زرجب، من تلمسان الذي يعد أول طبيب استشهد خلال الثورة التحريرية.
واعتبر الدكتور قرتلي حميد، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر من جامعة المدية، الطبيب يحي فارس، من الشهداء البارزين ممن قدموا خدمات جليلة وعظيمة للثورة التحريرية المباركة، فقد اقترن اسمه بالقطاع الصحي في خدمة للثورة التحريرية التي كانت في أمس الحاجة إليها إبان الثورة التحريرية، فهو ابن منطقة مجانة التي ولد بها، وتلقى المبادئ الوطنية النضالية الأولى بها في المدرسة الكشفية خلال عامي 1938، وعام 1940، لينتقل بعدها مع أسرته في الجزائر العاصمة بعد تحصله على شهادة البكالوريا واختياره دراسة تخصص الطب، لينتقل إلى فرنسا إلى جامعة “مون بلي”، ونتيجة تعلقه الشديد بالقضية الوطنية، أثر على نفسه ترك طموحاته العلمية والمهنية، ولبي نداء الثورة التحريرية المقدسة، بعد النداء الذي رفعه الطلبة الجزائريين في 19 ماي 1956.
التحق بعدها بالثورة التحريرية مع بعض الطلبة عن طريق الجبهة الغربية مع الحدود مع المغرب، ليستقر هناك بالولاية الخامسة لبضعة أيام، انتقل بعدها إلى الولاية الرابعة، وهناك أضحى الشهيد يحي فارس حسيت الرقم الأول على مستوى القيادة المسؤولة عن الصحة، ونتيجة لنواياه الحسنة وكفاءته الكبيرة في مهنة التطبيب استطاع من خلالها تقديم خدمات جليلة للولاية الرابعة، أبرزها دليل الأطباء والممرضين الذي يعد مكسبا كبيرا للجزائر، لأهمية كدليل للأطباء والممرضين.
ولم يكتف بتقديم الخدمات الصحية من إسعافات أولية وإشرافه على المرضى والجرحي فحسب، بل ظل يشرف الشهيد يحي فارس، على الجهاز الصحي على مستوى الولاية الرابعة ككل من خلال تقديم دورات تكوينية، منها دليل للمرضين إعتمده في توجيه الممرضين في القطاع الصحي.
وأبرز باحثون، جهود الشهيد يحي فارس، ومشاركته في العمل المسلح لدرجة أنه سقط جريحا في إحدى المعارك والاشتباكات بأحد شوارع ولاية المدية الحالية، والذي يسمى بعين الذهب، لينقل إلى مركز التعذيب المسمى “الداميات” “بالمدية وهناك قام الاستعمار الفرنسي بتعذيبه لدرجة فقع عينيه، فاستشهد تحت طائل التعذيب في 1960، وحملت جامعة المدية اسم هذا البطل والرمز الثوري، وغيرها من المؤسسات على مستوى التراب الوطني كمستشفى القليعة ومصلحة الطب العسكري بسيدي بلعباس.
وبالمناسبة، كرمت عائلة الطبيب الشهيد يحي فارس، الذي تعد مجانة مسقط رأسه، بها تلقى الوعي النضالي قبل ان يتنقل الى الولاية الرابعة ويستشهد بها بعد عملية تعذيب وتنكيل أدت إلى اسشهاده بالمدية.