وثقت جلسات محاكمة المتورطين في قضية شبكة الاتجار الدولي بالمخدرات بالمغرب أو ما يعرف اعلاميا بـ”اسكوبار الصحراء” أمام قضاء المخزن الذي فتح الملف تحت الضغط الدولي, تورطت الرباط في تهريب أكثر من 200 طن من المخدرات نحو الجزائر, وذلك على مدى ما يقارب عقدين من الزمن.
و نهاية العام الماضي, انكشفت فضيحة شبكة تهريب المخدرات “اسكوبار الصحراء” التي يتزعمها الحاج أحمد بن إبراهيم الملقب ب”المالي” و الذي لديه شبكة علاقات واسعة مع مسؤولين من الصف الأول في نظام المخزن و تورطت فيها شخصيات سياسية و أمنية كبيرة, بالإضافة إلى رجال مال و أعمال و حتى مسؤولين رياضيين.
و وفق ما جاء خلال آخر جلسة استماع أمام محكمة الاستئناف بالدار البيضاء -تداولته مواقع اخبارية محلية- كشفت التحقيقات عن “وجود تواطؤ داخل الجيش المغربي على الحدود في تهريب المخدرات نحو الجزائر و تلقي عسكريين مغاربة رشاوى لتسهيل تهريب أكثر من 200 طن من القنب الهندي لصالح البرلماني السابق والسياسي و رجل الاعمال المغربي عبد النبي بعيوي نحو الجزائر, وذلك على مدى ما يقارب عقدين من الزمن”.
كما أظهرت التسجيلات الهاتفية للمتهمين -حسب ذات المصادر- “عمليات تلاعب بكاميرات المراقبة, مما أتاح تنفيذ هذه الأنشطة غير المشروعة دون اكتشافها”.
وتتخلل القضية تحقيقات تتعلق بتدبير شهادات زور للتأثير على مجريات العدالة.
وفي سياق المحاكمة, طالبت هيئة دفاع الرئيس السابق لنادي الوداد البيضاوي, سعيد الناصيري, باستدعاء عدة شخصيات للإدلاء بشهاداتهم, من بينهم الرئيس الحالي لنادي الوداد الرياضي , بالإضافة إلى المغنية المغربية لطيفة رأفت, الزوجة السابقة لأحمد بن إبراهيم بارون المخدرات.
و خلال المحاكمة, واجه القاضي أحد المتهمين في القضية بمجموعة من الأدلة والاعترافات التي تم تسجيلها في محاضر رسمية وتتعلق بعمليات تهريب المخدرات عبر الحدود بين المغرب و الجزائر, إذ تتضمن هذه الأدلة تصريحات الحاج بن ابراهيم الذي ذكر فيها صهر عبد النبي بعيوي الملقب بـ”مالطي”.
واستنادا إلى محضر التقاط المكالمات الهاتفية بين المتهم وأشخاص مجهولين, تمت الإشارة إلى ترتيبات لتسهيل تهريب المخدرات.
تسجيلات هاتفية تؤكد تورط شخصيات نافذة في تهريب المخدرات نحو الجزائر
و حسب ما كشفته التحقيقات في الفضيحة التي تفجرت نهاية 2023, فان هذه القضية ليست سوى جزء من شبكة معقدة ومتشعبة تمتد لأذرع نظام المخزن الذي يغض الطرف عن هذه الجرائم.
و يتابع في هذا الملف عشرات المتهمين من بينهم الرئيس السابق لنادي الوداد البيضاوي, سعيد الناصيري و البرلماني السابق عبد النبي بعيوي, اللذين تم إيداعهما السجن في 22 ديسمبر 2023 .
و أكدت تقارير إعلامية متطابقة أن “اسكوبار الصحراء” هو صنيعة المخزن الذي حوله من راعي غنم إلى مصدر للسيارات و منها الى بارون مخدرات و عراب تهريب الكوكايين, مبرزة أنه يتمتع بحماية المخزن حتى من مذكرات التوقيف التي صدرت بحقه من الشرطة الدولية “الانتربول”.
و أكد متابعون لهذه الفضيحة, التي توثق ضلوع المخزن في إغراق العالم بأطنان المخدرات, أن هذه المحاكمات “شكلية”, خاصة و أن عدالة المخزن فتحت هذا الملف بإيعاز فوقي, بعد أن كشفت الصحافة الدولية حيثيات هذه الفضيحة العابرة للقارات, خاصة مع وجود مذكرات توقيف دولية.
و في سياق ذي صلة, نشرت صحيفة “إل إندبندينتي” الاسبانية, في وقت سابق, تسريبات خطيرة عن مسؤول بوزارة الداخلية المغربية, بخصوص تورط شخصيات نافذة في المخزن و كذا من المخابرات المغربية في تهريب المخدرات, بما فيه بالجزء المحتل من الصحراء الغربية.
و أكد المسؤول المغربي, الذي رفض الكشف عن هويته, أن “المخابرات العسكرية هي التي تشرف على ملف المخدرات, حيث تعتبر أرباحها واحدة من الصناديق السوداء التي تخدم سياسات الدولة المغربية في الصحراء الغربية, وكذلك في نزاعاتها الإقليمية وحساباتها السياسية الدولية”.
و كشف ذات المسؤول أن معظم الوجوه السياسية المغربية في الصحراء الغربية تمول نشاطاتها من خلال تجارة وبيع المخدرات بفضل علاقاتها بالمخابرات العسكرية. كما يستخدم المال الناتج عن تجارة المخدرات -يضيف- “في رشوة مؤسسات وسياسيين في أوروبا, إفريقيا وأمريكا اللاتينية لدعم الموقف المغربي من الصحراء الغربية وكذلك لدعم أجندة المغرب في علاقاته الدولية”.
و في تصريح سابق لوأج, قال الإعلامي المغربي علي لهروشي, المقيم بمدينة أمستردام الهولندية, أن هذه المحاكمات للتمويه فقط والتغطية على المتورطين الحقيقيين في الاتجار بالسموم البيضاء في المملكة و إغراق العالم بها, مؤكدا أن هذه الفضيحة هي حلقة من هذا المسلسل السيئ الإخراج, الخاص بشبكات تهريب مخدرات, حيث تم التستر على الأسماء “الوازنة” المتورطة في مملكة المخدرات بمن فيهم مستشار الملك (فؤاد علي الهمة)”.